خاص: قراءة- سماح عادل
رواية “أنا قبلك” للكاتبة الانجليزية “جوجو مويس” تحكي عن الموت الرحيم، وعن الحب حين يتجاوز حدود الشرط الجسدي لينطلق نحو آفاق أبعد..
الشخصيات..
لويزا كلارك: البطلة، فتاة تبلغ 26 عاما، تعيش في أسرة فقيرة، درست حتى الثانوية وذهبت إلى العمل، تخسر عملا وتبحث عن عمل آخر، لتظل تساعد أسرتها، وبالمصادفة تعمل لدى رجل مصاب بالشلل الرباعي وتبدأ الحكاية.
ويل ترنر: البطل، شاب في عمر 35، كان رجل أعمال ناجح وثري إلى أن أصيب في حادثة اصطدام بدراجة نارية، وأصبح مريضا بالشلل الرباعي، لا يستطيع تحريك غير ذراع واحد. تعمل لديه “لويزا” وتنشأ بينهما قصة حب غير عادية.
جوزفين: أم “لويزا”، سيدة بسيطة، تعتني بأسرتها جيدا، لا تترك والدها بعد إصابته بالسكتة الدماغية، وتظل تراعاه بصبر وحنان، كما ترعى زوجها وابنتيها.
برنارد كلارك: أبو “لويزا”، رجل يعمل في أحد المصانع، وحين يتم عمر 55 يطرد من عمله، ويظل قلقا حول العمل مما يضطره إلى الاعتماد على عمل ابنتيه، لكنه يظل يدعم ابنتيه في اختياراتهما في الحياة، ويتمنى لهما أن يتطورا حتى لو كلفه ذلك ظروفا معيشية صعبة.
كاترينا كلارك: أخت “لويزا” الصغرى، تفوقها ذكاء حتى أنها التحقت بالجامعة، لكنها لم تكمل دراستها بسبب أنها حملت في طفل في السنة الأخيرة، واضطرت إلى العودة إلى المنزل، ورعى والديها الطفل دون تذمر، واضطرت إلى العمل في محل لبيع الزهور بضع سنوات، لكنها أصرت على استئناف دراستها وتدبرت أمر قرض لذلك، وبالفعل استطاعت أن تكمل دراستها بتشجيع من عائلتها. وهي تساند “لويزا” دوما وتمثل لها صديقة حميمة بجانب أخت.
كاميلا ترينر: والدة “ويل”، تعمل قاضية، تبدو متحفظة وفظة في التعامل مع “لويزا”، لكنها في الواقع ضعيفة بسبب محنة ابنها، وتصبح لطيفة معها بمرور الوقت.
ستيفن ترينر: أبو “ويل”، رجل ثري، يعمل كثيرا، ليس على وفاق مع زوجته وله عشيقه، لكنه لا يستطيع التخلي عن زوجته أثناء محنة مرض ابنه، لكن بعد ذلك يتركها ليختار حياته.
جورجينا: أخت “ويل”، فتاة طيبة لكنها تهتم بمشاريع حياتها، تحب أخيها لكنها تتصرف بعقلانية، وتعرف أنها لابد وأن تواصل حياتها.
نايثن: المعالج الفيزيائي الذي يرعى “ويل”، رجل عملي يقوم بعمله بحياد، لكنه يساعد “لويزا” كثيرا ويبدي تعاطف معها.
باتريك: خطيب “لويزا”، ظلت معه سبع سنوات، لكنها تكتشف أنها لم تعد تحبه وتتركه، وهو انتقاما منها يبيع قصة “ويل” للصحافة ويتقاضى في مقابلها الأموال، يتصرف بأنانية طوال الوقت، ولم يطلب منها الزواج ولم يكن ينتوي فعل ذلك.
الراوي..
بدأت الرواية براوي عليم، حكي في مقدمة قصيرة مشهد يجمع “ويل” بحبيبته السابقة ثم الحادثة، وبعد ذلك تسلم الكاتبة زمام الحكي ل”لويزا” التي تعتبر الراوي الرئيسي في الرواية، والتي تحكي عن تجربتها مع “ويل” لكن الكاتبة تلجأ إلى رواة آخرين لكي يبينوا الصورة كاملة للقارئ، لكنها تلجأ لذلك مرات قليلة جدا، مقارنة بالمساحة الكبيرة التي تروى فيها “لويزا”، فقد تركت الكاتبة “كاميلا” تحكي مرة واحدة، و”نايثن” يحكي مرة واحدة، و”ستيفن” يحكي مرة واحدة، و”كاترينا” تحكي مرة واحدة، وعادت “لويزا” للتستلم زمام الحكي إلى أن انتهت الرواية، واستعانت الكاتبة بوثيقة حكومية بينت فيها باقي الأحداث التي لا تستطيع “لويزا” الحديث عنها.
السرد..
غاية في الروعة يعتمد على التشويق، وعلى حكي أقرب إلى التصوير السينمائي، تستخدم فيه الكاتبة الوصف الدقيق لملامح الشخصيات وللأماكن والألوان والحركة، وتصور ببراعة نفسية “لويزا”، كما تملأ الثغرات، وتعتمد الرواية على تصاعد الأحداث المشوق، الذي يجعل القارئ يترقب في لهفة لمعرفة ماذا سيحدث حقا؟، كما أن الشخصيات تتطور ويتغير سلوكها وتصبح غير ما كانت عليه في بداية الرواية، الرواية تقع في حوالي 465 صفحة من القطع المتوسط.
الموت الرحيم اختيار..
تتناول الرواية فكرة قبول الموت الرحيم، في حالة وصول المريض إلى حالة الرفض التام لمرضه، وعجزه عن التكيف مع وضعه الجديد، فقد اختار “ويل” أن ينهي حياته، بعد أن تحول من رجل وسيم نشيط يجوب العالم، ويعمل بجد، ويمتلك أشياء كثيرة وإمكانات حياة مذهلة، إلى شاب قعيد لا يستطيع تحريك جسده، ويحتاج إلى المساعدة في الطعام وباقي وظائف الجسد الحيوية. وأربكه ذلك وجعله كئيبا وفظا، بالإضافة إلى الألم الجسدي الذي لا يطاق، والأمراض الدورية المصاحبة لشلله الرباعي، وعدم تحمله كم الألم اليومي، ورغم أن دخول “لويزا كلارك” إلى حياته مصادفة قد حسنها، حيث أضفت البهجة على حياته، إلا أنه قرر بشكل قاطع إنهاء حياته، حيث كان قد أعطى أهله مهلة 6 أشهر لتنفيذ قراره، ووظفت أمه “لويزا” في محاولة منها لتغيير رأيه، لكنها باءت بالفشل.
الحب تغيير ساحر..
الرواية تحكي قصة حب غير عادية، نشأت بين “لويزا” و”ويل”، من جانبه هو أدخلت “لويزا” على حياته البهجة بملابسها الغريبة وعفويتها، وارتباكها وتوترها، كفتاة ليست لديها خبرة في الحياة، ولم تخض الكثير من التجارب، ولم تخرج من مدينتها أبدا، وجعله ذلك يشعر بالمسئولية تجاهها، وحاول دفعها إلى اكتشاف إمكاناتها المخبئة وراء التكاسل والاستسلام للأمر الواقع. وبالفعل استطاع أن يحثها على التغيير وعلى اكتشاف إمكاناتها، وإلى توسيع آفاقها والحلم بفعل أشياء كثيرة،غير الاستسلام إلى عمل هامشي ذا أجر ضئيل.
وبمساعدته وتشجيعه تقدمت “لويزا” إلى الجامعة للحصول على دورة تدريبية، وقبلتها الجامعة ووعدتها بالالتحاق بها بعد اجتياز تلك الدورة، كما أنها أصبحت أكثر دقة في البحث عن مرض “ويل”، ومحاولة تغيير رغبته في الانتحار، وحاولت بجد واجتهاد لعدة أشهر أن تفعل ذلك. ومن جانبها كانت “لويزا” قد بدأت تشعر بأهمية “ويل” في حياتها، وأنه يعني لها الكثير وأنها مدينة بتغييرها الجذري له، وقررت أن تصارحه بحبها له، لكنه لم يحيد عن قراره لأنه لا يتخيل نفسه يعيش تلك الحياة، التي فرضها المرض عليه، واختارت هي أن تدعمه في قراره في النهاية، رغم قسوة ذلك عليها، وأن تحتفظ به داخلها خارج شرط الحضور الجسدي، فأصبح موجودا بمعنى ما، وهيأ لها “ويل” فرصة بعد موته لتكمل دراستها، ليس تفضلا منه لكن رغبة منه في أن يساهم بتغيير حياتها.
الرواية شديدة التميز، تصور كيف أن الحب يغير الإنسان ويجعله يكتشف كنوزه الدفينة داخله، كما أنه يظل موجودا حتى بعد اختفاء الحبيب جسديا، وأنه يمكن للحب أن يكون في اشكال متنوعة وكثيرة، ممكن أن يكون تأثير ايجابي لإنسان على إنسان آخر يفضل ملازما له طوال العمر، كما تحاول الرواية خلق جو من التفهم للموت الاختياري الذي يسعى إليه البعض.
الكاتبة..
“جوجو مويس” صحفية وكاتبة انجليزية، من مواليد 4 أغسطس 1969، في “ميدستون” إنجلترا، أصبحت منذ 2002 روائية وكاتبة سيناريو. وهي واحدة من عدد قليل من المؤلفين الذين فازوا مرتين بجائزة جائزة الرواية الرومانسية لعام 2016 من جمعية الروائيين الرومانسيين وترجمت إلى ثمانية وعشرين لغة.
قبل الالتحاق بالجامعة شغلت “مويس” العديد من الوظائف: كانت كاتبة في NatWest تكتب عبارات بطريقة برايل للمكفوفين، وكاتبة للنادي، وعملت في الميني كاب لفترة وجيزة. أثناء الدراسة الجامعية في “رويال هولواي”، جامعة “لندن”، عملت “مويس” بعض الأعمال، وفازت بمنحة مالية مولتها صحيفة الإندبندنت التي سمحت لها بحضور دورة صحافة الدراسات العليا في جامعة سيتي في عام 1992. عملت لاحقًا في صحيفة The Independent لمدة 10 سنوات حيث أصبحت تعمل كمساعد محرر الأخبار في عام 1998. وفي عام 2002 أصبحت مراسلة الفن والإعلام بالجريدة.
كتبت “مويس” ثلاثة مخطوطات رفضت جميعها في البداية. مع طفل واحد، وطفل آخر على الطريق، ومهنة كصحفية، ألزمت “مويس” نفسها أنه إذا تم رفض كتابها الرابع فإنها سوف توقف جهودها. بعد تقديم الفصول الثلاثة الأولى من كتابها الرابع إلى العديد من الناشرين أصبحت روائية تعمل بدوام كامل في عام 2002، عندما نشر كتابها الأول “مأوى” . وواصلت كتابة مقالات لصحيفة “الديلي تلغراف”.
رواية” أنا قبلك” باعت ستة ملايين نسخة، وذهبت إلى رقم واحد في تسعة بلدان، وأعادت تنشيط كتالوجها الخلفي مما أدى إلى أن تكون ثلاثة من رواياتها على قائمة أفضل الكتب مبيعاً في نيويورك تايمز في نفس الوقت. في عام 2016 تم عمل فيلم سينمائي من رواية “أنا قبلك” وتمت كتابة السيناريو بواسطة “مويس”.
فازت لأول مرة بجائزة الرواية الرومانسية لعام 2014 لجمعية الروائيين الرومانسيين عام 2004 للفاكهة الأجنبية ومرة أخرى في عام 2011 عن “الرسالة الأخيرة من حبيبك”..
تعيش “مويس” في مزرعة في “جريت سامفورد”، “إسيكس”، مع زوجها الصحفي “تشارلز آرثر” وأطفالهما الثلاثة.