7 أبريل، 2024 2:03 م
Search
Close this search box.

روايات “إيزابيل الليندي” .. القص بطعم السحر والكفاح

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – سماح عادل :     

تتميز الكاتبة التشيلية “إيزابيل الليندي” بتنوعها.. فهي من أحد كتاب أميركا اللاتينية المشاهير.. بدأت كتابة الروايات حين قاربت على الأربعين، وذاع صيتها كروائية عالمية بيعت أكثر من 65 مليون نسخة من كتبها وترجمت إلى 35 لغة، كما وتحولت إلى أفلام ومسرحيات.

كاتبة المهمشين والمضطهدين..

روايات إيزابيل الليندي تهتم بالنساء في المقام الأول نضالهن وقضاياهن، لكنها أيضاً لا يمكن وصفها بأنها “كتابات نسوية” صرفة، فكتاباتها تعني بالشأن السياسي في العالم سواء على مستوى الأحداث التاريخية أو الأحداث الجارية، كما أنها تتضمن قضايا أخرى.. فـ”إيزابيل الليندي” تكتب عن “الأقليات”، وعن “المضطهدين”، وتعالج قضايا حيوية كالبيئة، والعنصرية، وتوحش الرأسمالية.. كما كتبت رواية بوليسية، وكتبت سلسلة روايات للناشئين إرضاء لأحفادها.

إنتاج ايزابيل الليندي يتسم بالغزارة.. حيث أنها تحدد موعد سنوي للتفرغ للكتابة في الثامن من كانون ثان/يناير، ففي أول رواية لها، “بيت الأرواح”، كتبتها في صورة خطاب طويل لجدها الذي أوشك على الموت، كان ذلك الثامن من كانون ثان/يناير 1981. وجدت نفسها تكتب كل شئ، كل ما حدث لها في طفولتها وشبابها، كل ماضيها وحاضرها.. ومن هنا بدأت الكتابة تمثل لها طريق للتعرف على الذات، ووسيلة تعيد بها إلتئام روحها التي مزقتها الغربة وموت ابنتها، وأحداث أخرى كثيرة، أصبحت بعد ذلك تبدأ كل مشروعاتها في ذلك الوقت، كعادة سحرية، وأيضا كنوع من الإلتزام السنوي، وتقريباً تصدر رواية كل عام، كما أنها تقوم بعمل بحث علمي تجمع فيه مصادر ومعلومات وكتب عن الموضوع الذي تنوي الكتابة عنه، سنتوقف عند روايات لها.

– رواية “الجزيرة تحت البحر”:

في رواية “الجزيرة تحت البحر”، ترجمة “صالح علماني”.. تتناول ايزابيل الليندي قصة العبودية، البطلة “زاريتيه” من غينيا يتم استعبادها، تتابعها الرواية منذ طفولتها وتتابع معها قصة حقول قصب السكر وحياة العبيد القاسية، في جزيرة تدعى “ساندومانغ” في القرن الثامن عشر، وكيف يتم انتهاك العبيد لتحقيق الأرباح في زراعة محصول كان مكتشف وقت ذاك، وإنتاج سلعة جديدة “السكر”، عانت “زاراتيه” من سيد يمتلك قوة عملها وجسدها، حرمها من أول طفل لها، ورغم أنها أنقذت حياته حين قامت ثورة العبيد، وربت أبناءه من زوجته إلا أنه يعذبها حتى يحررها، وحين تحصل على حريتها تستطيع أن تتزوج من تحب، وتعيش مع ابنتها التي أنجبتها من السيد بعد كفاح آخر، لكنه كفاح يمتزج بطعم الحرية. تصور الرواية الظروف التاريخية والسياسية للاستعباد في تلك الفترة وثورات العبيد وكفاحهم لنيل التحرر.

– رواية “دفتر مايا”:

رغم أن الكاتبة ألفت تلك الرواية، “دفتر مايا”، ترجمة “صالح علماني”، خصيصاً لحفيدتها المراهقة، إلا أنها لا تعد رواية للناشئين، فهي رواية متكاملة الجوانب، تصور عالم تجارة المخدرات والجريمة في أميركا، من خلال البطلة “مايا” التي تتورط دون أن تدري في ذلك العالم بعد أن اجتذبتها المخدرات بعد مأساة موت جدها الذي رباها، تظل أكثر من العام ضائعة، يستغلها أحد المجرمين للترويج لتجارته، تتعاطى كل ما يقع عليه يديها من أنواع المخدرات، ثم تنقذها إحدى الراهبات الملونات لتعود إلى جدتها، ولأنها متورطة مع الشرطة تعيش في جزيرة مع صديق لجدتها، تكتشف فيما بعد أنه جدها لأبيها. الرواية تصور كيف يتدهور حال المراهقين في بلد طحنتها وحشية الرأسمالية “أميركا”، وكيف استطاعت “مايا” أن تبدأ من الصفر لتتخلص من حياة كادت تودي بها إلى الموت، وتبدأ من جديد بعد أن تتعرف على ذاتها ومكامن القوة فيها، وكأن الحل في وجهة نظر الكاتبة هو الخروج من أميركا بكل أمراضها وتوحشها.

– رواية “لعبة نازع الأحشاء”:

حين تحدت إيزابيل نفسها وشرعت في كتابة رواية بوليسية، استمرت على تميزها، ففي رواية “لعبة نازع الأحشاء”، ترجمة “رفعت عطفة”، التي كانت بطلتها فتاة مراهقة “اماندا مارتين”، والدها شرطي وأمها معالجة “انديانا جونسون”، تدير الفتاة فريق بحث يحل ألغاز القضايا البوليسية والجرائم، خمسة من المراهقين يتواصلون على الإنترنت لأنهم من مناطق بعيدة، لم تكن رواية بوليسية كالمعتاد بل تعمقت الكاتبة في رسم الشخصيات، وكأنها تتحرك أمام القارئ، قصة حياة “انديانا” وعلاقتها بحبيبها الحالي ووالدها، وكيف تعيش نمط من الحياة متقشف، وكذا قصص رجال يحيطون بها إلى أن تقع ضحية لقاتل متسلسل ينتقم لطفولته المعذبة، ويقتل كل من ساهموا في معاناته، ثم يحب “انديانا” ويسعى لقتلها لأنها لم تقبله، بعد أن يتنكر في شخصيتين واحدة صديقة لها مصابة بالسرطان، والثانية مريض لديها يعاني من توتر مزمن، وترصد الرواية الواقع المحيط بالأسرة، وتربط ذلك بأحداث سياسية، مثل وحشية الأميركان في أفغانستان، وقتل الأطفال من خلال جندي أميركي متقاعد صديق لأنديانا.

– رواية “حصيلة الأيام”:

هي الجزء الثاني لمذكرات ايزابيل الليندي، بعد رواية “باولا”، التي كتبتها لابنتها المحتضرة، والتي نالت شهرة عالية، في “حصيلة الأيام” تستمر إيزابيل في التحدث إلى ابنتها المتوفاة، وتحكي عن أسرتها، ابنها وزوجته وأولاده، وزوجها الأميركي الذي تزوجته وهي في منتصف الأربعين، وأسرته وأولاده، الرواية تمتلئ بالحميمية وبروح الكاتبة التي تؤمن بظهور الأرواح، وأن روح ابنتها تطوف حولها لترعاها وترعى أسرتها، وبأشياء سحرية كثيرة، مثل الأبراج وتدخلها في مصائر الناس، كما نشعر بحميمية إيزابيل التي اكتسبتها من أصولها التشيلية، والتي لم تنجح المادية الأميركية في نزعها منها، وحرصها على التواصل اليومي مع أمها التي تسكن بعيداً، ورعايتها لابنها وأسرته وأبناء زوجها وأصدقاء مقربون، وتجميعهم لتشكل حولها قبيلة من الأحبة.

وُلدت إيزابيل الليندي في 2 أغسطس 1942، كان أبوها “توماس الليندي” سفيرًا، انفصل عن والدتها عام 1945 لتعود الأم بأطفالها الثلاثة وتستقر في تشيلي حتى 1953، ثم انتقلت العائلة إلى بوليفيا، ومن ثم لبنان، حيث ارتادت إيزابيل المدرسة البريطانية الخاصة في بيروت، ومن ثم عادت إلى تشيلي عام 1958 لتكمل تعليمها الثانوي، وهناك ألتقت زوجها الأول “ميغيل فرياس” الذي تزوجته في 1962.

في الفترة منذ 1959 وحتى 1965 عملت إيزابيل في “منظمة الغذاء والزراعة” التابعة للأمم المتحدة في سانتياغو، وفيما بعد في بروكسل، وأماكن أخرى في أوروبا، عادت الليندي إلى تشيلي في 1966، وُلدت ابنتها باولا في 1963، وفي عام 1966 وُلد ابنها نيكولاس.

في 1973، حصل الانقلاب الدموي على عمها سلفادور أيندي الذي قُتل خلال الاستيلاء الدموي على “القصر الرئاسي التشيلي”، في 1975 نُفيت الليندي إلى فنزويلا حيث عملت في جريدة “كاراكاس إل ناسيونال”، كما عملت معلمة في مدرسة ثانوية.

كتبت حتى الآن واحدًا وعشرين كتابًا، ونالت العديد من الجوائز مثل: “وسام غابرييلا ميسترال للاستحقاق”، وهي أول سيدة تحصل عليه، وجائزة تشيلي الوطنية للأدب، وأخيرًا ميدالية “الحرية” المقدمة من رئيس أميركا في عام 2014.

من أعمالها: “بيت الأرواح” رواية 1982، “سيدة البورسلين البدينة” رواية 1984، “عن الحب والظلال” رواية 1985، “إيفا لونا” رواية 1987، “حكايات إيفا لونا” قصص قصيرة 1990، الخطة اللانهائية رواية 1991، “باولا” سيرة ذاتية – مذكرات 1994، “أفروديت” وصفات، قصص، و”أفروديتيات أخرى” 1997، “إبنة الحظ” رواية 1999، “صورة عتيقة” رواية 2000، “مدينة الوحوش” رواية 2002، “بلدي المخترع” مذكرات 2003، “مملكة التنين الذهبي” رواية – رواية للأطفال والبالغين 2004، “غابة الأقزام” رواية – رواية للأطفال والبالغين 2005، “زورو” رواية 2005، “إنيس يا حبيبة روحي” رواية 2006، “حصيلة الأيام” مذكرات 2008، “الجزيرة تحت البحر” رواية 2010، “لعبة نازع الأحشاء” ، 2015.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب