17 نوفمبر، 2024 5:52 ص
Search
Close this search box.

“رضوان جاموس”.. المسرح فن مركب تتفاعل فيه جميع الفنون البصرية

“رضوان جاموس”.. المسرح فن مركب تتفاعل فيه جميع الفنون البصرية

 

خاص: سماح عادل

“رضوان جاموس” مخرج سوري. وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل، بدأ نشاطه منذ عام 1974 في مسرح الشبيبة والمسارح المتاحة في المحافظة في تلك الفترة قبل انتسابه للمعهد وتخرجه فيه عام 1981، حيث شارك وأخرج العديد من المسرحيات وشارك كممثل محترف بالعديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية والسينمائية. وهو عضو في نقابة الفنانين منذ عام 1981. من أعماله في المسرح (الخدامة، سفرة بلا سفر، كوميديا السلام، ابن الغابة، حكاية بلا نهاية، وسرب العصافير) وغيرها. وفي السينما (نجوم النهار، الليل، القناع) وفي التلفزيون (المنعطف، الاحتفال، أشجار البحيرة، حوش المصاطب، جذور وجسور، ومسلسل نهارات الدفلي، الخطوات الصعبة، الفراري، أمواج، لعنة الطين، صلاح الدين الأيوبي، وسيف بن ذي يزن).

بقاء المسرح..

في حوار معه أجراه “خير الله علي” يقول “رضوان جاموس” عن بقاء المسرح: “إن استمرار المسرح وبقاءه فنا حاضرا وفاعلا في المجتمع في ظل التطورات السريعة والمتسارعة لتكنولوجيا المعلومات والهواتف النقالة والأقمار الاصطناعية مرهون بالعقول التي تشرف على هذا الفن، وتعتبر أنه علم وفن وصناعة عندها فقط يمكن القول إن مستقبل المسرح بخير”.

وعن مسيرته الفنية خلال أكثر من أربعة عقود، يقول: “إن المسرح بالمطلق هو فن حي ومتجدد وهو أيضا فن مركب تتفاعل فيه جميع الفنون البصرية ويجاور أيضا بعض الفنون التي يمكن تسميتها الفنون الانفعالية اللحظوية مثل الشعر والقصة القصيرة بفرق أن فن المسرح يحتاج إلى زمن في مواصلة العمل قد تأخذ شهورا للوصول إلى النتاج المطلوب. في ظل التطورات السريعة والمتسارعة لتكنولوجيا المعلومات أصبح الفضاء متاحا ومباحا للضخ بسلع الاستهلاك التي عملت على غزو العقول وإذكاء الغريزة وأفرزت مفرداتها ومصطلحاتها في الميديا وشبكات التواصل الاجتماعي والفضائيات”.

المشروع المسرحي..

ويضيف: “المشروع المسرحي له هدف وهو إيصال فكرة اجتماعية أو تاريخية أو إنسانية أو سياسية وللوصول إلى هذا الهدف ينبغي أن يقوم المشروع على بنية عمادها النص والممثل والتقنيات الفنية والفضاء المسرحي “المكان” وعلى متلقّ، وأي خلل في هذه البنية سيؤثر سلبا في إيصال النص المسرحي إلى هدفه وهو التفاعل مع المتلقي.

وحول توجه أغلب المخرجين نحو النصوص العالمية وابتعادهم عن النصوص العربية والمحلية أو لجوئهم إلى كتابة النص وإخراجه، يقول أن “هناك الكثير من المخرجين الذين يعتبرون أن النصوص العالمية المترجمة تحقق لهم مكاسب فنية أكبر رغم ما تحمله أحيانا من غرابة وغربة وهناك البعض ممن تناول نصوصا عربية أو محلية وحقق من خلالها نجاحا.

هناك من يرى أن مثل هذه النصوص لم تعد صالحة في هذا الزمن أو أن الفكرة والشخصيات والحوار قد عفا عليها الزمن أو تجاوزتها الحياة بينما لاذ بعض مخرجينا بكتابة النصوص المسرحية بأنفسهم وهذا أوقع البعض أو ربما الكثير منهم في مطبات سميت عروض النص المسرحي معتبرا أنه ظهر من المخرج الكاتب فقط.

عدم وجود كتاب مسرحيين جدد محترفين وأصحاب خبرة في طبيعة الفن المسرحي هو سبب مباشر في الفوضى الحاصلة في اختيار أو كتابة نص، لقد كتبت للمسرح العشرات من الأعمال مع فريق العمل ولاسيما أني كنت أكتب نصا لعرض مسرحي وليس عرضا لنص مسرحي، وهذا أكسبني مع الزمن القدرة على الحصول على أدق التفاصيل أثناء عملي مع الممثلين. ميزة نص العرض هي في قيمة الفعل المسرحي والصدق الفني والحياتي ولا يكتمل نص العرض لغاية عرضه أمام الجمهور وبهذا يظل نص العرض حيا وإن جنح نحو خسارة الكاتب المخرج لنص أدبي فهو بالأساس كتبه كنص عرض وليس كعرض نص”.

الحرب والمسرح..

وعن تأثير الحرب في سوريا على المسرح وعن الدور الذي كان على المسرح القيام به في مثل هذه الظروف يقول: “الحرب أفرزت الكثير من الألم والمرارة والوجع، فالكثير من الحكايات ستروى للأجيال على مر الأيام والزمن فقد دمر الظلاميون الكثير من المسارح الحديثة، لكن ظلامهم لم يستطع تدمير الأضواء الساطعة للمسرح. حضور الكثير من الممثلين والمخرجين المسرحيين كان خجولا جدا بل معدوما، حيث اتجهوا نحو شركات الإنتاج التي تحقق لهم المكاسب المادية والشهرة، مشددا على أنه كان يجب على المسرحيين أن يكونوا أكثر حضورا وفعالية، ومبينا أن من به شغف وعشق للمسرح بقي يعمل في أصعب الظروف وأنتج أعمالا كبيرة رغم شح الموارد”.

فرقة “بيادر”..

في حوار ثان معه أجراه موقع eSyria يقول “رضوان جاموس” عن فرقة “بيادر” وأعمالها يقول: “تأسست فرقة “بيادر” في العام 1987 وكان الهدف من إنشائها هو الارتقاء بالمشهد المسرحي من خلال ورشات عمل يتم فيها التدريب والتدرب بشكل علمي ومنهجي من أجل تطوير ورفع مستوى الأداء بالنسبة للممثل، وذلك عبر التمرين والمساحات الصوتية وسلامة النطق والإيقاع وتطوير المخيلة والخيال وفن الارتجال والتمثيل الإيمائي، وهذا من ناحية ومن ناحية أخرى كان هناك هدف آخر يتمثل في البحث عن صيغ فنية وإبداعية للعرض المسرحي يتجاوز العرض التقليدي، سواء من حيث الشكل أو المضمون.

وذلك من خلال نسج ما نسميه نص العرض والذي لا يتحقق إلا من خلال ورشة العمل، فكانت المشاريع المسرحية للفرقة ومنذ العام 1987 وحتى عام 2002 على ما أذكر منسجمة ومعبره عن المشروع المسرحي للفرقة، أما الأعمال المسرحية والتي تعتبر مهمة وهذا من وجهة نظر الجمهور والنقاد في حينها فهي “مغامرة رأس المملوك جابر” – “حكايات من دفتر اليوميات” – “للا للا اليوم جمعة” -“دولار في قميص” – “غرفه على سطح” – “قطرات من الندى” – طشمس الوطن” – “مركب بلا صياد” – “الفيل يا ملك الزمان” – “حفلة على الخازوق””.

وعن أهم المسرحيات التي عمل بها يقول: “لكل مسرحية أهميه ما، وخصوصية بهذا المعنى، فهي ليست نصا أو عرضا مسرحيا خارجا عن سياق المشروع المسرحي الذي عملت واعمل به، ومن هنا يمكنني القول بأن لكل عمل مسرحي عملت به أهمية ما، أضافت للمشروع وللخطاب المسرحي آفاق وفضاءات جديدة، خاصة فيما يتعلق بصناعة “نص العرض” وما يتبعه من ورشات عمل تقنية، لذا فإن المشروع المسرحي يظل هو الأهم برأيي، وتأتي المسرحيات لتعبر تباعاً عن هذا المشروع”.

وعن المشهد المسرحي يضيف: “هناك معوقات كثيرة تواجه العمل المسرحي من أهمها، ضعف الإنتاج المسرحي وهذه حقيقة، وذلك إما بسبب غياب الخطط المنهجية الجادة التي تجعل منه إنتاجاً معرفياً- أي ربط المسرح بثقافة المعرفة- فمثلا لماذا لا تعتمد مادة المسرح في المنهاج المدرسي أسوة بمواد فنيه كالرسم والموسيقا والرياضة؟، وهو سؤال مطروح، أو لعدم وجود هيئه وطنيه للمسرح، تدرس واقع المسرح بشكل عام ومسرح المحافظات والفرق المسرحية بشكل خاص، وتضع الخطط الكفيلة بتفعيل دور المسرح في الحركة الثقافية والفنية، ولاسيما أن البنية التحتية من مراكز ثقافيه ومسارح موجودة. وبما أن عمل بعض القائمين على دور المسرح انحصر فقط بالوظيفة الإدارية والوظيفة فقط، فقد انتفى بذلك لديهم حس المبادرة الفعالة التي تتناسب وحجم المنشآت الثقافية التي يديرونها”.

دوره على خشبة المسرح..

وعن دوره على خشبة المسرح قبل تجسيده وأثنائه يقول: “هناك إجابات متعددة، وذلك وفقاً لطريقة كل مخرج وقراءة كل ممثل وكيفية الوصول إلى محاولة تقديم شخصية حيه للجمهور بعيداً عن الكليشهات الجاهزة والمسبقة الصنع. إن بناء الشخصية وتجسيدها على خشبة المسرح هي عملية خلق وإبداع وعلم ودراسة وفهم واكتشاف، حيث يقوم الممثل بقراءة النص المكتوب والذي هو عبارة عن مجموعة من الشخصيات تحمل حواراً يسمى الحوار المسرحي، وهنا يبدأ الممثل بالتركيز على الدور المسند له، فيحدد من خلال قراءته وضع الشخصية وموقعها وعمرها وأوصافها وماضيها وحاضرها وعلاقتها بباقي الشخصيات، إذاً فمشكلة الشخصية بعلاقاتها المميزة وكيف تسير؟ وكيف تضحك؟ وكيف تفكر؟ وكيف تتحاور؟.

وخلال ورشات العمل والتدريب المكثف يبدأ الممثل بالإجابة عن كافة الأسئلة التي طرحها في البداية، وذلك شيئاً فشيئاً بمساعدة المخرج. وفي كل مرة هناك أشياء جديدة يضيفها الممثل، إذن فالدور المسرحي ليس عبارة عن مجرد حوار مكتوب أو كلمات مجرده يقوم الممثل بحفظها غيباً وإلقائها على خشبة المسرح، إنما هناك دراسة للشخصية بكافة جوانبها، فالشخصية المسرحية لا يمكن لها أن تنمو وأن تحيا إلا من خلال المعايشة الحقيقية لأفعالها وسلوكها وأحاسيسها وتحويل الكلمات المسطورة على الورق إلى إنسان من لحم ودم، يفكر ويتحرك ويتنفس، وعلى الممثل أن يبحث فيما وراء الكلمات، فدائماً هناك معرفة واكتشاف جديد”.

الجمهور المسرحي..

وعن الجمهور المسرحي هل هو حقيقة أم وهم يقول: “المسرح هو الفن الذي يتحرك، أي لا سكون فيه، بل هو دائم الحركة كما الحياة، ومن الطبيعي أن يكون له جمهور يتفاعل ويتماهى ويتناغم مع مكونات العرض المسرحي، إذاً المتلقي حقيقة، والعرض المسرحي أيضاً حقيقة، ولكن لنعترف أيضاً بأن هناك فجوه بين المسرح والمتلقي، وإن لم نقل هناك شيء من الغربة والأسباب كثيرة منها ما يتعلق بطبيعة المنتج المسرحي وتفاصيل تسويقه وانتشاره والإضاءة عليه إعلامياً، كما أن ضعف الإنتاج المسرحي يؤدي إلى انحسار في الاهتمام بهذا الفن لمصلحة ما يقدم من مسلسلات وبرامج في الفضائيات، ولكن ومع هذا ولكون المسرح يجمع بين النشاط الإنساني كمنتج إبداعي وبين النشاط الاجتماعي كمتلقين أو كجمهور فهما باعتقادي حقيقة”.

قيل عنه..

قال عنه “علي رمضان”: «تعرفت على الأستاذ “رضوان” خلال عمل فني لاتحاد شبيبة الثورة، وأصبحنا بعدها أصدقاء أعزاء وأصبح الأستاذ “رضوان” أستاذي، وحينها بدأ يتعليمي ونهلي الأسس العلمية للإخراج والكتابة والمفهوم الدرامي المسرحي تباعاً من خلال كل عمل، دون تلقين مباشر، وهذا ما أعتقد أنه من ضمن مشروعه المسرحي المستمر.

الأستاذ “رضوان” يملك موهبة العطاء دون قيود أو مقابل، فهو يعتقد أن العطاء ليس له زمن لأنه كما الرسالة الإنسانية السامية في الحياة، بل هو الآثر القيم والكبير الذي يمكن ان يمنح لتغيير فكر ما، وقد يتطور هذا الأثر ليصبح اكتشاف يتميز به الفنان فيما بعد خلال مسيرته الفنية».

وعن طريقته في كتابة النصوص عند المسرحي “رضوان” يقول السيد “علي”: «لقد كتب الأستاذ “رضوان” النصوص الملحمية برأيي، فكتابته بداية واقعية تشعرك بأن النص من الواقع البحت ومن ثم يدخلك في مشهد افتراضي ضمن أبعد درجاته، وهنا سيحتاج الفنان إلى طاقة اكبر من طاقة الممثل العادي ليواكبه، وهذا ما أدركته خلال العمل معه».

أما الأستاذ “محسن عباس” قال: «أنا شخصياً اعتبر الأستاذ “رضوان” عبقري المسرح كتابة وإخراجاً، لأنه وبعد عودتي من “حلب” وعملي معه أغنى تجربتي المسرحية والفنية، وذلك من خلال عدة أعمال ضمن فرقة “بيادر” وخاصة في عمل “رأس المملوك جابر”، فهو كان مغنياً فكرياً وفنياً ومسرحياً، إضافة إلى الكثير من الأشياء المقنعة برأيي، ومن ضمنها المفهوم الآخر للمسرح والعمل المسرحي والكوادر المسرحية والتي أشبعت بها قدراتي خلال رحلة العمل ضمن الفرقة».

وفاته..

توفي “رضوان جاموس” في يوم 9 يناير 2023 عن عمر 62.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة