7 أبريل، 2024 5:25 م
Search
Close this search box.

رواية الأطلسي التائه.. الزهد ومجاهدة النفس بداية طريق التصوف

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “الأطلسي التائه” للكاتب المغربي “مصطفى لغتيري” الصادرة عن دار الآداب بيروت، تحكي عن أشهر رجال التصوف في المغرب هو “أبو يعزى الهسكوري”، الذي عرف باسم “مولاي بوعزة”، وعاش في القرن الثاني عشر الميلادي..

الشخصيات..

البطل: أبو يعزي، وهو رجل أمازيغي أسمر البشرة عاش في أسرة فقيرة، وبدأ حياته برعاية الأغنام إلى أن هاجمته المصائب فسعى في أنحاء البلاد سعيا وراء العلم.

الأب: كان أبوه قاسي القلب، يعامله بجفاء وقسوة، مما أثر على طفولته، في حين أن أمه كانت حنونة وطيبة لكنها كانت تخجل من والده وتهابه، كما علمته جدته أشياء هامة عن الأعشاب وفوائدها للبشر.

الشريف الشرقاوي: رجل غني شريف ذهب به أبوه إلى منزله ليبدأ العمل في رعي أغنامه وهو بعد مايزال طفلا.

إبراهيم: سيصادف البطل إبراهيم في بيت الشريف الشرقاوي، ويعلمه إبراهيم أشياء كثيرة ويحنو عليه وسيعرفه على الدنيا التي يحاول اكتشافها، لكنه سيموت وهو يقاوم دولة المرابطين وسيحزن عليه البطل كثيرا وسيعتبر موته أحد التحولات الهامة في حياته، لكنه سيحتفظ به داخل عقله يحادثه ويأخذ مشورته باقي حياته.

لالا فاطمة: هي ابنة الشريف الشرقاوي، فتاة رائعة الجمال، وقع البطل في غرامها حتى دون أن يراها لأنه لم يكن مسموح له الاقتراب أو رؤيتها، وستموت هي أيضا بطريقة وحشية حيث سيحرق فرسان المرابطين منزل الشريف بمن فيه، بسبب أن ولده من أحد المتمردين على دولة المرابطين. وسيكون موتها احتراقا تحولا كبيرا في حياة البطل الذي سيتحول إلى أحد أشهر المتصوفة.

الراوي..

تعتمد الرواية على صوت البطل الذي يحكي عن نفسه بضمير المتكلم، والذي يحكي عن مشاعره وانفعالاته تجاه الأحداث التي تجري له وتجاه الأشخاص الذين يتعامل معهم.

السرد..

تقع الرواية في حوالي 200 صفحة، وتتبع حياة البطل منذ الطفولة تصاعديا، حتى يصبح شابا ثم رجلا يسعى في الأرض بحثا عن العلم. تنقسم إلى فصول بدون عناوين.

الفقر والفساد..

الرواية تناولت سيرة حياة أحد المتصوفة المشهورين في المغرب العربي، وتتبعت دواخله ومشاعره وانفعالاته منذ كان طفلا صغيرا يعيش في كنف أسرة فقيرة من أسر الأمازيغ في زمن حكم المرابطين، ورصدت حجم الفقر المستشري في البلاد، بسبب فساد الحكام، كما رصدت التفاوت الطبقي الهائل ما بين أهل البلاد من الأمازيغ، وما بين من يطلقون على أنفسهم الأشراف، والذي يدعون نسبا إلى النبي، وهم بيض البشرة، أتوا وافدين على المغرب وليسوا من أبناء البلد، لكنهم مع ذلك هم من يمتلكون الامتيازات المادية الكبيرة حيث تخصص لهم الأراضي الخصبة التي تنتج الزرع الوفير ويعيشون في بيوت باذخة الثراء، ويعمل تحت أمرتهم أبناء البلد من الأمازيغ والذين يعاملونهم كعبيد بسبب لون بشرتهم.

وهذا ما حدث مع البطل الذي كان يعيش مع عائلته الفقيرة وأبوه الذي لا يعمل شيئا يذكر إلى أن دفع به إلى منزل الشريف الشرقاوي ليعمل راعيا للأغنام وهو بعد طفل لا يفقه في الحياة شيئا، لتبدأ أولى اكتشافات البطل الذي يرى مدى التفاوت الهائل ما بين منزله الفقير ومنزل الشريف ومدى غناه وثرائه.

تمرد وثورة..

يتعرف البطل على إبراهيم الذي يرعى الأبقار والخيول ويساعده لكي يعتاد ذلك العمل الشاق ويحنو عليه ويعامله بود ومحبة، ويعرفه على أمور كثيرة ليكشف البطل أن إبراهيم ابن لأحد الشيوخ وأنه متعلم ويعرف الكثير عن علوم الدين ويحاول إبراهيم نقل بعض معارفه للبطل.

ويكتشف أيضا أن إبراهيم يعمل في تيار ثوري يقاوم دولة المرابطين وأن ابن الشريف الشرقاوي نفسه “علي” منضم أيضا إلي ذلك التيار وأنهم يسعون إلى إنهاء حكم دولة المرابطين الفاسدة. وهذا ما سيحدث بالفعل لتحكم بعد ذلك دولة الموحدين لكنهم لن يكونوا أحسن حالا من المرابطين حيث سيستمر الفقر والظلم الاجتماعي وسيظل هناك عدد كبير من الجوعى.

محنة..

ثم يموت “إبراهيم” وتموت أسرة الشريف الشرقاوي ليجد البطل نفسه في العراء، لكنه لا يفكر في العودة إلى أسرته بل يدفعه حزنه الشديد على “لالا فاطمة” إلى البقاء بجوار منزلها أياما كثيرة، ثم يقرر أن يطلب العلم ويتنقل في أنحاء المغرب طلبا للعلم لكن بعد أن يكون قد جاهد نفسه وبدأ أولى خطواته على طريق التصوف، بزهده في الأشياء بدء من الطعام الذي زهده وأصبح يتناول الأعشاب التي يجمعها في جراب منذ أن كان طفلا، شغفا للتعرف على تلك الأعشاب وفوائدها، وزهده في الملابس ليكتفي بما يستر جسده فقط، يتنقل على قدميه إلى البلاد حتى لفت زهده نظر العامة.

لكن للأسف يبالغ العامة في الأمور فحين انتبهوا إلى الاختلاف الذي عليه البطل بالغوا في الحكي عنه، ونسبوا له أمورا لم يفعلها وأفعالا أقرب إلى المعجزات، وازدادت شهرته بزيادة ترحاله وفي كل مكان روج عنه العامة حكايات لم تحدث. لكن كان تفسير البطل نفسه والشيوخ الذين ذهب ليتعلم على أيديهم علوم الدين أن مبالغة العامة تعكس رغبتهم في إيجاد المنقذ لهم في ظل أوضاع مزرية تسبب فيها الحكام، حيث يعانون من الفقر والجوع والظلم الاجتماعي وتفشي الأمراض والأوبئة، لذا يجعلهم خيالهم يتصورون وجود أولياء صالحين قادرين على المعالجة واجتراح المعجزات وتحقيق ما يعجزون عنه وتخليصهم من مشاكلهم.

اكتسب البطل أيضا شهرته بسبب سعيه إلى إطعام الجوعى، فقد أصبح يجمع النباتات ويطبخها للجوعى، ويحاول علاج المرضى بخبرته في مجال الأعشاب التي اكتسبها عن جدته، وكان يحب أن يكون نافعا للناس، مما اكسبه شهرته وأصبح الناس يتبعونه يحاولون التقرب منه بركاته.

اعتمدت الرواية على لغة عذبة استخدمها البطل في الحكي عن نفسه وعلى وصف دقيق لما يجول في نفسه من مشاعر ولحظات إنسانية، كما رصدت الإحساس الإنساني العالي الذي كان يتصف به البطل والذي دفعه إلى طريق التصوف ومجاهدة النفس والزهد، والتخلص من كل ما يعلق بالنفس من أطماع وكبر وغرور.

الكاتب..

“مصطفى لغتيري” روائي وقاص مغربي، ” ولد عام 1965 بالدار البيضاء، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعي بنفس المدينة. حاصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها من كلية الآداب والعلوم الإنسانية – عين الشق بالدار البيضاء. انتمى لمهنة التدريس منذ عام 1991، وبدأ الكتابة خلال تسعينيات القرن العشرين من خلال نشر قصص قصيرة جدًا، ومقالات في الجرائد والمجلات، قبل أن تصدر له قصة في كتاب جماعي يضم نصوص الأدباء الشباب.

فيما صدر له أول كتاب عام 2001 وهو عبارة عن مجموعة قصصية تحمل عنوان”هواجس امرأة” وقد صدرت عن وزارة الثقافة المغربية، ثم تتابعت إصداراته في القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والرواية. صدرت أول رواية له عام 2007 وتحمل عنوان “رجال وكلاب”. حصل على العضوية في اتحاد كتاب المغرب عام 2002، واُنتخب في مجلسه الإداري، وفيما بعد أصبح عضوًا في مكتبه التنفيذي في عام 2012. شغل منصب رئيس الصالون الأدبي، ومؤسس غاليري الأدب ومديره العام.

النتاج الروائي:

  • “رجال وكلاب”، 2007.
  • “عائشة القديسة” (تتضمن رواية “أحلام النوارس”)، 2008.
  • “ليلة إفريقية”، 2010.
  • “رقصة العنكبوت”، 2011.
  • “ابن السماء”، 2012.
  • “على ضفاف البحيرة”، 2012.
  • “أسلاك شائكة”، 2012.
  • “تراتيل أمازيغية”، 2013.
  • “امرأة تخشى الحب”، 2013.
  • “حب وبرتقال”، 2014.
  • “حسناء إيمزورن”، 2014.
  • “الأطلسي التائه”، 2015.
  • “زنبقة المحيط”، 2015.
  • “ضجيج الرغبة”، 2017.

النتاجات الأخرى:

  • “هواجس امرأة” (مجموعة قصصية)، 2001.
  • “شيء من الوجل” (مجموعة قصصية)، 2004.
  • “مظلة في قبر” (قصص قصيرة جدا)، 2006.
  • “تسونامي” (قصص قصيرة جدا)، 2008.
  • “ربيع تونس رحلة الإنسان والأدب”، 2013.
  • “تأملات في حرفة الأدب” (مقالات أدبية)، 2013.
  • “الأدب في خدمة التربية” (مقالات تربوية)، 2014.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب