28 نوفمبر، 2024 5:56 ص
Search
Close this search box.

رواية اللحية الأمريكية.. تفخيخ العراق بالطائفية والعنف

رواية اللحية الأمريكية.. تفخيخ العراق بالطائفية والعنف

 

خاص: قراءة – سماح عادل

رواية “اللحية الأمريكية – معزوفة سقوط بغداد” للروائي العراقي “عبد الكريم العبيدي” تحكي عن العراق ما بعد 2003، تحديدا في الفترة ما بين 2003 و2007، وعن تأثيرات الغزو الأمريكي الاستعماري للعراق، وكيف عملت أمريكا، على ما يعرف سياسيا، بالفوضى الخلاقة، وعملت على جعل العراق ساحة حرب، والرقعة التي تدور عليها لعبة الطائفية، التي استخدمتها أمريكا لتحقيق مصالحها في منطقة الشرق الأوسط.

الشخصيات:

هناك شخصية رئيسية هي شخصية الصحفي “أوس الشاهر” الذي يتصف بالعزلة، وينجو من انفجار إرهابي، ليجد نفسه عرضة لتجربة غرائبية تحكي فيها أربع أرواح، ممن ماتوا في التفجير، عن حياتهم.

الراوي..

هناك راو عليم يحكي عن “أوس الشاهر” وعن تحركاته وعن انفعالاته الداخلية واحاسيسه، وهناك أربعة رواه حيث، تحكي أربع أرواح ممن ماتوا في الانفجار عن حياتهم وعن العراق بعد الغزو الأمريكي، تحكي بضمير المتكلم.

السرد..

السرد محكم البناء، والرواية قصيرة تقع في حوالي 117 صفحة من القطع المتوسط، والسرد يعتمد على لغة مميزة لها خصوصيتها، كما يعتمد على قالب غرائبي، حيث تتحول أرواح من ماتوا في الانفجار إلى فراشات تذهب إلى البطل وتحكي عن نفسها، وعن تجاربها بعد غزو العراق، ويدور السرد حول تأثير الغزو الأمريكي على العراق في غضون أربع سنوات.

تفخيخ العراق بالطائفية والعنف..

تكمن أهمية الرواية في أنها تكشف عن جرائم أمريكا داخل العراق، حيث أنها رصدت من خلال أربع شخصيات، كيف أمعن الاحتلال الأمريكي في تخريب العراق وتفخيخه بمشاكل وأزمات لا حلول لها، وكيف نشر فوضى خلاقة مفتوحة على احتمالات لامتناهية، ومن الخراب، لتبقى العراق مسرحا لأحداث عنف وحشية، ومسرحا لخلق لعبة طائفية تبقى على منطقة الشرق الأوسط منطقة ساخنة ملتهبة بالعنف والاقتتال.

تبدأ الرواية بإعلان من مؤسسة “ايريقا” والتي تبحث عن صحفيين يوثقون لأحداث عنف تحدث في العراق، ثم يحدث انفجار أمام مقر المؤسسة، ينجو منه البطل “أوس الشاهر” في حين تزهق أرواح أخرى، ومن الدم العالق بقميصه تلجأ إليه أرواح أربع لتحكي مآسيها.

ومن خلال هذه المآسي ترصد الرواية أفعال الأمريكان في العراق منذ بداية الغزو في 2003، مشبهه الغزو الأمريكي بالغزو المغولي الذي حدث في تاريخ بغداد في الماضي، وتعامل بوحشية مع تلك المدينة العريقة ومع أهلها. حيث نجد داخل الرواية استدعاءات لأحداث تاريخية وحنين للتاريخ القديم الممتلئ بالحضارة والزهو والانتصار.

ثم تركز الرواية بشكل أساسي على ما فعله الأمريكان، فتحكي عن ترك الأمريكان أماكن هامة ومؤسسات كبيرة لنهب الناس، الذين فقدوا توازنهم بعد سنوات طويلة من الحصار ومن حكم ديكتاتور غاشم، ومن حروب قتلت أبناءهم وذويهم، ليجدوا الأرض خالية فجأة من ذلك الديكتاتور، ويجدوا فوضى كبيرة فيفقدهم ذلك توازنهم ويسعون لنهب مؤسسات الدولة التي تعذبوا تحت حكمها طويلا، وتقف القوات الأمريكية موقف المتفرج ولا تمنع الخراب، بل تقف موقف المتآمر الذي يشجع عليه، فينهب الناس المركز النووي ويسرقون موادا مشعة، مما يتسبب في انتشار كبير للأمراض بين الأهالي ويسبب كارثة بيئية خطيرة.

كما مارست القوات الأمريكية وأفرداها عنفا وحشيا، حيث كانوا يهاجمون المنازل ويقتلون الناس ويغتصبون النساء، ثم يقومون بحرق المنازل مدعين أن هؤلاء الضحايا إرهابيين، كما تم تهجير أعداد كبيرة من الناس وكان تهجير الناس على أساس طائفي، ففقد كثير من الناس منازلهم واستقرارهم، وهاجر عدد كبير إلى الخارج خوفا من العنف الذي تفشى، وانتشرت الميليشيات التي تمارس العنف تحت نظر الأمريكان وبموافقة ضمنية، وانتشر الاقتتال الطائفي وتقسمت العراق على أساس الدين أو العرق.

كما انتشر الجواسيس لمخابرات الدول الغربية ساعين إلى تغذية الفوضى الخلاقة، وفقد كثير من الناس إحساسهم بالوطن وبالأمان، وانهارت البنية التحتية وفقد الناس أساسيات حياة كريمة داخل بلادهم، إلى جانب انتشار التفجيرات التي أصبحت يومية، وتم تدعيم سلطة فاسدة على أساس طائفي، وتجمع السراق والانتهازيين ليكونوا طبقة حاكمة تابعة لأمريكا. لقد خرب الأمريكان العراق مخلفين الهزيمة في نفوس كثير من العراقيين الذين عايشوا تلك الأحداث.

عن ذلك حكت الرواية وسلطت الضوء، لكن رغم الفوضى الخلاقة، والعنف المفرط، وانتهاكات أمريكا، استطاع العراقيون أن ينهضون من رمادهم كالعنقاء حينما تحترق، وولدوا من جديد وقاموا بثورة يشهد الجميع بقوتها وصلابتها وبتميزها.

الرواية..

في العام الماضي فازت رواية “اللحية الأمريكية – معزوفة سقوط بغداد” للروائي “عبد الكريم العبيدي” من العراق بجائزة كتارا للرواية العربية الدورة الرابعة عن فئة الروايات غير المنشورة، وقد صدرت قريبا الرواية بنسختيها العربية والانكليزية. حيث أقامت مؤسسة الحي الثقافي كتارا حفل توقيع للرواية بمناسبة صدورها في العاصمة القطرية الدوحة ومن المؤمل قريباً صدور الرواية باللغة الفرنسية وبنسخة “صوتية”.

الكاتب..

“عبد الكريم العبيدي”روائي وإعلامي عراقي، عمل كمراسل لإذاعة البي بي سي في بغداد لمدة ثلاث سنوات، بث له من خلالها بصوته أكثر من 350 تقريرا إذاعيا. وهو أحد مؤسسي جريدة المدى ورئيس قسم التحقيقات لمدة عامين ونصف، و رئيس قسم التحقيقات في صحيفة العالم، ورئيس قسم التحقيقات في جريدة النهضة، و مشرف على البرامج في قناة العراقية، وحاليا يعمل كرئيس القسم الثقافي في صحيفة “طريق الشعب” البغدادية.

ونشر في جريدة القبس الكويتية – قسم التحقيقات عشرات الربورتاجات على مدة عام ونصف، وقام بإعداد خمسين تقرير بعنوان العراق بين الأمس واليوم لبرنامج “ضوء3” عرضت حلقاته على “قناة الحرة” و”الحرة عراق” لمدة عام ونصف. قام ب إعداد خمسين تقرير عن محاكمة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لبرنامج “ضوء 3” ومسجلة بصوته – تم عرضها من على شاشة “قناة الحرة” و”الحرة عراق”.

فاز مؤخرا بجائزة كتارا للرواية العربية 2018 عن روايته “اللحية الأمريكية – معزوفة سقوط بغداد”. وتم تكريمه لمرتين بدرع الجواهري من قبل الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في جلسة احتفاء خاصة به بمناسبة صدور روايته (كم أكره القرن العشرين – معلقة بلوشي) وفوز رواية (اللحية الأمريكية) بجائزة كتارا 2018

انجازه الأدبي:

رواية (ضياع في حفر الباطن) وهي أول رواية له وأول رواية عراقية تتحول إلى مسلسل درامي في العراق. وقد كتب عنها كبار النقاد العراقيين والعرب دراسات ومقالات نقدية رصينة، كما احتلت فصلا موسعا في كتاب: War and occupation in iraqi fiction “الحرب والاحتلال في الخيال العراقي” الصادر باللغة الانكليزية عن جامعة “ادنبرة” في بريطانيا للبروفيسورة “إكرام مصمودي”.

رواية (الذباب والزمرد) التي كتاب عنها الكثير من النقاد ونال بها الدكتور “سلمان الكاصد” درجة الأستاذية – البروفيسور- عن دراسته الموسعة التي تحمل عنوان: (تشكلات البنى الاجتماعية والتقابلات والأنساق في رواية الذباب والزمرد) المنشورة في مجلة أبحاث البصرة “العلوم الإنسانية”.

رواية (كم أكره القرن العشرين – معلقة بلوشي) عن دار “قناديل للنشر والتوزيع ” في بغداد.

مسرحية (تحويلة مؤقتة) وعرضت على قاعة المسرح الوطني في بغداد- تمثيل الفنانة الكبيرة “سناء عبد الرحمن” والفنان الكبير “عزيز خيون” وإخراج المخرج المبدع “أحمد حسن موسى”.. وتنتظر الطبع

مجموعة قصصية جديدة ومختلفة بعنوان (ثمانية أعوام في باصورا( عن قصص هروب الجنود العراقيين في ثمانينيات القرن الماضي.

رواية (اسطوانة عرش).. ستصدر قريبا

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة