17 نوفمبر، 2024 9:23 ص
Search
Close this search box.

“د. أبو بكر السقاف”.. تبنّى النضال ضد الاستعمار ودعا إلى الوحدة اليمنية

“د. أبو بكر السقاف”.. تبنّى النضال ضد الاستعمار ودعا إلى الوحدة اليمنية

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“د. أبو بكر السقاف” أستاذ الفلسفة بجامعة صنعاء منذ تأسيس الجامعة.

حياته..

ولد باليمن في منطقة الوهط بمحافظة لحج. وهاجر قسرا إلى موسكو حيث زوجته، وبعد سنوات من الملاحقة البوليسية تعرض”السقاف” للضرب والتعذيب بالكهرباء عند باب منزله وإحراق أجزاء من جسده بسبب انتقاده للنظام اليمني الذي وصفه بالاستعمار الداخلي عقب اجتياح الجنوب في كتابه عام 1994.

هو ليس فقط أستاذا جامعياً محترفاً ومتبحرا في تخصصه، بل إنه رجل صاحب صوت ورأي وموقف متميز في كل الشؤون الوطنية والسياسية والاجتماعية، وقد تعرض بسبب رأيه لكافة أشكال التنكيل والملاحقة والاختطاف والإخفاء والضرب بالعصي المكهربة.

فهو أول من أطلق على حرب ١٩٩٤م على الجنوب بالاحتلال، وسماها ب “الاحتلال الداخلي”، وكان ذلك في مطلع العام ١٩٩٥م أي بعد أشهر فقط على نهاية الحرب، حينما كان حتى بعض الشجعان يقدمون التهاني للغزاة والجلادين ويتشفون بالضحايا والمكلومين، وظلت مقالات الدكتور السقاف في صحيفتي “الأيام” و”الثوري” تمثل الشرارات التي أشعلت فيما بعد حرائق الثورة السلمية في الجنوب والشمال. أحد أبرز مؤسسي “اللجان الشعبية” الجنوبية وكان بمعية الفقيد هشام با شراحيل وآخرين أول من أسس “اللجنة الشعبية” لمحافظة عدن حينما كان مجرد التفكير بمعارضة نظام صنعاء يمثل كفرا.

من أبرز كتاباته الأخيرة:

  • الوجوه الثلاثة لدولة الحرب عن المجتمع.
  • القضية الكبرى الغائبة: الدولة المدنية، لوم الضحية.
  • تبشير المسلمين بالإسلام أو الاضطهاد الديني في صعدة.
  • في ذكرى الاستقلال الذي ضاع غير مرة.
  • تحويل جامعات الدولة إلى مكاتب علاقات عامة، ثقافة الحصانة “نظرية الإذلال”.

خسارة للوطن..

في مقالة بعنوان (خسر الوطن اليمني دكتور أبو بكر السقاف) كتب “حسن العجيلي”: “كيف نفهم ما كان يكتبه الدكتور أبو بكر السقاف، لقد كان فعلا مشروع طريق طويل متعرج ومتشعبة الأفكار علما وثقافة وفكر وينبوع تدفق منه مياه صحية صافية ونقية وكرع شربنا وتشبعنا منه كثيرا، ولكن لم نصل إلى نهاية الطريق ولم يكتمل هذا المشروع العملاق الذي أزعج سلطان السلطة في صنعاء، ومن خلال سلاحه المتواضع القلم الذي قصف من خلاله أركان وحصون المناطقية والمذهبية والفئوية، وقال عليها أنها استعمار داخلي واحتلال تتري تاريخي غزا اليمن من الداخل، وعطل كثير من أجهزة التطور والتقدم والازدهار.

ذلك السلاح الذي قضى على طموح وتطلعات القبيلة التي كانت تسعى إلى تطويع كل شي وتقضي على كل مشاريع التطور العلمي والفكري الذي كان قد رسمه الدكتور أبو بكر السقاف، من خلال مشروعه الطويل والذي لم يكتمل نظرا لوعرة الطريق المعاكس الذي وجد في اليمن بطبيعة الظروف الجغرافية وتضاريس المنطقة وتصلب عقول وأفكار قاطنيها”.

ويضيف: ” لقد فقد الوطن اليمني بشطريه هامة وقامة سياسية واقتصادية وأدبية وليس هذا من قبل المدح المدبلج ولكن كانت أفكار وأهداف هذا الرجل الفقيد تحتوي على نهضة عظيمة صعبت استيعابها من قبل النظام في صنعاء، الذي حاول إسكات هذا الصوت المجلجل الذي هز أركان عروش الطغاة من الفاسدين والمستبدون والمتمردون بشعارات الحرية والديمقراطية الجوفاء”.

التنوير مكابدة شاقة..

وفي مقالة بعنوان (وجوه من اليمن: أبوبكر السقاق.. التنوير مكابدة شاقة وانحياز لصوت المقهورين” كتب فيها : “قبل العشرين السنة الأولى من عمره، لا تتوفر الكثير من المعلومات الدقيقة عن التكوين الثقافي الباكر للدكتور أبو بكر عبدالرحمن السقاف، أستاذ الفلسفة بجامعة صنعاء، غير تلك المتواترة وتقول إنّه وُلِد في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي في إثيوبيا لمهاجر يمنيّ من الوهط التابعة للسلطنة العبدلية. حينها، قضى شطرًا من حياته في بلاد المهجر قبل أن يعود منتصف الأربعينيات إلى مسقط رأس والده، ليدرس في (المدرسة الجعفرية)، في قرية الوهط، ثم المدرسة المحسنية العبدلية بالحوطة، قبل أن يكون ضمن بعثة أخرى للاتحاد اليمني، التي ذهبت إلى القاهرة في أوائل 1954م، بعد بعثة أولى في العام 1953م، وقد رشح نادي الشباب اللحجي طلاب هذه البعثة، وتشكّلت من خمسة طلاب ينتمون إلى قرية واحدة في لحج هي قرية الوهط، وهم: أبوبكر السقاف، وعلي عيدروس السقاف، وعمر الجاوي (السقاف)، ومحمد جعفر زين السقاف، ومحمد عمر حسن إسكندر السقاف. وقد وصلوا إلى مصر عن طريق البحر. واستقرّ البعض منهم في الدقّي بالقاهرة، كما قام البعض منهم بتأدية امتحان الشهادة الثانوية في حلوان، وقد انضمّ إليهم فيما بعد عبد الله حسن العالم.

في فترة القاهرة، سيكتشف زملاؤه شغفَه بالقراءة، وخاصة الكتب المتصلة بالفكر التقدمي، فقد كان “يتردّد أكثر من غيره على الأكشاك والمكتبات التي تُباع فيها الكتب التقدمية، لا سيّما على كشك كان يقع بالقرب من حديقة الأزبكية، وقد لاقت الكتب الاشتراكية الماركسية رواجًا أكثر فأكثر، بعد تأميم قناة السويس. يروي الأستاذ يحيى الشامي لقادري أحمد حيدر، أنّ السقاف وقت كان طالبًا منتصف الخمسينيات في القاهرة، كان لا يُرى إلّا وبيده كتابًا، وأنّه –أي الشامي- استعار ذات مرة منه كتابًا فكريًّا فوجده مملوءًا بالملاحظات والحواشي التي دوّنها السقاف بقلم جاف”.

عودة إلى اليمن..

ويضيف: “ليس هناك معلومات مؤكّدة عن عودته بشكل نهائي إلى اليمن، وتحديدًا إلى صنعاء، غير أنّ المعلومات القليلة، وخصوصًا من مجايليه وتلامذته تقول إنّه غالبًا عاد في العام 1974م، والتحق بجامعة صنعاء أستاذًا للفلسفة في سنوات تكوين القسم الأولى. وجد في المنابر الثقافية الوليدة، مثل: “مجلة الحكمة”، و”مجلة الكلمة”، و”مجلة اليمن الجديد”، في تلك السنوات مساحة للتنفس والكتابة في قضايا أدبية وفكرية، أنتجت حراكًا حقيقيًّا في سنوات السبعينيات.

ومنها خرج ما يعرف بجيل السبعينيات الشعري، الذي صار في القراءات النقدية صوت الحداثة المؤسّس. صحيح أنّ كتابات السقاف كانت تقرّب صورة الحالة العامة الثقافية والسياسية خارج اليمن وتفاعلاتها لقارئ ومثقف الداخل، لكنها كانت أشبه بحالة تجسير بين عالمَين تحكمهما ثنائية المركز والهامش التي كانت فاعلة قبل اجتياح الرقمية عالم التواصل اليوم.

تكوين الناشط الثقافي والسياسي الذي عُرف به السقاف حينما كان طالبًا في القاهرة، كبر معه حينما صار أستاذًا جامعيًّا، فلم يهادن المؤسسة الرسمية، وكان يقف على الضدّ من خطابها الترويجي والترويعي، وفي مرات عديدة أدار وشارك في ندوات تبحث في قضايا إشكالية وحساسة للسلطة، تسبّبت إحداها في توقيفه عن التدريس في الجامعة، فانتقل للعمل مُدرِّسًا في المدرسة الأهلية، وفي أخرى فُصل من عمله، بعد أن خاض معركة كبيرة ضدّ عسكرة الجامعة وإخضاعها للدوائر الأمنية في مسائل الإدارة والتعيين، لكنه عاد بحكم قضائي، غير أنّ المضايقات والاعتداءات التي تعرّض لها ستكون بعيد حرب صيف 1994، واجتياح الجنوب، حينما صارت كتاباته تُعرَّي توجهات السلطة في إخضاع الجنوب، ومصادرة حق أبنائه”.

ويؤكد: “لقد خاض المعركة الكبرى وما انطوت عليه من معارك متفرقة في أكثر من جبهة واتجاه، ولذلك تعرّضت حياته للمحن والمهالك والصعوبات والعقوبات، وتكالب عليه الخصوم بكثرة لا نظير لها، لكنه لم يهُن ويتراجع بقدر ما شُحِذَت قدرته على التقاط التفاصيل المؤلمة والكاوية، وحافظ على مكانته كمفكر ومثقف رفيع، وحضور إنساني شفيف ومتدفق بالحياة والذكاء والمعرفة، وبورتريه متجدّد بطاقة المقاومة لسلطات القمع والكشف والتعرية لخونة الثقافة والكتابة والرسالة الأكاديمية من عهد المخبرين إلى عهد القناص”.

من مؤسسي الحركة الوطنية..

قال عنه  صديقه الكاتب “عبد الباري طاهر”: “إن السقاف كان من مؤسسي الحركة الوطنية، والسكرتير العام لرابطة مؤتمر الطلاب اليمنيين في 56م، وهي أول رابطة تتبنّى النضال ضد الاستعمار والاستبداد، وربطت اليمن شمالا وجنوبا، ودعت إلى الوحدة اليمنية.

تعرَّض الدكتور السقاف لتوقّف عمله في جامعة صنعاء، وقطع راتبه، وتعرّض للاختطاف مرتين وللضرب، وأهم مؤلفاته وبحوثه وترجماته أخذها الأمن من منزله، وتوفي في موسكو، ولم يتلقَّ أي اهتمام لا من الشمال ولا من الجنوب، رغم مواقفه الوطنية، ودفاعه عن الشمال والجنوب، ووقف ضد الحرب والأحزاب وحرب 94م، وعشرات التلاميذ تعلموا على يده، فيما راتبه المقطوع لا يتجاوز 150 دولارا”.

وفاته..

توفي “د.أبو بكر السقاف” في أحد مستشفيات العاصمة الروسية موسكو يوم 13 ديسمبر 2022 بعد معاناة طويلة مع المرض عن عمر ناهز 88 عاما.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة