9 أبريل، 2024 7:55 ص
Search
Close this search box.

رواية قلب الملاك الآلي.. رغم هشاشتهم يخرب البشر عالمهم بتلذذ

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “قلب الملاك الآلي” للكاتبة الجزائرية “ربيعة جلطي” إصدار ٢٠١٩، تحكي في سياق من الخيال العلمي عن محنة البشر وتناقضاتهم وشعورهم بالنقص، وتخريبهم للأرض بدلا من إعمارها.

الشخصيات..

مانويلا: إنسان آلي، أنثى، تم تطويرها لتصبح حرة في مختبرات “كونيسيونس روبوتكس”، تمتلك حياتها وهي مسئولة عنها بشكل كامل، وتم تزوديها برقائق إلكترونية حديثة وكم كبير من المعلومات وإمكانيات هائلة لا تتوافر للبشر، كما تم تزويدها بقلب ورحم، لكن الرحم كان فكرة إحدى الباحثات التي دسته دون علم الآخرين.

الشيخ البردادي: زعيم الدولة الإيمانية الكونية، رجل متناقض إلى أبعد الحدود، قاسي القلب حتى أنه يتلذذ بقطع رؤوس الناس، وهش لدرجة أنه يعشق مانويلا ويظهر لها ضعفه.

عمر البتار: مساعد الشيخ البردادي، دموي هو أيضا لكنه يخفي هشاشته وضعفه.

وهناك شخصيات أخرى داخل الرواية.

الراوي..

الراوي هو البطلة مانويلا، التي تحكي منذ البداية وحتى النهاية بضمير المتكلم، منذ بداية بعث الحياة فيها، أو على الأدق تشغيلها. وتحكي عن باقي الشخصيات من منظورها هي كإنسان آلي متطور إلى درجة كبيرة ومزود بإمكانيات هائلة لكي يعيش حياة مستقلة. وتستعين بإمكانياتها لقراءة أفكار البشر من حولها.

السرد..

الرواية محكمة البناء، تقع في حوالي ٢٣٠ صفحة من القطع المتوسط، تتناول رحلة مانويلا في عالم البشر، وكيف كانت تجربتها، وتنتهي بموتها، ليست نهاية سعيدة وإنما إيجابية.

تخريب الأرض..

تحكي الرواية عن مانويلا، إنسان آلي متطور تم تصنيعه في مختبرات لكي يكون مستقلا، ويعيش حياته بحرية بين البشر، على أن يؤلف كتابا عن تجربته تلك، وهو مزود برقائق الكترونية متطورة، ويشبه البشر وقد اختيرت مواصفات مانويلا لكي تكون نموذج لجمال المرأة، فقد اختيرت مواصفاتها بدقة متناهية.

تختار مانويلا أن تتعرف على البشر في بؤرة ساخنة مع إنها كان متاح لها أن تعيش في بلد آمن وتتمتع برفاهية، لكنها اختارت أن تذهب في منطقة بها مشاكل لكي تتعرف على البشر هناك. فذهبت إلى مدينة الرقة في سوريا، ويلاحظ أن الكاتبة لم تحدد زمنا معينا للأحداث لكن يفهم من السياق أنها في الزمن الحاضر، لذا لا يمكن اعتبار الرواية ديستوبيا، لأنها لم تتخيل واقع مرير أو مأساوي وترسم تفاصيله من صنع خيالها، وإنما هو واقع قائم بالفعل وقد حدث في الحياة الحقيقة.

كما لا يمكن القول إنها تنتمي لفئة الخيال العلمي ربما لأنها لم تركز على تصوير ابتكارات واختراعات خيالية، بقدر ما ركزت على حبك حكاية عن البشر.

في سياق خيالي عن وجود إنسان آلي متطور تحكي الرواية عن ما وصل إلية البشر من تخريب داخلي وخارجي، وكيف تغلبت عليهم تناقضاتهم وأمراضهم ونواقصهم لكي يصلوا إلى حد من البشاعة، فيما يعرف بالدولة الإيمانية الكونية، ولا يخفى على القارئ أنها دولة قامت بالفعل على أرض الواقع، وقامت بتقطيع رؤوس البشر، والتبشير بالجهاد ضد من أسموهم الكفار.

تصور الرواية دخول مانويلا إلى ذلك العالم البائس والوحشي، ونتيجة لجمالها الشديد تأثر قلب الشيخ البردادي زعيم الدولة الذي يعاملونه معاملة الأنبياء، وحين تدخل في ذلك العالم تكشف بحكيها تفاصيل داخلية عن هؤلاء البشر، فهم ضعفاء إلى أقصى حد رغم وحشيتهم المفرطة، يمتلئون بأمراض وعقد نفسية، يستغلون النساء ويأسرونهن ويعاملوهن معاملة غير آدمية.

سيتحلون أرواح الناس وممتلكاتهم، والأدهى أنهم يصدقون أنهم يفعلون ذلك من أجل دعوة دينية مقدسة، رغم أنهم واعون أن الدول الرأسمالية الكبرى تستخدمهم كأداة لتحقيق مصالحها، لذا سهلوا لهم كل شيء ومهدوا لهم الطريق لتحقيق انتصارات على أرض الواقع.

الاتجاه إلى الغرب..

وتتوقع الكاتبة أو ترسم في روايتها أن يتجه هؤلاء المتشددون بعد هزيمتهم في دول الشرق إلى دول الغرب، لتحقيق حلم دفين، وهو عودة العرب والمسلمين إلى بلاد الأندلس، فحين تتخلى عنهم الدول الرأسمالية بعد أن تجد أن وجود هؤلاء المتشددين لم يعد يحقق مصالحها بالطريقة التي تريدها، يتجه هؤلاء المتشددون مهزومون ويملئهم سعار الهزيمة والانكسار إلى الغرب، ليس فقط للانتقام وإنما لإقامة مجد زائف يحلمون به، يعتمد على أفكار وهمية بتواصل الأمجاد القديمة لأجدادهم.

كما تحكي الرواية عن “حدة بنت ميمون” وهي يهودية، وهي أيضا تمتلك نفس الحلم بعادة أمجاد العرب في الأندلس، لأن أهلها من اليهود كانوا يجدون المعاملة الحسنة ولهم مكانة عالية، كما أنها ناصرت الدولة الإيمانية الكبرى لأنها تريد الانتقام لأجدادها من الظلم والبطش الذي طالهم في دول الغرب وبشكل خاص الدول الأوربية.

ترصد مانويلا عيوب البشر ومساوئهم التي تؤدي إلى حدوث حروب وحشية، ورغم قصر عمر الإنسان على الأرض والتي تقول إنه بمثابة 24 ساعة من عمر الكون، إلا أن الإنسان دمر وخرب الأرض ولم تفعل باقي الكائنات التي وجدت على الأرض قبله أو بعده مثلما فعل. فهي لم تدن المتشددون دينيا في منطقة الشرق فقط، وإنما كل من سعى إلى الحرب والخراب.

تسير الرواية في مسار مختلف حين تتخلى مانويلا عن رحمها الذي وضعته لها باحثة في الفريق الذي صنعها خلسة وبدون علم الجميع، تتخلى عن رحمها بعد أن علقت به طفلة من  اتصال حدث بينها وبين الشيخ البرداداي، لأنها خافت أن ينتج عن ذلك كائن نصف آلي ونصف إنسان، لأنها توقعت أن يكون هذا الكائن أكثر تخريبا من البشر، ودفنت الرحم في باطن الأرض لكنه أثمر شجرة وأصبحت كل الثمار التي أنتجتها فرصة لميلاد نصف آلي- نصف إنسان، وكانت النتيجة أكثر سوء لأن تلك الثمار ستنتج كميات كبيرة من بشر نصف آليين، فقررت أن تضحي بنفسها لتنقذ عالم البشر. وتوقف جسدها عن العمل في نهاية ليست سعيدة لكنها أيضا نهاية لا تخلو من رحمة.

الرواية تحتفي بالقيم السامية كالسلام، وترفض الحرب وترفض تخريب الإنسان لعالمه، وتنتقد تلك المرحلة التي وصل فيها الإنسان إلى أن يقطع رأس أخيه ويتلذذ بمشاهدة أوصاله مقطعه.

تعتمد على لغة عذبة، ورسم عميق للشخصيات، وفهم دوافعهم ومشاعرهم تجاه حياتهم، ولم تقدم إدانة مباشرة بقدر ما قدمت حكاية مشوقة.

الكاتبة..

“ربيعة جلطي” شاعرة وكاتبة ومترجمة جزائرية، نالت شهادة الدكتوراه في الأدب المغاربي الحديث، وهي حاليا أستاذة الأدب المعاصر بالجامعة المركزية في الجزائر العاصمة.  ولها العديد من المجموعات الشعرية. تعتبر من أهم الشاعرات الجزائريات فهي الوحيدة تقريبا من بين شعراء جيل السبعينات التي بقيت تكتب وتنشر مجموعاتها الشعرية، وهي كما تقول في بعض إفاداتها الصحفية لم تكتب ضمن الجوقة السياسية لتلك المرحلة ولم تسقط في فخ التبشير الأيديولوجي الذي وقع فيه الجميع.

صدر أول عمل روائي لها في عام 2010 تحت عنوان “الذروة”. ترجم شعرها إلى اللغة الفرنسية الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، كما ترجم لها الروائي الجزائري رشيد بوجدرة أعمالا أخرى.

النتاج الروائي:

  • “الذروة”، 2010
  • “نادي الصنوبر”، 2012
  • “عرش معشق”، 2014
  • “حنين بالنعناع”، 2015
  • “عازب حي المرجان”، 2016

النتاجات الأخرى:

  • “تضاريس على وجه غير باريسي” (شعر)، 1981
  • “التهمة” (شعر)، 1984
  • “شجر الكلام” (شعر)، 1991
  • “كيف الحال” (شعر)، 1996
  • “حديث في السر” (شعر)، 2002
  • “بحار ليست تنام” (شعر)، 2008
  • “حجر حائر” (شعر)، 2010
  • “النبية – تتجلى في وضح الليل”، 2015

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب