9 أبريل، 2024 3:15 م
Search
Close this search box.

رواية “كنا وكانوا”.. كشفت التحولات الاجتماعية والسياسية في ليبيا وتصفية المعارضين

Facebook
Twitter
LinkedIn

  

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “كنا وكانوا” للكاتبة الليبية “محبوبة خليفة”، تحكي عن التحولات التي حدثت لليبيا منذ حدوث الانقلاب العسكري في ليبيا 1969 أو ما يعرف ب”ثورة الفاتح”، التي حولت المملكة الليبية إلى جمهورية. لكنه حكي عن تجربة سيرة ذاتية للكاتبة وحياتها الخاصة ومعاناة أسرتها.

الشخصيات..

محبوبة: والتي تظهر باسمها، وتحكي عن نفسها وعن أسرتها.

جمعة: زوج البطلة، والذي تحكي عنه وعن معاناته مع السلطة الليبية واحتجازه في سجونها مرتين. وهو محامي كان يدافع عن الناس وأكمل تعليمه العالي في إيطاليا.

وحكت أيضا عن شخصيات كثيرة داخل الرواية منها أقارب ومنها أصدقاء، غير أبناءها الذين تربوا في ظل المعاناة التي عانتها أسرة الكاتبة.

الراوي..

الراوي هو الكاتبة التي تحكي باسمها وصوتها وضمير المتكلم، وهي تحكي عن باقي الشخصيات، تكشف دواخل شخصية البطلة ومشاعرها وانفعالاتها لكنها لا تكشف عن دواخل باقي الشخصيات وإنما تحكي تفاعلها وتقاطعها مع تلك الشخصيات.

السرد..

تقع الرواية في حوالي 208 صفحة من القطع المتوسط، وهي مقسمة إلى أوراق، ومكتوبة بشكل مباشر لأن الكاتبة كتبتها أولا على حسابها  “فيسبوك” بشكل منفصل ثم جمعتها في كتاب، وهو حكي  سيرة ذاتية تظهر فيه البطلة باسمها الحقيقي وأسماء عائلتها، تحكي فيه منذ أن كانت طالبة وحتى مرور سنوات طويلة، وهي تتوجه بشكل مباشر للقراء، وتحكي عن تفاعلهم معها، ودائما ما تقدم الراوية تبريرات لحكيها، ولبعض الأفكار داخل الرواية، وانتهت الرواية نهاية مفتوحة.

البطلة وبلدها..

الرواية تحكي عن البطلة “محبوبة” التي بدأت وهي في المدرسة الثانوية عندما انتقلت من بيت أسرتها لمكان جديد تعيش فيه لكي تلتحق بالجامعة في مدنية أخرى، ثم سنوات الجامعة وزواجها وكيف تزامن ذلك مع تحولات على المستوى السياسي للدولة، فتحولت الدولة الليبية من ملكية إلى جمهورية وتم التضييق على الحريات، وملاحقة كل من عارض السلطة في ذلك الوقت، وكل ما كان له علاقة بالنظام القديم.

تنكيل السلطة..

وقد نكلت السلطة الليبية بكثير من النشطاء والشخصيات البارزة ما بين اغتيال واختطاف وسجن لمدد طويلة. وتنقل الكاتبة تجربة زوجها الذي تم سجنه مرتين المرة الأولى في بداية زواجها منه، ثم تركت هي وزوجها البلاد ورحلت إلى ايطاليا وإلى المغرب وإلى العراق وتنقلت بين البلدان هربا من ملاحقة السلطة الليبية لزوجها.

وتحكي عن معاناتها في هذه البلدان من ملاحقة السلطات التي لها أيادي كثيرة في أيطاليا حتى أنها تلاحق من تريد تصفيتهم وتصفيهم في إيطاليا، لذا هربت أسرة الكاتبة إلى بلدان أخرى هربا من بطش السلطة وجبروتها. لكنها كانت تفاجئ بوصول يد السلطة إلى تلك البلدان مثل المغرب.

تجييش الناس..

كما حكت عن ما كان يدور في ليبيا قبل أن تغادر البطلة من تجييش للناس لكي يقفوا في وجه من يعارض السلطة، حتى وصل الأمر إلى نزول الطلاب في المدارس الثانوية لضرب طلاب الجامعات الذين يعترضون على ممارسات السلطة. وكيف أن السلطة الجديدة فرضت الصوت الواحد ومنعت التعدد، كما قامت السلطة الليبية بتصفية كل ما كان له علاقة بالمملكة الليبية، ومنعت حرية التعبير، وفرضت وجهة نظر الحاكم الواحد على الجميع، وأصبح يتحكم بسلطة مطلقة،  ويده مطلقة في إدارة جميع السلطات.

وكانت ليبيا تدار بشكل فردي وكانت أشبه بعزبة حتى أنهم قرروا في أحد السنوات عدم قبول الطلاب من الذكور في كلية الحقوق في الجامعة التي كانت تدرس فيها ابنة رئيس الجمهورية.

وذكرت البطلة أمثلة لأسماء كثيرة من الناشطين الذين تمت تصفيتهم، أو الذين تم سجنهم لسنوات طويلة أو الذين اختفوا تماما ولم يعرف مصيرهم. كما حكت عن معاناتها كزوجة معتقل وملاحق من السلطة ومعارض لها وتمرد على ما تفعله.

وأهم ما يميز الرواية أنها رصدت التغييرات الذي حدثت في المجتمع الليبي الذي كان قد خطا بعض الخطوات على طريق الحضارة أيام الملكية، وكيف أجهضت السلطة الجديدة مظاهر التحضر والمدنية، وعلت من شأن المواليين لها على حساب أصحاب المهارات والخبرات والثقافة والعلم، وهربت بسبب ممارستها عقليات هامة كانت تنتمي للمجتمع الليبي.

لكن هذه الرواية تعتبر سيرة ذاتية لإحدى العائلات التي عانت من قهر السلطة ومن ملاحقتها، لذا لا يمكن تحميلها أكثر مما تحتمل، لكن يلاحظ انحيازها الشديد لأيام الملكية ولمظاهر الحضارة والتمدين أيام الملكية، لدرجة أن البطلة صورت هذا العهد بأنه عهد مليء بالمميزات في مقابل عهد ما بعد الانقلاب الذي صورته الرواية وصورت عيوبه، واقتصرت البطلة على الحكي عن الأصدقاء والمعارف في دائرتها والذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى المتعلمة. لذا يمكن القول أن الرواية تنقل رأي واحدة من أبناء الطبقة الوسطى وربما الفئة العليا منها تجاه ما كان يحدث في ليبيا من تغييرات، وأنها انحازت بمعنى ما للأغنياء الذين كانوا يعيشون حياة الرفاهية قبل الانقلاب العسكري، ولم تنقل معاناة الطبقات الأخرى الأكثر فقرا، لنتعرف أكثر على الملامح الكلية للصورة للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ليبيا.

لكنها مع ذلك حكت عن المغرب التي انتقلت للعيش فيها وكيف تحولت العلاقات الرسمية ما بين السلطتين المغربية والليبية إلى درجة أن السلطة المغربية تواطأت مع السلطة الليبية، وكانت تسلم فيها من اعتبرتهم السلطة الليبية أعداء.

الكاتبة..

“محبوبة خليفة”نشرت مقالات بمجلات ليبية خارج الوطن ابتداءً من سنوات الثمانينات، ولها مجموعة قصصية نشرت بعضها على المواقع الليبية (ليبيا المستقبل- جريدة ميادين- السقيفة الليبية) ومواقع عربية (أنطولجيا السرد العربي)، وصدر لها حديثا روايتها بعنوان (كنّا وكانوا.. روايتي)، عن دار الرواد.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب