خاص: قراءة- سماح عادل
رواية (سماء هبة الله للأرض نساء) للكاتبة التونسية (نجاة أدهان) تحكي عن الظلم الواقع على المرأة في المجتمعات المحافظة، وخاصة مجتمع القرية.
الشخصيات..
البطلة: فتاة عانت من تجربة الطلاق نتيجة لعنف واقع عليها من زوجها وممارسة عنيفة ومعاملة سيئة وقاسية.
تقابل البطلة شخصيات أخرى في أثناء رحلتها للتعافي من تجربة زواج فاشلة، ومحاولة استرداد ذاتها بعد التعرض للعنف والقسوة.
الراوي..
الراوي هو البطلة التي تحكي عن نفسها، التي تسترجع ذكرياتها عن الزواج، وتحكي عن أحداث حالية كيف أنها تحاول التعافي والتخلص من آثار تجربتها النفسية السيئة عليها، ثم تحكي عن الأناس الذين قابلتهم في تجولها، وتحكي بتركيز أكبر عن امرأتين في قرية ذهبت إليها ورجل. ثلاثة من الأصدقاء يعانون من معاملة أهل القرية لهم واضطهادهم.
السرد..
الرواية تحكي عن رحلة البطلة نحو التعافي ومعايشة تجارب جديدة والتعرف على أناس جدد، وأيضا عن فرصة جديدة للحياة تجد فيها علاقة حب مرضية ومشبعة تشعر فيها بأنها طرف مشارك وند ومرغوب بدون قسوة أو عنف، كما ترصد ما يحدث في القرية من اضطهاد للنساء، ولأي شخص مختلف.
اضطهاد النساء..
ترصد الرواية كيف أن النساء مضطهدات في المجتمع التونسي والمجتمعات التي يقال عنها شرقية محافظة، فتحكي عن مريم التي عانت من زواج فاشل يمارس فيه الزوج ممارسات عنيفة وقاهرة، يقلل من شأنها ويعاملها كأنها أقل منه وهو أعلى منها بحكم كونه ذكر، ويمارس كافة أنواع القسوة عليها قسوة لفظية وكلمات جارحة وأوصاف تشعرها بأنها أقل وتفقدها الثقة في نفسها، ليس هذا فقط وإنما قسوة في الفعل فيتركها وحدها في الشارع في الليل غير عابيء بالخطر الذي قد تتعرض له، كما تعاني من قسوة أهل الزوج وعدم مراعاتهم لها.
ولا تقتصر معاناة البطلة على زوج قاسي وإنما على عادات وتقاليد ترى أن الطلاق أمر مخزي بالنسبة للمرأة، وأنه يعيب على المرأة التي يحدث لها الطلاق وتصور الكاتبة كيف أن الناس يتعاملون بشكل ظالم مع حدث الطلاق حتى أن أبو مريم حين يذهب للصلاة في الجامع يجد أن رفاقه في الصلاة يتجنبون التعامل معه لمجرد أن ابنته قد تطلقت من زوجها، ويتجلى ذلك أيضا في خوف أم البطلة من فكرة انفصال ابنتها عن زوجها، حتى أنها تحرضها على قبول الإهانات والمعاملة القاسية حتى لا تصل إلى النتيجة التي تخاف منها معظم الأمهات في تلك المجتمعات.
اضطهاد مضاعف في القرية..
تنتقل الرواية لرصد الاضطهاد الواقع على المرأة في القرية، من خلال ذهاب البطلة في أثناء تجوالها إلى إحدى القرى وبقاءها هناك لأيام، حيث نرى امرأة مضطهدة لمجرد كونها غريبة عن القرية، نزحت حين تزوجت من أحد الرجال في القرية وحين مات أصبح أهل القرية يعاملونها بشكل سيء لأنها غريبة وضعيفة ولا أحد يحميها، وصديقة لها أيضا يعاملها الأهالي بقسوة رغم أنها من أهل القرية لكن بسبب هجر زوجها لها وموت طفلها نتيجة حادثة سيئة جعلها عرضة للاضطهاد والمعاملة السيئة أيضا، حتى أن صديقهم الثالث الذي يدعمهما ويحاول الوقوف بجوارهما باعتبارهما امرأتان مضطهدتان يتم أيضا التعامل معه بلؤم.
استغلال الدين..
كما تسلط الرواية الضوء على رجل الدين الفاسد الذي يستغل سلطته الدينية لكي يحقق رغباته الشخصية، فرجل الدين في القرية يحاول التقرب من زينب السيدة التي مات عنها زوجها وهي غريبة عن القرية، وحيت ترفض تقربه منها، ورغبته في ممارسة الرزيلة معها يؤلب عليها أهل القرية ويتهمها باتهامات شنيعة، ويحاولون جميعا الاعتداء عليها جسديا وضربها وطردها من بيتها.
وترصد الرواية كيف أن هؤلاء الأهالي الذين يستجيبون لرجل الدين الفاسد يتمتعون هم أيضا بقسوة مفرطة. فسيدة عجوز تستبد بها القسوة إلى حد تعذيب حفيدتها الصغيرة فقط لأنها أنثى، كما أنها تعامل زوجة ابنها بقسوة مفرطة.
كل تلك الممارسات ليست غريبة على مجتمعاتنا، أن يتم اضطهاد الأنثى منذ نعومة أظافرها وطوال حياتها، تتعرض للتعذيب البدني وللإهانات والقسوة اللفظية، ولأنواع مختلفة من المعاملة القاسية واللاإنسانية.
حياة جديدة..
رغم بشاعة ما ترصده الرواية من قهر وسحق للأنثى منذ الطفولة وحتى باقي العمر، إلا أن الرواية لا تقدم ذلك الجانب فقط، وإنما تطرح فكرة وجود فرصة أخرى تستطيع من خلالها المرأة أن تعيش حياة عادلة وجميلة، وذلك من خلال البطلة التي تلتقي برجل آخر يعاملها بود ومحبة واهتمام وتسامح، ويكون على استعداد أن يتعامل بمساواة ومراعاة في علاقة الحب والزواج، وكأن الرواية أحبت أن تعطي بارقة أمل في ظل أوضاع بائسة للنساء، مؤكدة أن هناك دوما مخارج وآفاق مفتوحة للعيش بسلام ومحبة. حيث تنتهي الرواية نهاية سعيدة بزواج مريم واستقرارها في علاقة حب وزواج سوية.