14 نوفمبر، 2024 1:42 م
Search
Close this search box.

رواية “الأنتيكة”.. الخروج من دائرة الانهزام بخيانة الوطن

رواية “الأنتيكة”.. الخروج من دائرة الانهزام بخيانة الوطن

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “الأنتيكة ” للكاتب العراقي “عامر حميو” تحكي قصة إنسانية، مرتبطة بالواقع العراقي الشائك.

الشخصيات..

فاضل: البطل الرئيسي، رجل ترك وطنه بعد أن خاض تجربة الحرب المريرة، وعاش في أمريكا سنوات طويلة، لكنه يعود، خائف ومتوجس.
فاطمة: أخت البطل، انتظرته طويلا، ثم تنصدم في تحوله وجفاءه.
حميدة: ضحية البطل، فتاة ظلمت من قبل الرجل الذي احبته، والذي تخلي عنها بخساسة، ثم ظلمت من أهلها الذين قتلوها غدرا حرصا علي الشرف، دون أن يحاولوا رعايتها أو تفهم ما جري لها.
حسن: صديق “فاضل” منذ الطفولة، وهو الشخص الوحيد الذي سعي “فاضل” الي شرح تحوله النفسي الكبير له.

الراوي..

تبدأ الرواية بحكي “فاضل” حيث يحكي عن عودته إلي بلاده بعد غياب عشرين عاما، ويرصد في هذا الحكي وجهة نظره في أهالي حيه بل واهل وطنه جميعا، ثم أوراق “فاضل” تلك الأوراق التي دونها في الأسر وكانت بمثابة يوميات له، ثم حكي “حسن” الذي تختتم به الرواية.

السرد..

الرواية قصيرة، تبلغ حوالي ١٦٦ صفحة من القطع المتوسط، يركز السرد علي عودة الغائب وعلي تحوله النفسي وتركه لوطنه، ثم علي رحيله مرة أخري.
التنكر للوطن..
يمكن القول أن الفكرة الرئيسية التي تدور حولها الرواية هي التنكر للوطن، الذي يمر بأزمات وكوارث متلاحقة، والذي تحكمه زمرة من الفاسدين الطغاة. والارتماء في أحضان العدو الإعجاب به، وتبديل الانتماء لينتقل من الوطن إلي وطن آخر بديل، هو نفسه من خرب ودمر الوطن الأصلي.

تخلي..

تعتمد الرواية علي بطل سلبي، لا يلتزم بمبادئ أو أخلاق، يتخلي عن المرأة التي أحبها بعد أن زرع في رحمها طفل، في علاقة غير شرعية، يهرب منها بعد أن تصارحه بحملها بحجة اضطراره الي الذهاب للحرب، رغم أنه كان يستطيع التقدم للزواج منها انقاذا لها مما سيحدث، لكنه فضل التخلي عنها وتركها لمصيرها، متحججا بأشياء كثيرة ترضي ذاته الأنانية.
ومبررا لنفسه أن عدم عودته لإنقاذها كان رغم إرادته بسبب الحرب والأسر، وأنها ربما تنجح في التخلص من الحمل وانقاذ نفسها بمفردها، ثم يعود ويبرر لنفسه خساسته بسبب الخوف من بطش أهلها به.
ويتنكر البطل أيضا لوطنه، رغم أنه بدا جنديا شجاعا وعلي خلق حين هم بخرق الخرائط وقت وقوعه في الأسر، لكي ينقذ باقي زملائه من بطش العدو، لكنه مع ذلك تنكر لوطنه، وأخذ يقارن ما بين الطريقة غير الآدمية التي يتعامل بها الإنسان في وطنه، وبين الطريقة التي تم التعامل بها كأسير، مادحا في عقله الاحتلال الأمريكي ومنظمة الصليب الأحمر في تعاملهما الإنساني، في وجهة نظره.
لكن الأنانية كانت بادية في شخصية “فاضل” من وقت مبكر، حين هم بتجميع الأشياء القديمة، ووضعها في صناديق ثلاث، لكي يبيعها ويستفيد من ثمنها.
جرائم الشرف..
رغم أن الرواية تركز علي فكرة التخلي عن الوطن، إلا أنها رصدت امرا هاما آخر، وهو جرائم الشرف في المنطقة الشعبية الفقيرة، وصورتها بتفصيل دقيق، حيث قدمت مشهدا مأساويا لقتل اثنان من الذكور لأختهما بطريقة وحشية، ومحاولة الأخ الاصغر حمايتها وإنقاذها، وفخر الأب والأم اللذان انتزعت من قلوبهما الرحمة بقتل ابنتهما أمام جمع من الناس. بل وتواطؤ الدولة في تلك الجريمة البشعة، حين قررت عقوبة خفيفة لجرائم الشرف، مشجعة بذلك علي استمرارها.

قدمت الرواية نموذج للشخصية التي تتعالي علي وطنها وعلي أزماته ومشاكله، وتفضل الانتماء إلي المنتصر، في محاولة للخروج من دائرة الانهزام، وفي محاولة للشعور بالتفوق، من خلال الالتحاق بأذيال عدو الوطن.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة