خاص: قراءة- سماح عادل
رواية “أن تجد الحب في مكتبة” للكاتبة الانجليزية “فيرونيكا هنري” رواية كبيرة تحكي عن قصص حب متوازية ترتبط جميعها بمكتبة في بلدة في الريف الانجليزي.
الشخصيات..
يوليوس: رجل شغوف بالكتب، ذهب إلى بلدة “بيزبروك” بعد وفاة زوجته أثناء ولادة ابنته ليبدأ حياته من جديد، وعاش سنوات عمره في المكتبة مكونا الصداقات مع أهالي البلدة حتى مات في سن صغيرة بمرض السرطان.
إميليا: ابنه “يوليوس”، تجد نفسها أمام مأزق تسلم المكتبة بعد وفاة أبيها، وتحتار ما بين بيعها والذهاب إلى عيش حياتها خارج انجلترا أو البقاء على حلم أبيها الذي قضى فيه حياته.
مارلو: عازف موسيقي، كان صديق ل”يوليوس”، وسيحاول دعم “إميليا”.
جاكسن: عامل، يعاني مشاكل مع زوجته، ويوصيه مديره أن يغوي “إميليا” ويقنعها ببيع المكتبة، لكنه يساعد “إميليا” في النهاية.
جون: سيدة في الستين من عمرها، صديقة “يوليوس” كانت سيدة أعمال ثم تقاعدت.
مارك: ممثل شهير، عرف بمغامراته العاطفية.
سارة: ابنة أحد أعرق العائلات في بلدة “بيزبروك” وتعيش علاقة حب مع “يوليوس” رغم أنها متزوجة من “رالف”.
ألس: ابنة “سارة”، ذكية وعملية ، تدير مزرعة العائلة وتقوم بفعاليات كثيرة فيها، توشك على الزواج من شاب مستهتر لكنها تكتشف أنها تحب “أندي” أحد العمال في مزرعة عائلتها لأنها تشعر معه بالأمان.
بي: شابة قررت العيش في الريف بعد أن كانت ناجحة في عملها في لندن، بعد أن تتزوج من “بيل” وتنجب طفلتها لكن تكتشف أن الأمومة مملة بالنسبة لها، وتعود للعمل في لندن وتساعد “إميليا” في تجهيز المكتبة وتجديدها بعد أن وضعت تصميما ساحرا لها.
تومسينا: مدرسة في البلدة، وتقوم بالطبخ في منزلها، حيث تخصص غرفة وطاولة لاستقبال الزبائن في مطعم صغير جدا يكفي لشخصين، وتنجح في عملها رغم خجلها الشديد وانطوائيتها وتجد الحب أخيرا مع بائع الاجبان “جي”.
الشخصيات كثيرة وثرية.
الراوي..
الراوي عليم، يحكي عن الشخصيات بضمير الغائب، يحكي انفعالاتهم ومشاعرهم الداخلية، ويحكي الأحداث وتصاعدها لكن بشكل بطيء.
السرد..
تقع الرواية في حوالي 864 صفحة من القطع المتوسط، الرواية ضخمة، لكنها تسحب القارئ ببطء بسحر العلاقات الرومانسية التي تتشكل وبسحر الحكي عن الشخصيات ومشاعرها، الحكي يركز على علاقات حب متوازية جميعها ترتبط بشكل أو بآخر بمكتبة “يوليوس” التي هي محور الرواية ومحاولة إبقاءها كما هي وتجديدها.
فقدان وبداية..
تبدأ الرواية ب”يوليوس” الذي فقد زوجته أثناء الولادة وحيرته بعد أن أصبح لديه طفلة وهو في مقتبل العمر مع أم غير مهتمة، فيقرر أن يبدأ حياته في بلدة “بيزبروك”، وينشئ مكتبة فيها، ثم تعود لتحكي عن علاقته بزوجته وكيف تعرف عليها وهو يعمل في مكتبة في لندن، وكيف تطورت العلاقة سريعا ثم انتهت سريعا أيضا بموتها، ثم وبقفزة زمنية كبيرة تحكي عن احتضار “يوليوس” ومجيء ابنته “إميليا” التي كانت تتعلم في الخارج، ثم موته سريعا وحيرتها في المكتبة التي تركها والدها لها، ومحاولة تعافيها من فقدان والدها المفاجئ حيث مات في عمر الخمسين، ثم تبدأ الشخصيات الأخرى في الظهور تدريجيا.
“سارة” التي أحبت “يوليوس” بعد أن ذهبت لشراء بعد الكتب وكيف كانا يتقابلان بشكل سري لأنها لم تستطع الاستغناء عن زوجها “رالف”، والذي كانت تحبه أيضا بمعنى ما رغم أنه كان يتصرف بحمق وتسبب في خسارة أمواله جميعها لأنه مقامر.
“ألس” ابنتها البريئة واللطيفة التي تتعرف على “هيو” الغني من لندن والذي يعمل في مهنة جيدة ويمتلك أموالا، وسعيها لإنقاذ المزرعة بسبب أن عائلتها لا تتوافر لديها السيولة، لكن بعد حادثة يتسبب فيها “هيو” الذي يتناول الكوكايين وتعرضها لكسر في إحدى ساقيها وندبة على وجهها وشعورها باهتمام “آندي” الذي يعمل لديهم في المزرعة وشعورها بحنانه واهتمامه، ثم حدوث الزفاف واكتشافها أن “هيو” ما هو إلا شاب مستهتر يتعاطى المخدرات ويسعى للزواج منها لاستغلال المزرعة وإقامة الحفلات، تفسخ الزواج يوم الزفاف وتعترف ل”آندي” بانجذابها إليه.
خجل..
“تومسينا” فتاة انطوائية، رغم إنها مدرسة بارعة تدعم تلاميذها وتعاملهم بود، لكنه انطوائيتها تمنعها من إقامة علاقة حب بشكل ناجح، تنجح في عمل مطعم صغير في منزلها، في إحدى المرات تتجرأ وتبادر بدعوة “جي” على العشاء بائع الأجبان الذي تقابله كثيرا بحكم عملها وتشعر بانجذاب نحوه.
“جاكسن”، العامل الذي لا ينجح مهنيا لأنه يخاف من المجازفة في حين يصبح زميله ثريا ويمتلك أعمالا كثيرة، كما أن زواجه أخره كثيرا، يعترف أنه كان أنانيا حين رزق بطفله ولم يظهر تعاونا أو دعما لزوجته، التي أصابها ذعر شديد حين أصبحت أما وقامت بطرده من المنزل، وأصبحت تعامله بجفاء، لكنه مع ذلك لم يتخلص من حبها وظل يشعر بالسوء بسبب ابتعاده عنها وعن منزله وابنه، لكن في النهاية يقرر أن يبقى إيجابيا ويتخلص من أخطاءه وعيوبه ويتقرب من زوجته مرة أخرى ويستعيدها.
حنين..
“جون” المرأة الستينية التي رغم حياتها الثرية لم تنس أول حب لها، ذلك الممثل الشهير الذي قابلته وقت أن كانت شابة، والذي أغواها وأحبته بعمق لكنه تخلى عنها في غضون أيام، معلنا لها أن تلك العلاقة بينهما كانت علاقة عابرة، وتنهار “جون” وتفقد طريقها، وتوشك على الغرق في اكتئابها لكن ينتشلها رجلا كان يساعدها في مهنتها كممثلة مبتدئة، ويدفعها إلى تعلم السكرتارية بعد أن ذبل جسدها وأنهكت قواها من انهيارها النفسي، وبالفعل تصبح سكرتيرته ثم تتطور ليصبح لها مؤسستها الخاصة وتصبح سيدة أعمال ثم تتقاعد، وحين يظهر “مارك” في الأفق حين تفكر “إميليا” في استضافته في المكتبة في حفلة توقيع لكتابة الذي يحكي فيه سيرته الذاتية، تضعف “جون” وتتذكر جرحها القديم، وتذهب إلى الحفلة ويعرفها “مارك” وفي المساء يأتي إلى كوخها لتبدأ بينهما علاقة أخرى، علاقة بين عجوزين يبحثان عن الدفء في أواخر العمر، ويحاولان طرد الوحدة باجتماعهما معها.
و”بي” فتاة ناجحة مهنيا حيث تعمل في التصميم في إحدى المجلات الشهيرة، يداعبها دوما حلم العيش في الريف، فتقلب حياتها وتقنع زوجها بالانتقال إلى الريف، خاصة وأنها تنجب طفلة، وتجد نفسها عالقة في مهنة الأمومة التي تكتشف أنها لا تتناسب مع حماسها وطموحها وأحلامها، وتشعر بالملل وأن ذاتها القديمة تخنق داخلها، في حين أن زوجها “بيل” أيضا يعاني، حيث يعمل في لندن، متكبدا مجهودا كبيرا للذهاب بشكل يومي إلى لندن والعودة منها، ويقضى الإجازة في النوم والسخط، وتصل “بي” إلى حل يرضيها ويرضي زوجها، حيث تقرر أن تعمل هي في لندن، وأن يقوم هو برعاية الطفلة، وتستعيد شغفها القديم.
و”إميليا” نفسها تشعر بانجذاب نحو “مارلو” منذ أن تعرفت عليه، لكنها تعرف أنه مرتبط بفتاة جميلة، ثم بعد وفاة والدها وعودتها إلى البلدة تتقابل كثيرا مع “مارلو” الذي يطلب منها الانضمام إلى فريق الموسيقى الذي يعزف فيه، وهو فريق رباعي كان والدها “يوليوس” أحد أفراده فيطلب منها أن تحل محل والدها وتتردد، لكنه يساعدها في التدرب على العزف ويحنو عليها، وتشعر هي بكراهية نحو صديقته التي تفيض أنوثة وسحرا وتهتم بملابسها وشكلها، وفي أحد الأيام تقضى يوما كاملا مع “مارلو” وتبدأ شرارة الانجذاب بينهما، لكنها تهرب ثم تتركه صديقته لأنها تشعر بانجذابه نحو “إميليا” ويعترف لها في النهاية بحبه.
الرواية تنتهي نهايات سعيدة ويتم تجديد المكتبة بمساعدة الجميع وتصبح المكتبة مشروعا ناجحا يدر دخلا ومكانا يلجأ إليه الجميع.
الرواية تحكي عن العلاقات في إحدى البلدان الأوربية الريفية، وهي تمتلئ بالعذوبة والسحر وتجاوز الصعاب واعتراف الأشخاص بأخطائهم وعيوبهم ومحاولة تجاوزها، وتعتمد على رسم عميق للشخصيات وفهم دوافعهم وأفكارهم ومشاعرهم، كما كان لأسلوب حكي الكاتبة خصوصية ما حيث تستطيع الكاتبات النساء تناول علاقات الحب بشكل حميمي وإنساني عميق.