8 أبريل، 2024 2:02 م
Search
Close this search box.

رواية “كتاب الظل”.. النساء ورود تنمو وسط الحب والطمأنينة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “كتاب الظل” للكاتبة السورية “ابتسام تريسي” تحكي عن عالم خيالي يجمع عدد من النساء الذين أتعبتهم الحياة الواقعية بصراعاتها وعبثيتها ومشاكلها، يجتمعن في مكان واحد.

الشخصيات..

عدد من النساء لكل منهن حكاية، و”تيرا” البطلة التي تعيش حياة بائسة مع “خوان”، الذي لا يكتفي بها. تذهب إليهن وتتعرف عليهن، ثم تكتشف وجود “تيرا” أخرى هي من تجمع هؤلاء النسوة وتتكشف لها أسرار أخرى.

الراوي..

الراوي “تيرا” تحكي عن كل الشخصيات وعن مشاعرهم وانفعالاتهم، لكنها، أيضا تترك الحرية للشخصيات للتعبير عن نفسها من خلال الحوار، وتعطي الرواية لبعض الشخصيات حرية الحكي مثل “تيرا” الأولى و”تيرا” البطلة و”خوان” و”عبد الحي”، وتعدد الأصوات داخل الرواية أعطاها ثراء وغنى وتعدد في زوايا الحكي لنفس الأحداث.

السرد..

الرواية محكمة البناء، تبدأ الحكي ب”تيرا” البطلة ومعاناتها ومشكلتها مع الرجل الذي تحبه، ثم انتقالها إلى مجتمع النساء. ثم ينتقل الحكي إلى “تيرا” الأولى وحكايتها، ثم حكاية “عبد الحي” مع النسوة اللاتي أنجب منهن بناته. ثم تنتهي الرواية باكتشاف “تيرا” البطلة من تكون وعثورها على الرضى.

الورود والنساء..

الرواية تجمع بين الورود والنساء بخيال ساحر عذب، فعندما تذهب “تيرا” إلى مكان للاستشفاء تنصحها به صديقتها وطبيبتها النفسية، تكتشف أنه مكان للنساء فقط، تجمع يحويهن، عدد من النساء لكل واحدة بيتها ويسمين بالعرافات ويجمعن حولهن عاملات من النساء وأطفالهن. هذا المجتمع الصغير ممنوع على الرجال دخوله، تحكمه أو تديره “تيرا” الأولى، ساحرة، وروحانية، تذهب لها “تيرا” البطلة لتشفى من جراحها النفسية فيكون الشرط أن تمكث عاما في ذلك المجتمع الصغير.

وتبدأ في التعرف على النساء واحدة واحدة، تأخذ بيت صغير مؤقت حتى تتعلم وتصبح مثلهن، وتعملها كل واحدة منهن كيف تزرع نوع من أنواع الورود وتتعامل معه وتستخرج منه علاجات للاستشفاء وللفائدة.

لتبدأ رحلة القراء مع الورود، كل واحدة مهووسة بوردة تكرس حياتها لها، تزرعها وتراعاها وتستخرج فوائدها، لدرجة أنها تتقمص تماما روح الوردة، فتشعر “تيرا” أن كل امرأة هي عبارة عن الوردة التي ترعاها وتجد تشابهات كثيرة بين كل وردة والمرأة التي ترعاها وتتخذها رمزا لحياتها.

وبعد أن تتعرف على تفاصيل حياتهن تكتشف أن أمهاتهن أيضا كن يتقمصن روح الورود، في محاولة للربط بين رموز الطبيعة الجميلة وبين النساء، وكأن النساء جزء من مفردات الطبيعة الجميلة، ترتبط مع الورود في علاقات ووشائج وصلات، تتفاعل معها وتتأثر بها.

وتنقل الكاتبة من خلال ذلك معلومات كثيرة عن الورود وطرق زراعتها وفوائدها، وتسهب في وصف سحر كل وردة وجمالها حتى يشعر القارئ كأنه يرى تلك الورود ويشمها ويشعر بها حوله.

تحول نفسي..

وأثناء ذلك تتحول حالة “تيرا” النفسية وتبدأ في الشعور بالاطمئنان ويتخلل ذلك مقتطفات من “كتاب الظل” حيث لكل واحدة من العرافات نص خاص بها كتب لأجلها.

أصل واحد..

ثم يصبح دور “تيرا” أن تعملهن شيئا، فتعلمهن التطريز وينسج النساء لوحة واحدة لهن جميعا تجمعهن، ثم تتعرف “تيرا” على “تيرا” الأولى وقصتها، لنكتشف أن الأمر ليس اعتباطا وأن “تيرا” الأولى تعرف أبو “تيرا” البطلة، وأبو كل النساء العرافات. رجل واحد هو “عبد الحي” الذي أنجب كل العرافات من نساء مختلفات الجنسيات ومختلفات الصفات.

وكقارئة لم استسغ فكرة انتماء النسوة لأب واحد، لكن ربما أرادت الكاتبة أن ترمز إلى فكرة أن كل النساء من أصل واحد، رغم اختلاف جنسياتهن وعرقهن وألنستهن، وأن ما يجمعهن الرغبة في العيش بسلام وأمان، والبعد عن كل الصراعات والحروب والاختلافات والظلم والاستغلال الذي يملأ العالم.

كما أرادت الرواية أن تعلي من شأن الاندماج مع الطبيعة ومفرادتها والتماهي معها، والتوحد بشكل يحقق السلام النفسي والعودة إلى كلية الطبيعة وجمالها وسحرها.

المجتمع الساحر..

ذلك المجتمع الساحر الذي يضم نساء وأطفال ويبعد عن الرجال بعنجهيتهم وعنفهم ورغبتهم في التناحر والتقاتل وإثارة الحروب والمجازر والفتن. كما تناولت الرواية فكرة الطاقات الإنسانية التي تتواصل مع طاقات الكون والطبيعة. كل ذلك بلغة عذبة أقرب إلى اللغة الشعرية، وانتهت الرواية نهاية مرضية حيث حصلت “تيرا” على الرضى والسلام النفسي وعرفت نفسها وأصولها وعاشت مع شقيقاتها.

كما تناولت الرواية الحب، فقد أحب “عبد الحي” كل فتاة مارس معها الحب، أحبها بطريقته رغم أنه لم يقابلها إلا مرة واحدة، وهن أحبوه وأخلصوا له، حتى أن نساء منهن ظلت على إخلاصها له طوال حياتها وظلت تتذكره وتتمنى عودته وماتت على ذكراه. وهو أيضا حزن حين اكتشف فقدانه للذاكرة وعدم استطاعته رؤية بناته، كما احب فتاته الأخيرة ولم يتخلى عنها، بل قتل من اجل حبه لها، وهي أيضا قتلت من اجل حبها له، كما حكت عن حب “تيرا” الأولى لعبد الحي والتي حكم عليها أن تكون شقيقته بالدم لكنها اخلصت له ورعت بناته، ودفنته. وحب ” تيرا” البطلة ل”خوان”، وحب “خوان” نفسه ل”تيرا” الأولى حتى أنها تلهمه في غناءه.

حب صاف عذب، يقوي الإنسان، ويحقق له السلام النفسي، ويعده بالأمان  والطمأنينة والسكينة، حتى وإن لم يتحقق أو يعيش الحبيبان حياتهما معا.

الكاتبة..

“ابتسام إبراهيم تريسي” هي روائية سورية. ابنة مدينة أريحا جنوب محافظة إدلب، خريجة جامعة حلب قسم اللغة العربية، عاشت فترة من الزمن في دولة الكويت، صدر لها عشر روايات وأربع مجموعات قصصية.

صدر لها:

  • جذور ميتة، مجموعة قصصية، حائزة على الجائزة الأولى لمسابقة سعاد الصباح، 2001.
  • جبل السماق، الجزء الأول، سوق الحدادين، رواية، دار فصلت، 2004.
  • نساء بلا هديل، مجموعة قصصية، الجائزة الأولى لموقع لها أون لاين الرياض.
  • ذاكرة الرماد، رواية، دار الحوار، اللاذقية، 2006.
  • جبل السماق، الجزء الثاني، الخروج إلى التيه، الجائزة الأولى لمسابقة المزرعة، سوريا، صادرة عن دار العوام، دمشق، 2007
  • المعراج، رواية، عن دار العوام، 2008.
  • عين الشمس، رواية، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2010م، الرواية التي دخلت القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2010.
  • غواية الماء، رواية، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2011.

حازت على الجائزة الأولى لمسابقة “سعاد الصباح” عن مجموعة “جذور ميتة”، والجائزة الأولى لموقع (لها أون لاين) عن مجموعة “نساء بلا هديل”، والجائزة الأولى لمسابقة “المزرعة” عن رواية “الخروج إلى التيه”، بالإضافة إلى دخول رواية “عين الشمس” القائمة الطويلة لجائزة البوكر عام ٢٠١٠ .

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب