خاص: إعداد- سماح عادل
“خالد خليفة” روائي وشاعر وكاتب سيناريو سوري، فاز بوسام نجيب محفوظ للأدب، وهو من أرفع الأوسمة الأدبية في العالم العربي.
التعريف به..
ولد في حلب في عام 1964، درس وقضى حياته المهنية المبكرة في المدينة، وذهب للعيش في دمشق منذ 1999، وهو أحد الكتاب القلائل الذين مكثوا طوال الحرب الأهلية المروعة في البلاد. درس الحقوق في جامعة حلب وحصل منها في عام 1988 على الإجازة في القانون. أحد مؤسسي مجلة «ألف» الأدبية التي كانت تصدر في الجامعة وعضو المنتدى الأدبي فيها. في عام 1993 صدر عمله الأول «حارس الخديعة»، وهو مجموعة قصصية، وفي عام 2000 صدر عمله الثاني رواية «دفاتر القرباط» ثم «مديح الكراهية» في عام 2006، و«لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة» في عام 2013، وأخيرا رواية «الموت عمل شاق» في عام 2016.
في العام 2008 بلغت «مديح الكراهية» القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية وفي العام 2013 اختيرت كواحدة من أفضل مئة رواية عالمية وترجمت إلى لغاتٍ عديدة.
في عام 2013 حصل على ميدالية نجيب محفوظ للأدب عن روايته «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة» الصادرة في العام نفسه. له العديد من المسلسلات والأعمال الدرامية التي كتبها للتلفزيون السوري منها: سيرة آل الجلالي، قوس قزح، هدوء نسبي، وفي السينما له «باب المقام» و «حجر أسود».
في الطفولة..
في حوار معه أجرته صحيفة “الجارديان” يقول “خالد خليفة” عن القراءة في الطفولة: “اكتشفت كتبا في العاشرة من عمري. نحن عائلة فلاحين ليس لدينا أي تقليد للقراءة، ولكن كطلاب، اكتشف شقيقي الأكبر وأصدقائهم كتب اليسار والأدب الروسي وعلم النفس والفلسفة. منذ تلك اللحظة، في أوائل السبعينيات، بدأت رحلتي الشخصية. بدأت في قراءة كتب غير مخصصة للأطفال، مثل قصص تشيخوف، التي لم أفهمها كثيرا في ذلك الوقت. قرأت في الجامعة معظم الأدب والشعر المترجم في العالم، وأعدت قراءة علم النفس من وجهة نظر فيلهلم رايش، وانفتحت على الأعمال الضخمة مثل موبي ديك وكتب دوستويفسكي. كانت سنوات الكلية سنوات القراءة العظيمة”.
وعن أي كتاب أو مؤلف يعود إليه يقول: “دوستويفسكي، وغابرييل غارسيا ماركيز، ونجيب محفوظ، وعبد الرحمن منيف. حاليا أشعر بشوق ورغبة في قراءة أبو علاء المعري ودانتي مرة أخرى”.
“دفاتر العزلة والكتابة”..
في حوار آخر أجرته “كابي لطيف” يقول “خالد خليفة” عن كتابه “نسر على الطاولة المجاورة.. دفاتر العزلة والكتابة” إنه قد بدأه منذ ربع قرن في لحظة تأمل وعزلة في أحد مقاهي مدينة اللاذقية حيث كان يعيش في ذاك الوقت، ويعتبر هذا العمل مجموعة تأملات في ساعات فريدة عاشها مع الكتابة بمعنى استكشاف قوانين الكتابة المتحولة وغير الثابتة. وأضاف بأن الحياة الواقعية شديدة الألم ومفرطة بالنفاق وبالتالي هو يتخذ من الكتابة والرسم وسيلة لإشغال نفسه، والحياة بالنسبة له وقت فائض وسباق مع الزمن ومع الحياة: “ما تبقى لي من سنوات أريد أن أقضيه مع فني”.
سوريا..
وعن علاقته بوطنه يقول “خالد خليفة” بأن سوريا هي المكان الذي يحب ولا يريد غيره. ومع هذا الألم الذي يعيشه الشعب السوري يؤكد:”أنا مصاب بمرض هذا المكان، ونحن نتحدث اليوم عن ألم تراجيدي مرعب لا يمكن وصفه بكلمات”. مشيرا إلى أن الشيء الوحيد الذي يستطيع أن يفعله هو الكتابة والرسم، وبذلك يكون قد ساهم من خلال أعماله بأن يكون أكثر فعالية. واعتبر أن الصراع بين الدول الكبرى لا يجب أن تدفع ثمنه الدول الفقيرة”.
صحيفة ألمانية..
خصصت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” في عددها الصادر يوم الثلاثاء 29 مايو 2018 جزءً من صفحتها الأولى وصفحة كاملة من ملحقها الأدبي للحديث عن “خالد خليفة”. المقالة أخذت شكل الحوار حيث ركزت في البداية على الصورة النقدية التي ترسمها روايات خليفة لسوريا في ظل نظام الحكم وعن قراره البقاء في سوريا رغم الأخطار التي تهدده بسبب آرائه الناقدة وكل ما يحدث هناك بشكل عام وكذلك عن حظر ومنع بعض كتبه من النشر. كما تطّق الحوار للحديث عن مستقبل الأحداث في سوريا وطبيعة البلد الديموغرافية وتعددية الأديان والأجناس فيها. وفي الثلث الأخير من الحوار ركّزت المقالة على روايات الأديب السّوريّ وعلى علاقة أحداثها بالواقع وتوقّعاته للمستقبل”.
وقد جاءت بعض أقوال “خالد خليفة” ردا على أسئلة الصحفي: “لست الوحيد في خطر أريد البقاء في بلدي وفي بيتي”، “يميل السوريون إلى الليبرالية ودولة المواطنة، والدولة الإسلامية ليست مشروعنا”. “إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أعداد المسيحيين الذين تركوا البلد، نرى بأن ادعاء النظام بحماية الأقليات لا مصداقية له”.”أعتقد بأنه لدى الشباب من الناس أمل أكبر، حيث أن النظام لا يعشعش في عقولهم”.
ندوة..
خلال ندوة استضافت كل من دار الأدب في زيورخ ودار الأدب في بازل على التوالي “خالد خليفة” بمناسبة صدور الترجمة الألمانية لروايته «الموت عمل شاق» الصادرة بالعربية في عام 2016 عن دار أنطوان ـ نوفل في بيروت، وهي آخر رواياته الخمس التي أصدرها والأولى التي تتم ترجمتها إلى اللغة الألمانية.
انعقدت الندوة في زيورخ وأدارتها المترجمة والخبيرة الألمانية بالشأن السوري “لاريسا بيندر”، بحضور مترجم الرواية، السويسري “هارتموت فَيْندرش”، وحوالي 150 شخصا من المهتمين ومتابعي الأدب العربي عمومًا والشأن السوري. افتتحت الأمسية الناقدة الأدبية السويسرية “إيزابيل فونلانتن”، فرحّبت بالحضور وبالكاتب والمشاركين إلى جانبه بالإضافة إلى بيندر.قدمت “لاريسا بيندر” الروائي السوري منوهةً بأعماله الروائية إلى جانب الأعمال التي كتبها إلى التلفزيون السوري وأوجزت للحضور مضمون رواية «الموت عمل شاق» وتركيبة شخوصها قبل أن تباشر معه الحوار.
قال “خالد خليفة” في الندوة إنّ فكرة الرواية ولدت لديه عندما تعرض لجلطة قلبية في عام 2013 فتساءل وهو في المشفى عما يمكن أن تفعله عائلته بجثمانه وكيف يمكن لها أن تنقله إلى قريته في شمال حلب، «فالسوريون في ذلك الحين كانوا يدفنون جثث ضحاياهم في حدائق منازلهم، وقبل هذه الحرب كانوا يأتون بجثامين أحبائهم من أبعد نقطة في الأرض ليدفنوها في مقبرة العائلة، وعائلتي ككل العائلات الريفية قضية الجثمان لديها قضيةٌ كبيرة».
البقاء في دمشق..
وعبر “خالد خليفة” عن انزعاجه من السؤال الذي يتكرر طرحه عليه أينما ذهب: «لماذا أنت في دمشق؟ بينما الطبيعي أن أبقى في دمشق، ذلك المكان الذي أحبه، وأنا هناك في بيتي وفي وطني» وأضاف: «في العام 2006 عندما نشرتُ روايتي (مديح الكراهية) كان يجب عليّ أن أفكر فيما إذا كنت سأخاف أم لا، وترسخت لدي قناعة بأنني يجب ألا أكتب إذا كنت أخاف. أنا دائمًا أفكر بالآخرين وأرى أنّ ما يحدث لي لا يساوي شيئًا مقابل ما يحدث لهم، فعندما تتعامل مع بشر فقدوا كلّ شيء تقريبًا وأنت لم تفقد سوى جزء بسيط مما فقدوا، تشعر بأنك ما زلت بخير». وأشار في هذا الإطار إلى أن «رواية (الموت عمل شاق) سهلةٌ بالنسبة للنظام مقابل رواية (مديح الكراهية)».
خوف سائد..
وواصل: «هناك خوف من كل شيءٍ في سورية، دائما العيش في ظل أنظمة دكتاتورية يجعل الخوف ملازما لأي شخص، والسوريون عاشوا طويلاً مع الخوف واختبروه. اعتقدنا في العام 2011 أننا كسرنا حاجز الخوف، لكن بني أمامنا حاجز جديد، نحن الآن خائفون من المستقبل وبلادنا بالكامل تقف في المجهول، فقد اكتشفنا قرارا عالميا بعدم ذهابنا إلى نظامٍ ديمقراطي. العالم يتمنى الآن لو تختفي سورية لأنها أصبحت مزعجة له، سورية باقية والسوريون سيستعيدون في النهاية قرارهم الذي لا يملكه الآن، لا النظام ولا المعارضة».
وعن شكل الكتابة قال “خالد خليفة”: “لقد أصبحنا مشكلة لذاتنا، لا نستطيع التفكير خارج ما حدث وسنبقى نكتب عنه لمئتي سنة قادمة كحدٍّ أدنى»، وعن الأمل أكد أنّ «أي شعب منكوب لا يستطيع الاستمرار بالحياة دون أمل، علينا أن نصنع الأمل كل يوم، إن لم يكن موجوداً» وأوضح في الختام أن ليس لديه من مهمةٍ سوى أن يكتب وأنه ضد تحميل الكاتب مسؤولياتٍ كثيرة «فالكاتب يجب أن يقوم بعمله بشكلٍ جيد، وهذه أكبر همومنا، أن ننظر إلى كتابتنا وكيف نستطيع الوصول إلى كتابة جيدة».
وفاته..
توفي “خالد خليفة” عن عمر الـ 59 عاما، يوم 29 سبتمبر 2023.