“د. نجيب الحصادي”.. أثره عميق في المشهد الأدبي والنقدي

“د. نجيب الحصادي”.. أثره عميق في المشهد الأدبي والنقدي

خاص: إعداد- سماح عادل

“د. نجيب الحصادي” كاتب وباحث ليبي.

التعريف به..

أستاذ الفلسفة في جامعة قاريونس، بنغازي، ليبيا والرئيس السابق لقسم الفلسفة في جامعة العين في الإمارات. تخصصه في مجالات المنطق وفلسفة العلوم. ولد نجيب الحصادي في الخامس والعشرين من شهر أغسطس العام 1952 بمدينة درنة، وتعلم في المدارس الليبية من ابتدائي وإعدادي وثانوي، وفي سنة 1977 سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية للدراسة بجامعة جورج تاون، وتحصل على درجة الماجستير من جامعة ويسكونسن-ماديسون سنة 1979، أما الدكتوراه فقد اجتازها بنجاح بجامعة ويسكونسن-ماديسون سنة 1982 وذلك في موضوع بعنوان «نقد تصور تومس كون في العقلانية العلمية». قام بتدريس دورات في المنطق وفلسفة العلوم ومقدمة في الفلسفة والميتافيزيقيا والتفكير الناقد وغيرها من الموضوعات.

هو أيضا مترجم رائد إلى العربية للأعمال الغربية الرئيسية في الفلسفة مثل “الوضعية المنطقية” بقلم AJ Ayer (دار الأفاق، المغرب، 1994)، “قراءات في فلسفة العلوم” بقلم ب. برودي (دار النهضة العربية، بيروت، 1997)، “رجال أفكار” بقلم برايان ماجي (جامعة قاريونس ، ليبيا ، 1998)، “من وجهة نظر منطقية” بقلم دبليو في كوين (مجلس تنمية الإبداع ، ليبيا ، 2004)، “رفيق أكسفورد للفلسفة” بقلم ت. هونديريش (مجلس تنمية الإبداع، ليبيا، 2004)، و”عدم اليقين” بقلم د. ليندلي (مؤسسة كلمة، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، 2009) وغيرها.

تقلد خلال مسيرته الوظائف العلمية التالية:

رئيس قسم الفلسفة، كلية الآداب، جامعة قار يونس، بنغازي، لثلاثة أعوام في عقد التسعينيات. رئيس قسم الفلسفة، كلية العلوم الإنسانية، جامعة الإمارات ، العين، الإمارات، منذ 2001 حتى 2005. العميد المشارك لوحدة التراث والثقافة، كلية العلوم الإنسانية، جامعة الإمارات، العين، الإمارات، 2003ـ 2004. رئيس لجنة الدراسات العليا بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الإمارات، 2001 ـ 2003. عضو لجنة الترقيات بالجامعة، ممثلا عن كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الإمارات ، 2002 ـ 2004.

قام “د. نجيب” خلال مسيرته العلمية بتدريس المواد التالية: المنطق الرمزي ـ فلسفة العلوم (دراسات جامعية وعليا) ـ مناهج البحث العلمي ـ فلسفة حديثة ـ مهارات البحث العلمي ـ الميتافيزيقا ـ مشكلات فلسفية ـ مدخل إلى الفلسفة ـ مهارات البحث العلمي ـ التفكير الناقد.

جوائز علمية:

جائزة الدولة التقديرية عن الدراسات الأكاديمية، 2009

مؤلفاته:

وخلف الأكاديمي نجيب الحصادي 18 كتابا من تأليفه، و27 كتابا مترجما.

  • أوهام الخلط (جامعة قار يونس، ليبيا، 1989).
  • تقريظ العلم (جامعة قار يونس، بنغازي، 1990).
  • نهج المنهج (الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، ليبيا، 1991).
  • ليس بالعقل وحده (الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، ليبيا، 1992).
  • معيار المعيار (الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، ليبيا، 1992).
  • أسس المنطق الرمزي المعاصر (دار النهضة العربية، بيروت، 1993).
  • آفاق المحتمل (جامعة قار يونس، ليبيا، 1994).
  • تقريظ المنطق (الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، ليبيا، 1995).
  • جدلية الأنا- الآخر (الدار الدولية للنشر، القاهرة، 1996).
  • الريبة في قدسية العلم (جامعة قار يونس، بنغازي، 1998).
  • قضايا فلسفية (الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، ليبيا، 2004).
  • مهارات البحث العلمي (مع خلف نصار وبسام عتيلي) (جامعة الإمارات، 2005).
  • نتح الكمال (مجلس تنمية الإبداع، 2008).
  • نوستالجيا: مقالات ودراسات ومراجعات (جزأين) (مؤسسة دار الهلال، 2013)
  • يمشي على مهل ويسبقنا، (مجموعة الوسط الإعلامية، مكتبة الكون، القاهرة، 2020).
  • حساسات التفكير الناقد، (مؤسسة كلام للبحوث والإعلام، عمّان، الأردن، 2020).
  • كتاب المفارقات (رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2021).
  • دراسات في الوعي الأخلاقي والعلمي (رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2021).

ونشر “الحصادي” أبحاثه الكثيرة في أغلب الدوريات ومنها: «ماهية الفلسفة»، و«العولمة: الخيار الجيني»، و«قتل المرحمة»، و«الوعي الفلسفي ومستقبل الفلسفة في الجامعات الليبية والخليجية»، و«الوعي الزائف والنسبانية الأخلاقية»، و«قيمية العلم»، و«في التعليم العام – مشروع ليبيا 2025».

صدمات العلم..

ألقى الدكتور “نجيب الحصادي” أستاذ الفلسفة في الجامعات الليبية محاضرة بمجمع اللغة العربية أدارها الدكتور عبدالحميد الهرامة رئيس المجمع تحت عنوان «لمن نلجأ إذا اختلطت علينا الأمور؟» لخص فيها رحلة الإنسان مع أسئلته عن المعرفة واليقين، وفهمه للوجود.

أشار”الحصادي” رجوعا إلى التاريخ أن الإنسان يلجأ إلى السماء تارة ليحملها أعباء عيشه على وجه الأرض، أو ليطلب مساعدتها في حملها عنه. لكنه دائما يعود للأرض وكأن الحنين يصله بالطين الذي جبل منه.

وأضاف المحاضر أن «هدف الإنسان في الحالتين فهم العالم والسيطرة على مقدراته وإن توسل لتحقيق هذين الغرضين أساليب عديدة ومتنوعة.

مع نزول الأديان لجأ الإنسان مرة أخرى إلى السماء واتخذ الكتب المقدسة مصدرا لمعارفه واستمر هذا المسلك فترة من الزمن، وما زال عند بعض البشر إلي يومنا هذا، ومع إطلالة القرن الثالث قبل الميلاد تمظهر أول أعمال صريح للعقل عند سقراط بإنزاله الفلسفة من السماء إلي الأرض، وتحوله من البحث في القضايا الميتافيزيقية إلي البحث في قضايا الإنسان».

وأردف: “غالبا ما يتبع أعمال العقل بالزعم بمركزية الإنسان في علاقته بسائر الكائنات في موازاة مركزية الأرض وعلاقتها بسائر الإجرام، وقد تجسد ذلك في الفلسفة والدين، وفي علم الفلك عبر نظرية بطليموس التي سيطرت على الفكر البشري ما يربو على 13 قرنا، ثم نعود مجددا إلى السماء زمن العصور الوسطى وعلمي الكلام واللاهوت حيث الأولوية للنقل على العقل فلم يستثن من ذلك غير المعتزلة الذين أكدوا علوية العقل وابن رشد الذي أثر في مفكري عصر الأنوار بأوروبا”.

الفلسفة..

ويبحر الحصادي في فضاءات العصر الحديث منطلقا من المفكر رينيه ديكارت بجعله اللجوء إلى الله ضامنا سرمديا وقدرة الإنسان في أقبية الأرض على معرفة العالم، غير أنه أشاح بوجهه عن السماء حين أراد التأسيس للمنهج العلمي ويرى نجاحه في الرد على الشكاك والملاحدة وربط مهمة فهم العالم بالمعامل بعد أن كانت منوطة بالمعابد.

وتنقل الحصادي بين جون لوك وديفيد هيوم وغيرهم لتنتهي هذه الرحلة في تصور مفاده لا سبيل للإنسان إلا تعليق الأحكام حتى جاء كانط ليجمع بين ملكتي الحس والعقل وحين سئل عمن يجب أن نلجأ إليه عندما تختلط علينا الأمور أجاب بأنه ما لا يرتد إلى أصول حسية غير قابل لأن يعرف.

وأوضح الحصادي أن كانط وسبينوزا وفولتير وسائر رجالات التنوير في إعادة الاعتبار لأهمية العقل، ومع مطلع القرن العشرين وطوال سبعة عقود سيطرت الوضعية المنطقية التي وجدت في العلم مصدرا وحيدا للمعرفة.

وفاته..

توفي “د.نجيب الحصادي” في الأردن صباح اليوم الخميس، 3 يوليو 2025 عن  72 عاما. وصف رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة “عبدالحميد الدبيبة”، الحصادي في بيان، بأنه «منارة لبث الوعي الأخلاقي والعطاء العلمي بقيمه النبيلة، ومثله السامية»، وقال الدبيبة إن الراحل «أثرى بمؤلفاته وترجماته البديعة المكتبة الليبية، ونشر هويتها الثقافية بكل افتخار بين كتاباته الأصيلة، كما شهدت له الجامعات ومجمع اللغة ببعد النظر، وصدق الكلمة، وأثره العميق في المشهد الأدبي والنقدي». ورأى عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم قزيط أن المفكر الراحل «ثروة قومية»، منوها إلى «مساهماته في حركة الترجمة والتأليف في الوطن العربي»، وقال «هو منارة درناوية وليبية ومثال مضيء للأستاذ الجامعي المقتدر».

وقال عنه خالد المشري إنه «رمز من رموز الفكر والثقافة، ساهم بعلمه وأفكاره في إثراء الحياة الفكرية في مجتمعنا وترك بصمةً في مجالات الفلسفة والأدب، وكان مثالًا للتفاني والإخلاص في خدمة بلاده».

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة