22 أكتوبر، 2024 4:27 م
Search
Close this search box.

رواية “الفردوس علي الناصية الأخرى”.. كل منا لديه جنة في خياله

رواية “الفردوس علي الناصية الأخرى”.. كل منا لديه جنة في خياله

خاص: إعداد- سماح عادل

رواية “الفردوس علي الناصية الأخرى” للكاتب البرتغالي “ماريو بارغاس يوسا” تتقمص روحين لشخصيتين شهيرتين تربطهما صلة رقابة، هما الكاتبة “فلورا تريستان” التي ناصرت قضايا المرأة وقضايا العمال وكافحت من أجلها، وحفيدها الفنان الفرنسي الشهير “بول غوغان”.

الشخصيات:

فلورا تريستان: كاتبة ومناضلة وناشطة اجتماعية لم ترض بالواقع السيئ الذي يظلم المرأة والطبقات الكادحة، وتمردت علي مؤسسة الزواج التي شعرت أنها تضطهدها وتستنفذ قواها، وسعت لعمل حركة تناصر العمال والمرأة وتؤكد علي فكرة المساواة بين البشر، وماتت في سن صغيرة واشتعلت شهرتها بعد وفاتها ووجدت التقدير.

بول غوغان: حفيد “فلورا”، الذي سعي أيضا للتمرد علي حياته لكنه اتجه لطريق آخر وهو العيش مع البدائيين أو مع شعوب لم تعرف الحضارة الغربية وتشابكاتها وعقدها، وقواعدها المتعنتة، فترك وظيفته التي كانت تدر عليه ربحا وفيرا وترك أسرته وسعي وراء حلم أن يصبح رساما. وعاش مع شعب بدائي واندمج تماما في حياته.

الراوي..

الراوي عليم، يحاول تخيل حياة “فلورا” ويتقمص حياتها ويحكي من خلالها رؤيتها ورحلتها في الحياة، وسعيها لاستقطاب العمال والنساء، ويبدو أن الكاتب قد تشبع تماما بتفاصيل حياة “فلورا” لكي يتمثل شخصيتها ويكتب من خلال صوتها، فعل ذلك مع “غوغان” أيضا وتحدث من خلال صوته ورؤيته للحياة وأفكاره وتوجهاته وتفاصيل وأحداث حياته.

السرد..

الرواية في 466 صفحة من القطع المتوسط، تعتمد علي صوتين “فلورا وبول”، تبدأ بصوت “فلورا” في فترتها الزمنية، من بعد أن تركت زوجها وبدأت رحلتها نحو الكفاح في مناصرة قضايا إنسانية.

وبدأت مع “بول” منذ رحيله إلي مكان أقل حضارة من فرنسا،  ويعود الحكي إلي الماضي لتوضيح خلفية الشخصيتين، ثم يستمر في حكي الأحداث بشكل متصاعد حتى وفاة الشخصيتين، لكن الكاتب بذل مجهودا كبيرا في تقمص حالة “فلورا” وحالة “غوغان” نشعر أننا أمام شخصيتين حقيقتين تحكيان عن أنفسهما، ويكشفان مشاعرهما الإنسانية تجاه أحداث حياتهما.

الفردوس في خيال كل منا..

تعتمد الرواية علي فكرة البحث عن الفردوس، “فلورا” تبحث عن الفردوس في تأسيس وإرساء فكرة المساواة الإنسانية وتوعية العمال بمصالحهم الأساسية، وبتوحدهم علي تلك الأفكار السامية ومطالبتهم بحقوقهم وإنهاء الفوارق الطبقية الوحشية والانتصار لإنسانية الإنسان، هذا هو فردوسها الخاص الذي سعت إليه رغم اعتلال صحتها حتى ماتت جراء الجهد الكبير مع صحة ضعيفة.

“غوغان” كان فردوسه في رؤية أخري، وهو الاقتراب من جوهر الإنسان الحقيقي بعيدا عن سطحية الغرب وتعقيدات حضارتهم وقواعدهم التي كبلت وقيدت حرية الإنسان وإنسانيته، فهو قد شعر بهذا القيود تكبل روحه فبحث عن الحرية مع أولئك الذين لم يتلوثوا بما يسميه الغرب الحضارة، وإنما ظلوا علي فطرتهم الإنسانية الجميلة والطازجة. مازالوا يحتفظون بكل ذلك الجمال والسحر المرتبط بالطبيعة الإنسانية، فعاش حياة خالية من أية قواعد وعقد فرضها الغربيون وحاولوا تطبيقها علي باقي الشعوب.

قسوة حياة المرأة ..

رصدت الرواية من خلال حياة “فلورا” في بداية القرن التاسع عشر كيف كانت حياة المرأة قاسية ومجحفة حيث لا حق لها في طلب الطلاق من زوجها، حتى إذا كانت لا تحبه ولا تريد العيش معه، كما كانت تحرم من أطفالها إذا شعر المجتمع الذكوري الظالم آنذاك في فرنسا وباقي دول الغرب أنها خالفت قواعد المجتمع وعاداته وتقاليده.

كما رصدت بدقة وتفاصيل كثيرة كيف يعيش العمال في هذا الزمن وفي بعض البلدان الذي ذهبت إليها “فلورا” حياة لا إنسانية قاسية وظالمة، كما نوهت إلي الظلم الذي كان يقع علي العبيد الذين يجلبهم الرجل الأبيض من إفريقيا وكيف كانت “فلورا” تكره تلك المظاهر للظلم.

جمال لوحات “غوغان”..

من مميزات الرواية الدقة في تصوير لوحات “غوغان” وشرح ملابسات رسم تلك اللوحات، وكيف كان يشعر “غوغان” قبل وأثناء رسمها وكإن الكاتب قد تفرغ تماما لدراسة شخصيتي “فلورا وغوغان” وبعد قراءة لتاريخهم وضع نفسه مكانهم وتصور ما يشعرون به تجاه ما مر في حياتهما.

الكاتب..

“ماريو بارغاس يوسا” الماركيز الأول من عائلة بارغاس يوسا، ولد في 28 مارس 1936، كاتب وسياسي وصحفي وبروفيسور جامعي بيروفي. يُعد واحدا من أهم روائيي أمريكا اللاتينية وصحفييها، وأحد رواد كتاب جيله. يرى بعض النقاد أنه يتمتع بتأثير عالمي وجمهور دولي أعرض مما لدى أي كاتب آخر ينتمي إلى حركة الازدهار الأدبية الأمريكية اللاتينية. فاز عام 2010 بجائزة نوبل في الأدب «عن خرائط هياكل القوة التي رسمتها أعماله وتصويره النيّر لمقاومة الفرد وثورته وهزيمته».

حظي بشهرة عالمية في ستينيات القرن العشرين بسبب روايات مختلفة كتبها، مثل «زمن البطل، أو المدينة والكلاب»، و«البيت الأخضر» و«حديث في الكاتدرائية» تتنوع نتاجاته الغزيرة ضمن مدى واسع من الأنماط الأدبية، من بينها النقد الأدبي والصحافة. وتضم أعماله الروائية مواضيع كوميدية وألغاز جرائم وروايات تاريخية وأحداثًا سياسية، وقد تحول العديد من أعماله إلى أفلام، مثل: «بانتاليون والزائرات»  و«العمّة جوليا وكاتب النصوص».

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة