11 أبريل، 2024 6:59 ص
Search
Close this search box.

(ديسفيرال) قصة مريض تحل فيه أرواح المتبرعين بالدم

Facebook
Twitter
LinkedIn

صدرت عن داري( سطور وسنا ) في العراق، الرواية الرابعة لـ ( نوزت شمدين) حملت عنوان ( ديسفيرال) 256 صفحة من القطع المتوسط.
يحصل جابر المريض بالثلاسيميا، على ذكريات ومهارات المتبرعين له بالدم، ويبقي ذلك سراً مع نفسه لكي لا يلجأ والداه المذعوران إلى رجال الدين والمشعوذين لإخراج ما اعتقدا انه جن يسكن في جسد أبنهما. فبات متابعة تفاصيل ذكريات المتبرعين الضاجة في رأسه من أحداث ومشاعر متعته الوحيدة لتبديد كآبة ووحدة فرضهما المرض عليه.
أكثر من عشرين سنة ينتظر فيها موتاً تأخر كثيراً عن موعده، ومعاناةً يفر منها الى عالم سري صنعه لنفسه هرباً من إبر منحه الدم مرة واحدة شهرياً، أو التي تزرع تحت جلد بطنه كل يوم لإعطائه دواء الديسفيرال. لكنه يشعر بظهور (ليان) بائعة الزهور التي أخذ دمها من مصرف الدم ودار في جسده لنحو شهر زارعاً فيه الأمل في الحياة وهو يقلب في ذهنه ملاييناً من صور ذكرياتها الجميلة.
تطرح الرواية، قضية عدم إجراء فحوصات ما قبل الزواج ولا سيما بين الأقارب وما ينجم عن ذلك من زيادة في حالات الاصابة بمرض الثلاسيميا الذي لا يمكن التخلص منه إلا بأمل شبه مستحيل في العثور على متبرع بنخاع العظم وإجراء عملية زراعته في بلدان معدودة منها ايطاليا، بتكلفة تصل الى نحو ( 200) الف دولار.
إضافة الى افتقار العراق ومعظم البلدان في آسيا الى البنية التحتية اللازمة لمعالجة المصابين بالمرض، ولا حتى سجلاً وطنيا للمتبرعين بالنخاع. وإعطاء الدم دون فصل مكوناته كما يحدث في بلدان العالم المتطور، فيشعر المريض في كل مرة يأخذ بها الدم بآلام حادة بسبب رفض جسمه للدم.
ثلاث أصوات، تنقل أحداث الرواية التي تعد الأولى التي تدخل عالم الثلاسيميا وتدق من هناك ناقوس الحذر جراء المخاطر الكبيرة التي تواجه المجتمعات ذات الطبيعة القبلية أو التي تطبق فيها قوانين دينية بنحو خاطئ. والنتيجة أجيال متلاحقة من المصابين بأمراض وراثية مزمنة لا تواكبها الدولة بالرعاية المطلوبة، فتكون النهايات مأساوية في الغالب.
حمل غلاف الرواية الثاني ما يلي:
تختلط الوقائع مع أخيلة الطفولة حين تصحبني الذاكرة إلى عالمي وأنا بسن الخامسة. سحابةٌ من روائح المطهرات وبول الأطفال وقيئهم تطوف فوق رؤوس عشرات إمتلأت بهم قاعة مركز الثلاسيميا في المستشفى، أكثر مكان موحش زرته وكرهته في حياتي. أطفالٌ رضعٌ وفتية وفتيات من حولي في وجوههم صفرة ليمونية. توقفت حركاتهم عند جلوس أو استلقاء كالمحبوسين داخل صور. بينما تهبط على أذرعهم الممدودة بيأس أنابيب منتفخة بالدماء مثل ثعابين شرهة، تراقبها أعين الآباء والأمهات بحرص وأجسادهم متحفزة على الدوام لإستقبال كارثة ما.
أبي يقف إلى جانب سريري الحديدي ويداهُ في جيبي دشداشته البيضاء القصيرة ووجهه الملتحي المليء بالشيب يقابل كيس الدم المعلق. يذكر الله بصوتٍ غير مسموع ورأسه يتحرك للأعلى والأسفل فيبدو كمن يعدُ القطرات المنزلقة بتتابع إلى ذراعي. أسأله وأنا أحاول من الأسفل العثور على عينيه المحجوبتين بغابة لحيته:
” أين هو الله ؟ ” .
يتوقف رأسه عن الحركة. ينحني واضعاً يده اليسرى على طرف السرير ويقرب وجهه الحزين مني فتفوح رائحة السِواك:
“إنه أقرب إليك من هذا “.
ويشير بإصبعه إلى مرفقي. لا أفهم إن كان يقصد الأنبوب أم الإبرة المدفونة تحت اللاصق. ولا شك بأنها إبتسامتي غير المسيطر عليها التي جعلته يُمسِك بمرفقي الآخر ويقول:
“إنه قريبٌ جداً منك، فقط كلمه وسيسمعك “.
أنظر إلى السقف وأسال مجدداً:
“هل يُحبني الله “.
يجيب بترتيل كأنه في صلاة:
” يُحبُك أكثر مني ومن أمك “.
فأغمِضُ عيني وأسأل الله :
” لماذا إذن لا تُشفيني ؟ “.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب