4 مارس، 2024 7:44 ص
Search
Close this search box.

رابع سينما عربياً .. السينما العراقية تقاوم “رماد” السلطوية والإحتلال والقهر

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – سماح عادل :

السينما هي مرآة المجتمع.. تنعكس عليها صحوته وتزدهر بازدهاره.. وحين يصيبه العطب سواء بالحروب، أو بالصراعات والتفكك يظهر ذلك جلياً على شاشة السينما.

من “سينما توغراف” إلى “سينما بلوكي”

حقي الشبلي

ظهرت السينما كاختراع في العراق 1909 حيث عرضت أفلام أجنبية صامتة، وكانت اخترع مبهر وقتها، أول عرض سينمائي عراقي “سينما توغراف” كان داخل دار الشفاء في الكرخ، وفي العشرينيات أنشأ بعض التجار دور السينما، حيث أُنشئت أول دار عرض سينمائي عام 1911، أُطلق عليها فيما بعد “سينما بلوكي”، ثم انتشرت الدور في بغداد والمدن الأخرى: “سينما سنترال 1920، الوطني 1927، رويال 1929″، ثم “الزوراء والرشيد والحمراء”، ثم “الهلال 1932 مع جناح خاص للعائلات، روكسي 1932، غازي 1937، ثم تاج الصيفي وديانا، النجوم  1947″، وكانوا يستقدمون الأفلام الأجنبية لعرضها في العراق، وفي 1927أصبحت الأفلام المصرية تعرض كذلك.

عام 1943 أسست أول شركة لإنتاج الأفلام والتي عرفت بـ”شركة أفلام بغداد المحدودة”، لكن الشركة فشلت في إنتاج الأفلام السينمائية، ولم ينجح الإنتاج السينمائي في عمل الأفلام داخل العراق فاستمر استيراد الأفلام حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

النشأة الحقيقية.. لتصبح رابع سينما

ثم ظهر بعض الشباب الذين تحمسوا لعمل سينما عراقية، وكانت قد ظهرت قبلها السينما المصرية والسورية والتونسية، لذا تعد السينما العراقية رابع سينما عربية من حيث النشأة.

البداية ارتبطت بالسينمائيين المصريين.. وفي عام 1946، تأسست شركة “أفلام رشيد”، وهي شركة عراقية مصرية تأسست مِن قِبَل بعض الشباب المتحمسين لصناعة السينما، وتم إنتاج أول فيلم تحت اسم “ابن الشرق”، وكانت تجربة بسيطة.

ياس على الناصر

ولكنه كان بداية شجعت بعد ذلك على تجربة فيلم “القاهرة – بغداد” بإنتاج مصري عراقي مشترك بين سينما “الحمراء” العراقية، وسينما “اتحاد الفنيين” المصرية، وكان الفيلم من بطولة عميد المسرح العراقي “حقي الشبلي” أمام الفنانة المصرية “مديحة يسري”، وشارك في التمثيل “عفيفة اسكندر” واخرج الفيلم “أحمد بدرخان” وعُرض الفيلم لأول مرة في سينما الحمراء عام 1947.

فيلم “من المسؤول”

عام 1953، أسست شركة “دنيا الفن” بواسطة الفنان “ياس علي الناصر”، واعتمدت الشركة على خبرات عراقية خالصة، وتم إنتاج أول فيلم عراقي بعنوان “فتنه وحسن” من إخراج حيدر العمر، وحقق الفيلم نجاحًا جماهيريًا  ونتيجة لذلك خرج عدد من الأفلام العراقية في الخمسينيات، مثل فيلم “وردة” من إخراج يحيى فائق، وهو فيلم عن رواية (يوميات نائب في الأرياف) لتوفيق الحكيم، وبعد إنتاج هذا الفيلم بدأت تظهر أفلام قليلة ذات موضوعات إنسانية مثل فيلم “ندم” وبطولة حسين السامرائي وعزيمة توفيق وقصة وسيناريو وإخراج عبد الخالق السامرائي،، وفيلم “مَن المسؤول” كتب السيناريو له وأخرجه المخرج عبد الجبار ولي توفيق عن قصة الكاتب العراقي أدمون صبري وحوار صفاء مصطفى وصوره المصور الهندي دفيجا ومثله كاظم المبارك وناهدة الرماح وسامي عبد الحميد وخليل شوقي وآخرين، ويعد هذا الفيلم واحداً من أهم الأفلام العراقية، لأنه أول فيلم تناول المجتمع العراقي، بأسلوب واقعي، وتعرض للواقع الاجتماعي المنهار والمشاكل التي يرزح تحتها الإنسان المسحوق في الخمسينيات.

وفيلم “سعيد أفندي” عام 1957 من إخراج كاميران حسني، وإنتاج شركة اتحاد الفنانين، وتنطوي أهمية هذا الفيلم على أنه رصد أحوال بغداد والعلاقات الاجتماعية بها في إطار درامي بسيط، وتميزت فترة  الخمسينيات بالإنتاج الغزير للأفلام وانتهت بفيلم “إرادة شعب” عام 1959 لبرهان الدين جاسم.

مصلحة السينما والمسرح

وتحولت السينما من مخاطرة ولعبة في يد مغامرين يتحملونها على نفقتهم الخاصة، لا ليكتسبوا منها فقط وإنما ليثروا المجتمع بها إلى أن تكون إنتاج حكومي، ففي عام 1959، أُنشئت أول مؤسسة حكومية للسينما العراقية، وهي “مصلحة السينما والمسرح”، و قامت بشراء الأجهزة والمعدات السينمائية التي كانت تمتلكها دائرة الاستعلامات الأميركية في بغداد، واهتمت في البداية بعمل الأفلام الوثائقية ذات الصلة بالثورة في ذلك الوقت، واستمرت في إنتاجها حتى بداية النصف الثاني من الستينيات، إذ قدَّمت فيلم “الجابي” من إخراج جعفر علي، وتمثيل أسعد عبد الرازق، وفي عام 1968 صدر قانون دمج مصلحة السينما والمسرح بالمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون.

وفي نفس الوقت استمر الإنتاج السينمائي من جانب القطاع الخاص، سواء شركات أو أفراد، وكانت في مجملها  تقليداً للأفلام المصرية، باستثناء بعض الأفلام مثل فيلم “قطار الساعة 7” من إخراج حكمت لبيب، وفيلم “أنا العراق” من إخراج محمد منير، وكان أول فيلم عراقي ملون بعنوان “نبوخذ نصر” من إخراج كامل العزاوي، وإنتاج شركة شهرزاد عام 1962.

تعد فترة منتصف السبعينيات فترة ازدهار للسينما العراقية، من حيث جودة الإنتاج وانتظامه، خاصة الأفلام التي أنتجتها “المؤسسة العامة للسينما العراقية”، كما تطورت الأفلام الوثائقية لحد كبير، حيث اتخذت طابعا ثقافياً وتربوياً في معظمها، حتى استطاعت أن تفرض وجودها، وتشارك في العديد من المهرجانات العالمية.

وعبرت الأفلام الروائية عن واقع المجتمع بموضوعية ومن خلال تصوير جيد، وتحررت عن السائد في السينما العربية في ذلك الوقت، مثل فيلم “بيوت في ذلك الزقاق” عام 1977، ، وفيلم “النهر” لفيصل الياسري، وفيلم “الأسوار” لمحمد شكري جميل.

أما في أواخر فترة السبعينيات، فقد ظهرت الأفلام الجادة التي تتناول قضايا هامة، والتي بلورت شكل السينما العراقية، وأعطتها تميزها، حيث قام عليها جيل من الشباب الجديد الذي تمكَّن من صناعة أفلام جيدة لها رؤية وتخرج عن المألوف، وتحاول كسر الجمود الذي اتسمت به صناعة السينما، وقد كان للمؤسسة الحكومية المعنية بشؤون السينما والمسرح دور كبير في دعم هذا النوع من الأفلام في ذلك بشكل كبير، فقد أتاحت أجهزة ذات مستوى عالٍ من الجودة، ما أدى إلى وجود كوادر فنية استطاعت عمل نهضة بصناعة السينما في العراق، ودعمت الإنتاج السينمائي وطوعته لخدمة الثقافة والقضايا القومية.

الإزدهار يتحول لنكسة

بعد ازدهار المهرجانات والأفلام السينمائية الرائعة، وتَحول ساحات بغداد إلى أماكن إلتقاء المهتمون بالسينما، تحول هذا الازدهار إلى الأسوأ، وانتكست صناعة السينما بشكل مفاجئ في السنوات الأولى لعقد الثمانينيات، بسبب تدخل الحاكم في صناعة السينما، لتكون بوق دعاية له، وأدارها مجموعة من المنتفعين يصنعون أفلاماً موجهة تعرض انجازات الحاكم وتخلو من حرفية في الصناعة. يقول مؤرخو السينما العراقية أنه على الرغم من الميزانيات الضخمة التي خصصت لصناعة السينما في فترة الثمانينيات والإنتاج الكثيف للأفلام، كانت ضعيفة ولم تحقق أي نجاح محلياً أو عالمياً، حيث اتسمت تلك الأفلام بضحالة الفكرة وضعف الإخراج.

استمر الركود طوال فترة التسعينيات، بسبب ارتباط السينما بالسلطة الحاكمة، وانسلاخها عن الشعب وحركته وهمومه، لذلك لجأ عدد من الفنانين العراقيين للخارج لعرض أفلامهم، ومحاولة عمل سينما عراقية بعيدة عن الحروب والدمار، لكنهم لم ينجحوا في ذلك.

الحصاد الإجمالي للسينما العراقية من العام 1942 وحتى 2007 عبارة عن إنتاج 99 فيلماً، منها 42 فيلماً أنتجتها “دائرة السينما والمسرح”، و44 فيلماً أنتجتها “شركة بابل” والباقي أنتجه القطاع الخاص و”التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العراقية” السابقة، بالإضافة إلى الفيلمان اللذان لم تنتجهما دائرة السينما والمسرح إلا إنهما يعتبران فيلمان عراقيان وهما: “أحلام” و”غير صالح للعرض”.

بعد الغزو الأميركي على العراق عام 2003 ساءت أحوال السينما العراقية تماماً، وأصبح هناك ما يشبه التوقف في الإنتاج السينمائي، بسبب انعدام التمويل رغم بعض محاولات الإنتاج الخاص التي تسعى للإبقاء على روح السينما العراقية.

سينما في ظل الإحتلال

فقد أغلقت معظم دور السينما في العراق، وظلت فقط بعض الدور رخيصة الثمن، واستفحلت صعوبات التمويل، وعلى الرغم من كل تلك المعوقات كانت هناك  بعض المحاولات التي تعتمد على تمويل خاص أو مساعدات من الخارج بعد الغزو الأميركي، أهمها فيلم “غير صالح” للمخرج عدى رشيد، الذي استخدم في صناعته مواد خام منتهية الصلاحية، ولكنه مع ذلك استطاع أن يُنتج هذا الفيلم بمساعدة بعض الشباب على أنقاض تحطيم الأميركان للبلاد.

وفي النهاية.. السينما العراقية رغم تعثرها بفعل الصراعات والقهر السلطوي والحروب استطاعت أن تنشئ لنفسها مكاناً وسط سينمات الدول العربية الأخرى، وحاربت لتفرض وجودها، ولازالت جهود الشباب في الوقت الحالي مستمرة يصنعون الأفلام ويشاركون في مهرجانات داخل وخارج العراق، ومنهم من يفوز بجوائز.

من علامات السينما العراقية.. الافلام التالية:

فيلم نبوخذ نصر

فيلم الجابي

فيلم عليا وعصام

فيلم من المسؤول

فيلم سعيد افندي

https://youtu.be/gGz031dpLYg

فيلم بيوت في ذلك الوقاق

فيلم القادسية النادر

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب