خاص: إعداد- سماح عادل
“د. أميرة حلمي مطر”، كاتبة وباحثة، وأستاذة جامعية مصرية.
التعريف بها..
ولدت في حي حدائق القبة في القاهرة عام 1930. كان والدها من كبار المهندسين وحاصل على الدكتوراه في الهندسة الكيماوية من جامعة مانشستر بإنجلترا. درست “أميرة” في كلية البنات في الزمالك ثم التحقت إلى كلية الآداب قسم الفلسفة في جامعة القاهرة. كانت الطالبة الوحيدة من ضمن ثلاثين طالبا. حصلت على الليسانس في عام 1952 وكانت الأولى على دفعتها. عينت بعد تخرجها بثلاث سنوات معيدة في نفس القسم بسبب تفوقها في الفلسفة اليونانية وعلم الجمال.
وتخصصت أيضا في دراسة العلوم السياسية ونالت شهادة الماجستير فيها. وفي عام 1955 نالت شهادة الماجستير الثانية في الفلسفة من جامعة القاهرة. وبعدها بسنوات تزوجت وحصلت على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من الجامعة نفسها في عام 1961. تلمذت على يد أساتذة كبار في الفلسفة منهم “عبد الرحمن بدوي، ومصطفى سويف، وزكي نجيب محمود”، وغيرهم.
عمل..
ترأست قسم الفلسفة في جامعة القاهرة منذ عام 1975 وحتى عام 1981. وشغلت عضوية جمعيات عديدة منها جمعية الفلسفة اليونانية، وجمعية الفلسفة المصرية، ولجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة وغيرهم. أصدرت ما يزيد عن أكثر من 5 كتب في الفلسفة ودراسات وأبحاث عديدة في علم الفلسفة والجمال. بالإضافة لإشرافها علي العديد من أطروحات الماجستير والدكتوراه في الفلسفة. وتتقن لغات عديدة مثل اللغة اليونانية القديمة، واليونانية، والإنجليزية، والفرنسية. وقد ترجمت عن اللغة الإنجليزية واليونانية كتب في الفلسفة عديدة منها كتاب جمهورية أفلاطون، وكتاب محاورتا ثياتيتوس وفايدروس أو عن العلم والجمال.
وفي عام 1985 حصلت على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة، وجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة في عام 2004، ونالت على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.
المؤلفات..
- الفلسفة اليونانية: تاريخها ومشكلاتها، مكتبة بستان المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، 1988.
- الفلسفة السياسية: من أفلاطون إلى ماكرس، دار المعارف، 1995.
- فلسفة الجمال: أعلامها ومذاهبها، مكتبة الأسرة – الأعمال الفكرية، الطبعة الأولى، 2003.
- عن القيم والعقل في الفلسفة والحضارة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2010.
- مدخل إلى علم الجمال وفلسفة الفن، دار التنوير، 2013.
ترجمات..
- فايدروس: أو عن الجمال، 1969.
- الفكر الإسلامي وتراث اليونان، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1997.
- جمهورية أفلاطون، مكتبة الأسرة، 1965.
- محاورتا ثياتيتوس وفايدروس أو عن العلم والجمال، التنوير، 2014.
المشهد الفلسفي..
في مقالة بعنوان “أميرة حلمي مطر.. في المشهد الفلسفي العربي المعاصر” كتبت “خديجة زتيلي”: “”تنتمي إلى رعيل المفكرات العربيات اللواتي يشهد لهن بالموهبة والكتابات النوعية في مجال الفلسفة منذ النصف الثاني من القرن العشرين، لقد قدمت إنتاجا قيما متفردا في الفكر بشكل عام وفي الفلسفة اليونانية والجمالية والسياسية بشكل خاص. وكان من تجليات التلاحم بين شخصيتها وثقافتها من جهة وما تؤمن به وما تكتبه من جهة أخرى أن أظهرت إبداعا لافتا يكشف عن مقدرة متميزة. كانت الفلسفة ملْهمة لها ومعينا لا ينضب للتأليف والإبداع الفكري والترجمة إلى اللغة العربية، لقد أتقنت الكتابة بلغة الضاد كما تمكنت من عدة لغات أجنبية تحدثا وكتابة، فكان حصيلة ذلك تراثا إنسانيا يستحق الاهتمام”.
وأضافت: “وتعد أميرة مطر من بين أهم المؤرخين المعاصرين للفلسفة اليونانية، فقد اجتهدت لجعل هذا الميراث الإنساني يتحدث باللغة العربية بفضل إسهاماتها في مجال الترجمة، على نحو ما فعلت عندما نقلت محاورة ثياتيتوس أو عن العلم لأفلاطون إلى اللغة العربية وكذا محاورة فايدروس أو عن الجمال لنفس الفيلسوف، وقد تعاملت مع النصين بمهنية عالية، فقد حرصت على بقاء المصطلح متسقا مع روح النص الأصلي، فأوردته في لغته الأصلية اليونانية التي تجيدها، وأرفقته بالمقابل له في اللغات الأجنبية الأخرى، التي خبرتها، كالفرنسية والانجليزية. فيكون القارئ، بعد ذلك، بصدد المصطلح في لغات أربع، وبمضامين أكثر رحابة.
وإذ تولي الكاتبة أهمية تذكر لمحاورة ثياتيتوس أو عن العلم فلأن هذه الأخيرة تناولت مشكلة المعرفة العلمية التي طرحت بشكل ملح في عصر أفلاطون، حيث يعالج الفيلسوف في هذه المحاورة مشكلة المعرفة الحسية التي عبرت عنها السفسطائية بشكل كبير من خلال أشهر فلاسفتها بروتاجوراس الذي أكد على مسألة النسبية في المعرفة بعبارته المشهورة ”الإنسان هو مقياس الأشياء”. وإذا كان أفلاطون لا يتبنى هذا الموقف الحسي في تصوره للمعرفة، فلكي يؤكد ضرورة التمسك بنظرية المثل العقلية، فالعلم، في منظومته الفكرية، لا يكون تفسيره إلا عقليا يصحبه البرهان والاستدلال المنطقي. ففي المقدمة الدسمة للترجمة العربية التي توزعت على خمسة عشرة صفحة، تحلّل أميرة مطر أهمية ثياتيتوس في سياق فلسفة أفلاطون بشكل عام ومسألة المعرفة والمستويات الثلاثة للعلم الواردة فيها، ابتداء من جعل العلم إحساساً إلى كونه ظنّا أو حكماً وصولاً إلى جعله حكما صادقا مؤيدا ببرهان، وهذا الحكم الأخير هو نفسه موقف أفلاطون من المعرفة.”
ريادة..
في مقالة أخري بعنوان: “د. أميرة حلمي مطر.. رائدة في الفلسفة في مصر والعالم العربي”: كتب “فهد المضحكي”: “إن التحليل التاريخي للقيم الجمالية، جعل «د.أميرة مطر» تقف عند اللحظات الثورية التي جعلت علم الجمال مقدمة لكل تحرر، ووسيلة من وسائل نهضة الإنسان وتحديثه، وعلامة من علامات تقدمه وتطويره وباعتباره فلسفة، تتفاعل مع قيم عصرها، كما يبدو من التكنولوجيا وفنون ما بعد الحداثة التي ساعدت على «انطلاق طاقات السخرية، والتهكم، وظهرت صور” البوب “وملصقاته ومستنسخاته الجماهيرية وحلت محل الصور الكلاسيكية القديمة، فشوهت فان جوخ وفيلا سكيز واستبدلتها بصور زجاجات الكوكاكولا ومالرلين مونرو، وكأنها بهذا الطرح الفني الجديد تدعونا إلى مراجعة الذات وعلاقتها بالآخر، وتدفعنا إلى التفكير في مدى أصالتنا الجمالية، مادامت القيم الجمالية السابقة، صارت الوجود والرغبة والحُلم الذي يصارع كل إرادة ترفض الوهم والحقيقة المزيفة، تلك الحقيقة التي تقوم على منطق» إن ما يسرني لا يسر كل شخص سواي”.
ويضيف: “قدمت د. أميرة إنتاجا قيما متفردا في الفكر بشكل عام وفي الفلسفة اليونانية والجمالية والسياسية بشكل خاص، أظهرت من خلال كتاباتها إبداعا، لافتا يكشف عن مقدرة متميزة كانت الفلسفة ملهمة لها ومعينا لا ينضب للتأليف والإبداع الفكري والترجمة إلى اللغة العربية، لقد أتقنت الكتابة بلغة الضاد كما تمكنت من عدة لغات أجنبية تحدثا وكتابة، فكان حصيلة ذلك تراثا إنسانيا يستحق الاهتمام.
تبلورت آراء الفيلسوفة أميرة الجمالية تجاه قضايا الفن والجمال في جملة من المؤلفات مثل: فلسفة الجمال أعلامها ومذاهبها، مقالات في القيّم والحضارة، مقدمة في عالم الجمال وفلسفة الفن، وغيرها من الكتب التي تبحث هذه المسائل على النحو الذي تراه».
وفاتها..
توفت الكاتبة والباحثة الدكتورة “أميرة حلمي مطر”، عن عمر ناهز 95 عاما يوم 8 يوليو 2025.