خاص : عرض – سماح عادل :
رواية (خيوط المؤامرة) للكاتب البريطاني “جون لو كاريه”، ترجمة “مروان سعد الدين”، إصدار الدار العربية للعلوم ناشرون، تتناول في إطار تشويقي مشكلة الكونغو وما تعانيه من صراعات ودمار، وإستهداف الرأسماليين الغريبين لثرواتها وخيراتها عن طريق المؤامرات التي تكتسب طابعاً إنسانياً في الظاهر.
الشخصيات..
“برونو سلفادور”: البطل.. ويدعى داخل الرواية باسم “سالفو”، وهو ابن لرجل ايرلندي كاثوليكي كان في بعثة دينية إلى إفريقيا وأقام علاقة حب مع فتاة، ابنة رئيس قبيلة في الكونغو، أسفرت عن إنجاب “سالفو” بشكل غير شرعي، وماتت بعدها أمه في حملة إبادة، ورعاه والده بعض الوقت ثم أصبح في رعاية الكنيسة وتم ترحيله إلى بريطانيا، وهناك تلقى تعليماً جيداً وأصبح مترجماً محترفاً، يعرف لغات إفريقية عدة بجانب الفرنسية والإنكليزية.
“بينيلوب”: صحافية بريطانية شهيرة.. تعرفت على “سالفو” وتزوجته فقط لتصدم عائلتها بزواجها من رجل من أصول إفريقية، وعاشت معه علاقة زواج فاترة لمدة خمس سنوات، لم تهتم في تلك الفترة إلا بعملها وتطورها فيه.
“حنا”: ممرضة من الكونغو.. سافرت إلى بريطانيا لتحصل على عمل أفضل، لها طفل يعيش في أوغندا مع عمة لها، أنجبته بطريقة غير شرعية وتراعاه، تعرفت على “سالفو” بالمصادفة أثناء عمله كمترجم ووقعت في حبه وبدأت بينهما علاقة حب.
“موانغازا”: زعيم وطني في الكونغو.. كان يعمل مدرساً، وأشتهر في بلاده أنه داعي للسلام وإنهاء الحرب الأهلية بين القبائل، وكان ذا شعبية لكنه في النهاية تورط في اتفاق شرير على بلاده، لكي يتسلم الحكم هناك بدعم من رجال أعمال وسياسيين بريطانيين.
“فرانكو”: زعيم إحدى الميليشيات في الكونغو.. وجماعة من الجماعات المتصارعة هناك في الكونغو.
“ديدون”: زعيم إحدى الميليشيات في الكونغو وجماعة من الجماعات المتصارعة هناك أيضاً في الكونغو.
“الحاج”: زعيم أيضاً لجماعة ثالثة في الكونغو.
اللورد “برنكلي”: سياسي بريطاني فاسد يرعى عملية تستهدف إستغلال ثروات الكونغو.
“فيليب”: المسؤول عن إدارة العملية التي بموجبها سيتم إستغلال ثروات الكونغو.
الراوي..
الراوي هو البطل، “سالفو”، يبدأ الحكي عن حياته منذ كان طفلاً بشكل مختصر، ثم يحكي عن أحداث تورطه في تلك العملية السرية وكيف سعى لكشفها، ثم تم إحتجازه في أحد المعسكرات في النهاية، يحكي بضمير المتكلم بلغة ساخرة.
السرد..
يتمتع بدرجة عالية من التشويق، حيث يتتبع القارئ الحكاية في تصاعد مثير للأحداث، ولكن بشرح تفصيلي أكبر لكل شيء، بدءً من تفاصيل الأماكن وحتى ملامح الشخصيات وسماتهم الشخصية، الرواية تقع في حوالي 350 صفحة من القطع المتوسط.
إستغلال ثروات الكونغو..
البطل من أصل إفريقي، حيث أن أمه كونغولية، يتورط دون أن يقصد في عملية سرية ترعاها الإستخبارات البريطانية، التي عمل معها في السابق كمترجم محترف بضع مرات، لكن هذه العملية خارج نطاق عمل المخابرات، حيث يعلن، “أندرسن”، العميل للمخابرات الذي يتعامل معه “سالفو”، أنه يتبرأ منه قبل بدء العملية، وأن المخابرات مجرد وسيط وأنه يعمل لصالح “فيليب”، ذلك الرجل هو مدير العملية والمسؤول عنها، وأن المخابرات البريطانية لا تتحمل ما يحدث له سواء أصيب أو قتل، ويوافق “سالفو” على ذلك بدافع الفضول لمعرفة ما هي العملية التي إستدعى لها.
ويسافر مع فريق العمل، الذي يتعرف عليه وهو تحت اسم مستعار، بطائرة إلى جريزة في شمال بريطانيا، حيث تعقد اجتماعات متوالية لمدة ثلاثة أيام بين ثلاثة من القادة الكونغوليين، الذين يمثلون جماعات متصارعة في الكونغو: “فرانكو – ديدون – الحاج”، ومعهم “موانغازا” التي تنتوي العملية السرية تنصيبه حاكماً للكونغو، ليفشي السلام فيها وينهي الحرب الأهلية، نظراً لشعبيته واتفاق الناس عليه، ويكتشف “سالفو” الذي يقوم بمهمة ترجمة الاجتماعات بين القادة وبين ممثلين ما يعرف بالنقابة مجهولة الاسم التي تتولى إدارة تلك العملية، والتي يعتبر “فيليب” مديراً لها مع آخرون، كما أن “سالفو” يترجم كلام هؤلاء القادة أثناء فترة إستراحتهم، حيث يتعرضون للتجسس في غرفهم ليعرف “فيليب” ماذا يدور بأذهانهم.
حين يرفض “الحاج” إتمام العملية ويعترض يعذبونه، ويسجلون ذلك على شرائط، ليخضع في النهاية بعد أن يطلب منهم مبلغاً من المال لقاء موافقته، ويوقع القادة الأربعة مع ممثل النقابة المجهولة عقداً مزيفاً يخول لتلك النقابة تمويل عملية إصلاح سياسي يتزعم في نهايتها “موانغازا” بلاد الكونغو مقابل أن تحصل تلك النقابة على حق إستغلال الموارد الطبيعية في شرق الكونغو، وبعد وقت يسمح باستخدام الأرباح لصالح الشعب وبناء البينية التحية للكونغو.
ويكتشف “سالفو” أن ذلك مجرد دعاية زائفة لما سيحدث، وهو أن هذه النقابة المجهولة تسعى وفقط إلى الإستيلاء على موارد الكونغو بدعوى إقامة إصلاح سياسي ودعم السلام وإنهاء الحروب وخدمة الناس، وحين تنتهي العملية يسرق “سالفو” شرائط مسجلة يكتشف من خلالها ماهية تلك العملية السرية، ويسعى إلى كشف هذه العملية وإيقافها، خاصة وأن العملية تتضمن حدوث حرب مفتعلة في الكونغو لكي يتسنى تنصيب “موانغازا” بعدها زعيماً.
لكنه في رحلته لكشف تلك العملية؛ يكتشف أن سياسياً بريطانياً بارزاً يدعي اهتمامه بقضايا الدول الإفريقية ومصالحها متورطاً في تلك العملية، بل راعياً لها، ويكتشف أن المخابرات البريطانية نفسها ليست ضد تلك العملية، وإنما معها بدعوى أن الأفارقة متوحشون، يقتلون بعضهم البعض ويأكلون لحوم بعضهم، والأولى بثرواتهم البريطانيون والبيض المتحضرون الذين يعرفون كيف يستعملونها، وينتهي الأمر بترحيل “حنا” حبيبة “سالفو”، والتي ساعدته في رحلة كشفه لتلك العملية السرية، ثم إيهام “سالفو” بأنه سيتم ترحيله هو أيضاً من بريطانيا وحرمانه من الجنسية البريطانية، ثم يتم إحتجازه في إحدى المعسكرات في إفريقيا كسجين.
الحب أحد عناصر التشويق..
تسير مع تلك الأحداث قصة حب تنمو في بداية الرواية بين “سالفو” و”حنا” بعد أن قابلها مصادفة في إحدى المستشفيات في بريطانيا، حيث استدعى ليترجم لمريض رواندي يوشك على الموت، يجد “سالفو” في “حنا” الملاذ فهي تنتمي لبلاده وتتوافق معه في أفكاره وأحلامه حول كونغو خالية من الحروب، وتساعده “حنا” حين عودته من العملية السرية في محاولة فضحها، وتنتهي الرواية بأنها تراسله في سجنه، وربما عمد الكاتب إلى إقحام قصة حب في الرواية لزيادة التشويق ولإضفاء لذة على الرواية التي تغرق في تناول الأمور السياسية، لكنه مع ذلك أجاد تضمين قصة الحب وسط الأحداث المتلاحقة، حيث صور الصحفية البريطانية جافة لا تهتم سوى بمصلحتها الشخصية وعملها في حين أن “حنا” طيبة ومراعية ل”سالفو” وتشاركه حياته وأفكاره وحتى المصير السيئ الذي وصل إليه.
الكاتب..
“جون لو كاريه” كاتب بريطاني، اشتهر بكتابة قصص الجاسوسية، بدأ بالفعل في العمل مع المخابرات البريطانية وبالتحديد مع المخابرات الحربية وخدمة الاستخبارات السرية، وساعده هذا العمل على تكوين خبرة كافية في الكتابة، وبعدها ببضع سنوات بدأ في الكتابة ككاتب محترف ونشر أكثر من 20 رواية، ومن أشهر أعماله رواية “البستانى المخلص”، ورواية “سمكرى خياط جندي جاسوس”.
الروائي جون لوكاريه (اسمه الحقيقي دايفيد جون مور كرونويل)، كتب عشرات روايات التجسس ذائعة الصيت، وهو بريطاني سليل الغرب الأوروبي وأحد كبار الأساتذة في التخييل الروائي البوليسي حول المواجهة بين الشرق والغرب. كان “لوكاريه” لا يزال عميلاً سريا حين كتب أولى محاولاته الروائية، ووقّعها باسم لوكاريه المُستعار الذي أراده تغريبيّاً. اشتهر الكاتب أيضا برفضه للقب “فارس” الممنوح من ملكة بريطانيا، كما اشتهر في الآونة الأخيرة بمواقفه المعارضة لأيديولوجية الهيمنة الأميركية وحربها على العراق وما يسمى بالإرهاب.
بعدما استنفد موضوع الحرب الباردة في رواياته، ثم قارب السيرة الذاتية في “الجاسوس المثالي” (1986)، وصل في “البستاني المخلص” (2001) إلى تقديم نظرة إشكاليّة للنظام الرأسمالي من خلال رصد جشع الشركات المتعددة الجنسيّة. وفي السنوات الأخيرة، استحال لوكاريه كاتباً “سياسياً” بمعنى ما. يضع يده على مناطق موجعة وقضايا حساسة، ويخوض في واقع متفجّر على خلفيّة سياسية شائكة.
شغف “لو كاريه” بمصير عدد من الدول والشعوب التي أضحت ضحية النظام العالمي الجديد، مثل كينيا وهونغ كونغ وخصوصاً شعبَي الشاشان والإنغوش المسلمَين اللذين رصد لوضعهما رواية «مطلوب حياً أو ميتاً» (2008)، من دون أن ننسى باناما التي استقى من زيارته لها رواية «خيّاط باناما (1996)، أو العراق التي عارض حرب أميركا عليها وكتب عن مأساتها رواية «صداقة مطلقة» (2003). أما الكونغو الذي منحه مسرح رواية «نشيد المهمة» (2006).