8 مايو، 2024 11:52 م
Search
Close this search box.

رواية تسارع الخطى.. انسحاق المثقف واغترابه في مجتمع متفسخ

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “تسارع الخطى” للكاتب العراقي “أحمد خلف” ترصد البطل الضد الذي يعاني وطأة ظروف قاهرة.

الشخصيات..

عبد الله: البطل، كاتب وممثل مسرحي، ربما قصد الكاتب إعطائه اسما رمزيا، يعمل في المسرح الوطني وقد تجاوز الأربعين، لكنه رغم ذلك لم يستطع الحصول على الدور الذي يريده، تلك الأدوار العظيمة التي تجعل وجهة ينحفر في أذهان الناس، كما أنه يحلم طوال حياته بكتابة نص مسرحي كبير، لكنه لم يكتب فعليا أي شيء، تظل تدور الأحلام داخل ذهنه حتى أثناء الأوقات الاستثنائية والكارثية. هو بطل ضد، لا يستطيع مقاومة ما يحدث له من ظلم في عمله، ولا يستطيع تغيير وضعه البائس، يعيش في حي شعبي مع والده ووالدته وباقي العائلة، وهو من يعولهم براتبه الضئيل الذي يكفي بالكاد، مع معاش تقاعد والده العجوز. يتعرض للاختطاف وينجو منه، لكنه لا ينجو أبدا من ظروف مجتمعه البائسة.

أم أسماء: أخت البطل، تكبره بعدة أعوام، مات زوجها بتفجير في مقهى في العامرية وتحول لأشلاء، ومن وقتها قررت ألا تعاشر رجلا آخر، وتفرغت لتربية أبناءها وتعليمهم بصلابة وقوة، تعمل معلمة وتحرص على تعليم ابنائها جميعا، وتعيش في حي شعبي.

أسماء: ابنة أخت البطل، شابة في الجامعة، تحب زميل لها، وتتعلق به رغم ما يبدو منه من معاملة جافة، يتعامل معها ذلك الشاب بدناءه ويفقدها عذريتها، ويتنصل من الزواج منها، وتلجأ حين ذلك إلى خالها “عبد الله” الذي لا يعرف ماذا يفعل.

رياض الأميري: الشاب الذي تعامل بشكل سيء مع “أسماء”، ابن تاجر، شاب متعالي ومغرور، وهو الذي دبر أمر اختطاف “عبد الله” فيما بعد، لكي يتخلص من ضغط “أسماء” عليه ومن مقابلة “عبد الله” التي حددت موعدها ليجبره على الزواج منها.

أم فيصل: سيدة تدير جزء من منزلها لاستقبال الشباب في مواعيد حميمة، أشبه بقوادة، فهي حين تكتشف أن الفتاة قد فقدت عذريتها تعاملها بقسوة تجنبا للمشاكل، وهي متورطة في عملية اختطاف “عبد الله” هي والرجال الذين يعملون معها.

أبو العز: صديق ل”عبد الله” منذ أيام الشباب والدراسة، صديقه المقرب ويعمل معه أيضا في المسرح وسوف يساعده دوما، يعيش “أبو العز” مع عائلته أيضا، مع والده الضرير الذي فقد بصره في قصف أحد المصانع، ووالدته العجوز، وأخته رقية وأولادها

هاشم دقله: جار ل”عبد الله”، يشاركه الشراب، يعمل بمهن يدوية ولا يستطيع القراءة والكتابة، لكنه يعد نديما جديا ل”عبد الله”.

الراوي..

الراوي عليم، يبدأ الحكي عن “عبد الله” وعن دواخله وانفعالاته المتلاحقة، وما يجري له من اختطاف وهروب، ويرصد الحوار الداخلي ل”عبد الله” بدقة، ثم ينتقل للحكي عن “أسماء” ودواخلها أيضا، وعلاقتها ب”رياض” وما حدث لها منه، ثم يعود ل”عبد الله”، وأغلب الحكي من نصيب البطل “عبد الله” وجزء أقل ل”أسماء”، أما باقي الشخصيات فيحكي عنها الرواي من وجهة نظر “عبد الله” و”أسماء”.

السرد..

الحبكة متقنة واللغة سلسلة، والحكي يعتمد على التقطيع، فالرواية تبدأ بالبطل وهو تحت أسر المختطفين ثم هروبه، ثم تحكي عن “أسماء” في وقت سابق، ثم تعود بالزمن  وتحكي عن بداية عملية الاختطاف وكيف تمت، ثم تجري بالزمن لما بعد الهروب، ثم تنتهي بالوجود في الحانة في حكي لا يخلو من فانتازيا، لتنتهي الرواية نهاية مفتوحة، الرواية تقع في حوالي 133 صفحة من القطع المتوسط .

اغتراب المثقف وانسحاقه..

الرواية تناقش بشكل أساسي اغتراب المثقف في المجتمع العراقي الذي يعاني من كوارث متلاحقة، متمثلا في البطل “عبد الله” والذي يعد رمزا للمثقف المنسحق والمغترب في العراق،  فهو ينتمي إلى عائلة فقيرة وعمله لا يوفر له حياة كريمة، ورغم ذلك يصر على أن يقرأ ويتزود بالمعرفة والثقافة، ويملأ ذهنه بأحلام وطموحات كبيرة، ف”عبد الله” لا ينفك يفكر في مشروعات لمسرحيات جادة يحدد عناوينها وموضوعاتها طوال الوقت، يعاني من عوز وفقر وإعالة لعائلة كبيرة لكنه أبدا لا يتخلى عن حلمه في أن يصبح كاتبا كبيرا، وممثلا يؤدي أدوارا ذات معنى.

هو بطل ضد مستسلم لا يجيد المقاومة أو التحدي، يجد نفسه رغما عنه في خضم الأحداث، حيث تستنجد به أولا ابنة أخته ليحل مشكلتها التي قد تتطور وتهدد حياتها، ولا يعرف ماذا سيفعل، وهل له قوة إرغام “رياض” على الزواج منها، لكنه رغم ذلك يقرر المحاولة، ثم يتعرض للاختطاف ويعامل معاملة مهينة تجرحه من الأعماق، وينجح في الهروب بمساعدة “فاطمة”، إحدى الفتيات في المنزل الذي وجد نفسه فيه، وينجح في الهروب لكن المختطفين يصرون على ملاحقته، وعلى التنكيل به، حتى أنهم يتواطئون مع الشرطة، ويلفقون له تهم تجعله تحت طائلة القانون.

ليس “عبد الله” وحده الذي ينسحق في مجتمع متناقض، وإنما معظم الشخوص في الرواية، “أسماء” التي تداري فقرها وتحاول أن تعيش مثل الفتيات، تحب وتتزوج، وأم أسماء التي تجالد في الحياة لتربي أطفالها، و”هاشم دقلة” الذي يعاني في إيجاد الأعمال، وممثلين المسرح زملاءه الذين يعيشون حياة بائسة يحاولون تزجيتها بالخمر.

تحت رحمة اللصوص والانتهازيين..

يرصد الكاتب أيضا كيف تحول المجتمع إلى مجتمع متفسخ، يديره اللصوص والانتهازيون، بلد يمتلك ثروات لا تحصى من بترول وتمر ونخيل يجوع أبناءه ويعاني معظمهم من الفقر والعوز، وحكومات لا تحمي الناس حيث يتعرضون للاختطاف من أمام بيوتهم، وحتى بعد الهروب يتعرضون لبطش وقوة الخاطفين الذين يلاحقونهم وحتى يقاضونهم، كما يشير الكاتب إلى قضية أخرى هامة وهي إجبار الكاتب على تملق الحاكم، وعلى صنع تاريخ زائف له، لأن الحاكم يتحدر من عائلة لا تاريخ مشرف لها، ويريد صنع تاريخا مشرفا زائفا بأقلام الكتاب الموهوبين.

الكاتب..

“أحمد خلف” روائي وقاص وشاعر وصحفي عراقي، نشر أول قصة له 1966 بعنوان (وثيقة الصمت) في ملحق الجمهورية. رئيس للقسم الثقافي في التلفزيون، ومحرر ثقافي في مجلة الأقلام، وهو عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، وعضو نقابة الصحفيين العراقيين.

صدرت له مجموعة قصصية 1974 (نزهة في شوارع مهجورة)، ومجموعة قصصية 1978 بعنوان (منزل العرائس)، روايته الأولى (الخراب الجميل) صدرت في 1980، في 1984 صدرت مجموعته القصصية (القادم البعيد)، في 1986 صدر له كتاب نقدي عبارة عن مجموعة دراسات عن القصة والرواية العراقية بعنوان: دراسات نقدية.

في 1990 صدر (صراخ في علية) واحتوى على سبع قصص قصيرة مع رواية بعنوان: (نداء قديم). مجموعة قصصية (خريف البلدة) في 1995 التي فازت بجائزة الإبداع في العام نفسه، وأعيد طبع الكتاب في عمان وصدر عن دار (أزمنة) في عام 1996 بعنوان (في ظلال المشكينو)، صدرت قصص قصيرة (تيمور الحزين) في 2000، في 2001 صدر له قصص بعنوان (مطر في آخر الليل)، في 2002 صدرت روايته المعروفة (موت الأب) وقد عمل فيها قرابة الخمس سنوات، في 2005 صدرت له في دمشق رواية بعنوان (حامل الهوى)، صدرت له رواية بعنوان (محنة فينوس) 2007، في 2008 أنتخب رئيساً لنادي القصة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، في 2009 صدرت له رواية بعنوان (الحلم العظيم) في دمشق عن دار المدى، وصدر له (الرواق الطويل) كتاب في السيرة الثقافية ــ صدر عن دار المدى في عام 2012، وفي عام 2010 أنيطت بهِ رئاسة تحرير مجلة الأديب العراقي، الناطقة باسم الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب