خاص: قراءة- سماح عادل
رواية “على الجانب الآخر” للكاتبة المصرية “إنجي مطاوع” تحكي عن فلسطين وإسرائيل والقضية الفلسطينية، لكنها تتميز بأنها تنقل وجهة النظر الأخرى، فهي ترصد نظرة فتاة إسرائيلية، ابنه لأحد المسئولين الكبار، وكيف تعرفت على وجهة نظر الفلسطينيين في حقهم في الأرض، وبدأت في مسائلة ثوابتها وما تربت عليه طوال عمرها، لتكتشف أن أسطورة أحقية اليهود في أرض فلسطين ما هي إلا أسطورة من صنع خيالهم تدعمت بالسعي نحو تحقيق مصالح مادية.
الشخصيات..
“تويفا”: البطلة، فتاة في العشرينات من عمرها، تتعرف على عرب من فلسطين بعد أن انضمت لجامعة حيفا، التي تسمح بنسبة من العرب بين طلابها. وتبدأ رحلة الكشف عن معلومات هامة تخص هويتها كيهودية إسرائيلية تعيش على أرض فلسطين.
ميزار: والد “تويفا”، مسئول كبير في الدولة الإسرائيلية وهو عسكري يتعامل بقسوة مع العرب ولا يتورع عن قتلهم بدماء باردة، ويقتل في النهاية على أيديهم.
عامر: شاب من عرب فلسطين يتعرف على البطلة ويحبها لكن يقتله أبوها.
وليد: ابن عم “عامر” وهو يعمل مع المقاومة الفلسطينية.
ايزي: شاب إسرائيلي كان أحد أفراد المجموعة لكنه انقلب على “عامر” وكان الذراع التي استخدمها أبو البطلة في قتله وذلك انتقاما لموت أخيه الذي التحق بالجيش الإسرائيلي.
الراوي..
الراوي عليم، لكنه يحكي عن “تويفا” بالأساس وعن وجهة نظرها في الأحداث المتصاعدة، وينقل وجهات النظر الأخرى للأشخاص من خلال الحوار . ثم ينتقل للحكي عن شخصية أخرى وهي شخصية “عزيز” وزوجته ليعود لخط الحكي عن البطلة.
السرد..
الرواية تقع في حوالي 240 صفحة من القطع المتوسط، والحكي يتسم بالمعلومات الغزيرة المستندة على كتب ومراجع هامة، لكن مع ذلك هناك حكاية شيقة عن فتاة تعيش صراعا داخليا ما بين انتمائها الديني والوطني وما بين الحقائق التي اكتشفتها.
أسطورة أرض الميعاد واستبعاد باقي البشر..
“تويفا” الفتاة اليهودية الإسرائيلية المتدينة بعد أن تربت على تمجيد الوطن الإسرائيلي وعلى أن فلسطين هي أرض الميعاد التي وعد بها الرب لليهود، باعتبارهم الشعب المختار والمفضل، وأن باقي الشعوب مثل الحيوانات وجدوا فقط لخدمة اليهود ككائن أرقى، وبعد أن لقنت بشكل متعمد منذ الطفولة تلك الأفكار التي تحط من شأن العرب وباقي الشعوب، وتؤكد على رقي جنس اليهود وأن أرض الميعاد وعدوا بها منذ “ابرام”، تكتشف بعد أن تذهب لجامعة حيفا وبعد أن تتاح لها فرصة الاختلاط ببعض الطلاب من العرب، تكتشف زيف كل ما لقنت وتعلمت طوال حياتها.
فقد عايشت هي وأربعة من أصدقاءها من اليهود “عامر” و”وليد” العربيين الذين ينتميان لعائلة من عرب 48، الذين استمروا في العيش في فلسطين بعد الاحتلال الصهيوني لها، وقد تعرفت عن قرب على العرب الذين كانت تتخيلهم كائنات متوحشة لا تهتم سوى بقتل اليهود واختطافهم، لتفاجئ بطيب أخلاقهم والجو العائلي الحميم بينهم، وتكتشف كم هائل من المعلومات التي تنفي أكاذيب الصهيونية. ثم تقع في قصة حب بينها وبين “عامر” تنتهي بموته على يد أبيها، لتقرر البطلة أن تتخصص في مقارنة الأديان وأن تدرس بشكل حقيقي أكاذيب وادعاءات الصهيونية.
الرواية تكشف تلك الأكاذيب والادعاءات مستعرضة الاختلافات بين الطوائف الدينية داخل إسرائيل نفسها، والاختلاف بين أفكارهم، فتتناول طائفة الحرديم وأفكارهم المعادية للكيان الصهيوني، وتكشف الأفكار الخاصة بالصهاينة وتبريرياتهم حول أحقيتهم في الأرض. كما تكشف الأفكار العربية التي هي على النقيض تماما، تؤكد أحقية الفلسطينيين أو “الكنعانيين” حيث جدودهم القدامي في الأرض، والتي كانوا يعيشون فيها ويستقرون قبل ظهور إبراهيم بزمن.
كما تكشف تفاصيل داخل إسرائيل نفسها، حيث أن العسكريين لهم التميز المطلق، يتسيدون على باقي المواطنين ويضخمون من الدعاية الصهيونية لخدمة مصالحهم المادية، في حين أن اليهود من أصل شرقي مضطهدون وكذلك يهود شرق أوروبا، فحتى داخل إسرائيل هناك اضطهاد بين اليهود بسبب أصولهم العرقية، مؤكدة على أن فكرة نقاء الشعب اليهودي فكرة أسطورية هي أيضا، فذلك الشعب الذي وعده إله اليهود بأرض الميعاد لم يعد له وجود، لأن معظم يهود إسرائيل ينتمون لأعراق مختلفة دخلوا الديانة اليهودية على مر العصور، وأن أحفاد اسحق ويعقوب تحديدا لا دليل على بقائهم بأعداد كبيرة حتى الوقت الحالي.
الرواية مميزة لأنها اهتمت بنقل وجهة النظر الأخرى الخاصة باليهود الصهاينة، سواء المتعصبين منهم أو حتى الذين يظهرون اعتدالا وقابلية للتعامل مع العرب. كما نقلت تلك الأقاويل التي تتردد عن عرب 48 والذين يثار حولهم بعض الأقاويل من أنهم تعاونوا مع اليهود وهادنوهم، في حين أنهم يعانون مثل باقي الفلسطينيين وأنهم لم يتحالفوا مع اليهود وإنما تمسكوا بأراضيهم وبيوتهم وبحقوقهم فيها، وأنهم يلاقون معاملة قاسية من قبل السلطة الإسرائيلية تنطوي على مخادعة ودعاية كاذبة.
ذيلت الكاتبة روايتها بهوامش توضح فيها بعض المعلومات الهامة، كما امتلأت الرواية بمعلومات قيمة، كما أنها ذكرت في النهاية المراجع والكتب والتي اعتمدت عليها في جلب المعلومات.
الكاتبة..
“إنجي مطاوع” كاتبة مصرية، من مواليد دمياط، تعمل محاسبة. وهي عضوة في اتحاد كتاب مصر.
صدر لها ورقياً:
– رواية على الجانب الآخر.
– رواية الكونتيسة.
– رسائل “يا أنت.. أنا” – 2014.
– مجموعة قصصية “روح وجسد” 2014.
– رواية “شهرنان”- 2015.
نشر الكتروني:
– نصوص “إليك أنت” 2014-.
– نثريات “ليل والحياة” 2014 -.
– خواطر “بهيه” 2014-.