19 نوفمبر، 2024 11:32 ص
Search
Close this search box.

رواية التشابيه.. استغلال الإنسان باسم الدين

رواية التشابيه.. استغلال الإنسان باسم الدين

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “التشابيه” للكاتب العراقي “داود سلمان الشويلي” تتناول حادثة جرت في الستينات في إحدى القرى الفقيرة في العراق، وهي تتناول استغلال الدين والطقوس الدينية من قبل الأغنياء ومن قبل السلطة وحتى من قبل الأحزاب السياسية، لبث كل جهة أفكارها وتوجهاتها في نفوس البسطاء. والتشابيه هي  تلك الشعائر الحسينية التي تقام في عاشوراء لتوضح، من خلال تمثيل بعض الأفراد أدوار الشخصيات الرئيسية لحادثة مقتل الحسين، ما أصاب أهل البيت عليهم السلام من ظلم.

الشخصيات..

الحاج فريح: رجل غني يتسيد على القرية، وهو من أصول خارج القرية لكنه ثري، ويستخدم ثرائه في محاولة التسيد فيبني مسجدا بأمواله ويستقدم مؤذنا من بغداد لذلك، ويدير الأمور في القرية بأمواله لكن هناك أناس يعارضونه ويكرهون فساده، وهو من يحدد من يمثل في التشابيه ويدير تلك العملية.

جاسم الأعور: خادم “الحاج فريح”، رجل فقير مسكين، لديه عين مصابه وساق أيضا فتجده أعورا وأعرجا، لكنه رغم ذلك يحب “الملحه” وكان ينتوي الزواج منها، رغم أنه أرسلها بيديه لمنزل “الحاج فريح” والذي انتهكها.

الشيخ عبد الكريم: رجل ورع تقي، لديه محل لبيع الأوراق والكتب، يؤذن للصلاة، ويقرأ القرآن ويرفض التشابيه لأنها تسجد شخصية الحسين في رجل آخر، ويرفض أن يقوم ابنه “هادي” بدور الحسين فيها، كما أنه يخاف على أولاده من الانضمام لأية أحزاب سياسية سرية، كما أنه لا يغفر “للملحه” كونها سيدة بلا أهل مباحة للرجال ولا يصدق توبتها.

الملحة: فتاة فقيرة اضطرت بشكل أو آخر إلى ترك أهلها، ولكونها فقيرة تصبح متاحة للرجال، يأتي بها “جاسم الأعور” إلى القرية ويستبيحها “الحاج فريح”، كما أن جميع من في القرية يكرهونها وكان “جاسم الأعور” ينتوي الزواج منها، لكنها تقع ضحية وشاية “الملة أبو ناجي” والذي لم يظفر منها بشيء رغم اشتهاؤه الشديد لها.

مهدي: ابن “الشيخ عبد الكريم”، أصبح سياسيا وانضم لحزب سياسي سري، مما جعله عرضة للمطاردات الأمنية، واضطر إلى أن يعيش مع عمه في قرية أخرى ويبتعد عن أسرته.

هادي: ابن الشيخ عبد الكريم الأصغر، وهو أيضا ينتمي لنفس الحزب السياسي السري، وكان يريد الاشتراك في التشابيه ليبث أفكار الحزب للناس البسطاء.

جمال: صديق “هادي” ومعه في نفس الحزب وهو جاره.

سليم: صديقهما الثالث لكنه كان يرفض الانضمام لحزب السياسي السري دون إبداء أسباب، ليكتشف الناس بعد موته أنه محسوب على حزب سياسي آخر معادي، لأنه يحب فتاة تنتمي لهذا الحزب، لكنه يقتل ظلما في اليوم المشئوم الذي تداهم فيه قوات السلطة القرية، يقتل ضربا بالرصاص لأنهم يحسبونه شريكا ل”هادي” و”جمال” في الاشتراك في نفس الحزب.

الملة أبو ناجي: هو عميل أمن للسلطة يتم دسه في القرية للتجسس على الشباب المنضمين للحزب السياسي، ولكي ينقل أخبارهم وهو من سيبلغ الأمن عنهم ليداهموا القرية، ويختطفوا “الملحة” ويقتلوا “سليم”.

خبالو: خادم في المسجد يبدو أنه مسكين، لكن سيكتشف أنه عميل للمخابرات الصهيونية.

شرجي قامة – حميد الطويل: بلطجيان عانيا من حياة سيئة في الطفولة، ثم انتهى مصيرهما إلى أن يكونا أعوان “للحاج فريح” ينفذون أعماله الترهيبية على الناس، وهما من خارج القرية أيضا.

الراوي..

الراوي عليم، يحكي الأحداث التي حدثت ويستعين بأقوال الذين عاصروا الأحداث، كما يخاطب القارئ بشكل مباشر كاشفا عن شخصيته، لكنه رغم ذلك يترك الحرية لشخصيات الرواية للتعبير عن نفسها، سواء من خلال الحوار أو من خلال الأقوال التي استعان بها.

السرد..

الرواية قصيرة تقع في 155 صفحة من القطع المتوسط، تنقسم إلى قسمين القسم الأول (رواية أحداث وقائع ما حدث في المدينة)، القسم الثاني من الرواية وهو (ما حدث بعد ذلك تقولات الناس) (تقوّلات1 جاسم الأعور عن الملحه- تقوّلات2 هادي بن الشيخ عبد الكريم- تقوّلات3 السجل- تقوّلات 4. السرد فيها يغلبه الحياد من قبل الراوي العليم، لكنه يمتلئ بوصف الأماكن والشخصيات، ورغم قصر الرواية إلا أنها ثرية بالشخصيات.

استغلال الإنسان باسم الدين..

يستعين الراوي العليم بقول هام جدا اقتبسه من جيفارا: “إن أبشع استغلال للإنسان هو استغلاله باسم الدين، لذلك يجب محاربة المشعوذين والدجالين حتى يعلم الجميع أن كرامة الإنسان هي الخط الأحمر الذي دونه الموت) ص8.

فالرواية تحكي بشكل أساسي عن استغلال الدين والمتمثل في حكاية مقتل الحسين في توجيه الناس وبث أفكار خاصة في نفوسهم، يستغلها الغني الفاسد “الحاج فريح” لمصلحته، وتستغلها السلطة أيضا، كما أن المعارضون والذين ينتمون لحزب سياسي سري يريدون هم أيضا استغلالها لبث أفكارهم وأفكار الحزب، وذلك لأن الأطراف الثلاث تعلم جيدا مكانة الدين في نفوس البسطاء وسحره القوي وتأثيره الفعال عليهم، سواء في إخضاعهم للأغنياء وللسلطة أو في تثويرهم وبث أفكار التمرد في نفوسهم.

كما وبشكل غير مباشر ترصد الرواية وجود حركات معارضة للسلطة في صفوف الشباب “هادي وجمال ومهدي”، وكأن السلطة بقبضتها القاسية لا تستطيع إسكات الناس وخاصة الشباب، بل كلما أحكمت قبضتها الوحشية طلع لها أجيال بضة وشابة وعفية تقاوم وتقول لا.

وترصد الرواية رغم قصرها مظاهر الفقر في القرية والذي ربما يكون سمة عامة لمعظم القرى التي تحكمها سلطة غاشمة.

وترصد أيضا وجود فئة من النساء يلفظهن المجتمع بطريقة أو بأخرى، تجد نفسها في العراء دون حماية أو أمان، عرضة لتلاعب الرجال بها وانتهاكهم لها، وفي النهاية تصبح هي الوحيدة مصدر الخطيئة والشرور في أعين البسطاء وكل الناس، وتتحمل وحدها لفظ المجتمع والأهل لها فتقتل أو تذبح أو يستمر انتهاكها. رغم أنها سيدة مستكينة لا حول ولا قوة لها، كما صورت الرواية “الملحه” التي لم تملك من أمرها شيئا.

كما ترصد الرواية مصائر الشباب الذين عارضوا السلطة أو شكت هي في معارضتهم، فمصيرهم الضرب بالرصاص مثل “سليم” أو القتل مثل “هادي” أو الاستمرار وتوثيق الأحداث والحفاظ على ذكرى الشهداء مثل “مهدي”.

الرواية مميزة تحكي عن قصة حدثت منذ سنوات طويلة وتستعين بآراء من عاصروها، وبشكل غير مباشر تنتقد استخدام الدين لأية أغراض أخرى خارجه .

الكاتب..

“داود سلمان الشويلي” كاتب عراقي، حصل على دبلوم هندسة كهربائية، ثم حصل دبلوم عالي في العلوم الإسلامية. شارك في أغلب دورات مهرجان المربد الشعري، وشارك في ندوات أدبية داخل العراق في الحلة، والبصرة، والموصل، وبغداد. نشر دراساته في المجلات الأدبية العراقية والعربية مثل: (الأقلام)، و(الموقف الثقافي)، و(آفاق عربية)، و(المورد)، و(التراث الشعبي)، و(آفاق أدبية)، و(العراق اليوم)، و(المدى)، و(الشعب) الجزائرية، و(أفكار) الأردنية، و(الهدف) البيروتية، وفي مواقع إلكترونية عديدة.

النتاج الروائي:

  • “أبابيل”، 1988
  • “طريق الشمس”، 2001
  •  اوراق المجهول.
  • التشابيه.

النتاجات الأخرى:

  • “القصص الشعبي العراقي من خلال المنهج المورفولوجي” (دراسة)، 1986
  • “طائر العنقاء”، (قصص قصيرة)، 1988
  • “ألف ليلة وليلة وسحر السردية العربية” (دراسات)، 2000
  • “الذئب والخراف المهضومة – دراسات في التناص الابداعي”، 2001
  • “النهر يجري دائما” (نصوص ابداعية)، 2000

حاز على:

  • الجائزة التقديرية عن قصة “الموت حياة” في المسابقة الإبداعية لعام 1992
  • الجائزة الأولى عن قصة “النهر يجري دائما” في المسابقة الإبداعية لعام 2000

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة