14 مارس، 2024 12:19 ص
Search
Close this search box.

رواية شوارع الغضب.. تفشي الفقر هو ما أشعل الثورة اللبنانية

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: قراءة – سماح عادل

رواية “شوارع الغضب” للكاتب السوري “أمين الساطي” تحكي عن الثورة اللبنانية التي بدأت أحداثها في 2020، لكنها تحكي بطريقة طريفة ممتلئة بالتشويق.

الشخصيات..

البطل: رجل ستيني، أرمل متقاعد، يتعرض لحادثة سيارة، ويدخل غرفة العمليات لعمل عملية في عظم فخذه المكسور، ثم تتوالي الأحداث المشوقة.

ناديا: قريبة البطل التي أحبها منذ المراهقة لكنها تزوجت من رجل غني، يكبرها بأعوام كثيرة، وظل البطل يحبها ويتمنى الاقتران بها خاصة بعد موت زوجته.

الابنة: ابنة البطل، والتي ليس لديه غيرها ويشعر بالمسؤولية تجاهها، وهي من جانبها تشعر أن أبيها ملكية لها.

أبو أيمن: رجل فقير، يبيع الحبوب المخدرة، ثم يتورط في أعمال إجرامية أخرى ويورط معه البطل.

سعاد: سيدة تقابل معها البطل في أيام المظاهرات، وأحبها وتزوجها.

وهناك شخصيات أخرى ثانوية في ثنايا الرواية.

الراوي..

الراوي هو البطل نفسه، الذي يحكي عن نفسه بضمير المتكلم، ويحكي الأحداث في تتابعها، وعلاقته بباقي الشخصيات، لنكتشف في النهاية مفاجئة.

السرد..

الرواية قصيرة، حوالي 148 صفحة من القطع المتوسط، اعتمدت طريقة حكي مشوقة لتحكي في ثنايا الحكاية الرئيسية عن حركة التمرد التي اشتعلت في شوارع لبنان، ليجد القارئ نفسه مستغرقا في حكاية جذابة وبسيطة. ويكتشف في النهاية أنها قصة خيالية من صنع خيال البطل الذي دخل في غيبوبة ليومين، وكانت الحكاية المشوقة عبارة عن كوابيس يحلم بها المريض وهو في غرفة العناية المركزة. لذا جاءت النهاية طريفة مثل الحكاية الرئيسية في الرواية.

الثورة اللبنانية..

في ثنايا الحكاية الرئيسية يسرد البطل تفاصيل عن حركة التمرد التي اشتعلت في شوارع لبنان في عام2020 بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي طالت لبنان، والتي تسببت في إفقار معظم الشعب اللبناني، وانخفاض قيمة الليرة في مقابل الدولار ليكتسب الدولار أهمية كبيرة في لبنان.

ويرجع البطل هذه الأزمة الاقتصادية إلى فساد الطبقة الحاكمة في لبنان التي استشرى فسادها وتضخم مسببا أزمة اقتصادية هائلة جعلت الناس يخرجون غاضبين في الشوارع، وتسرد الرواية كيف تعاملت الطبقة الحاكمة بعنف شديد مع حركة التمرد أو الثورة، حيث استخدمت القنابل المسيلة للدموع بكثافة واستعملت الرصاص المطاطي التي تسبب في زيادة أعداد المصابين، ووصل العنف والوحشية بالسلطة اللبنانية حد استخدامها الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين والتخلص من التظاهرات.

لذا فقد مات كثير من اللبنانيين وأصيب الكثير بسبب عنف السلطة في الرد على حركة التمرد، وظلت الأزمة الاقتصادية دون حل حتى أن التظاهرات استمرت لستة أشهر، كما ترصد الرواية أيضا سلبيات في سلوكيات المتظاهرين أنفسهم الذين هاجموا المحلات التجارية ونهبوا البضائع منها، والذين كانوا يهاجمون البنوك ويحطمون ماكينات الصرف الآلي للحصول على الأموال، وكيف كان تعامل السلطة قاسيا خاصة حين يقترب الناس من البنوك أو الأموال، فكانوا يجمعون الناس ويقبضون عليهم بكميات كبيرة ويضربونهم بوحشية في الشارع، كما صورت الرواية الحالة الاقتصادية المتردية التي وصل إليها اللبنانيون والذين أصحبوا لا يقدرون على العيش أو توفير حياة كريمة لهم أو حتى جلب الطعام في ظل غلاء فاحش وانهيار قيمة العملة.

التورط في الإجرام..

وبالنسبة للحكاية الرئيسية فقد كانت عن البطل، الذي خرج من المستشفى وذهب إلى التظاهرات لمجرد الفضول، لكنه شعر بالغضب مثل كثير من اللبنانيين من معاملة السلطة القاسية فظل  يتردد على ساحة رياض الصلح التي تشتعل فيها التظاهرات. ومع تكرار وجوده في ساحات التظاهر تعرف على “أبو أيمن” الذي عرفه على عالم الجريمة، بدء من تعاطي الحبوب المخدرة ثم بيعها، ومرورا بالاتجار في الحبوب المخدرة طمعا في الأموال، ثم المتاجرة في الدولارات المزورة، واستخدام الحيلة والنصب.

ليتحول الرجل المسالم الأرمل الذي كان يعيش حياة هادئة ويحلم بالزواج من “ناديا” قريبته بعد موت زوجها المريض إلى مجرم منصاع ل”أبو أيمن”، يشاركه في تزوير الدولارات وبيعها، ثم يتورط في العنف، ويعمل لصالح عصابة كبيرة في محافظة البقاع، حتى أنه سافر لتهريب الممنوعات والمخدرات لخارج لبنان.

ويشعر البطل أنه حين بدأ الطريق فقد القدرة على التوقف فيتورط أكثر وأكثر، يقوده طمعه في الحصول على أموال كثيرة والتخلص من لعنة الفقر، ويقوده “أبو أيمن” الذي وجد نفسه منصاعا له لا يستطيع الرفض.

ثم تظهر قصة حب في ثنايا الحكاية الرئيسية وهي قصة حبه ل”سعاد”، سيدة أربعينية لديها ابنتان ويقرر الزواج منها، ويحلم بالهجرة إلى اليونان لكن أحلامه تتحطم لأن اليونان وضعت شروطا قاسية لمنح الإقامة والجنسية.

عالم الجريمة..

والحكاية الرئيسية المشوقة تكشف عالم الجريمة في لبنان، حيث أن هناك عصابات كبرى هي من تدير عالم الجريمة وتعتمد على قوة العشيرة وسطوتها، وهؤلاء العشائر يستعينون بالسياسيين لتقوية سلطتهم ونفوذهم ومن جانبهم يغرق السياسيون في الفساد ويتربحون من عالم الجريمة، خاصة من تهريب الحشيش لذا يرفض السياسيون إقرار قانون وافق عليه المجلس النيابي بأن يتم السماح بزراعة الحشيش واعتباره أمرا لا يخالف قانون البلاد.

كما تكشف الرواية عن ظاهرة اسمها “الدولار الأسود” حيث يتم دهن الدولارات بمادة سوداء شمعية ليسهل تهريبه سواء أكان دولارا حقيقيا أو مزيفا، وعن ازدهار حركة تهريب الدولار مع تفشي الأزمة الاقتصادية.

كما ذكرت الرواية حادث التفجير الكبير الذي حدث في لبنان وخلف أعداد كبيرة من الموتى والجرحى، مشيرا إلى انتهاء حركة التمرد بانقلاب الجيش على السلطة الحاكمة وتوليه أمور البلاد بنفسه.

الرواية اعتمدت على التشويق وعلى كشف بعض المعلومات دون إشعار القارئ بالملل والرتابة، كما قدمت شخصية الرجل الذي يخرج رغباته وأطماعه حينما تسنح له الفرصة لذلك فيتحول من رجل متزن مقبول من المجتمع إلى مجرم عنيف.

الكاتب..

“أمين الساطي”  كاتب سوري، ولد بدمشق عام 1941، وذهب ودرس في أمريكا وتخرج من جامعة ولاية أوكلاهوما في عام 1965، وعمل مهندسا في ديترويت بالهندسة المدنية لمدة عامين، وبعدها عاد إلى سوريا وتوظف بوزارة الأشغال العامة، ثم أرسلته الوزارة بمنحة دراسية إلى مدينة روتردام بهولندا في عام 1971، وعاد بعدها في عام 1972 إلى وظيفته السابقة بوزارة الأشغال العامة، وفِي عام 1983 سافر إلى السعودية ليعمل في مكتب للاستشارات الهندسية وبقي موظفاً بنفس المكتب حتى عام 2016، وبعدها تقاعد عن العمل وسافر إلى دبي بالإمارات العربية المتحدة. وهو مؤلف كتاب “أوهام حقيقية”، ورواية “نبوءة على التلفاز” ورواية “شوارع الغضب”. وهو عضو في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب