11 يناير، 2025 10:53 ص

رواية “حنظلة”.. فظاعة السجون داخل الكيان الصهيوني والمعاملة الوحشية فيها

رواية “حنظلة”.. فظاعة السجون داخل الكيان الصهيوني والمعاملة الوحشية فيها

 

خاص: قراءة – سماح عادل

رواية “حنظلة” للروائية الأردنية “بديعة النعيمي” والصادرة حديثا عن دار “فضاءات” الأردنية،  تحكي عن المعاملة القاسية والوحشية التي يتلقاها المساجين في سجون الكيان الصهيوني، وتحكي عن ممارسات الكيان الصهيوني قبل احتلال فلسطين وبعده.

الشخصيات..

حنظلة: هو البطل، وهو يدرس الهندسة النووية في أمريكا، ويكتشف أن الكيان الصهيوني له أياديه في كل مكان، وأنهم يراقبون ويحاصرون كل ما يهدد كيانهم الاستيطاني، ولا يتورعون عن التخلص منه وتصفيته.

حياة: أم “حنظلة”، كانت من أحد الثوريات اللاتي يعملن لصالح الثورة الفلسطينية، وتم القبض عليها بسبب وشاية أحد العملاء الصهاينة الذي تم زرعه في صفوفهم، وقد سجنت طويلا وتعرضت لأنواع تعذيب وحشية، وانتهى الأمر بإصابتها بالسرطان وموتها في السجن.

مارتن: أحد الأمريكان من أصل إفريقي، وهو صديق ل”حنظلة” ويساعده ويدعمه ويساعده في النهاية على الهروب من أمريكا، لأن والده كان مطلع على تاريخ احتلال فلسطين وكان ضد الكيان الصهيوني.

تحكي حياة عن شخصيات أخرى مثل “مقبولة”، فتاة بدوية فقيرة كانت تعيش في قرية ولا علاقة لها بالثورة والثوار لكن يقبض عليها وتحتجز في السجن، ويستغلها المحقق لكي يجبر “حياة” على الاعتراف بعملها الثوري والذي يسميه الصهاينة تخريبي وإرهابي.

وشخصية “دلال” تلك المرأة التي تقوي وتدعم السجينات وترفع من وعيهم الثوري لكي تبث فيهم القوة النفسية وتحميهم من الانهيار.

الراوي..

الراوي هو راو عليم، يحكي عن “حنظلة” وبصوته ووجهة نظره في البداية وعن شعوره بالضياع والوحدة في أمريكا وخاصة مدينة نيويورك، ثم يحكي عن “حياة” ووجهة نظرها ورؤيتها مطولا من خلال خطاباتها التي كانت ترسلها لزوجها “ناجي”، ويحكي الراوي عن شخصيات النساء الأخريات من خلال عيون “حياة” ورؤيتها. ونتعرف من خلال تلك الخطابات على تفاصيل المعاملة داخل السجون، ثم يعود الحكي عن “حنظلة” واستهدافه من قبل الصهاينة وهروبه ورجوعه إلى فلسطين.

السرد..

الرواية تقع في حوالي 190 صفحة من القطع المتوسط، السرد محكم البناء، يعتمد على لغة عذبة أقرب إلى الشعرية، ويعتمد على كشف حقائق تاريخية في ثنايا السرد، يبدأ الحكي في الوقت الحاضر لحياة “حنظلة”، ثم عودة إلى الماضي وقت أن كانت “حياة” أسيرة داخل أحد السجون الخاصة بالكيان الصهيوني ويتتبعها ويتتبع اعترافاتها وحكاياتها وطرقها في التخلص من الجحيم داخل السجن، ثم عودة ل”حنظلة” وعودته لفلسطين ثم تنتهي الرواية نهاية تخيلية، وهي أن الكيان الصهيوني سيتم القضاء عليه وهي نهاية إيجابية وحلم للفلسطينيين.

وحشية الأسر..

الرواية بارعة في الحكي، ترصد بالتفاصيل السجن الذي تقطن فيه “حياة” وكيف أنه يخلو من أية مقومات إنسانية، فالمياه تقطع عمدا والمكان ضيق لا يكفي السجينات وغير مجهز وغير نظيف، وتحكي كيف يتعمد الصهاينة حبس الثوار أو من يشكون فيه وحتى الأبرياء في سجون غير إنسانية وتفتقد لأبسط الشروط الإنسانية التي تقرها منظمات حقوق الإنسان التي هي من صنع أمريكا والدول الغربية.

وكيف أنهم رفضوا قتل الثوار ومن يقاومون احتلالهم حتى لا يجعلوا منهم أبطالا، وكان الحل بالنسبة لهم حبسهم كمساجين وتصنيفهم كمخربين وإرهابيين وحتى لا يعطونهم صفة المساجين السياسيين، واستتبع ذلك أن يسجنوهم فترات طويلة في سجون بشعة ويعاملونهم معاملة قاسية ويعرضونهم للتعذيب، دون مراقبة أو إشراف من المنظمات الدولية أو مراقبة متواطئة.

وتكشف الرواية كيف أن الصهاينة يسعون إلى تكسير إرادة السجناء والثوار، ودفعهم إلى الانهيار النفسي والعصبي، والشعور بالعدمية والخواء مما يؤدي إلى انتحار أعداد كبيرة منهم وبذلك يتخلصون منهم دون شبه قتل متعمد، وكيف أنهم يعرضون السجين لجلسات تحقيق كثيرة وطويلة يعذبونه فيها ويحاولون بشتى الطرق تحطيمه نفسيا، ويغتصبون النساء، ويعرونهن ويعرضونهن لمواقف رعب كبيرة ويحبسونهن في زنازين انفرادية وقت طويل.

الصمود من رحم الانهيار..

لكن مع ذلك وجدت “دلال” وهي إحدى السجينات التي ساعدت زميلاتها على الصمود وكانت تمثل الدعم النفسي بالنسبة لهن، فكانت تحاول تثقفيهن وتعريفهم ورفع وعيهن بالثورة وأهدافها وأحلامها حتى لا يفقدن الأمل ويتسلل الإحباط إلى نفوسهن، وبالفعل نجحت في ذلك واستطاعت أن تقويهن، إلا من كانت معاملة المحققين قد تمكنت منهن بالفعل.

كما حكت الرواية عن حرمان السجناء من الكتب إلا الكتب العدمية والتي تتناول موضوعات تساهم في تحطيمهم، والتساؤل كيف تصمت المنظمات الدولية والتي تدعي دفاعها عن حقوق الإنسان عن كل تلك الانتهاكات.

كما حكت الرواية عن وجود أذرع كثيرة للكيان الصهيوني في الدول وخاصة أمريكا والدول الغربية، وكيف أنهم يراقبون من يخافون منه، وكان “حنظلة” بالنسبة لهم أحد هؤلاء حيث أنه فلسطيني وأيضا يدرس الهندسة النووية حيث لا يسمح الكيان الصهيوني لأحد من أعدائه- كما يتخيل ويدعي- بأن يتقدموا أو يحرزوا تقدما علميا أو اجتماعيا أو اقتصاديا ويخربون كل محاولات التقدم ويجهضونها ويغتالون الأفراد الذين يتعلمون ويتفوقون في العلم والأمثلة على ذلك كثيرة.

التخطيط للاحتلال..

كما كشفت الرواية عن أمور وحقائق أخرى منذ بداية احتلال فلسطين، وكيف أن العصابات الصهيونية كانت تقوم بعمل تفجيرات ومذابح وقتل واغتيالات لكي تحقق حلم دولتهم الزائف، وأنهم سعوا إلى احتلال فلسطين قبل وقت طويل وخططوا لذلك سنوات طوال. وكيف تم تهجير الفلسطينيين من بيوتهم خاصة في منطقة القدس وبناء المستوطنات على أراضيهم المسلوبة والمنهوبة، وأهمية بناء المستوطنات بالنسبة للكيان ووجوده وبقاءه، وعن مدى رعبهم رغم ذلك من أي حركة مقاومة لذا ينشرون عيونهم في كل مكان حتى في القرى والمناطق الفقيرة.

وأبسط مثال على ذلك وجود جواسيس في قرية “مقبولة” الفقيرة وهو بائع يهودي متجول كان يغوي النساء ويعاشرهن ويأخذ منهم المعلومات حول ما يقوم به الناس، لذا كان يتم القبض على أناس من تلك القرية بدعوى مساعدتهم للثوار مثلما حدث مع “مقبولة”.

كما حكت الرواية عن الاختراقات داخل صفوف الثوار والتي للأسف تأتي من فلسطينيين مثلهم وعرب، يكتشف فيما بعد أنهم عملاء للصهاينة أو أنهم يهود عرب يسعون إلى الارتقاء واكتساب مكانة داخل الكيان بتجسسهم أو حتى يسعون وراء حفنة من أموال.

كما كشفت الرواية عن إدعاء بعض العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل الكيان إدعاءهم أنهم يهود وتغيير أسماءهم حتى لا يتعرضوا لاضطهاد كونهم فلسطينيين، حيث أصبح الفلسطينيين بعد الاحتلال مواطنين من درجة أدنى بالنسبة للمستوطنين والغرباء الذي امتلكوا الأراضي والوطن.

لكن كقارئة شعرت ببعض المبالغة حين نسبت الرواية كل الشرور لليهود على مر التاريخ، وأنهم المسئولون عن كل الصراعات والحروب والمذابح على مر التاريخ في العال،م حتى نسبت الرواية لهم قيام الثورة الفرنسية وحتى الثورة الشيوعية واعتبارهما مؤامرتين من مؤامرات كثيرة لليهود،  واصفة اليهود بأنهم أصحاب أموال مما جعل لهم نفوذا كبيرا على مر التاريخ في حين أن المحرك الحقيقي للتاريخ هو الصراع الطبقي وليس اليهود في حد ذاتهم كفئة خبيثة وشريرة وآثمة، وهذا لا يعني دفاعا عنهم وإنما من المبالغة نسب كل ما حدث للعالم في كل العصور إلى اليهود.

الرواية مميزة وتمتلئ بحس وطني عال ومحبة كبيرة لفلسطين التي احتلت واغتصبت قهرا وبمعونة الخونة من بعض الجيران، وحتى من بعض الفلسطينيين أنفسهم من القادة والطامعين والذين فضلوا الأموال والمصالح على الأرض والوطن.

الكاتبة..

“بديعة النعيمي” كاتبة أردنية حاصلة على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا. أصدرت روايات ( فراشات شرانقها الموت- مزاد علني- عندما تزهر البنادق – حنظلة).

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة