26 أبريل، 2024 9:38 ص
Search
Close this search box.

“رمسيس راح فين ؟” .. سؤال سينمائي بلا إجابة لـ”عمر بيومي” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتب – عمر رياض :

(رمسيس راح فين ؟).. عنوان بالعامية المصرية إختاره المخرج، “عمر بيومي”، لفيلمه التسجيلي الطويل، وهو ليس أول أفلام المخرج والممثل المصري، المولود في تموز/يوليو عام 1961، في شارع “الشيخ قمر” بحي “السكاكيني”؛ أحد أحياء “القاهرة”.

حصل “بيومي” على بكالوريوس الإخراج من “المعهد العالي للسينما”، قسم الإخرج، عام 1985, عمل مخرجًا مساعدًا في 15 فيلم روائي، بين عامي 1984 – 1988؛ مثل فيلم (جري الوحوش)؛ للمخرج، “علي عبدالخالق”، عام 1987..

عمل مديرًا عامًا لشركة “يونايتد سينماس إنترناشونال”؛ في “لندن”، بين عامي 1991 – 1994, ثم منسقًا في إحدى شركات الإنتاج في “القاهرة”، بين عامي 1995 – 1997, له العديد من الأفلام التسجيلية؛ مثل (كلام في الجنس). وله فيلمان روائيان؛ هما (الجسر)؛ عام 1997، بطولة، “محمود مرسي” و”مادلين طبر”، وفيلم (بلد البنات)؛ عام 2008، بطولة، “فرح يوسف” و”ريم حجاب”.

(رمسيس راح فين ؟)؛ هو آخر أفلام “عمر بيومي”، التسجيلية الطويلة، وهو الفيلم الحاصل على الجائزة الكبرى في “مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام المستقلة التسجيلية والقصيرة”.

سيرة ملك مصري قديم وسيرة مخرج معاصر..

القريبون من “عمر بيومي” يعلمون أن الكاميرا لا تفارق يده معظم الوقت، بعيدًا عن أوقات العمل، “الأوردر”، بلغة السنيما، هو مغرم باللقطة الفوتوغرافية؛ الجمال والتكوينات والألوان، كما أنه مُغرم بالموسيقى والموسيقيين كدرويش في “حفلة زار”.

في سنوات ما بعد، ثورة 2011، اعتاد “بيومي” على التواجد بشكل متكرر في محيط وسط المدينة بـ”القاهرة”؛ مرة برفقة صديقه السينمائي، “مجدي يوسف”، أحد رفاق دربه، والذي غادر عالمنا منذ وقت قصير؛ وقبل أن يظهر الفيلم على شاشة العرض.

واعتاد الظهور مرات برفقة طفلته الوحيدة، “حنين”، خاصة في المهرجانات الفنية التي تناسب مزاج الكبار والصغار معًا؛ مثل مهرجان “الفن ميدان”، الذي كان يقام في ساحة “قصر عابدين” لسنوات بعد ثورة 2011، وفي معظم هذه الأوقات كنت أشاهده يحمل كاميرته الخاصة تصور “حنين” وجيلها وأجيال أخرى تصنع البهجة في الساحات الفنية عبر أنواع الفنون المختلفة.

حكى لي “عمرو” عن صديقه ورفيق دفعته في “معهد السينما”، المخرج، “أسامة فوزي”، الذي حزنت معظم الأجيال لرحليله، منذ أشهر قليلة.. أثناء تصوير فيلم (بحب السيما)، لـ”أسامة فوزي”، لم يكتفي “عمر” بحضور التصوير كعادة الزملاء مع بعضهم البعض، لكنه أحضر كاميرته الخاصة، كالعادة، وصنع فيلمًا تسجيلًا مع البطل الصغير في الفيلم، “يوسف عثمان”.

عين “بيومي”، التي لم تتوقف عن تسجيل تفاصيل الزمن؛ قد تشبه عين تمثال الملك “رمسيس”، الذي يقف في الميدان وكأنه شخص يشاهد أو يسجل من أعلى أزمنة عابرة أسفل قدميه. ربما كان هذا الخيال والولع بالفن القديم وتفاصيل تاريخه؛ سببًا جعل التمثال الأشهر للملك، بين كل تماثيله، تحرك بشكل خاص أمام كاميرا “بيومي”.

قليلًا ما ظهر تمثال “رمسيس” على شريط السينما، على الرغم من وجوده لزمن طويل؛ إنتقل خلاله بين أهم ميادين “مصر” التي لا تخلوا الأفلام من لقطات ضيقة وواسعة لها، لكن دون ظهور للتمثال.

هنا في الفكرة التي ولدت مع نقل التمثال، في 2006، أصبح التمثال “بطل”.. بطل لا يسير في شوارع العاصمه فقط؛ ولكن “بطل” في أفلام سينما وحتى إعلانات الرسوم المتحركة.

ومضات في لقاء بين تاريخ السلطة وحرية الفن..

مزج “بيومي”، في فيلمه، بين سيرته الذاتية التي يتقاطع معها تمثال الملك المنتصب في ميدان يمر عليه المخرج منذ كان طفلًا، ذلك بسبب إقامته في حي “السكاكينى”، القريب من ميدان “رمسيس”.

فى حوار خاص لـ (كتابات)؛ يحكي “عمر بيومي”، رحلته مع “رمسيس” قائلًا :

“فكرة أن التمثال سوف يتم نقله؛ كنت أتابع أخبار هذا النقل عبر وسائل الإعلام”.

وهنا يعود المخرج للكاميرا، في الحوار: “كُنت أريد أن أعرف خط المرور الخاص بنقل التمثال؛ حتى أتمكن من وضع الكاميرات وتثبيتها في مساره طوال الطريق”.

ويكمل: “كان يربطني بالحدث ثقله التاريخي، إحساس خاص توجهت له أثناء تصوير الرحلة، والترتيب مع مواقع التصوير، إن كان فندق أو شقة صديق، واستطعت تصوير نقل التمثال كما قمت بتصوير مقابلة مع، الدكتور “عبدالغفار شديد”، أستاذ تاريخ الفن”.

موضحًا: “عايشت حدث نقل التمثال، سواء قمت بتصويره أم لا، فأنا أراه وأتفاعل معه، فحالة الناس والتفاعل مع الحدث هو ما أدهشني، وشُعرت أن هذا هو الموضوع الذي يجذبني لصنع الفيلم، خاصة الكلام وقتها حول الفتوى التي أصدرها الأزهر بتحريم التماثيل؛ والتي كانت حدث واقعي يهدمه الحدث الجلل”.

متابعًا “بيومي”: “تواصلت مع، محمد هاني، رئيس تحرير برنامج (البيت بيتك)، وقتها، في التليفزيون المصري؛ وحصلت على الفتوى، كما تواصلت مع، مهيب، وحصلت على إعلان رمسيس الذي أدخلته على الفيلم”.

“هذا ما حدث في 2006، لكن شعرت بعد التصوير أن هذا الخام من الصور يججب أن يُترك قليلُا، لأن الحدث مازال عالقًا بذهن الناس، أيضًا شعرت أن فكرة رد الفعل غير مناسبة مع الحدث”.

يواصل المخرج المصري حديثه: “بعد فترة الثورة، في 2015، كُنت أقلب في الصناديق القديمة؛ فوجدت إسطوانة عليها 4 دقائق من مادة نقل تمثال رمسيس، لم أكن ناسيًا، لكن أنت تعلم أن وقتها كانت شرائط، (مينى دي. في)، فقررت أن أخرج الشرائط لأرى كيف سأتعامل معها”.

في البداية؛ كانت هناك معالجة قائمة على أن التمثال هو من سيحكي الرحلة، قبل المعالجة الأخيرة، التي خرجت، وكان هناك لقاء مع كُتاب، كُنت أرى أن النص يحتاج شخص لديه حس خاص بالكتابة واللغة.

“جاءت منحة المونتاج، في ذلك الوقت، وتقدمنا بالمعالجة الأخيرة لها، هنا كانت المسافة بين تغيير المعالجة والتقدم للمنحة ثلاث أشهر، وشعرت أني تورطت، شعرت أني لن أكون الصوت الموضوعي للمشاهد، مثل تركيبة أي فيلم تسجيلي. سألت ماذا سيعني هذا الشخص للمشاهد، ما هي العلاقة التي ستبنى مع المشاهد، لذلك كان هناك مقومات لفكرة التورط الشخصي، خصوصًا أني مازلت أحتفظ بالخاص في حياتي حتى في الدوائر القريبة، حتى وصلت إلى محور الفيلم أو نقطة علاقتي بأبي”.

عن الإنتاج؛ يقول “بيومي”، أنه لا يوجد في “مصر” مؤسسة معنية بإنتاج الفيلم التسجيلي، وهو ما جعلنا نبحث عن مؤسسة مثل صندوق “دوكس بوكس” الألماني.

بدأ “عمرو” الحديث، أمام “المايك” ونحن نجلس في بيت عائلته في حي “السكاكيني”، المنزل الذي عاد إليه مؤخرًا؛ بعد رحلة طويلة يحكيها في الفيلم ممزوجة برحلة التمثال الشهير، “رمسيس”.

أين ذهب “رمسيس” ؟

“بيت السكاكيني”؛ هو المشهد الإفتتاحي في فيلم “بيومي”..

يبدأ فيلم (رمسيس راح فين ؟)؛ من حكاية مخرجه الذاتية، بيت “السكاكيني”، كما ذكرنا، يحكي “بيومي”، على “شريط الدغيتال”، حكاية عن أول مرة يحصل فيها على مفتاح البيت وقت أن كان طفلًا، وأوائل المرات التي يمر فيها على “ميدان رمسيس” القريب جدًا من منزل عائلته، وهو في طريقه إلى المدرسة أو أثناء ذهابه وإيابه إلى المنزل بشكل عام.

ثم يبدأ بربط تاريخ رحلة التمثال بمحور الفيلم؛ أو علاقته بأبيه، “كرمز للسلطة المطلقة”، والتأديب بالعصى.

قليلًا ما ظهر تمثال “رمسيس” على شريط السينما، هذا هو المجهود البحثي المختفي خلف الفيلم.

في فيلم (باب الحديد)؛ يظهر تمثال “رمسيس” لأول مرة، أدخل “بيومي” هذا المشهد الشهير، لـ”يوسف شاهين” و”هند رستم”، على الشريط “الدغيتال” لفيلمه التسجيلي.

لم تكن لقطة (باب الحديد)، اللقطة الوحيدة لتمثال “رمسيس” في السينما، فقد ظهر التمثال كممثل في إعلان رسوم متحركة بعنوان (رمسيس راح فين ؟)، وهو عنوان الفيلم، ومحور الخط الاجتماعي التاريخي الذي مزج فيه “عمر” بين رحلته الذاتية ورحلة التمثال.

في 25 آب/أغسطس سنة 2006، من “البر الشرقي” فى طريقه إلى “وادي الأبدية”، لكن لم تكن تلك الرحلة هي الأولى للتمثال المُكتشف في “ميت رهينة”، في مطلع الخمسينيات.

أيضًا لم تكن أسباب النقل واضحة أو واحدة على لسان عدد من المصادر المسؤولة، التي نقل عنها الفيلم المعلومات.

يسير خط الفيلم بين السياسي والاجتماعي والفني؛ ليضيء جوانب حول مفهوم “السلطة” و”الحرية” و”الفن”؛ من خلال تلك الرحلة التي يحيها “عمر بيومي” بحيادية.

ينتهي الفيلم بلقطة قريبة لوجه “الملك رمسيس” يختفي خلف البنايات الإسمنتية للعاصمة، وفي خلفيته أغنية (عم يا جَمال)، التي وضعها المُعد الموسيقي في خاتمة الفيلم، بينما تُشرق شمس يوم 26 آب/أغسطس.

يذكر أن “عمر بيومي”، بين الحين والآخر في حديثه أسماء فريق العمل، الذي رافقه في رحلة الفيلم، والذي وضعه على “تتر” الفيلم أيضًا. مثل الموسيقار ولاعب العود، “أحمد عمران”، والمصور، “مجدي يوسف”، وآخرون.

ينتهي الفيلم بأغنية من إعلان الرسوم المتحركة، وهي نفسها منبع السؤال الذي يظل بلا إجابة.. (رمسيس راح فين ؟).

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب