16 نوفمبر، 2024 10:29 م
Search
Close this search box.

رواية رحلة هيغي.. العودة الى حميمية التواصل الإنساني 

رواية رحلة هيغي.. العودة الى حميمية التواصل الإنساني 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “رحلة هيغي” للكاتبة “روزي بلاك” تحكي عن قصة حب تنشأ من اختلاف كبير بين الطرفين، حيث يستجيب الشاب الى أسلوب حياة الفتاة وينجذب اليها.

الشخصيات..

كلارا: البطلة، شابة من الدنمارك، تعيش حياة الترحال وتتنقل بين القرى في لندن، تزور إحدى القرى وتحب أن تظل باقية لفترة بعد أن أحست بأزمة إحدى السيدات، ومن هنا تبدأ الحكاية.

جو: البطل، شاب بريطاني يعمل في إحدى الشركات الكبرى، يصرف أيامه في العمل ويسبب له ذلك التوتر الكبير لأن العمل في هذه الشركة مجهد ويتطلب صرف معظم ساعات يومه، وبذل أقصى ما يستطيع من مجهود. كما أنه ينطوي على مخاوف من المنافسة بين زملاء العمل ومن وشايتهم ومن الصراعات الكثيرة. ثم يجد السكينة حين يقترب من “كلارا” ويقرر أن يغير حياته.

لويزا: سيدة تعاني من الشعور دوما بعدم الراحة، وتتحقق راحتها في التنقل بين المدن والبلدان، هجرها زوجها في فترة شبابها وترك لها ابنا وحيدا، تولت رعايته وتربيته، لكن تأثرت بهجر زوجها لها كان كبيرا فأصبحت تتنقل ما بين البلدان وما بين الرغبة في تجربة الأشياء الجديدة، خاصة وأن ابنها “جو” أيضا انشد لأسلوب الحياة السريع وانخرط في العمل المضني. وهي تدير محل لبيع لعب الأطفال في القرية التي ذهبت إليها “كلارا”.

غافن: رجل خمسيني يدير بار في نفس القرية، ويحب “لويزا” وفي النهاية يقرران العيش سويا.

الراوي..

الراوي عليم يحكي بضمير الغائب، ويركز على مشاعر “كلارا وجو” وعلى أحداث حياتهما، لكنه يحكي عن الشخصيات الأخرى “غافن ولويزا” من خلال الرسائل المتبادلة بينهما على الهاتف.

السرد..

الرواية تهتم برحلة “كلارا” داخل تلك القرية التي جاءت لزيارتها، وكيف أنها أحبت أن تقدم المساعدة ونجحت في كسب ثقة الجميع، وفازت أيضا بعلاقة حب مع “جو” لتعيش في القرية بعد ذلك. حيث جاءت نهاية الرواية سعيدة.

توحش الرأسمالية..

رغم أن الرواية تقدم قصة حب وتحاول أن تبين مدى الاختلافات بين الطرفين حتى اجتمعا في النهاية، إلا أنها وبشكل غير مباشر تعكس توحش الرأسمالية في إحدى معاقل الرأسمالية العالمية، بريطانيا، حيث يعيش “جو” الذي وجد لنفسه ابن لأم عزباء تعيش بفردها وتربيه، وعاني من هجر الأب وإحساسه بالحرمان منه، وكان أيضا يرغب في أن يكون نسخة من والده الرجل الناجح في عمله. فبعد أن عاش مع أمه في إحدى قرى لندن البسيطة يقرر أن يذهب إلى العاصمة ليعمل بإحدى الشركات الكبيرة، ليدخل في إطار المنافسة الشرسة.

وتصور الرواية بالتفصيل الدقيق كيف يعاني “جو” حيث إنه عبد العصر الحديث، فلا يمتلك ساعات يومه، فهو ملك للشركة التي يعمل بها لابد وأن يكرس ساعات يومه لأمور العمل ويتابع الفريق الذي يعمل معه، ويعقد الصفقات الناجحة ويحقق أرباحا هائلة. وهو مجبر على عيش هذا النمط من الحياة والذي يؤثر على صحته النفسية والجسدية، حتى أنه لا يتوقف عن احتساء القهوة بكميات كبيرة والأدوية المنبهة. وإن تباطأ قليلا في عمله أو انشغل بأية أمور حياتية فإن مصيرة الوشاية من أحد زملائه ومعاقبة الشركة له.

وهذا ما حدث مع صديق ل”جو” انشغل بولادة طفله الذي انتظره طويلا، مما سبب له مشكلة في العمل حتى أنه أصبح مهددا بفقدان وظيفته، لأنه لا يحقق المعيار المطلوب من الأرباح للشركة. وكل هذا يعكس توحش الرأسمالية التي تستعبد الأفراد داخل الشركات والمؤسسات الكبرى.

وقد سلطت الرواية الضوء على مساوئ ذلك من خلال “كلارا” التي انخرطت هي أيضا في هذا النوع من العمل، حيث كانت تعمل في مجال البورصة وهذا العمل الذي يأكل وقتها وحياتها أثر على اهتمامها بأمها التي تعيش في الدنمارك، واكتشفت بعد فوات الأوان أن أمها كانت تعاني من مرض السرطان، وماتت دون أن يتسنى ل”كلارا” توديعها كما ينبغي، وهذا حمل “كلارا” شعورا هائلا بالذنب تجاه والدتها وجعلها تتغير تماما، حتى أنها تركت هذا العمل القاسي وأصبحت تتجول في المدن والقري البريطانية.

هيغي..

تحكي الرواية على أسلوب حياة لطيف يعتمد على الاستمتاع بالحياة وبكل اللحظات، والاستمتاع بكل تفاصيل الطبيعة والحياة، وهذا ما قامت به “كلارا” منذ تواجدها في القرية، حاولت الاستمتاع بكل التفاصيل لأقصى ما استطاعت، حتى أنها عندما كانت تشعر بالإرهاق الشديد من عملها في متجر “لويزا” كانت التمشية وسط الطبيعة الخضراء وتنسم الهواء ومشاهدة الشمس وباقي مفردات الطبيعة هي ما تريحها.

تقديم المساعدة..

استطاعت “كلارا” أن تكسب ود الجميع لأنها عرظت المساعدة على “لويزا” حين شعرت أنها تعاني، فقد أحست “لويزا” باليأس حينما أصبح محلها غير مطروق من قبل الزبائن، بسبب التغييرات التكنولوجية الهائلة التي جعلت التسوق على الانترنت أسهل على كثير من الناس، مما أثر على المحال التي تدير الأمور بالطرق القديمة.

وقد أحبت “كلارا” أن تساعد “لويزا” فطلبت منها أن تدير محلها في فترة سفرها وأن تبقى في شقتها، واستطاعت أن تدخل “كلارا” لمسة سحرية على الفوضى التي تعيش فيها “لويزا”، فقد نظمت شقتها التي تعاني من فوضى مزمنة، ورتبت محل الألعاب وقامت بعمل تسويق للألعاب يقوم على فكرة التشويق للأطفال وجذبهم، كما وفرت مكانا للاستراحة ولتلوين الألعاب.

وكأن الكاتبة تشكو من التطور التكنولوجي الهائل الذي أثر على التواصل بين البشر، وأحبت ن تقدم حلول تتمثل في العودة إلى نمط الحياة القديم والحميمي، الذي يعتمد على التواصل بين الناس، وبالفعل نجحت “كلارا” في أن تجذب الناس إلى المحل والاستمتاع بلحظات تواصل بين الأطفال وبين أهاليهم واحتساء القهوة واللعب. كما أثرت على “جو” الذي شعر بأن نمط حياته مؤذي وقرر أن ينساق إلى طريقتها الساحرة في عيش الحياة وقرر أن يرتبط بها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة