9 أبريل، 2024 2:00 ص
Search
Close this search box.

رواية “شخص نعرفه”..  قد يتواجد الخطر في الجوار وعلى يد الأصدقاء المقربين

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “شخص نعرفه” للكاتبة الكندية “شاري لابينا” رواية بوليسية تعتمد على نسبة كبيرة من التشويق، تبقي القارئ مترقبا لتفاجئه بنهاية غير متوقعة.

الشخصيات..

رالي: شاب مراهق يحب اقتحام منازل الناس فقط ليستمتع بفكرة التلصص على الآخرين وحواسيبهم، لكنه لا يسرق شيئا وقد سبب له ذلك مشاكل مع والديه.

أوليفيا: والدة “رالي”، تنزعج بشدة حين تعلم أن ابنها مقتحم منازل وتتصرف بعفوية مما يحرك الأحداث كثيرا.

بول: زوج “أوليفيا” ووالد “رالي”، وهو رجل جاد في عمله.

كارمن: سيدة عجوز أرملة جاءت إلى الحي الذي تدور فيه الرواية حديثا، وهي امرأة تبدو مزعجة للآخرين تحاول التطفل عليهم.

أماندا: سيدة سكنت الحي مؤخرا أيضا، وتتمتع بجمال وجاذبية وشباب مما لفت نظر كثير من الرجال إليها وأثار غيرة النساء الأكبر منها سنا، ثم تختفي ويكتشف مقتلها.

روبرت: زوج “اماندا”، محامي وسيم تدور الشبهات حوله في جزء كبير من الرواية ويعرف أن زوجته تخونه.

بيكي: جارة في الحي، وهي قريبة من “روبرت واماندا” وقد تورطت مع روبرت في علاقة عابرة.

لاري: زوج “بيكي”، يعمل في نفس الشركة التي يعمل بها “بول” ويتورط في علاقة جنسية مع “اماندا”.

 

جليندا : جارة أخرى قريبة من “أوليفيا” وصديقتها المقربة أيضا، تتعامل بهدوء مع الكوارث وتعاني من مشكلة مع ابنها المراهق وتدعم وتساند “أوليفيا” دوما.

كيث: زوج “جليندا”، يدخل هو أيضا في علاقة مع “اماندا” وتثار الشبهات من حوله.

آدم: ابن “جليندا وكيث”، يعاني من تناوله للكحول رغم أنه مراهق وهذه هي مشكلته.

لا تهتم الكاتبة بتناول الشخصيات بعمق أو حكي أشياء عن ماضيهم أو تتوسع في رصد أفكارهم ومشاعرهم الداخلية، وإنما تكتفي بالحكي عنهم فيما يتعلق بأحداث الرواية المتلاحقة، لذا نجد أن الشخصيات أشبه بأشباح لا نعرف عنها الشيء الكثير.

الراوي..

تبدأ الكاتبة الرواية براو يتحدث بضمير المتكلم والذي لا يستمر طويلا، ثم يتولى الراوي العليم حكي الرواية بالكامل بضمير الغائب مركزا على سرد الأحداث بشكل أساسي، ثم يعود ذلك الراوي حين قرب اكتشاف اللغز لنعرف أنه صوت القاتل في الرواية، والذي يستخدم ضمير المتكلم مرة ثانية ليعود الراوي العليم لينهي الرواية على حل اللغز.

السرد..

الرواية محكمة البناء تعتمد على التشويق بشكل أساسي، والتلاعب بالمعلومات لكي تجعل القاري يستنتج من القاتل، ثم تعود وتشير بأصابع الاتهام إلى شخصية أخرى وهكذا، إلى أن تصل إلى كشف اللغز عن شخصية كانت ابعد ما تكون عن الجريمة، ولم يهتم بها الراوي العليم أو يثير حولها الشبهات.

في الضواحي..

تدور الرواية عن مجموعة من الناس يسكنون حيا في الضواحي في منطقة ما في شمال نيويورك، وجميعهم يعرفون بعضهم البعض حتى السكان الجدد يتسنى لهم التعامل والتفاعل مع باقي الجيران، مثل “كارمن”.

وقد بدأت الرواية بمشهد القتل العنيف، والقاتل يحكي كيف أمسك بالضحية وقتلها وكأن الكاتبة تحب حكي تفاصيل العنف والقتل والجريمة، لأنها أسهبت في وصف تفاصيل جريمة القتل من خلال رؤية القاتل لها.

الخطر في الجوار..

أهم  ما في الرواية أنها تثير خوف القراء مما قد يكون موجودا في الجوار، فقد حكت عن مخاطر تحدث من الجيران المقربين الذين ربما يكونون أصدقاء مقربين أيضا، ف”رالي” يقتحم بيوت جيرانه ويتلصص على حواسيبهم وبالتالي على أسرارهم، ورغم انه لا يسرق أو يخرب أغراض الآخرين لكنه يخترق خصوصياتهم ويتلصص على أسرارهم ويعتبر ما يفعله مغامرة مثيرة.

كما أن الجيران والذين تربطهم علاقات صداقة وود لفترات طويلة ينشأ الجفاء بينهم حين تدور جريمة في الحي، ويفكر كل واحد بنفسه وكيفية نجاته من الاتهام بالقتل.

الخيانة..

جريمة القتل التي حدثت واكتشفت بعد وقت، حيث قتلت “اماندا” تلك الجارة الشابة الجميلة التي سكنت حديثا في الحي، كان قتلها بسبب الخيانة، لأنها كانت تحب أن تتلاعب بالرجال خاصة الأكبر سنا، وتحب أن ترى الاهتمام في عيونهم، ويتضح ذلك من تذكر بعض النساء في الحي كيف كانت تتصرف حينما دعيت لأول حفلة في الحي، والتي كان يحضرها معظم السكان، فقد التف الرجال حولها بسبب جمالها وشبابها ومن جانبها كانت هي تولي اهتماما كبيرا للرجال وتحاول الاستحواذ على اهتمامهم. رغم أن زوجها شاب ووسيم ومعظم الرجال يكبرونه في العمر، لكن زوجها فهم بعد ذلك أنها تنجذب للرجال الأكبر سنا حين اكتشف خيانتها.

لكن مع ذلك لم تقدم الكاتبة تبريرا منطقيا لتصرف “اماندا” على هذا النحو فهي لم تحكي الكثير عن “اماندا” وحكت من ذكريات الأشخاص عنها لكنها لم تفسر سر اهتمامها بالرجال الكبار في السن، أو سبب خيانتها لزوجها أو سبب تعدد علاقاتها بالرجال، فهي كانت تعرف رجلين في وقت واحد بالإضافة إلى زوجها. لو اهتمت الكاتبة بحكي تفاصيل أكثر عن “اماندا” ربما كان هذا أعطى ثراء للرواية، لكن الكاتبة لم تهتم بأي من الشخصيات أو تفسير تصرفاتهم وسلوكياتهم بناء على خلفياتهم أو ماضيهم.

لكن تبقى الخيانة محركا للأحداث في الرواية، خيانة “اماندا” لزوجها وخيانة “لاري” لزوجته “بيكي”، وخيانة “بيكي” لزوجها قبل أن تعلم بخيانته، وخيانة “كيث” لزوجته، ومحاولة “روبرت” الانتقام من خيانة زوجته فيخونها مع زوجة “لاري” انتقاما منه.

القاتل..

نكتشف في نهاية الرواية أن القاتل هو أبعد شخص عن ما توقعناه أن يكون طوال قراءتنا للرواية، فهو “آدم” ذلك المراهق الذي يحتسى الخمر بإفراط، وقد كان تبريره للقتل خوفه من انفصال أبيه عن أمه وحقده على “اماندا” التي ربما تتزوج بوالده وتهدم أسرته وبيته بسبب معرفته أنها حامل، وأيضا استسلامه لنوبة غضب انتابته فور رؤيته للمرأة التي يخون والده أمه معها. وقد غطت “جليندا” جريمة ابنها وساعدته على إخفاء معالمها، حتى أنها قتلت “كارمن” فيما بعد لتحميه.

وقد كانت “جليندا” أيضا شخصية هادئة متماسكة طوال الرواية وبعيدة كل البعد عن الشبهات والأمور التي تفاجئ الجميع، فقد ثارت الشبهات أولا حول “روبرت” خاصة حين اخفي الهاتف سابق الدفع الذي يخص زوجته، كما دارت الشبهات حول “بول” الذي شوهد وهو يتشاجر مع “اماندا” قبل موتها بأيام، ثم دارت الشبهات حول “لاري” الذي تورط في علاقة جنسية مع “اماندا” .

رغم أن الرواية بوليسية لا تعبأ إلا بفكرة التشويق وإثارة القارئ وإشعال خياله، إلا أنها كشفت عن بعض القيم الاجتماعية التي يتمتع بها سكان الحي، ومنها أولا سعي الآباء والأمهات لحماية أطفالهم، ومعالجة السلوكيات السيئة التي يسلكونها خاصة حين بلوغ فترة المراهقة، وأيضا سعي بعض الأمهات إلى حماية ابنها حتى وإن ارتكب جريمة وذلك حرصا منها على حمايته إلى النهاية.

وكذلك التعامل مع الخيانات الزوجية ببعض التساهل إذا كانت تلك الخيانات ستسبب خللا ما داخل الأسرة، فقد اهتمت “بيكي” بشكل أساسي بكيفية إنقاذ زوجها رغم اكتشفها لخيانته لها ورغم أنها هي أيضا قد خانته. فيلاحظ أهمية الأسرة بالنسبة لأفرادها الذين يحاولون الحفاظ عليها قدر ما يستطيعون، وحماية باقي الأفراد فقد حاول “كيث” أن يحمي زوجته لأنه شك أنها هي من قتلت “اماندا”

كما تكشف على مستوى الشرطة أنه يمكن الإفلات في بعض الأحيان من الجرائم في حالة الذكاء في إخفاء الأدلة اللازمة، وأهمية وجود محامي محترف وماهر في التعامل مع القوانين والجرائم خاصة الخطير منها.

الكاتبة..

“شاري لابينا”، روائية كنديّة مـن مواليـد عـام 1960، مُحاميـةً ومدرّسةً للغة الإنكليزية قبل أن تبدأ مسيرتها الأدبية، وقد كتبت روايتين حائزتيــن علـــى جوائـــز، قبـل أن تكتب روايتهـا التي حققت مبيعــات عاليـة فــي كنـدا وحول العالم، وألحقتها بأربعِ روايات صدرَت آخرها عام 2020. تم ترشيحها إلى جائزتيّ “سانبرست وستيفن ليكوك”.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب