خاص: إعداد- سماح عادل
“ديفيد فونكينوس” روائي ومسرحي وكاتب سيناريو ومخرج فرنسي.
التعريف به..
من مواليد 1974، فاز بعدة جوائز في مجال الكتابة، درس الفنون في جامعة السوربون، ودرس موسيقى الجاز في باريس. صدر له أكثر من 16 عملا منشورا، ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات. ونالت روايته (شارلوت) 2014 جائزة رينودو الرديفة للجونكور، وجائزة الجونكور لطلاب المدارس الثانوية (هناك فرع من جائزة الجونكور العريقة يتم خلاله إعطاء الروايات المرشحة ال12 لمجموعة منتقاة من طلاب الثانوية في فرنسا عددهم ألفان ويقوم الطلاب بالتصويت على الرواية الفائزة).
ترجمت سلسلة إبداعات عالمية الصادرة في الكويت ل”فونكينوس” روايتين من أصل ثلاثة مترجمة للغة العربية رواية (الرقة 2014- إبداعات عالمية) ورواية (إني أتعافى- إبداعات عالمية 2015) ورواية (الطاقة الإيروسية لزوجتي- المركز الثقافي العربي 2008).
“الطاقة الإيروسية لزوجتى”..
في حوار معه في صحيفة “المصري اليوم” يحكي “ديفيد فونكينوس”
عن روايته “الطاقة الإيروسية لزوجتى” والنجاح الذي لاقته في ترجمتها العربية: “لأن الكتاب ليس جنسيا بقدر ما هو مناقشة لفكرة «الحسية» و«الاستمتاع»، وأظن أن الحسية هي المدخل الصحيح لفهم الثقافة العربية، التي أعتبرها مملكة المتعة الأولى. ألف ليلة وليلة مثلا، وهذا يفسر لك احترام العرب للحسية وربما يفسر نجاح كتابي”.
وعن عمل المترجم في رأيه يقول: “أظن أن المترجم الجيد ينبغي أن يكون مريضاً نفسياً. هذا الشخص الذي يمنح كامل طاقته وموهبته لحساب شخص آخر. في رأيي، الترجمة هي أعذب أنواع الجنون، وسنخسر كثيرا ككتاب لو تحقق الشفاء للمترجمين”.
الأدب العربي..
وعن اطلاعه علي الأدب العربي يقول: ” ألف ليلة وليلة وكذلك هناك كاتب مصري يفتنني هو ألبير قصيرى، منتهى العذوبة والشاعرية، شاعرية تذكرك بخيالات الأطفال وصورهم المبهجة المدهشة”.
ويجيب عن سؤال هل تحلم بجائزة نوبل يوما ما: “لا أظن أنني يمكن أن أفوز بنوبل. كتبي تسخر من كل شيء طوال الوقت، كما أنى لا أكتب عن السياسة ولا أدافع عن الأقليات أو حقوق المرأة. لماذا يمنحونني نوبل إذن”.
الرقة..
وفي مقالة بعنوان (ديفيد فونكينوس وعصارة السخرية والعبث، مراجعة لروايته الرِّقة) كتب “أسامة تيسير قفاف”: “يبدو هذا الكاتب للقراء والمترجمين كنبعٍ يتدفق باستمرار على الورق، فرواياته ترجمت لأكثر من عشرين لغة، عدا عن الجوائز التي حصدتها، والأفلام التي أُخِذَت من نصوصه عديدة، وأهمها الفيلم الذي أُنتج من خيال روايته الرِّقة (La délicatesse)، الرواية من إصدار 2009 باللغة الفرنسية، وصدرت مترجمة إلى اللغة العربية في 2014 من سلسلة إبداعات عالمية العدد 404، ترجمة كامل عويد العامري، ومراجعة الدكتورة ليلى عثمان فضل.
وقد نال المترجم جائزة الإبداع في حقل الترجمة من وزارة الثقافة العراقية، دخلت الرواية قوائم ترشيح أشهر خمس جوائز أدبية فرنسية، وتم تحويلها إلى فيلم من بطولة النجمة الفرنسية العالمية (أودري توتوAudrey Tautou). لقد قام الروائي دافيد فونكينوس بكتابة السيناريو وساهم في إخراج الفيلم مع أخيه ستيفان. وقد فاز الممثل فرانسوا داميان بجائزة أحسن ممثل في مهرجان مدينة سارلا الفرنسي للأفلام عن تمثيله دور ماركوس عام 2011”.
ويفصل عن الرواية: “تمتد الرواية على 202 صفحة من القطع المتوسط، في 117 فصلاً ، فصول تطول لعدة صفحات وأخرى لا تتجاوز بضع كلمات أو أسطر. في خطٍ زمني متصلٍ بلا انقطاع سوى بعض الذكريات التي تضيفها شخصيات الرواية المعدودة على الأصابع. يضيف فونكينوس بعض المقاطع من أعمال أدبية و أفلام، وبعض مقاطع من مجلات وصحف يومية، شيء من التناص وشيء من الملاحظات ومن المعلومات التافهة المضحكة، تثري النص وتضيف إلى الفكاهة اللاذعة التي تتميز بها لغته، وتربط المعنى المراد إلى الأحداث الواردة في الرواية.
الرواية جل أحداثها في مدينة باريس عدا نهايتها التي تقع في مدينة ليزيو شمال باريس. الرواية مثل الفسيفساء، منثورة بأحداثها بعناية وبدون تعقيدٍ يذكر، سهلة التناول والقراءة، وإن كانت الترجمة كما أراها متعبة حقاً ولا تساعد قارئ العربية باستيعاب أسماء الأماكن والشخوص والإحالات، فلا يوجد هوامش في الرواية، وبرغم ما يذكره المترجم من اتصاله بالكاتب، وأن الرواية تمت مراجعتها من قبل اثنين من مجيدي الفرنسية، إلّا أني كقارئ أحسست بالضياع وفقدان بعض الكلمات التي كان من الممكن أن توضح الجمل الطويلة، وقد يكون هناك أخطاء طباعية غفل عنها الناشر وهي السبب في هذا كله”.
أساطير الطفولة..
ويتابع: “الرواية تشبه نوعا أساطير الطفولة بمزاجٍ فرنسيٍ حديث، الأميرة ناتالي التي لا تخون، الجميلة النقية المرغوبة من الجميع. العملاق الأبله ماركوس الذي يتعثر بقبلةٍ وليدة اللحظة، فيحقق الحب الكامل لأنه صافي القلب وخيّر والطيبون يفوزون دوما. الشرير شارل يحاول التفريق بينهما، ويحاول استغلال ناتالي فتصده ويلكمه ماركوس. كلونه النمامة ناشرة الإشاعات.
تحقيق الحب الرائع من خلال التضحية وإعادة اكتشاف الذات من خلال العودة إلى البراءة والطفولة في بيت الجدة ولكن بولادة ايروسية جديدة، عندما تتفح عينا ناتالي من جديد وتخرج من شرنقة الحزن. الإيحاءات والإحالات التي تربط الأحداث وتعطي روحاً للتفاصيل مع إضافة لمسةٍ سخية ٍلتقنية تقديم الرواية للقارئ. ولا ننس روح فونكينوس الساخرة ودقة الملاحظة بين السطور تضفي همسةً ناعمة لقصة الحب والموت ثم العشق.
هذه شبكة العلاقات والقدر، الحب والصدفة، المدينة الكبيرة باريس، والمدينة الصغيرة ليزيو مدينة ناتالي وفرانسوا، وأيضاً أوبسالا مدينة ماركوس في السويد. كل شيء يبدو هادئاً خلف تلك القبلة التي غيرت كل شيء. وقبل ذلك الموت”.
شهية القارئ..
وفي مقالة بعنوان (ثيمة حكائية تفتح شهية القارئ على التفسير والتمعن) كتب “عبد اللطيف الموسوي”: “أن تحصد رواية واحدة أكثر من عشر جوائز، لهو أمر يدعو إلى التأمل والتوقف، ومن ثم البحث في أسباب هذا الفوز المتكرر على حساب أعمال أدبية أخرى، وليس غريباً أن يحقق روائي مثل هذا الانجاز، إذا كان قد أعتاد في أعماله السابقة على الفوز والتميز. وهكذا فرواية الرقة للكاتب الفرنسي دافيد فونكينوس حصلت على أكثر من عشر جوائز مع نهاية عام 2014 وفونكينوس نفسه حاصل على جوائز عدة منها جائزة الدون عن روايته (الرقة)، وجائزة روجيه نيمييه عن روايته الأخرى (الطاقة الأيروسية لزوجتي). كما ترجمت أعماله إلى أكثر من خمس وثلاثين لغة. ولذا يطمح القارئ إلى قراءة (الرقة) وهي الفرصة التي أتاحها لنا المترجم المتألق كامل عويد العامري”.
ويؤكد: “ويبدو أن النجاح الذي حققته (الرقة) تأت من تمكن الكاتب من بناء رواية اعتمادا على حدث بسيط يقع كل يوم يتمثل في حادث سيارة يودي بحياة رجل ليترك زوجته الشابة عرضة للحزن والكآبة ولمشاعر متقلبة. كما أن الطابع الإنساني والغور في الأعماق البشرية ودغدغة الأحاسيس والمشاعر واستخدام الكاتب لتقنيات سرد لا تبدو مألوفة إضافة إلى لجوئه لتقنيات السينماغرافيا لمتابعة الشخصيات، واقتفاء أثارها كانت من الأسباب الرئيسة لتميز الرواية التي أتاحت للقارئ فرصة متابعة تحركات الشخصيات وانتقالاتها من حالة إلى أخرى ومن موقف إلى آخر وهي تبوح بمكنوناتها لتضفي لمسة خيال مبهرة”.