خاص : ترجمة – آية حسين علي :
لم يترك تنظيم “داعش” الإرهابي أثره على البشر فقط وإنما طال حتى الحجر.. ومنذ البداية كان هدفه هو “طمس التاريخ والتراث” في مدينة الموصل حاضرة محافظة نينوى، التي تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، حيث قاموا بتدمير آثار يعود تاريخها لآلاف السنين وتفجير الجامع النوري ومئذنته “الحدباء” التاريخية, كما أحرق آلاف الكتب والمخطوطات، والمبنى المركزي لمكتبة الموصل في وسط المدينة.
وكانت حجج التنظيم الإرهابي لتبرير القيام بهذه الأعمال الإجرامية واهية ومضللة وأفتوا بتحريم وجود التماثيل باعتبارها أصناماً ينبغي تدميرها.
بشاعة التنظيم في الجانب الغربي من الموصل..
ظهرت بشاعة وقسوة التنظيم بوضوح خاصة في الجانب الغربي من مدينة الموصل, الذي يضم “سور نينوى” وعدة معابد آشورية ومساجد تاريخية بالإضافة إلى تفجير مسجد النوري ومنارته “الحدباء”.
وتبدأ الآن أولى خطوات عملية إعادة إعمار المدينة التي تحولت إلى أكوام من الركام والحطام لإعادة الحياة إليها من جديد، وبدأت مؤسسة “جلجامش” غير الحكومية المتخصصة في الدفاع عن الآثار خطوة جديدة في سبيل تحقيق الهدف.
وسوف يكون دور المؤسسة تقدير الأضرار التي سببها إرهابيو “داعش” في المناطق الأثرية بالمدينة وإرسال تقرير إلى الحكومة, التي سوف تقوم بدورها باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية هذا التراث.
سور نينوى..
كان “سور نينوى” أحد الآثار التاريخية التي تأثرت سلباً بالإرهاب، ويعود تاريخه إلى الحضارة الآشورية ويمتد طوله لحوالي 14 كلم, ويحده “تل قوينجق” من جهة الغرب، وكان التنظيم قد قام بتفجير أجزاء منه خلال فترة سيطرته على المدينة التي استمرت 3 سنوات.
وتم تدمير 5 من أبواب السور ولم يتبقى سوى بوابة “شمس” التي تربط الموصل بأربيل، كما يوجد 15 مدخلاً آخرين كانوا محميين لأنهم مدفونين تحت الأرض.
جامع النبي يونس..
كما عانى “جامع النبي يونس” أحد المساجد التاريخية الأثرية، من الإرهاب أيضاً، ويقع على السفح الغربي من “تل التوبة”، ومعروف باسم “تل النبي يونس” حيث قام تنظيم “داعش” يتفجيره في تموز/يوليو 2014 ضمن حملة شنها التظيم لهدم كل المساجد التي تتضمن أضرحة.
وينتمي المسجد إلى عصر الإمبراطورية الآشورية ثم تحول إلى معبد لعبادة النار خلال عصر الإمبراطورية الساسانية المعروفة باسم “الإمبراطورية الفارسية الثانية”، ثم تحول إلى دير بعد دخول الديانة المسيحية إلى العراق.
“داعش” كان يهدف إلى طمس التراث..
صرح نائب مدير المؤسسة بأن “داعش” قام بأعماله الإجرامية ضد الآثار بهدف طمس التراث من الذاكرة لتشكيل حقيقة جديدة، منذ إعلان خلافته المزعومة.
وقدمت المؤسسة تقريراً حول أوضاع المناطق التاريخية في المدينة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”, التي تقوم بالتنسيق مع الحكومة العراقية ومنظمات عالمية من أجل إطلاق حملة لإعادة ترميم المدينة.
لجان وورش عمل..
لا تعمل مؤسسة “جلجامش” وحدها في سبيل إعادة الحياة لتراث الموصل، وإنما شارك “المعهد العراقي لحفظ التراث والتاريخ” في ورشة عمل أقامها خبراء أميركان حول إمكانية التخلص من الدمار الذي خلفه التنظيم المتشدد.
كما قامت الحكومة العراقية بتشكيل لجنة لتقدير الأضرار التي تعرضت لها المناطق الأثرية في محافظة نينوى خلال آيار/مايو الماضي, وستبدأ خلال الشهور المقبلة إعادة ترميم الآثار التي دمرها التنظيم, وسوف يتم البدء بمدينة “نمرود” الآشورية التي تقع غربي الموصل والانتهاء بالمدينة القديمة.
وصرح رئيس اللجنة بأن حجم الأضرار في مدينة “الموصل” وصل إلى 80% بينما ارتفع إلى 90% في “نمرود”, لأن التنظيم الإرهابي قام بعمل ممنهج وقاسي ووحشي لتدمير التراث.