21 سبتمبر، 2024 10:49 م
Search
Close this search box.

“رسول محمد رسول”.. تفوق في مجالات الفلسفة والنقد الأدبي والسرد

“رسول محمد رسول”.. تفوق في مجالات الفلسفة والنقد الأدبي والسرد

خاص: إعداد- سماح عادل

“رسول محمد رسول” كاتب عراقي متخصص في الفلسفة الألمانية.

التعريف به..

ولد في الكوفة في 1959. ودرس الفلسفة في عدد من الجامعات العربية، وصدرت له عشرات المؤلفات في الرواية والفلسفة والدراسات النقدية من أبرزها كتاب (فتنة الأسلاف: هيدغر قارئاً كانط)، وكتاب (إنسان التأويل).
انتقل للعيش في بغداد 1964، وتعلم في مدارسها. حصل على البكالوريوس في الفلسفة من كلية الآداب في جامعة بغداد 1987. حصل على درجة الماجستير في الفلسفة الألمانية الحديثة، ثم على درجة الدكتوراه في التخصص نفسه من جامعة بغداد عام 1997.
عمل أستاذاً في عدد من الجامعات العربية.عمل مستشاراً في جائزة الشيخ زايد من عام 2012 إلى عام 2013. شارك في تأسيس بيت الحكمة العراقي عام 1997.

الأدب العربي..

في حوار معه أجراه “سامر أنور الشمالي” يقول “رسول محمَد رسول” عن ما يستطيع الأدب العربي أن يحققه في ظل الهيمنة السياسية والاقتصادية العابرة للقارات:
“للأدب العربي صوته الإنساني وله إمكانيات قول صوته رغم كل التحديات التي تواجه العرب، لا سيما في بعض الدول العربية التي طالها التضرّر بسبب الهيمنة الخارجية، والأدب العربي ممكن أن يقول ذاته بشفافية إذا ما تحرّر من الانغلاق على ذاته ذلك الانغلاق الأعمى والغبي، الأدب العربي يقول ذاته إذا ما انفتح على قول الإنسان فيه، الإنسان بوصفه إنساناً لا مجرّد كائن بشري يمرّ بسرعة كالأشياء، والعرب إذا لم يحترموا الإنسان فيهم لا أثر لهم في الوجود، وكذلك الأدب إذا لم يحترم الإنسان ضاع في هباء الحياة”.

المشهد الأدبي الراهن..

وعن تحليله للمشهد الأدبي الراهن يقول: “نعم نحن تراجعنا إلى الخلف على أصعدة عديدة. تراجع جذري وأنتَ لاحظت انفجار بيروت الأخير الذي شل الحياة وقتل البشر، وكل المشاريع الثقافية العربية الثرية انتهت، وجاء البديل هشا هزيلا، وأصبح المثقف يباع ويشترى، وانهار الكثير من المشاريع الثقافية، وأصبح الكتاب هزيلاً”.

مستقبل الأدب العربي..

وعن رؤيته لمستقبل الأدب العربي في ظل ما يعانيه المواطن العربي على صعيد تراجع التعليم والقراءة والأزمات المعيشية والحروب والأوبئة يقول: “لا بد للأدب العربي من أن يعيد تقديم الإنسان من جديد، وعندئذ يمكن له أن يجد ذاته وكيانه ومكانته، وهنا مستقبل الأدب، لأن الإنسان في عمومه والعربي في خصوصيّاته هو المهم”.

النقد السردي الإماراتي..

ويقول عن رحلته النقديّة التي تخصّص فيها في مجال النقد السردي الإماراتي في الرواية والقصة القصيرة: “كنت في أبو ظبي هناك أعيش في المجتمع الإماراتي حيث يوجد المبدعون الإماراتيون والنصوص الإماراتية، كل شيء كان متاحاً، وكانت الرغبة عندي قائمة كذلك الممكنات الفكرية والرؤيوية والأدواتية فشرعت بحب وهمّة عالية ونجحت في الكتابة عن السرد الإماراتي، ونشرت ثمانية كتب أعتز بها عن الرواية والقصة القصيرة الإماراتية”.
ويواصل عن التنوع في الإنتاج الثقافي وعن رحلة الكتابة التي استغرقت خمسة وثلاثين سنة أبدع فيها: “بدأت فيلسوفاً لكنني كنت أقرأ كل شيء، وفي حياتي الجامعية في بداية الثمانينات وجدت بعض أستاذتي متعدّد الاهتمام بالكتابة، وفي قاعة الدرس كان أساتذتي يقولون عندك نفس سردي عندما تتكلّم، وكنتُ أضع هذا الكلام في ذاكرتي من دون أن أفكّر يوماً أن أكتب رواية. لكن في النتيجة كتبت ثلاث روايات، ونشرت اثنين منها. أما الفلسفة فهي المادة الرئيسة التي عرفت فيها منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين، وما أزال أكتب فيها!”.

ذكريات..

وفي مقالة عنه بعنوان («رسول محمد رسول».. ذكريات الفلسفة والرّغيف) كتب “خالد عمر بن ققه” : “بدَا لي اسمه غريبًا حين عَرَّف بنفسه في أول لقاء جمعني به في جريدة «الاتحاد» الإماراتية، قائلا: «أنا الدكتور رسول محمد رسول، من العراق»، كان ذلك منذ أكثر من عشرين سنة خلت، ولا أدرى لماذا طغت عليَّ ـ في عودة فرضتها الذاكرة ـ تلك اللحظة، وأنا أتلقَّى خبر وفاته ببغداد في الثالث من شهر يوليو الجاري!.
في صمت يكتنفه الألم والحزن، تلقيتُ نبأ رحيله، فاستعدتُ جلسات نقاش دارت بيننا بشكل ثنائي، إذْ كثيرًا ما دارت أحاديثنا في مقاهي المستضعفين القادمين إلى الخليج على أمل تغيير حياتهم، قليل منهم مَن وُفِّق، وكثير منهم دخل في «لعبة العمر»، هي أقرب إلى قمار لا نهاية له.
كما كُنَّا نجوبُ شوارع أبو ظبي، وكلٌّ منا يروى همومه الشخصية والوطنية والقومية، لكن في فضائين، الأول: فضاء مقاهي ومطاعم المستضعفين المغلق، والثاني: فضاء الشوارع المفتوحة، وقد كان يجمعنا دائما خبز ساخن يعيد إلينا ذكريات «الرغيف» من «التنور» العراقي، أو«الكَسْرَة» الساخنة من «الطجين» الجزائري.
كان الدكتور رسول محمد رسول ـ رحمه الله ـ في رحلته من العراق إلى عدد من الدول العربية الأخرى ـ أستاذًا جامعيًّا ـ ثم إلى الإمارات كاتبًا وصحفيًّا ومنظَّرًا يحمل همًّا ثقافيًّا، ويعيد إحياء دور المدارس العراقية الأولى في صناعة تاريخ الأمة”.
ويضيف عن علاقته بوطنه: “كانت تؤرقه أحداث العراق بين أمل في التغيير راهن عليه من خلال ديمقراطية بسلاح القوى الدولية المعادية ـ كما هي الحال في حرب 2003 ـ فخاب ظنّه فيها، وبين أنظمة عراقية متعاقبة يتحكم في مصيرها عدو الأمس القريب، قضت على ما بقى لديه من أمل.
وبالرغم مِمَّا حملتْه مؤلفاته ـ تجاوزت الأربعين كتابًا في مجالات الفلسفة، والنقد، والرواية، والقصة، والاستشراف، والإسلاميات ـ من إبداع تغلَّب فيها على معاناته المادية والصحية، إلا أنه بقيَ في لهفة إلى إنتاج المزيد، كأنه يسابق الموت، وتلك حالة عامة لدى كثير من عناصر النخبة في الوطن العربي.
من ناحية أخرى، وبغض النظر عن أطروحاته الفكرية في جوانبها الإبستمولوجية لجهة قبولها أو رفضها، أو حتى الاختلاف معها.. فإنها جديرة بالدراسة والاهتمام، خاصة من الأكاديميين، وبوجه أخص طلبة الماجستير والدكتوراة، ذلك أنه أخرج الفلسفة من نطاق مدارسها الفكرية، وجعلها تقتحم فضاءات أخرى منها حياتنا، والمُطَّلِع على دراساته المختلفة وكتبه المتنوعة، بما فيها الدراسات النقدية للرواية الخليجية والإماراتية، سوف يلاحظ هذا بوضوح”.

الفلسفة الألمانية..

وعن شغفه بالفلسفة الألمانية يتابع: “لقد كتب رسول كثيرًا عن الفلسفة الألمانية الحديثة – حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراة فيها ـ وبدا مُجدِّدًا فيها. والأكثر من هذا، فقد استعمل مناهجها وأدواتها لدراسة الفكر العربي، بل إنه استطاع ـ حين أتيحت له الفرصة ـ تبسيط الفلسفة عبر المقال الصحفي، فطوّر بذلك أسلوب الكتابة، وعمَّق من ذائقة المقروئية، وبَسّط المفاهيم الفلسفية حتى غدت متداولة وميسرة، وتلك سابقة أحْسبُها جديدة في الصحافة العربية، وإن كانت لم تُعمَّر طويلًا لأسباب خارجة عن نطاقه.
وإذا كنّا نُقرُّ اليوم بأن الدكتور رسول محمد رسول مفكرٌ عربي تنويري ـ مع اختلافي معه حول بعض آرائه ـ قد خلا من قبله كثير من المفكرين في كل مراحل تاريخنا العربي، فإنه علينا الاعتراف بأنه أثْرى حياتنا، وعمل بجدٍّ واجتهادٍ، وبصبر رغم مرضه من أجل إثراء المكتبة العربية بعشرات المؤلفات، هي اليوم مراجع أساسيَّة في مجالات مختلفة.
لاشك أن كتب الراحل رسول محمد رسول جميعها مهمة، لكن سأكتفي بذكر بعض منها على سبيل المثال: «العقلنة: السبيل المرجأ»، «الغرب والإسلام: استدراج التعالي الغربي»، «الغرب والإسلام: قراءات في رؤى ما بعد الاستشراق»، «محنة الهوية»، «فقهاء وأمة»، «الإسلام السياسي في العراق الملكي»، «نقد العقل التدميري» «صورة المثقف فى التراث العربي»، «الأنوثة السّاردة: قراءات سيميائية في الرواية الخليجية»، «التفلسُف النَّقدى: إيمانويل كانط والمعرفة البديلة»، «ما الفيلسوف؟»، «إنسان التنوير ومفكِّر صباح الغد»، «المثقّفون في القرن الأول الهجري»، «هيّا إلى الإنسان»، «الفلسفة للناس»، «مارتن هيدغر عربيا».. إلخ”.

المثقف الموسوعي..

وفي حوار آخر أجراه معه “نور الدين علوش” يقول “رسول محمد رسول” عن نفسه: “أنا إنسان كبقية البشر، ولدت في مدية الكوفة التاريخية عام 1959، وعشت سنواتي الأولى في تلك المدينة التاريخية ليس بعيداً عن نهر الفرات، ولا عن بيت رابع الخلفاء المسلمين الإمام علي بن أبي طالب، وليس بعيداً أيضاً عن مسجد الكوفة الشهير، ولا عن منطقة كندة التي ولد فيها الشاعر العربي الكبير المتنبي. لكني لم استمر طويلاً هناك سوى سنوات قلائل حيث انتقلت أسرتي إلى بغداد التي دخلت فيها إلى عالم دراستي الابتدائية والمتوسطة والثانوية فالجامعية لأخرج منها في عام 1997 بشهادة الدكتوراه متخصصاً بالفلسفة الألمانية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
منذ اهتمامي الأول بالقراءة الذي كان والدي رحمه الله قد دفعني إليه، حرصت على التنوع في تحصيل المعارف، كنت أدرس في سياق تعلمي حكومي، لكني كنت أتحصَّل على دروس تأسيسية في المنطق والفقه مع والدي.
كانت تلك التجربة قد جعلتني أقرأ في أكثر من حقل معرفي، وكنت أجد متعة في ذلك؛ فالمثقف المتخصص لا بأس له من العمل بأكثر من حقل أو تخصص، وأنت تعرف أن المثقف الموسوعي كان له وجود حقيقي في حضارتنا وثقافتنا العربية والإسلامية؛ الفارابي مثلاً جمع بين الموسيقى والطب والفلسفة والأدب، وقس على ذلك.
لقد انعكس كل ذلك على شخصيتي الآن؛ إذ تراني أبحث وأكتب في حقول متعددة كالفلسفة، والفكر العربي، والفكر الغربي، والعلاقة بين الغرب والإسلام، والإسلام السياسي في مساراته التاريخية، والفكر النقدي، والعقل الإصلاحي، وأخيراً دخلت، ومنذ عام 2008، إلى عالم النقد الأدبي”.
النقد العربي..
وعن هو وضع النقد العربي اليوم يقول: “على نحو عام أستطيع القول إن النقد في العالم العربي بخير في ظل التنوع الهائل باستخدام أغلب المناهج القرائية، فلا يوجد منهج قرائي في الغرب أو الشرق إلا واستخدمه النقاد العرب في تحليل النص الإبداعي، خصوصاً في ظل نمو حركة الترجمة الواسعة التي تشهدها بعض دول العالم العربي مثل دول المغرب العربي والخليج المشرقي، فضلاً عن لبنان ومصر وسوريا والعراق، وكذلك في ظل توافر الجامعات العربية على تدريس أحدث المناهج القرائية والنقدية.
الملاحظ أن هناك اندفاعاً جميلاً لدى النقاد العرب بتفعيل النقد التطبيقي الحقيقي الذي يتعامل مع النص بنحو منهجي يلتزم بالأطر النظرية، والآفة التي تتحدّى هذا النمط من النقد هو النقد العابر والسريع وغير المنهجي الذي يشيع في الصحافة اليومية والأسبوعية العربية ويتصدّى للنصوص الإبداعية بتلخيص المضمون، وقد يكون هذا النمط رائجاً ومطلوباً لأنه نقد تلخيصي وبرقي وعاجل له سوقه في شارع القراءة اليومية. ولكن، وإلى جانب ذلك، هناك اشتغال نقدي حقيقي من الناحية التطبيقية على النصوص الإبداعية العربية وغير العربية وإن كان قليلاً ولو نظرنا إلى عدد الأطروحات أو الرسائل الجامعية التي تكتب في العراق ودول والمغرب العربي بل ودول الخليج العربي التي تعتمد المناهج القرائية الجديدة لكان لنا مؤشر رقمي – نوعي في هذا المجال”.
وعن مشروعه النقدي من بين المشاريع النقدية العربية: “فيما يتعلق بتجربتي النقدية أستطيع أن أقول لك إنني، ومنذ ثلاثين عاماً، أتصفح قارئاً النقد التطبيقي للنصوص الإبداعية، وعشت تجارب قرائية لكل المناهج التي تصدت لقراءة النصوص الإبداعية بالتزامن مع العيش المعرفي الذي تخصصت به في حقل الفلسفة وغيره من الحقول.
وجدت أن المنهج السيميائي أقرب إلى ذاتي وتطلعاتي وذائقتي المعرفية، وجدته قريباً من الحقل الفلسفي، خصوصاً وأن الاشتغال على العلامات كان فلاسفة كثر قد جربوه ابتداءً من الرواقيين وأفلاطون وأرسطو وأفلوطين وأوغسطين جون بوانسو أو جوف سانت توماس، وجون لوك، وصولاً إلى تشارلز بيرس الذي قعَّد السيمياء على أصول فلسفية حقيقية بعد أن قرأ كانط جيداً، وإذا كان هكذا هو حال بيرس فإن غريماس انطلق من أصول فلسفية عديدة منها الأصل الفينومينولوجي والمنطقي. ما أريد التأكيد عليه أن السيميائية خرجت من رحم الفلسفة الذي عشت في كنفه ثلاثة عقود خلت.
أن البحث السيميائي هو بحث فلسفي بامتياز، ولذلك لم يكن غريباً عني ولا أنا بالغريب عنه فانخرطت فيه بيسر لقراءة مجموعة من النصوص الإبداعية الروائية الإماراتية أولاً والخليجية ثانياً والعراقية والعربية ثالثاً حتى وجدت المنهج السيميائي مطواعاً لما لديَّ من خبرة في الاشتغال الفلسفي، وقدرة على تطويع المنهج أو الطريقة لصالح التحليل السيميائي للنصوص الإبداعية.
من بين المناهج السيميائية التي عملت عليها منهج مدرسة باريس السيميائية، خصوصا منهج غريماس، لكن ذلك لم يكن سوى بداية فلم أحبس تجربتي القرائية في مفاهيم غريماس لوحدها وإن كانت لامعة ورائقة، إنما انفتحت على مفاهيم سيميائية وقرائية أخرى في إطار مدرسة باريس وغيرها من المدارس، من دون أن أقع في أي تناقض. فلقد لجأت في كتابي (الجسد في الرواية الإماراتية/ 2010) إلى الاستعانة بالسيميائية الغريماسية ولكن من واقع العمل على زوايا الدلالة وتجلياتها العلاماتية في السرد الروائي، وتحديداً على الجسد كعلامة متخيلة، ولكن كان عليَّ أن أخوض غمار البحث التنظيري للجسد (MetaBody) بوصفه بناء رمزياً أو لنقل بوصفه كينونة رمزية وإيحائية وإشارية وعلاماتية وأيقونية تضاف إلى الأجسام من خلال تمثيل الإنسان لها. وفي تجربتي بالكتاب إياه رحتُ اشتغل على ظهوريات ليست فقط الجسد النسوي أو الأنثوي أو الذكوري، إنما على ظهوريات جسدية أخرى كجسد المنزل، وجسد المدينة، وجسد الصحراء، وجسد البحر، وجسد المقهى، والجسد الضال، والجسد الطيفي، والجسد المبتل، وغير ذلك من أشكال الجسد”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة