13 أبريل، 2024 9:14 ص
Search
Close this search box.

رواية أزهار مسك الليل.. هلاك المرأة التي دون حماية

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية (أزهار مسك الليل) للكاتبة الإيرانية “مريم جعفرى”، ترجمة “هويدا عزت محمد”، نشر المركز القومي للترجمة، تحكي عن تحول فتاة من ابنة طبقة غنية إلى عاملة في مجال الدعارة، وكيف أن الظروف دفعت بها إلى ذلك.

الشخصيات..

بيتا: البطلة، فتاة جامعة في العشرينات من عمرها، والدها متوفى وهي تنتمي لعائلة غنية، فخالها رجل غني وأمها لها ثروة، تتزوج من رجل طماع يسلبها مالها وتتوالى عليها المآسي..

نسرين:  والدة “بيتا” وهي سيدة طيبة تحاول اختيار أشياء صائبة لابنتها لكنها في النهاية تنصاع لرغباتها.

بابك: ابن خال “بيتا”، كان يحبها حبا شديدا ويعاملها بصبر لكنها لم تقبل بالزواج منه لأنها خدعت في رجل آخر، وقد ساعدها عندما حلت عليها الكوارث.

الخال: رجل محافظ لكنه كان يعامل “بيتا” كابنته، وكان يرعى شئون والدتها وفكر في أن يزوجها من ابنه لكنها تمردت على سلطته.

فرشته: أخت “بابك” وكانت تتعامل بطيبة مع “بيتا” رغم أنها كانت ترى أخيها وهو يعاني معها.

مريم: صديقة “بيتا” وهي التي عرفتها على الرجل الذي خرب حياتها، فقد كانت تعرفه من قبل وأحبته لكنه تعامل معها بدناءة.

كامران: رجل سيء، عازف جيتار، ومدمن مخدرات، أول ما رأى “بيتا” سعى وراءها ليجتذبها حتى يتمتع بأموالها ونجح فيما سعى إليه وخرب حياتها، ثم انتهت حياته بتناول جرعة زائدة من المخدرات.

الراوي..

الراوي عليم، يحكي عن “بيتا” وحياتها بالتفاصيل التي قد تصل إلى حد جعل القارئ يمل، يسرف الراوي العليم في الحكي عن قصة الحب بين “بيتا” و”بابك” ثم حكايتها مع “كامران”، في حين يسرع الحكي بعد موت “كامران” والأحداث التي تعتبر هامة وتمثل تحولا خطيرا في شخصية “بيتا”، حيث تحولت من الغنى إلى الفقر وفقدت دعم خالها وعائلته وأصبحت معلقة في الهواء، ومحتاجة ماديا إلى حد جعلها تترك الجامعة وتعمل في أحد المصانع التي لا تلتزم بشروط السلامة المهنية، وتتعرض لمحاولات استغلال كثيرة .

السرد..

الرواية طويلة، تقع للأسف في فخ سرد تفاصيل كثيرة مملة بعيدة عن سير الأحداث، ثم وفجأة تسرع بشكل كبير، لتختصر أحداثا هامة وتتناولها على الهامش، يركز السرد بشكل أساسي على قصة الحب بين “بابك” و”بيتا” وبينها وبين “كامران”، ويركز على عرض أحاسيس “بيتا” وتقلباتها النفسية وكيف أنها فضلت “كامران” على “بابك” رغم أن كل الظواهر كانت توحي بأنه شخص غير موثوق فيه، وغير معروف أصوله بالنسبة لها، لكن عندما تحولت حياتها جذريا وأصبحت على النقيض مما كانته لم يهتم السرد بكشف تحولاتها النفسية، وإنما مر عليها مرورا، كما لم يهتم بعرض مشاهد هامة عن تقبلها لأن تبيع جسدها أو تنضم لصفوف الدعارة، وحتى عندما تم سجنها مر السرد سريعا ولم يصف ذلك رغم حاجة القارئ لمعرفة كيف مرت هذه الأحداث على البطلة.  تقع الرواية في حوالي 600 صفحة من القطع المتوسط.

هلاك المرأة التي دون حماية..

أهم ما يميز الرواية أنها تناولت ظاهرة تحول إحدى الفتيات من فتاة مرفهة غنية تتمتع بكل الإمكانيات المادية إلى فتاة تعمل بالدعارة، وهذا تحول كبير في الشخصية، لكن عيب الرواية أنها ركزت طويلا على شخصية “بيتا” وهي غنية ولم ترصد تلك التحولات التي حدثت لها بدقة، وإنما سردتها بشكل سريع، كما أنها فسرت الأمر بسوء الاختيار الذي قد يصل بالفتاة إلى مصير سيء والتعرض للتلاعب من شخص سيء وشرير ومستغل، فقد كانت بيتا مخطوبة ل”بابك” ابن خالها ومحاطة برعاية خالها وأسرته وأمها وابن خالها الذي كان يحبها بقوة، ويعاملها بصبر ومراعاة إلا أن طاردها “كامران” وتعامل بجرأة واستحوذ على اهتمامها، ونظرا لأنها عنيدة فقد أصرت على الارتباط به بعد أن تركت “بابك” لتكتشف الخديعة التي تعرضت لها، وتعش أحداثا سيئة فقد أصبح “كامران” يضربها وسعى لسرقة أموال والدتها بالخداع، وكانت أمه تعاملها بشكل سيء إلى أن اكتشفت أنه مدمن مخدرات وماجن، يقيم حفلات خليعة في بيتها أثناء غيابها وما ورطها في تلك الزيجة كونها أنجبت من “كامران” سريعا.

لكنها رغم ذلك ظلت على قوة شخصيتها، وقاومت “كامران” وطلبت منه الطلاق، وحاولت استعادة أموال أمها ونجحت في ذلك إلى أن مات “كامران” فجأة بجرعة مخدرات زائدة، مما وضعها في موقف سيء، فقد اضطرت أن تسدد ديون “كامران” نتيجة لتلاعبه في العمل، ولم يتبق لها ولأمها أية أموال، حتى أنهما فقدا بيتهما وأجرا شقة بسيطة، وأصبح على “بيتا” أن تعمل لتعيل أمها وابنها في وسط مجتمع سيء لا يترك الكثير للسيدات، فقد واجهت “بيتا” صعوبات جمة لكي تجد لها سكنا ولأمها لأنهما نسوة بدون رجل.

وأيضا تعذبت في أعمال يحاول الذكور فيها استغلالها، كما أن الأعمال نفسها تفتقد للشروط الأساسية لمهنة مناسبة، لكنها ظلت على قوتها ورفضت خضوعها للاستغلال رغم فقرها الشديد، وعملت بجد إلا أن جاءت لها كارثة أخرى وهي مرض ابنها، وشك الأطباء في أنه مصاب بمرض خبيث، وقد كان عليها أن تدفع ثمن عملية باهظة التكاليف لاستئصال ورم بمخ الطفل، وقد لجأت إلى أحد الأطباء الذي طلب منها بشكل مباشر وبوقاحة أن تعطيه جسدها مقابل إجراء العملية لابنها، وكانت هذه بداية السقوط كما صورت الرواية.

فقد استجابت مكرهه خوفا على حياة ابنها وفي محاولة منها لانقاد روحه، وذهبت إلى الطبيب وسلمته نفسها، ولم تهتم الرواية برصد هذا الحدث الهام الذي يمثل بداية تحول خطير في شخصية “بيتا” وفي حياتها فيما بعد،

كما لم تتبع الرواية حالة الطفل الصحية وتخبر القراء هل كان الولد مريضا بمرض خطير أم لا.

وأهم ثغرة في الرواية هي أنها قررت أن “بيتا” قد اتخذت الدعارة وسيلة لكسب المال دون أن تقدم أسبابها لفعل ذلك، ودون أن تستقريء مشاعرها الداخلية وأفكارها تجاه هذا الأمر على خطورته، وإنما تجاهلت الكاتبة أو الراوي العليم إظهار دوافع “بيتنا” رغم أنها في السابق كانت تدقق في رصد مشاعرها وأفكارها وصراعاتها النفسية.

كما تجاهلت الرواية رصد كيفية تطور “بيتا” في هذه المهنة الخطيرة وكيف تعاملت بعد ذلك مع مخاطرها وتفاصيلها إلى أن تم القبض عليها وغضبت عليها أمها، كما لم ترصد الرواية معاملة السجن ل”بيتا” أو كيف يكون الأمر في السجن بالنسبة للفتيات اللاتي يقبض عليهم في تهمه ممارسة الدعارة، وإنما اكتفت بمشهد أخير يظهر فيه “بابك” وهو يزورها في السجن ويطمئنها أنه يرعى ابنها وأمها، لكن يحسب للرواية أنها تعاملت بحياد مع “بيتا” حين تحولت إلى مهنة الدعارة ولم تصورها على أنها آثمة وإنما أظهرت كونها ضحية لظروف قاسية أجبرتها على ذلك.

كما أشارت الرواية بشكل سريع إلى أن الفقر وتخلف المجتمع ووجود كثير من الأشخاص الذين يتعاملون بمنطق الاستغلال والانتفاع من الآخر هو وراء تفشي ظاهرة الدعارة في إيران خاصة، وأن كل الذكور الذين كانت تقابلهم”بيتا” بعد موت زوجها كانوا يسعون لاستغلال جمالها وشبابها، إما بالزواج منها أو بدفعها إلى ممارسة الرذيلة.

وعن تناول الرواية لظاهرة البغاء فقد اتسم بالسطحية حيث أطلقت الرواية أحكام أقرب إلى التعميم، في معرض حكيها عن “بيتا”، فقد أقرت الرواية أن الفقر والظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة هي التي تدفع بالفتيات إلى ذلك الطريق، كما أقرت أن الرجال معذورون في البحث عن متعة لدى الفتيات، لأنهم أما مهجورون من زوجاتهم أو مهملون وضحية إهمال الزوجة أو تعنتها، أو هم ذكور لم يستطيعوا الزواج، فقد تلمست العذر للزبائن الذين يدفعون وجعلتهم ضحايا على قدم المساواة مع الفتيات اللاتي تضطر إلى بيع أجسادهن.

لكن يلاحظ في الرواية أنها لم تشر إلى قريب أو بعيد للمجتمع الإسلامي المتشدد الذي عليه إيران، ففي حكيها عن “بيتا” نجد حرية الفتيات في أن  يذهبن إلى الجامعة، ويذهبن إلى حفلات موسيقية، وأيضا إلى حفلات توزع فيها الخمر، وحتى عندما أصبحت “بيتا” فقيرة لم نلاحظ كقراء أية بوادر لمجتمع متشدد دينيا، وإنما مجتمع فاسد اخلاقيا عامل المرأة كمواطن درجة ثانية.

الكاتبة..

“مريم جعفري أزرماني” هي شاعرة و ناقدة أدبية ومترجمة إيرانية، وُلدت في 1977 في العاصمة الإيرانية طهران.

بدأت “مريم” في كتابة الشعر في عام 1996، و هي تنشر العديد من الكتب الشعر منذ عام 2007. تخرجت من جامعة الزهراء حاصلة على درجة الماجستير في الأدب الفارسي، و كان عنوان أطروحتها “تحليل أثر مئة قصيدة لحسين منزوي القائمة على نظريات جرايس”. درست مريم الترجمة من اللغة الفرنسية و قد حصلت على ليسانس فيها، و ترجمت أيضًا أشعار فرنسية.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب