19 ديسمبر، 2024 12:55 ص

رواية “رحلة مليون شلن خمسين دولار”.. انتهاك النساء وقت الحروب

رواية “رحلة مليون شلن خمسين دولار”.. انتهاك النساء وقت الحروب

خاص: إعداد- سماح عادل

رواية “رحلة المليون شلن” للكاتبة اليمنية “ليلي السياغي” تحكي عن الحرب والصراعات التي عانت منها الصومال، من خلال قصة فتاة جميلة وتداعيات الحرب  والاقتتال الأهلي عليها..

الشخصيات..

رحمة: فتاة انهارت حياتها بعد أن هاجم مسلحين قريتهم وقتلوا كل من فيها، لم ينجو فقط إلا من كان خارج القرية في ذلك الوقت ونجت هي، وبسبب الحرب الأهلية والصراعات في الصومال تحولت حياتها إلي جحيم لا ينتهي.

ار: شاب قابلته في الخيمة عندما باعها أحد المسلحين، أحبها وكان يهتم بها لكنه لم يستطع أن يمنع عنها الأذى، ولا أن يمنع الأذى عن نفسه .

الشيخ: رجل غني مشهور في بلدته أنه رجل فاضل يهدي الناس إلي الدين والخير، لكنه في الخفاء لا يسعي إلا لشهواته وأيضا يدير أعمال مشبوهة وراء يافطة التدين.

المرأة العجوز: امرأة تدير منزلها في بيع الجسد، توشم الفتيات بوشم وردة في رقبتهن وتجبرهن أحيانا علي القيام بهذه المهنة، تساعدها ظروف المنطقة المتقلبة والساخنة في رفد أعمالها بمزيد من الفتيات اللاتي يقعن ضحايا. وهناك شخصيات أخري تلتقي بهم “رحمة” في رحلتها المعذبة.

الراوي..

الراوي عليم، يحكي الرواية من البداية ويهتم بالحكي عن الشخصية الأساسية “رحمة” ويحكي الراوي ما تفكر فيه وما تشعر به وما تلاقيه من أحداث صعبة، ويحكي عن باقي الشخصيات من خلال تعاملهم وتقاطعهم مع “رحمة”، ولا يحكي عن ما يفكرون به أو يشعرون به إلا من خلال ما يقولونه ل”رحمة”.

السرد..

تقع الرواية في حوالي 246 صفحة من القطع المتوسط، تبدأ الحكي عن كاتبة الرواية في تمهيد، ثم تبدأ حكاية “رحمة” منذ أن كانت طفلة ومن بداية حدوث مأساتها الحياتية، وهي مقتل أهلها وبقاءها وحيدة في عالم مليء بالصراعات والحروب، وتحكي الرواية حياة “رحمة” لكن ليس في خط تصاعدي، بل يحاول الراوي تقطيع الأحداث والحكي عن أحداث متقدمة ثم العودة إلي أحداث أسبق في الزمن. لكنه في النهاية يستسلم للحكي المتصاعد عن حياة “رحمة” وتطوراتها، ويعطي الراوي نهاية مفتوحة لقصة “رحمة” كرمز عن أن مأساتها لن تنته إلا بنهاية الحروب والصراعات التي تمزق المنطقة وتمزق دولة إفريقية هامة مثل الصومال.

انتهاك النساء وقت الحروب..

أهم فكرة تتناولها الرواية هي أن النساء هن من يحظين بالنصيب الأكبر من الانتهاك والوحشية التي تتسبب فيها الحروب والصراعات التي تحدث أثناء سعي الرجل الأبيض لنهب ثروات العالم بشكل عام، وبلدان إفريقيا والصومال بشكل خاص. ومن خلال حكاية “رحمة” نعايش ذلك الانتهاك في أبشع صوره، فتاة جميلة ورثت عينين زرقاوين من جد بعيد، ربما تكون جينات وصلت لها نتيجة الاحتلال لبلدها، هاتان العينان كانتا لعنتها التي لاحقتها طوال حياتها، حتى أن الجدة التي رعتها بعد مقتل أهلها تخبرها أن تلك العينين كانت نظير شؤم علي القرية وأهلها.

بسبب جمالها وغرابة شكل عينيها علي بشرة سمراء إفريقية كان الرجال ينجذبون إليها بشكل كبير، مما جعلها مطمعا منذ أن كانت طفلة، فقد أسرها أحد المسلحين وباعها إلي العم صالح وهي بعد طفلة صغيرة لا تعي شيئا، بعد أن فقدت جميع أهلها وكانت ترعاها جارة عجوز، هذا البيع هو ما سيحدد شكل حياتها فيما بعد، فسوف يتم التحرش بها وانتهاك جسدها واغتصابها بوحشية وبيعها للرجال بأثمان رخيصة.

كل ذلك وهي لا تقوي علي فعل أي شيء لتحمي نفسها، ثم بعد أن تغادر بلدها التي تشتعل بالحروب والمجرمين الذين يبيعون كل شيء لا تجد الأمان في تلك البلد التي هربت إليها سعيا للراحة، رغم أن هروبها نفسه كان دون قرار منها وإنما باعها العم صالح لأحد المهربين الذي رآها صفقة رابحة.

استمرت تفاصيل حياتها المأساوية، وحين تتخيل أنها وجدت النجاة تكتشف أنها ماهي إلا مرحلة جديدة من مراحل استغلال جسدها كأنثى جميلة والتعامل مع جسدها كآلة لجلب المتعة. ونتعرف من خلال حكاية “رحمة” أن النساء هن من يعانين بشكل مضاعف في أوقات الاضطرابات .

وصمة لا تنمحي..

رغم أن “رحمة” أجبرت علي كل ما حدث لها حتي وصل بها الأمر أن تعمل في مهنة بيع الجسد، ويتم وشمها علي رقبتها بوشم يعد علامة عن بائعات الجسد، إلا أنها حاولت الهروب من ذلك المصير وكانت تكرهه، وحاولت أن تعمل في أعمال أخري لكي تستطيع أن تعيش، فعملت في التسول وهربت من المكان التي عرفت فيه كبائعة جسد، وحين التقت ب”ار” تخيلت أن الحياة قد صالحتها أخيرا، وأنها بعثت إليها بالرجل الذي أحبها وعاملها بحنان وود، لكنه سرعان ما يكتشف حقيقتها ويرفض الاستمرار معها والزواج منها، مكرسا للوصمة التي وصمت بها وكأنها هي من اختارت ذلك الطريق. فتظلم بكل الطرق والأشكال، حتى عندما ذهبت لتعمل خادمة لا حقتها اللعنة هناك وعاملها أهل الدار الأغنياء بكل ازدراء واحتقار.

قهر النساء..

تناولت الرواية أساليب أخري تقهر بيها النساء في حياتهن، منها الختان الذي يسبب لها الألم الجسدي طوال حياتها، والذي قد يتسبب في مقتل كثير من الفتيات وفقدانهن لحياتهن من الأساس، كما تناولت أقنعة التدين التي يلبسها بعض الشيوخ ويتخفوا وراءها لكي يشبعوا شهواتهم ويتلذذوا بكل ما هو متاح في الحياة.

رصدت الرواية بشكل دقيق كيف يتم التعامل مع ضاحايا الحرب في الصومال، وكيف يتم التعامل مع من يهربون، وكيف تعاملهم المؤسسات التي تقول أنها تهتم بشئون اللاجئين، فهم جرد أرقام ولا يقدمون لهم حلولا حقيقية لمشاكلهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة