خاص: قراءة – سماح عادل
رواية “احفر العلامة” للكاتبة الأمريكية “فيرونيكا روث”، ترجمة “هيلدا عباس”، تحكي في إطار من الخيال العلمي عن حرب وحشية بين شعبين على كوكب واحد، أحد تلك الشعبين تقوده عائلة من السفاحين.
الشخصيات..
اكوس كيرسيث: يعيش في “هيسا” وهي منطقة هادئة من كوكب “ثوفيه”، حيث الجليد يعم المكان، أبوه مزارع يقوم بزرع الزهور الجليدية، وأمه كاهنة، ترى احتمالات المستقبل، لكنها رغم ذلك لم تحذر عائلتها حين رأت أنهم معرضين لوحشية شعب “شوتيت”، وتعرض “اكوس” وأخوه إلى الاختطاف بعد أن قتل والدهم أمامهما بطريقة وحشية.
سايرا نوفاك: ابنة تلك العائلة التي تحكم شعب ال”شوتيت”، جدتها قتلت أخواتها لتحتفظ بالحكم وأبوها كان سفاحا ثم سعى ليجعل ابنه كذلك.
رايزك نوفاك: أخو “سايرا”، ورث الحكم بعد موت أبيه، وكان يعامل أخته بوحشية وباقي شعبه.
ايجيه كيرسيث: أخو “أكوس”، أصبح كاهنا مثل أمه، وخطفه “رايزك” ليغير قدره، واستولى على ذكرياته ليصبح خادما مطيعا له.
الراوي..
الرواية تعتمد على راو عليم، يحكي عن “اكوس” البطل وما تجري له من أحداث، وما يشعر به، ثم راو آخر هو “سايرا” التي تحكي عن نفسها بضمير المتكلم، عن الأحداث التي تمر لها وعن انفعالاتها وأحاسيسها، وكل الرواية عبارة عن حكي الراو العليم و”سايرا”.
السرد..
تقع الرواية في 464 صفحة من القطع المتوسط وهي جزء أول، ولها جزء ثان بعنوان “افتراق الأقدار”، الرواية تحكي حكاية من الخيال العلمي ومليئة بملامح ذلك الخيال، لكنها أيضا تحكي عن الصراع بين الخير والشر بين أناس هادئين يريدون العيش في سلام، وأناس يستولون على الخيرات والنعم ويسلبونها من أصحابها سعيا منهم إلى الاستمتاع بها ويستخدمون في ذلك كل أنواع القتل الوحشية. الرواية تعتمد على التشويق وعلى إبهار القارئ بكم من التفاصيل الخيالية التي من صنع الكاتبة. لكنها رغم ذلك تحوي كثير من المشاعر والقيم الإنسانية.
إمكانية التغيير حين تؤمن بذاتك..
الرواية تحكي عن كوكب يدعى “ثوفيه” وهو من ضمن تسعة كواكب، تشكل مجموعة من الكواكب في مجرة ما يحكمهم مجلس موحد، وال”ثوفيون” يعيشون في سلام وهدوء في منطقة جليدية، يزرعون ويعيشون حياة عادية، لكن هناك شعب آخر كان شعب رحال يتنقل بين الكواكب ويعتمد على فضلات الآخرين ليعيش، ثم قرر هذا الشعب أن يسكن كوكب “ثوفيه” في منطقة قريبة من الشعب ال”ثوفي” يفصلهم فقط منطقة تدعي “الحد الفاصل” كما يسميها شعب ال”شوتيت”، أو العشب البري كما يسميها ال”ثوفيين”.
لكن ال”شوتيت” دائما ما يغيرون على ال”ثوفيين” ويقتلون منهم أناسا سعيا لتحقيق مصالح لهم، وذلك بعد أن حكم شعب ال”شوتيت” عائلة “نوفاك” السفاحة، والتي تسعى إلى التسيد على الكوكب بالكامل وهزيمة ال”ثوفيين” وقد توارث حكام تلك العائلة هذا الحلم الاستعماري. وهم يتحايلون على ذلك بكل الطرق، يذهبون في رحلة سنوية لباقي الكواكب لجمع فضلات كل كوكب ولاستخدامها بشكل أمثل محققين بها مصالحهم.
لكن داخل شعب ال”شوتيت” هناك متمردين ومنفيين، وهم يرفضون حكم عائلة “نوفاك” السفاحة ويريدون إنهاء حكمها لأنها جرتهم إلى القتل والنهب ومخاصمة الشعب المجاور.
والكواكب التسعة تعتمد على ما يدعى بالتيار، وهو سبب بقائهم على قيد الحياة، هذا التيار يسري في دمائهم ويمدهم بالطاقة التي هي المسئولة عن استمرار الحياة على تلك الكواكب، وشعب ال”شوتيت” يعبدون هذا التيار.
وهذا التيار يعطي لمعظم الناس على هذه الكواكب هبات، لكل هبة مختلفة، “سايرا” هبتها تتعلق بالألم، فهي تختزن كمية كبيرة من الظلال التيارية التي تحدث لها الألم وتنتقل من خلالها إلى الناس.
و”اكوس” هبته هي مقاومة التيار، و”فاس” وهو مساعد الملك “رايزك” هبته أن لا يشعر بالألم، و”رايزك” هبته مبادلة ذكرياته مع الآخرين، والكهنة دورهم التنبؤ بالمستقبل لتحديد أمورا خاصة بحكم الكواكب، وهم يساعدون المجلس الذي يحكم في اتخاذ القرارات الصائبة المتعلقة بالمستقبل.
كما أنه لكل فرد قدره، أي طريقه موته والكهان يعرفون أقدار الناس، وقد أعلنها المجلس الذي يحكم، في حركة خرقاء منه، رغم حرص الكهنة على إبقاء أمر الأقدار سرا، وقد كان إعلان الأقدار أمرا عظيما، حيث تسبب في شن عائلة “نوفاك” و”رايزك” حربا على عائلة “اكوس”، حيث اختطف أخيه الكاهن “ايجيه” ليغير قدره من خلاله، حيث كان قدره أنه سيموت على يد فتاتين من ال”ثوفيين”وكان يريد من الكاهن رؤية المستقبل والوصول لطريقة لتفادي قدره.
والرواية ممتلئة بالأحداث المشوقة، كما أنها تتناول قصة حب تنشأ بين “اكوس” و”سايرا”، حيث يتحول “اكوس” لأسير لدى “رايزك” أخو “سايرا”، ويستخدمه فيما بعد لتهدئة آلام “سايرا” لأنه مقاوم للتيار، لذا حين يمسك بيديها يختفي تأثير التيار وتنتهي آلامها. كما أنه يحضر لها مهدئا من أزهار الهفشلور، تلك الأزهار الجليدية التي تنمو بكثرة في منطقة الثوفيين.
وتنشأ بينهما قصة حب بعد أن يعطي “اكوس” “سايرا” أملا جديدا في الحياة، ويقنعها أنها ليست وحشا أو شخصا شريرا، بعد أن أخبرته أنها قتلت أمها في نوبة غضب شديدة، حين كانت طفلة، وتبدأ في النظر لنفسها بشكل مختلف وهذا يساعدها على مقاومة أخيها الذي كان يستخدمها كجلاد يقتل بها أعدائه والمتمردون، معتمدا على سر قتل أمها الذي كان يهددها بكشفه للشعب الذي كان يحب أمها كثيرا. الرواية ثرية بالمواقف الإنسانية وبالأحداث المشوقة وبالتفاصيل الخيالية الجذابة.
الكاتبة..
“فيرونيكا روث” هي روائية و كاتبة قصص قصيرة أمريكية، عرفت بثلاثية المتباينة المكونة من “الجامحة” , “المتمردة”, و”الوفية”.
ولدت “فيرونيكا روث” في 19 أغسطس 1988, في مدينة نيويورك, من أصل ألماني وبولندي, ونشأت أولا في بارينغتون. أمها “باربارا روس”, رسامة مقيمة ببارينغتون. هي الصغرى من ثلاثة أبناء. انفصل والداها عندما كان عمرها خمس سنوات, وقد تزوجت أمها منذ ذلك الحين ب”فرانك روس”, مستشار مالي لشركات مناظر طبيعية.