خاص: قراءة- سماح عادل
روايةَ “يا مالكاً قلبي” للكاتبة اليمنية “سهير علوي” تحكي عن قصة حب رومانسية، تقف أمامها عوائق اختلاف المذاهب الدينية.
الشخصيات..
البطلة: هي “سارة”، شابة يجعلها الحب تغير حياتها تماما، وهي البطلة الرئيسية وباقي الشخصيات ثانوية، حتى شريكها في علاقة الحب تحكي عنه.
الراوي..
الراوي هو البطلة، التي تحكي بضمير المتكلم، وتحكي عن نفسها ومشاعرها وانفعالاتها كما تحكي عن الشخصية الأخرى “عمر” وعن باقي الشخصيات الثانوية من خلال تفاعلها معهم وعلاقتها بهم.
السرد..
الرواية قصيرة، تركز على حكاية واحدة هي حكاية حب “سارة” ل”عمر”، وكيف بدأ ثم تطور، وتبدأ الحكاية بحكي “سارة” عن نفسها وحياتها داخل عائلتها، ثم تحكي الأحداث تصاعديا حتى تصل الأمور إلى تعقيدات كبيرة ثم تنحل لتنتهي الرواية نهاية سعيدة.
اختلاف المذاهب..
أهم ما يميز الرواية هي جرأتها في طرح فكرة اختلاف المذاهب الدينية، كأحد معوقات علاقة حب، ف”سارة” تنتمي إلى مذهب ديني و”عمر” ينتمي إلى مذهب آخر، لكنها رغم ذلك لم تهتم وحين أحبت قررت أن تذهب إلى البلد الذي يدرس فيه حبيبها وتعيش معه، رغم أنه رفض وحذرها، لكنها اتخذت قرارها. وربما يكون ذلك نتيجة لحداثة سنها وعدم تقديرها لأمور بالغة التعقيد في مجتمعات محافظة مثل المجتمعات الشرقية، وربما يكون انتصارا لها للحب واعتباره أهم ما في الحياة.
فنجد “سارة” تحب بكل كيانها، وترى أن “عمر” هو كل حياتها، ولأجله ضحت بأبيها وأمها وبعائلتها وبالأمان في وجودها وسط عائلتها، لكنه هو لم يكن على نفس مستوى حبها له، وإنما كان رد فعل لها. فقد كان يستجيب للقدر الكبير من محبتها له ولا يستطيع أن يرفض كل ذلك الكم من المحبة، لكن من سلوكياته التي تحكيها “سارة” بصوتها، نتبين أنه لم يكن لها نفس القدر من المحبة، وأنه أصبح في موقف مضطر أن يتصرف إزائه. حين تركت بيتها وسافرت من دبي حيث تعيش عائلتها إلى تركيا حيث يدرس، وحين حاول اقناعها بالعودة إلى عائلتها رفضت واستبسلت في التمسك به، مما أخجله وجعله يوافق على وجودها ثم تزوجها. ونجد “سارة” فرحة بهذا الزواج تشعر أنها تعيش حلم حياتها، في حين أن “عمر” يعيش وفقا لما تريده هي وتتمناه.
التحول..
ثم يحدث التحول بانتهاء فترة دراسة “عمر” وذهابه إلى بلده الذي ينتمي إليه، لنكتشف أنه يمني من عائلة غنية وأن عائلته تعيش في قصر كبير، وحين يعود مع زوجته “سارة” تتحول حياته، حيث ترفض أمه ذلك الزواج وتكرس جهودها لتحويل حياة “سارة” إلى جحيم. فيتضح هنا تأثير اختلاف المذاهب فوالدة “عمر” ترفض “سارة” لأنها من مذهب آخر، وهو نفس المذهب الذي ينتمي إليه أولئك الأشخاص الذين قتلوا أشقاءها في اليمن، وبالتالي فهي نقلت العداوة التي تحملها تجاه من قتلوا أشقاءها إلى “سارة” لمجرد أنها تنتمي لنفس المذهب الديني.
وقد تعاملت معها بقسوة شديدة، وأسكنتها في غرفة مظلمة وسيئة التهوية في القصر، لتخفي “سارة” عن العيون. ولتمعن في إذلالها ولتجبرها على الرحيل، لكن “سارة” تقاوم وتظل تقاوم مدفوعة بقوة حبها ل”عمر”. و”عمر” من جانبه يتعامل بتجاهل، يتجاهل معاناتها مع أمه وباقي أهله، ويتجاهل الوضع السيئ الذي أصبحت تعيش فيه، وينشغل بعمله الجديد.
لكنه رغم ذلك لا يتخلى عنها رغم إلحاح والدته الشديد عليه ليهجرها ويطلقها، لكنه يأبى ذلك، لكنه يفعل ذلك من باب الرجولة والشهامة لأن “سارة” تخلت عن عائلتها وأمانها واستقرارها لأجله، وليس لها أحدا في الحياة غيره. فنشعر كقراء أن الحب ليس هو الدافع الحقيقي لتمسك “عمر” ب”سارة” وإنما الشهامة والتصرف بنبل.
حتى “سارة” نفسها تشعر بذلك، وتبدأ تشك في أنه يحب تلك الفتاة التي كان خاطبا لها قبل تعرفه علبها. لكنها لا تفعل شيء لأن حبها أقوى من أن تأخذ موقفا تجاه المعاملة القاسية، حتى إن صحتها ساءت نتيجة لتلك المعاملة القاسية.
وهم..
لكنها حين تشعر أن حب “عمر” لها كان وهما، حين تراه وقد تزوج من خطيبته السابقة، وأقام حفل زفاف، تتحول كل طاقة الحب داخلها والتي دفعتها أن تتمرد على حياتها وأهلها ومذهبها الديني لأجله، وتتحول إلى رافضة له وما فعله بها، وتترك القصر في الليل رغم أنها حامل وصحتها ليست بخير. وتخاطر بالخروج ليلا في بلد به حرب طاحنة، وتذهب إلى المطار وتسافر إلى تركيا، حيث الكوخ الذي تزوجت به “عمر” لأنها لا تريد أن تعود لأهلها. وتقرر أن تبدأ حياتها من جديد وتتحمل عواقب ما فعلته لأجل الحب.
وتجلس في الكوخ تقلب أفكارها وتحاول استعادة قوتها وقدرتها على الفعل، حين تشعر بحركة ما لتكتشف أنه “عمر”، الذي أثبت لها أنه يحبها وأن تضحيتها الكبيرة لم تذهب هباء، وأنه ضحى من أجلها بخطيبته وأهله ليعود إليها.
الرواية تعلي من شأن الحب والمشاعر والعلاقة الإنسانية في مقابل الاختلافات والصراعات والحروب، فرغم أن اختلاف المذاهب والصراعات حولها تتفشى في المنطقة، ورغم التعصب الشديد كل لمذهبه، والسائد بين قطاع كبير من البشر في مجتمعاتنا الشرقية، إلا أن الحب رغم ذلك ممكن أن ينتصر على الاختلافات والصراعات وممكن أن يجمع اثنين مختلفين في المذهب الديني، لكنها متفقين في أهمية المحبة الإنسانية. الرواية مكتوبة بلغة منتقاة بعناية تفيض بالأحاسيس والمشاعر وترصد قوة ومحبة “سارة” ونبل “عمر”.