9 أبريل، 2024 7:37 م
Search
Close this search box.

“د. جمال العتّابي” .. يضع خارطة طريق لإعادة الأعمال الفنية العراقية المسروقة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتب – محمد البسفي :

رفض تمامًا، الكاتب والناقد العراقي، “د. جمال العتّابي”، تفسير علماء النفس لعمليات نهب وسرقة الآثار والأعمال الفنية، (المتحفية)، وحرق الكتب، “كنتاج طبيعي لنصف قرن من الاستبداد، والحروب، والانقلابات، والحصارات التي خلّفت نموذجها المشوّه في الشخصية العراقية المستلبة، والتي تجد في مشاهد التدمير والقتل وهدم الحياة، وممارسة الفعل السادي، تحقيقًا لتوازنها النفسي، ورضاها الانفعالي”.

عمل مدروس وسرقة ممنهجة !

ويرى “العتّابي”، في مقال له بعنوان: “كيف يستعيد العراق أعماله الفنية المسروقة ؟” نشر بصحيفة (الأخبار) البيروتية، إن “ما جرى في العراق بعد احتلاله عام 2003، كان عملاً منظّمًا مدروسًا، أقدم عليه لصوص ومخرّبون محترفون (أفرادًا ومؤسسات)، لهم من الخبرة والدراية في أهمية الأعمال الفنية، ومحتويات المتحف الوطني للفن الحديث، وهم خبراء في التعامل مع اللوحة، بنزع إطارها، ولفّها بطريقة أسطوانية خاصة.

“وما من شك في أنّ التصدي لموضوعة سرقة الأعمال المتحفية تواجه إشكالات عديدة، وينطوي على غير قليل من المغامرة والحذر، ولا سيما في غياب الدليل والوثيقة، وضعف الموقف الرسمي في المتابعة الجادة والمخلصة. والمشكلة تبدو أكثر تعقيدًا حين يتوفر الدليل لدى البعض ويمتنع عن تقديمه كوثيقة تحدد هوية السارق والمهرّب، خشية أن تطال سطوة هذه الجماعات هؤلاء. في هذا السياق يذكر أحد باعة اللوحات الفنية، أن فنانين وسياسيين قدموا له عروضًا مغرية لشراء الأعمال المسروقة.

“والأزمة في وجهها الثاني تبدو أشد قتامةً، حين يدّعي السماسرة والمهربون زورًا وكذبًا، أن هذه الأعمال هي مقتنيات شخصية، تعود لأفراد وجماعات أقدموا على شرائها في «أسواق العرض»، وبالمناسبة، فإن هذا الفعل يعدّ في مقدّمة النشاطات التجارية التي تحقق أرباحًا طائلة في سوق العرض والطلب..كما لجأت هذه الجماعات إلى «فنون» وحِيل وأساليب تزوير جديدة لأعمال مشهورة للفنانين العراقيين الرواد، وبيعها على أنها أعمال متحفية أصلية. ومن المؤسف حقًا أن يدخل «القلّة» من الرسامين هذا المستنقع الآسن، ليشاركوا في هذا الفعل القبيح”.

الحكومة أضاعت “الخيط والعصفور”..

مؤكدًا الكاتب العراقي على أن: الإشكاليات هذه لوحدها تعبّر عن سلسلة من الأزمات، لم توضع خاتمتها بعد، وكل فصل مثير من فصولها يدعو للحزن والأسى، ويكشف عن هشاشة الموقف الرسمي الحكومي الممثل في وزارة الثقافة، التي لم تكن جادّة وحريصة، عبر كل إداراتها على معالجة المشكلة في استرجاع الأعمال المسروقة، إذ توفرت لها فرصة ذهبية لن تتكرر بعد، في شراء «المقتنيات» الشخصية، أو على الأقل، البعض منها، حينما منحت الحكومة، وزارة الثقافة، تخصيصات مالية (كونية) أشبه بالأحلام، لفعاليتي: «النجف عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2012»، والتي لم تتحقق، فضاعت تخصيصاتها (بين القبائل)، والأخرى، «بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013»، التي لم تترك أثرًا أو مشروعًا ثقافيًا مهمًّا، فضاعت الفرصة، ومعها «ضاع الخيط والعصفور». على الرغم من محاولاتنا في دفع الأمور باتجاه تبنّي مشروع شراء الأعمال الفنية، إلّا أنّ المساعي ذهبت أدراج الرياح. والوزارة في أغلب إجراءاتها تعتمد «الهامش»، لا «المتن»، لأنها هي الأخرى تحذّر من تجاوز الخطوط الحمر، لأسباب معروفة. علمًا أنّ الوسط التشكيلي يتداول أسماء أفراد وجهات، ودولاً خليجية أو مجاورة وأوروبية، مشاركة بشكل وآخر في سرقة وتهريب وبيع تراث العراق الخالد الذي تركه الروّاد للأجيال القادمة.

لم يعد الأمر يجري في الخفاء، وليس جديدًا كما هو معروف، إذ شهدت تسعينيات القرن الماضي بداية تهريب الأعمال، في تصريح لوزير الثقافة السابق، عبدالأمير الحمداني، يذكر فيه أنّ دبي إحدى المحطّات الرئيسة لتهريب الأعمال الفنية العراقية والقطع الأثرية إلى الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، وما زالت مئات القطع الأثرية موجودة في دولة الإمارات تنتظر التهريب إلى جامعة «كورنيل» الأميركية !

مقترحات بحلول..

محاولاً “العتّابي” الإجابة على: السؤال الأهم في هذا الصدد: هل بمقدور العراق في ظلّ أزماته المتعددة أن يعالج المشكلة لوحده ؟ أو باستطاعته تحريك هذا الملف المهم مع الجهات المعنية من جديد ؟.. الجواب باعتقادي يتحمّل المزيد من الشكوك، في قدرات الجهات المسؤولة، ولا سيما أنّني كنت شاهدًا أو مشاركًا في لجان الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي تغرّد خارج السرب دائمًا، بسبب غياب ذوي الشأن والاختصاص في تشكيلاتها، وغالبًا ما تسفر اجتماعاتها عن توصيات تركن على الرفوف، لأنها غير واقعية أو عملية، وقائمة على المزاج، وبلا سند قانوني أو مالي.

وفي هذا السياق، لا بد من الإشادة بالجهود النبيلة لبعض الفنانين، أو المؤسسات في استرجاع بعض الأعمال وإن كانت متواضعة في العدد، قياسًا إلى 8000 قطعة فنية مسروقة. إن مشروعًا كهذا، يعدّ جهدًا وطنيًا، تتحمل مسؤوليته مؤسسات الدولة في أعلى مستوياتها، وفي الداخل والخارج، إلى جانب بعثاتها الدبلوماسية، والمنظمات الدولية، وفي مقدمتها (اليونسكو)، وتنظيم حملة إعلامية عالمية لمناشدة كل الأطراف المحلية والعربية والدولية، في الوقوف إلى جانب العراق في استعادة ثرواته وكنوزه الفنية، وتقديم العون المادي والمعنوي لتوفير فرص النجاح لهذا المشروع، فضلاً عن تخصيص المبالغ اللازمة في الموازنات المالية لهذا الغرض، وعلى شكل مراحل، وتشجيع مبادرات «المقتنين»، في التبرع التي تأتي عبر دوافع وطنية وأخلاقية، وبآليات قانونية لمنح أصحابها استثناءً خاصًا في الامتيازات والتكريم والأوسمة.

وثمة مقترح آخر يتعلّق بالأعمال الفنية في معظم سفاراتنا في الخارج وهي أعمال متحفية في الأغلب، تعود ملكيتها للدولة، أخشى أن يجري العبث بها، بطريقة وأخرى. لذا أدعو وزارة الثقافة إلى مناشدة وزارة الخارجية في تفهم هذا المقترح، لحفظ الأعمال وصيانتها، من خلال إرسالها إلى المتحف الوطني، وتعويضها بأعمال فنية لفنانين آخرين.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب