24 نوفمبر، 2024 4:21 ص
Search
Close this search box.

خواطر فيلسوف !

خواطر فيلسوف !

خاص : بقلم – عدّة بن عطية الحاج (ابن الرّيف) :

كلّما شعرت بالحزن والكآبة يمّمت شطر المقبرة لعلّي أنسى هموم الحياة، هناك في تلك المقبرة العتيقة الموغلة في القدم يرقد الآلاف من الأموات رقدة العروس، لا يفكّرون في ما وراء الموت، لقد صار الموت عندهم عاديًا كالحياة، من مات أرتاح من ضنك المعيشة ومن عسر الحياة، كنت كلّ أمسية من الأماسي الصّاخبة أذهب إلى المقبرة لكي أتجوّل بين القبور وأتأمل شواهدها، كلّ شاهد يحمل قصّة حياة رجل أو امرأة مرّت على هذه الحياة وأدّت دورها المنوط بها في هذه المسرحية التي نحن من يكتب أحداثها وليس هذا القدر الغاشم، عندما أتجوّل في المقابر أشعر بالسّكينة الرّوحية والهدوء الأبديّ الذي يتناغم مع العدم في أوكسترا هذا الوجود النّاعم، كنت أرى الأموات كأنّهم أصدقائي هم مسالمون وحسّاسون جدًّا، نمت في أحد الأيّام في هذه المقبرة المنسيّة في وقت القيلولة وكان الصّيف في أوج حرارته الشّديدة فرأيت في المنام كأنّ الأموات قد قاموا من قبورهم وصاحوا في وجهي صيحة رجل واحد: ما خطبك يا “ابن الرّيف” ؟ وما هو الشّيء الذي يؤرّقك ؟ خذ الحياة على عواهنها ولا تلوي على شيء، إنّ المناضل الذي يكافح من أجل مبادئه السّامية لا يموت، يمضي الرّجال ويبقى الأثر، من عاش من أجل فكرة عاش مخلّدًا، كافح من أجل طبقة البروليتاريا، ناضل من أجل نشر الأفكار الشّيوعية في جميع أرجاء العالم، أزرع ورود مباديء الإشتراكية في كلّ أرض رأسماليّة، حارب الظّلم بكلّ أنواعه، وأرفع القهر الإجتماعي عن كلّ المغبونين في جميع أنحاء العالم، كن كبيرًا ولا تعبأ بالصّغار لأنّ القزم يرى العمالقة في كلّ مكان كما تقول الحكمة السّائرة، وفي الأخير قل للأموات الذين هم موتى في هذه الحياة يستفيقوا ويقوموا من قبورهم لأنّ يوم القيامة آت لا محالة في القريب العاجل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة