19 ديسمبر، 2024 6:18 م

رواية “جناح النساء”.. الحب يجعل الروح تصفو

رواية “جناح النساء”.. الحب يجعل الروح تصفو

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “جناح النساء” للكاتبة الأمريكية “بيرل باك” تحكي عن المجتمع الصيني وبالتحديد عن طبقة الأغنياء، عن امرأة تنتمي لطبقة الأغنياء وتختلف عن باقي النساء في تلك الطبقة، لكن الكاتبة لم تتحرر من نظرتها الغربية للأمور وهي تكتب عن امرأة صينية ومجتمع صيني.
الشخصيات..
البطلة: امرأة بلغت الأربعين من عمرها للتو، وحين وصلت إليها تحولت تماما، وقررت قرارات مصيرية في حياتها، هذه القرارات قوبلت باندهاش في البداية من عائلتها لكنها مع الوقت حازت القبول، ثم تحولت شخصية البطلة نفسها لتصبح شخصية مرهفة الحس صافية الروح.
الزوج: رجل مرفه من طبقة الأغنياء، نتيجة لتربيته المدللة من قبل أمه أصبح لا يتحمل المسؤولية ويميل إلي إتباع شخصية الزوجة مع قوة شخصيتها وذكائها، وفي النهاية يحب فتاة ممن تعيش في بيوت الزهور ويستمتع بالحياة الهادئة بجوارها.
الأبناء: لدي البطلة أربعة أبناء من الذكور، تظل مهتمة بهم وبشؤونهم، يختلف كل واحد منهم عن الآخر فهناك المطيع الراضي بحياة طبقته فاحشة الثراء، وسعيد مع زوجته وكل أهدافه في الحياة إدارة أعمال العائلة والإنجاب والعيش بسلام، وهناك الذي يظهر تمردا لكنه مع ذلك لا يستطيع عيش حياة زوجية سعيدة لأن زوجته تتعامل معه بندية وتوجس، وهناك من يريد السفر ورؤية العالم وتغيير نمط حياته المحكوم عليه أن يعيشه من قبل عائلة عريقة الأصول .
الراوي..
الراوي عليم، لكنه يحكي بالأساس عن البطلة وكل الحكي يدور من وجهة نظرها وبرؤيتها وتعاملها مع باقي الشخصيات ونظرتها للشخصيات الأخرى، لذا نجد أن الراوي اهتم بنقل مشاعر وأحاسيس البطلة ولم يهتم بنقل مشاعر وأحاسيس باقي الأبطال إلا في تعاملهم مع البطلة ومن خلال الحوار الذي يدور بين الشخصيات.
السرد..
الرواية تركز بالأساس علي امرأة أربعينية وتحولات مشاعرها وشخصيتها وروحها، وتتغير تلك المرأة وتصبح أكثر وعيا من وجهة نظر الكاتبة الأمريكية.
سن الأربعين وتأثيره علي النساء..
أهم ما تبدأ الرواية في مناقشته بلوغ المرأة سن الأربعين، وتأثير ذلك عليها، حيث أدت ما عليها من مهام يفرضها المجتمع الصيني، أنجبت الأطفال علي قدر ما تستطيع، وأمتعت زوجها، وكانت له الزوجة الجميلة الممتعة التي تمنحه اللذة والتي تتفنن في تزيين نفسها بالعطور والروائح والحلي والملابس، كما بالنسبة للطبقة التي تنتمي لها البطلة. كانت خير سيدة تدير منزل كبير لعائلة كبيرة، فترعي شؤون ومصالح العائلة منزل مليء بالأبناء والأحفاد والأقارب والخدم، تراقب الحسابات وتشرف علي أعمال الزراعة والتجارة وكل ثروة العائلة، وتوجه الأبناء وتختار لهم الزوجات وترعاهم حتى بعد تزويجهم في نفس المنزل، وتترأس الاحتفالات والمناسبات التي تقام في المنزل.
لكن بعد أن أتمت البطلة سن الأربعين تقرر أن ترتاح أخيرا من مهام الزوجة المانحة للذة وأن تتخفف من مهام ربة المنزل، وأن تعطي لنفسها وقتا للاستمتاع بحياتها وبهدوء العزلة. فتنقل مكان نومها إلي جناح أبو زوجها الراحل، وتهجر فراش زوجها بل وتختار له محظية، فتاة فقيرة من الريف لا أهل لها، وتجبر الفتاة والزوج علي إقامة علاقة متعة فقط لترتاح من دور الزوجة الذي كرهته لأنها لم تكن تحب زوجها وكانت تعي ذلك تماما.
وعدم حبها لزوجها هو ما جعلها تتخذ قرار الانفصال عنه وهما يعيشان في نفس المنزل. وينصاع الزوج والأبناء لهذا القرار الغريب، مما يدل علي قوة شخصية البطلة ومدي نفوذها في إدارة البيت والعائلة.
تحولات..
كل تلك التحولات وإصرار البطلة قوبل بالطاعة من قبل الزوج والأبناء، لكنها هي أيضا لم تكن أما متسلطة بل بالعكس حاولت علي قدر ما تستطيع أن تسعد أبناءه، فحاولت حل مشكلة ابنها الثاني الذي تزوج بفتاة تكبره في العمر، وهي فتاة متمردة تتبع النمط الغربي في التفكير، وتريد أن تكون قوية في علاقة الحب مما سبب خلافات قاسية بينها وبين زوجها وصلت إلي مرحلة ممارسته العنف عليها. حاولت البطلة حل مشكلة هذه العلاقة المعقدة بمساعدة ابنها وزوجته. كما حاولت مساعدة الابن الثالث الذي لم يكن راضيا أبدا عن البقاء في الصين ويريد السفر حول العالم، ووافقت علي طلبه بعد أن أحضرت له راهبا ليعلمه اللغة الانجليزية، ويعلمه أشياء كثيرة..
الحب يجعل الروح تصفو..
عندما أحبت البطلة الراهب، وحدث ذلك دون أن تشعر، بدأت روحها تصفو وبدأت تتضح أمورا كثيرة لها، وتري العالم من حولها بشكل مختلف، بل حتى أدائها في الحياة اختلف. لكن للاسف الكاتبة جعلت البطلة تكتشف هذا الحب بعد قتل الراهب، ربما لأن الكاتبة نفسها محافظة تري الحب علاقة روحية وأرادت أن تصوره بهذا الشكل علاقة روحية لا علاقة جسدية روحية قائمة بين رجل وامرأة.
لذا ظلت البطلة تحب البطل كروح وتشعر أنه يحوم حولها، التغييرات التي طالتها كثيرة أصبحت تراعي من حولها إنسانيا وتقدر مشاعرهم وأحاسيسهم حتى زوجها الذي لا تحبه والفتاة التي أجبرتها علي أن تكون محظية له، وتركته يختار فتاة أخري شعر بالحب نحوها. كما ساعدت باقي الأبناء وحتى صديقتها المقربة، وساعدت الأطفال المشردين الذي كان الرهب يرعاهم ويعولهم.
العيب في الرواية بالنسبة لي كقارئة أني شعرت أن البطلة تسقط أفكارها كأمريكية لها خلفية دينية علي البطلة الصينية التي تختلف خلفيتها اختلاف كلي عنها، وتختلف أيضا تصوراتها عن الأمور ونمط حياتها، بل ومبادئها وأولوياتها في الحياة، أحسست أن الكاتبة جعلت من البطلة نسخة منها، حينما غيرت شخصيتها وكانت تلك الرؤية الجديدة هي الأفضل من نمط العيش الذي كانت تعيشه المرأة الصينية، من وجهة نظر الكاتبة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة