20 أبريل، 2024 4:54 م
Search
Close this search box.

حملة “الضغط الأقصى” وتأثيراتها على الاقتصاد الإيراني

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد/ تامر بدوي

مقدمة

تركت حملة “الضغط الأقصى” التي أطلقتها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وتضمنت سلسلة من العقوبات الاقتصادية على قطاع الاقتصاد النفطي والقطاعات غير النفطية، تأثيرًا كبيرًا على أداء الاقتصاد الإيراني. وأدى ذلك إلى إحداث تغيير في تقديرات البنك وصندوق النقد الدوليين وتوقعاتهما بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي لإيران؛ إذ توقع البنك الدولي بلوغ نمو الناتج المحلي (2018 -2019) بنسبة -1.6%(1)، ولكنه عاد في تقرير له في أبريل/نيسان 2019 ليغير توقعاته بشأن الناتج المحلي في (2019- 2020) من -3.7% إلى -3.8%(2). أما تقديرات صندوق النقد الدولي بشأن النمو في (2019- 2020)، فتغيرت من +4% في تقرير إيران السنوي لعام 2018 إلى -6% في تقرير تحديثي للشرق الأوسط، وأفغانستان، وباكستان، في أبريل/نيسان 2019(3)، وهو المعدل الأسوأ منذ عام 2012. وبالإضافة إلى العقوبات الأميركية، كان للفيضانات التي ضربت إيران في ربيع (2019) تأثير مؤلم على الاقتصاد نظرًا للتلف الذي تسببت فيه والتي تصل إلى 2.5 مليار دولار أميركي(4).

ضمن حملة “الضغط الأقصى” لإدارة ترامب، كان تصنيف مؤسسة حرس الثورة الإسلامية كـ”جهة إرهابية أجنبية” قرارًا غير مسبوق من حيث تصنيف جهة حكومية كمنظمة إرهابية، وسيكون لهذا التصنيف أيضًا تداعيات اقتصادية محتملة من حيث زيادة الرقابة على التعاملات الاقتصادية بين شركات الحرس الثوري كمجمع خاتم الأنبياء (أكبر مؤسسات الحرس الاقتصادية) وغيره من المؤسسات التي لها تعاملات مع شركات أجنبية. وتختلف التقديرات حول نصيب مؤسسات الحرس في الاقتصاد الإيراني، لكن أحد التقديرات يذهب إلى استحواذ الحرس على ما يتراوح بين (10- 30%)من الاقتصاد الإيراني(5)، وتذهب تقديرات أخرى إلى استحواذ الحرس على (%50) منه(6).

تبحث هذه الورقة في تأثيرات حملة” الضغط الأقصى” على إيران في قطاعات عدة.

صادرات النفط الخام

للعقوبات على قطاع النفط الإيراني تأثير مُعتبر على تراجع معدل النمو المحلي الإجمالي الإيراني. ويشير تقرير للبنك الدولي في أبريل/نيسان 2019 أن النمو في الربع الأول من عام 2018- 2019 كان بمعدل 1.8 وهو المعدل الذي أسهم فيه قطاع النفط بنسبة الثلثين (1.2 نقطة)(7). وفيما يعتمد 40% من الموازنة العامة للدولة الإيرانية على المداخيل النفطية، حققت ميزانية عام 2018- 2019 في تسعة الأشهر الأولى 17% عوائد نفطية أعلى من تلك التي خططت لها الحكومة مع زيادة طلبات زبائن طهران وذلك قبل فرض إدارة ترامب عقوبات في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 على قطاع النفط(8). في 2019- 2020، سيكون للتراجع الضخم في صادرات النفط الخام تأثير ملموس على معدل النمو الاقتصادي.

فيما واجهت إدارة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، عقوبات دولية في ظل أسعار نفط خام مرتفعة (بين 2005- 2011 حققت إدارته نموًّا اقتصاديًّا بمتوسط 3.2% بمتوسط 80 مليار دولار سنويًّا من المداخيل النفطية)، وهو ما مكَّنها من مراكمة احتياطيات من العملة الصعبة وتحقيق معدلات نمو مرتفعة نسبيًّا، لكن إدارة الرئيس، حسن روحاني، تواجه عقوبات أميركية أحادية في ظل أسعار خام نفط منخفضة نسبيًّا (بين 2012 و2018 حققت إدارته نموًّا اقتصاديًّا بمتوسط 2.2% بمتوسط 50 مليار دولار سنويًّا من المداخيل النفطية)(9). وفيما كانت هناك توقعات بعدم فاعلية العقوبات الأميركية الأحادية إلا أن المؤشرات تدل على أنها نجحت نسبيًّا في إثناء العديد من زبائن إيران عن استيراد نفطها الخام وموادها البترولية أو تقليل مشترياتها بشكل كبير.

تحدي الاستمرار في تصدير خام النفط: انخفضت صادرات إيران من النفط الخام من 2.5 مليون برميل يوميًّا في 2017 إلى مليون برميل يوميًّا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، لتتعافى مؤقتًا وترتفع إلى 1.5 مليون برميل يوميًّا في فبراير/شباط 2019(10). وبعد رفض تجديد الإعفاءات الأميركية لثماني دول لاستيراد خام النفط الإيراني بهدف تصفير الصادرات، هناك توقعات بتراوح الصادرات الإيرانية بين 300- 650 ألف برميل نفط يوميًّا(11). وقال تقرير لوكالة رويترز، نشرته في 18 مايو/أيار 2019، بتراجع صادرات النفط الخام الإيرانية إلى 500 ألف برميل يوميًّا(12). وفقًا لأمير حسين زماني نيا، حشدت طهران جميع مواردها لبيع خام نفطها في “السوق الرمادية” (السوق السوداء)(13). وستعتمد طهران على حصيلة خبراتها التي راكمتها على مدار عقود في خرق العقوبات الاقتصادية والتهريب. ولكن أيضًا سيضطر ذلك الوضع طهران إلى تقديم عروض مغرية لجذب زبائن، ومع اعتمادها على وسطاء قد يتخلل البيع في الأسواق السوداء عمليات فساد ذات كلفة.

تحدي جذب الاستثمارات: دفعت العقوبات الأميركية الأحادية معظم شركات الطاقة العالمية إلى الانسحاب من إيران والتخلي عن الاستثمار في قطاعها النفطي. فقد انسحبت حتى شركات الطاقة الصينية التي تشكل بالنسبة لإيران بديلًا للشركات الأوروبية ذات الكفاءة الأعلى، مثال ذلك انسحاب مؤسسة البترول الوطنية الصينية من حقل غاز بارس الجنوبي في يناير/كانون الثاني 2019، وذلك بدلًا من استحواذها -وفقًا لاتفاقية- على حصة شركة توتال الفرنسية التي سبق وانسحبت من نفس الحقل(14). وعرضت شركة سينوبيك الصينية زيادة استثماراتها النفطية في حقل يادآوران النفطي بقيمة 3 مليارات دولار، ولكن جاء العرض، وفقًا لمراقبين، بشروط صعبة تستهدف استغلال موقع طهران الهش(15). وعلى صعيد آخر، فيما تستحوذ كل من الرياض وأبوظبي في أسواق المصب في آسيا لتعزيز الطلب على نفطهما، لا تستطيع طهران القيام بذلك بسبب العقوبات الأميركية(16).
تضاعف المخاوف بأن تؤثر العقوبات على القدرة الشرائية للمواطنين الإيرانيين (الأناضول)

مستوى الإنتاج

بينما ترفع العقوبات الأميركية الأحادية المفروضة على مجموعة من الشركات الإيرانية المرتبطة بمؤسسات الدولة من مخاطر الاستيراد والتصدير بالنسبة للكثير من الشركات الأجنبية مع صعوبة تنفيذ تحويلات مصرفية، فإن بعض العقوبات المكثفة التي تستهدف قطاعات حيوية بأكملها ذات ارتباطات قطاعية قوية مع قطاعات أخرى (في صورة مدخلات إنتاج مثلًا)، تضع ضغوطًا معتبرة على الاقتصاد الإيراني. وعلى سبيل المثال، تشكِّل العقوبات الأميركية الأخيرة على صادرات المعادن الإيرانية مثلًا ضغطًا إضافيًّا على قطاعات التصدير غير النفطية؛ إذ يُشكِّل قطاع تصدير المعادن 10% من “اقتصاد الصادرات” الإيراني(17). ولا تضع العقوبات هذا القطاع وحده تحت الضغط إذ ترتبط به قطاعات أخرى حيوية وأهمها قطاع تصنيع السيارات، ويوظف القطاعان سنويًّا 1.6 مليون عامل، أي 6% من مجموع الأيدي العاملة في إيران(18).

قبل فرض إدارة ترامب حزمة عقوبات على صادرات المعادن، كان قطاع العربات قد شهد تراجعًا كبيرًا في إنتاجه للسيارات والشاحنات؛ إذ تشير إحصاءات وزارة الصناعة الإيرانية إلى تراجع حجم إنتاج السيارات في الأشهر الثماني الأولى من العام المالي 2018- 2019 بنسبة 24.9% تقريبًا(19). وتراجع بشكل كبير إنتاج الشاحنات في فترة يناير-فبراير 2017- 2018 (على أساس سنوي) بنسبة 86.3% تقريبًا(20). وبالنظر إلى هذه الأرقام، فإن ضغوطًا أكثر على منتجي الصناعات المعدنية قد تؤثِّر على قدرتهم على إمداد شركات السيارات بمداخيل الإنتاج التي تحتاجها. ويرى مراقبون أن أحد الأسباب المهمة لفرض عقوبات على هذا القطاع دون قطاعات أخرى قد تكون أكثر ربحية، كالبتروكيماويات، هو حجم الأيدي العاملة التي يوظفها قطاع الصناعات المعدنية، وهو ما قد يؤدي إلى حراك عمالي ضد الحكومة(21).

تعكس تقارير البنك المركزي الإيراني تراجع نمو قطاعات التصنيع (المنشآت الصناعية التي يتجاوز عاملوها المئة عامل) وذلك منذ العام المالي الماضي (2018- 2019). وعلى أساس ربع سنوي، تراجع مؤشر إنتاج قطاعات التصنيع في الأربع الأول من العام الماضي مقارنة بالربع الأخير من العام الذي سبقه بنسبة 21.1% (بالسلب)(22) من 114.4 إلى 93.3 نقطة(23). وتراجع مؤشر الإنتاج في هذا الربع مقارنة بالربع الأول من العام الذي سبقه (نفس الفترة في 2017- 2018) %0.5. وبمقارنة الربعين الأولين من عامي (2018- 2019) و(2017- 2018)، نجد أن الصناعات التالية كانت الأكثر تراجعًا:

إصلاح الآلات والمعدات (%25.3 سلبًا).

الأثاث (%23.7 سلبًا).

صناعات إنتاج الآلات والمعدات (%20.6 سلبًا).

الملابس -باستثناء ملابس الفراء- (%18.1 سلبًا).

الصناعات المعدنية -باستثناء الآلات والمعدات- (%15.4 سلبًا).

صناعات إنتاج المولدات ومحطات الكهرباء (%11.4 سلبًا).

الصناعات الدوائية والكيميائية (%15.4 سلبًا).

ويمكن تفسير تراجع الإنتاج بإرجاعه إلى ثلاثة أسباب رئيسية:

1- الركود التضخمي الذي يقلِّل الطلب المحلي.

2- تراجع القدرة على استيراد مداخيل إنتاج مهمة.

3- تراجع الطلب على الصادرات غير النفطية الإيرانية بسبب العقوبات وعوائق التبادل المالي بين المصارف الإيرانية والمصارف العالمية.

الصادرات غير النفطية وحالة سوق الصرف

على إثر العقوبات الأميركية الأحادية المفروضة على قطاعات اقتصادية واسعة في إيران، تشهد الصادرات غير النفطية تراجعًا. تعطي حالة الصادرات غير النفطية إلى العراق مؤشرًا على وضع الصادرات غير النفطية ككل؛ إذ تتمتع إيران بقدرة على الولوج بسهولة للسوق العراقية، إذ يُنظر أيضًا لحجم الصادرات الإيرانية للعراق كمؤشر على مدى نفوذها (تصدَّر العراقُ أسواقَ التصدير الإيرانية في 2018-2019 بعد احتلال الصين لهذا الموقع لسنوات طويلة). شهدت الصادرات غير النفطية إلى العراق تراجعًا بشكل كبير في الشهر الأول من العام المالي 2019- 2020 مقارنة بآخر شهر في العام المالي 2018- 2019، فقد تراجعت من 722 مليون إلى 389 مليون دولار أميركي(24)، أي إن الصادرات تراجعت بنسبة 46% تقريبًا. وتعزو تقارير إيرانية ذلك التراجع إلى حظر العراق استيراد عدد من السلع والتي بدورها أثَّرت على الصادرات غير النفطية الإيرانية(25).

وإذا استمرت الصادرات إلى العراق في التراجع، فسيؤثر ذلك على نمو عدد من قطاعات الإنتاج في إيران. كما شهدت التجارة الإيرانية مع دول وتكتلات مهمة كالصين، والهند، والاتحاد الأوروبي، تراجعًا بسبب العقوبات. أما بالنسبة للصين، التي تعتبر من أكبر الشركاء التجاريين لإيران، فيرى مراقبون أن سلوكها تجاه السوق الإيرانية قد تغير مقارنة بفترة العقوبات السابقة في فترة (2011 – 2012)؛ إذ بينما كانت الشركات الصينية تستغل العقوبات في السابق لملء فراغ المنتجات والاستثمارات الغربية، فإن الاندماج الأكبر للصين في السوق العالمية، ومن ثم زيادة تشابكها مع الولايات المتحدة الأميركية، جعل الشركات والتجار الصينيين في وضع أكثر حساسية مع احتمالية وقوعهم تحت طائلة العقوبات الأميركية الأحادية(26).

ويؤثر أيضًا تراجع الصادرات غير النفطية على سوق العملة الإيرانية نظرًا لأهمية العوائد من العملة الصعبة (الدولارية بالأخص). وقد أسس البنك المركزي الإيراني، في يوليو/تموز 2018، ما يسمى بـ”السوق الثانوية” للعملة الصعبة وجعلها محصورة على تعاملات المستوردين والمصدرين(27). وتستهدف السوق توفير العملة الصعبة للمستوردين من خلال المصدِّرين. ووفقًا لحسين ميرشجاعيان، مستشار وزير الاقتصاد الإيراني، فإن من مجموع 40 مليار دولار أميركي حصل عليها المصدِّرون الإيرانيون خلال العام المالي الماضي 2018، لم يعد إلى إيران سوى 8 مليارات دولار (منها 6.5 مليارات دولار عوائد لصادرات البتروكيماويات والفولاذ)(28). ولكن، وفقًا لعبدالناصر همتي، رئيس البنك المركزي الإيراني، في تصريح لاحق، أعاد المصدرون إلى إيران 18.7 مليار دولار أميركي(29).

وفيما تسعى الحكومة من خلال السوق الثانوية إلى توفير عملة صعبة بسعر صرف ملائم للمستوردين (للتحكم في تضخم الأسعار)، فإن ضعف فاعلية هذه الآلية (فيما يبدو) لن يؤدي إلى تحقيق الهدف المرجو. يلفت تقرير لصحيفة “دنياى اقتصاد” الإيرانية النظر إلى مساهمة ظاهرة ما يسميه بـ”مصدِّري الظل” مشيرًا إلى ضعف تلك الآلية الحكومية. ويصف التقرير هؤلاء المصدِّرين بمجموعة من التجار الذين لا يمتلكون بطاقات تصدير والذين تحايلوا على إجراءات الحكومة للتصدير (شكلت صادراتهم 12% من مجموع صادرات العام الماضي 2018) والذين لا ينوون إعادة عوائد التصدير إلى إيران. وفقًا للتقرير، تؤدي هذه الظاهرة إلى ضعف المُصدِّرين المرخصين من خلال تقويض تنافسيتهم مع إجبار الحكومة لهم على بيع عوائدهم من العملة الصعبة بأسعار السوق (الحرة) في السوق الثانوية(30).

سوق صرف العملات الأجنبية في 2018

تتعلق مشكلة الاضطراب شبة المزمن لأسواق صرف العملة الصعبة، وخاصة الدولار الأميركي، بشح العائدات القادمة من صادرات النفط الخام والصادرات غير النفطية، ولكنها أيضًا، وفقًا لمراقبين، ترتبط بسياسات مالية غير سليمة اتبعتها الإدارات الإيرانية. وهناك من يرى أيضًا أن أزمات سعر الصرف في إيران تتعلق كذلك هيكليًّا بالدور غير الشفاف الذي تلعبه شركات ومؤسسات اقتصادية شبة حكومية في الاقتصاد(31).

تعود أزمة اضطراب أسواق الصرف، في عام 2018، الذي فقد فيه الريال الإيراني قدرًا معتبرًا من قيمته، في جزء منها، إلى سياسة الفائدة المصرفية العالية خلال الفترات التي ارتفع فيها معدل التضخم، مما جذب إيداعات ضخمة إلى النظام المصرفي. لاحقًا، تراجع معدل التضخم ومن ثم خفض البنك المركزي معدل الفائدة المصرفية. ومع ازدياد التوقعات بارتفاع التضخم مع انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، توجه المودعون إلى الاستثمار في شراء العملات الأجنبية، في ظل شح فرص استثمارية آمنة أخرى، وهو ما أسهم إلى جانب موجة من المضاربات في هبوط سعر الريال الإيراني(32).

تسعى الحكومة الإيرانية إلى جذب مدخرات المواطنين من العملات الأجنبية لمعالجة أزمة اضطراب سوق العملة ولدعم قيمة الريال، والتي يُقدرها مسؤولون في إيران بما يتراوح بين 15 و25 مليار دولار أميركي(33). في أغسطس/آب 2018، شرعت الحكومة الإيرانية في إيداع مدخراتهم من العملات الأجنبية مع فوائد بالدولار الأميركي، واليورو، والدرهم الإماراتي(34). وفقًا لمراقبين، يمتنع الكثير من المودعين عن إعادة إيداع مدخراتهم من العملات الصعبة في المصارف الإيرانية بسبب عدم الثقة في النظام المصرفي، وهو ما يعود بجذوره إلى فترة الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد. في 2010، لم تسمح المصارف الإيرانية لأصحاب حسابات الادخار بالعملات الأجنبية بسحب مدخراتهم سوى بالريال الإيراني وعبر تحويلها بسعر الصرف الرسمي وليس سعر السوق السوداء (15% أعلى)(35).

وعلى صعيد آخر، تحرك الرئيس روحاني لتوحيد أسعار الصرف في أبريل/نيسان 2018 (42000 ريال قبالة الدولار الأميركي) ولكنه لم ينجح فعليًّا في القضاء على أسعار الصرف الثنائية (على الأقل)؛ حيث عاودت أسعار العملات الصعبة الصعود في السوق السوداء. ومع ذلك، أبقى الرئيس روحاني على ذلك السعر المدعوم لاستيراد السلع الأساسية. وهناك اقتراحات برلمانية للحكومة ببيع الدولار الأميركي بسعر حر (90000 ريال) في سوق العملات الأجنبية الرسمية “نيما” في مقابل دعم مباشر للمصنِّعين والمستهلكين، ولكن لا يبدو أن الحكومة ترغب في التحرك لهذا الاتجاه حتى الآن(36).

التوظيف ومستوى الفقر

تستمر إيران في المعاناة من معدل بطالة مرتفع، بالرغم من خلق إدارة الرئيس روحاني عددًا معتبرًا من الوظائف مع تحسن مؤشرات توظيف الإناث مقارنة برؤساء الإدارات السابقة، وفقًا للبنك الدولي(37). ووفقًا لمركز إيران للإحصاء، وصلت البطالة في العام المالي 2018- 2019 إلى 12% لتزيد بنسبة 0.1% مقارنة بالعام المالي 2017-2018. وصل معدل البطالة في العام السابق إلى 13.5% في المناطق الحضرية و7.9% في المناطق الريفية. وفي العاصمة طهران، ازداد معدل البطالة من 11.1% إلى 12.2%(38).

وأما على مستوى الفئة العمرية والجنس، فقد تراجعت نسبة البطالة بنسبة 0.5% للأشخاص من الفئة العمرية 15- 24 لتصل إلى 27.7%، ولم تتغير النسبة لقطاع الفئة العمرية 15- 29 التي ظلت عند 25.1% في فئة الذكور، وزادت البطالة إلى 10.4% مقارنة بنسبة 10.2% في العام الذي سبقه. وفي فئة الإناث، تراجعت البطالة في ذلك العام إلى 18.9% مقارنة بنسبة 19.8% في العام الذي سبقه. وعلى المستوى القطاعي (الاقتصادي)، فقد تراجع إسهام قطاع التصنيع في التوظيف بنسبة 0.3% ولكن زاد إسهام القطاع الزراعي بنسبة 0.2% وزاد أيضًا إسهام قطاع الخدمات بنسبة 0.1%(39).

ومع توقعات بازدياد الإنفاق التضخمي وتوسع عجز موازنة الدولة، قد يظل معدل البطالة مستقرًّا على المدى القصير ولكن سيؤدي ذلك النوع من الإنفاق وارتفاع معدل التضخم إلى تآكل الدخول وارتفاع معدل الفقر، ما لم تتخذ الحكومة الإيرانية إجراءات لحماية الفقراء، وفقًا للبنك الدولي(40). وفقًا للبنك أيضًا، تراجع معدل الفقر في إيران من 13% إلى 8% بين 2009 و2013 بسبب برنامج الدعم النقدي الذي سبق حذف دعم الخبز والوقود إبان فترة الرئيس، أحمدي نجاد(41). ولكن يتوقع البنك أن يزداد معدل الفقر في إيران إلى 12.8% بحلول 2021(42).

خلاصة

يواجه الاقتصاد الإيراني ضغوطًا كبيرة هي الأسوأ منذ فرض عقوبات دولية على إيران في فترة 2011-2012، مع تراجع صادرات خام النفط الإيرانية إلى مراحل خطرة. من ناحية أخرى، تسعى إدارة دونالد ترامب إلى فرض عقوبات أحادية على إيران في مساحات لم تفرض فيها عقوباتٍ إدارةُ سلفه، باراك أوباما؛ وذلك يتضمن تجارة إيران الإقليمية مع جيرانها (من الطاقة وغير الطاقة). كما تواجه إيران في هذه المرة أزمات اجتماعية وموجات احتجاجية ربما لم توجد في فترات سابقة من العقوبات الدولية. وبذلك، من هذه الناحية، يعود تأثير العقوبات الأحادية الأميركية، في جزء منها، إلى الأزمات الاجتماعية-الاقتصادية التي تواجهها الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولكن في نفس الوقت، تتشكَّل هذه الأزمات ويتشكل الوعي بها نتيجة: 1- الاختراق المتزايد لتكنولوجيا المعلومات. 2- رفع خصوم إيران الدوليين والإقليميين على مدار سنوات من جهودهم على صعيد صناعة سرديات خاصة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن في سياق معاد للنظام الحاكم.

وسيكون التحدي أمام طهران في كيفية تهدئة الرأي العام مع ازدياد تأثير العقوبات خلال 2019 واحتمال دخول طهران في مفاوضات محتملة مع واشنطن تستطيع أن تخفف من خلالها الضغوط الاقتصادية. وقد تستطيع بعض الآليات المالية، التي تسعى أكثر من دولة إلى تفعيلها كالاتحاد الأوروبي وتركيا والعراق، تسهيل التجارة غير النفطية (نسبيًّا) ودخول سلع أساسية (كالأدوية) إلى إيران.

دعا مرشد الثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، إلى دعم الإنتاج خلال العام الجاري، 2019، لزيادة الصادرات ومعالجة مشكلة البطالة. ولكن في المقابل، تواجه إيران في مضمار زيادة إنتاج قطاعاتها الاقتصادية (غير الخدمية) تحديات تتضمن جعل سياسات الحكومة المالية أكثر انضباطًا (السياسات الضريبية والإنفاق ودعم المنتجين والمستهلكين)، وسياسات البنك المركزي أكثر كفاءة واستقلالًا (سعر صرف العملات الأجنبية). ومن أهم التحديات الأخرى: مكافحة التهريب الذي جاء نتيجة للعقوبات وانتشار الفساد المؤسساتي. كما أن أهم المشكلات تكمن في انقطاع المصارف الإيرانية عن محيطها الدولي بسبب عدم الرغبة في التوقيع على اتفاقية مجموعة العمل المالي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*تامر بدوي، زميل سياسات في الجماعة الأوروبية في فلورنسا، وهو باحث مختص بالشأن الإيراني.
مراجع

(1) World Bank. “MENA Economic Update: Reforms and External Imbalances: The Labor-Productivity Connection in the Middle East and North Africa,” (April 2019), 4, https://www.worldbank.org/en/region/mena/publication/mena-economic-update-april-2019-reforms-and-external-imbalances

(2) World Bank. “Iran’s Economic Update – April 2019,” (March 2019), 154, http://www.worldbank.org/en/country/iran/publication/economic-update-april-2019

(3) a3 International Monetary Fund. “Regional Economic Outlook: Middle East and Central Asia Update,” (April 2019), 8, https://www.imf.org/en/Publications/REO/MECA/Issues/2019/04/17/reo-menap-cca-0419

(4) Bozorgmehr Sharafedin, “Iran says recent floods caused up to $2.5 billion in damage,” Reuters, April 14, 2019,“. accessed May 20, 2019”. https://www.reuters.com/article/us-iran-floods/iran-says-recent-floods-caused-up-to-2-5-billion-in-damage-idUSKCN1RQ093

(5) كاميار مهندس في محاضرة ألقاها في المؤتمر السادس للاقتصاد الإيراني الذي نظمته الرابطة العالمية للاقتصاد الإيراني في 16- 17 مايو/أيار 2019 في نابولي، إيطاليا، بحضور الباحث.

(6) Kevan Harris, “The Rise of the Subcontractor State: Politics of Pseudo-Privatization in the Islamic Republic of Iran,” International Journal of Middle East Studies, Vol. 45, No. 1: 45-70. At: https://www.cambridge.org/core/journals/international-journal-of-middle-east-studies/article/rise-of-the-subcontractor-state-politics-of-pseudoprivatization-in-the-islamic-republic-of-iran/0C8E2194D6CF27B6031399BADABD12DF

(7) Iran’s Economic Update – April 2019,

(8) Ibid.

(9) Djavad Salehi-Isfahani, “The Unimportance Of New Oil Sanctions,” Lobelog, April 25, 2019, “accessed May 20, 2019”. https://lobelog.com/the-unimportance-of-new-oil-sanctions/

(10) David Ramin Jalilvand, “Back to Square One? Iranian Energy after the Re-Imposition of US Sanctions, Oxford Energy Institute,” March 2019 “accessed May 20, 2019”. https://www.oxfordenergy.org/publications/back-square-one-iranian-energy-re-imposition-us-sanctions/

(11) Mehr News Agency, “Even massive inspections not to prevent the sale of Iran’s oil: Energy expert (Interview),” May 11, 2019, “accessed May 20, 2019”. https://en.mehrnews.com/news/145063/Even-massive-inspections-not-to-prevent-the-sale-of-Iran-s-oil

(12) “Iran changes tactics, destinations on oil exports, maritime official says,” Reuters, May 18 2019 “accessed May 20, 2019”. https://www.reuters.com/article/us-usa-iran-oil-destinations/iran-changes-tactics-destinations-on-oil-exports-maritime-official-says-idUSKCN1SO08Q

(13) “Iran using all resources to sell oil in ‘grey market’: deputy minister,” Reuters, 5 May 2019, “May 20, 2019”. https://www.reuters.com/article/us-iran-usa-sanctions-oil/iran-using-all-resources-to-sell-oil-in-grey-market-deputy-minister-idUSKCN1SB07U

(14) David Ramin Jalilvand, Back to Square One?

(15) Ibid.

(16) Ibid.

(17) Esfandyar Batmanghelidj, “New Iran Metals Sanctions Target Jobs, Not Government Revenue,” Bourse & Bazaar, May 8, 2019, “accessed May 20, 2019” https://www.bourseandbazaar.com/articles/2019/5/8/new-iran-metals-sanctions-target-jobs-not-government-revenue

(18) Ibid.

(19) “Iran Auto Industry Output Falling,” Financial Tribune, December 22, 2019, “accessed May 20”. https://financialtribune.com/articles/auto/95737/iran-auto-industry-output-falling

(20) “در بهمن ماه: امسال ترمز توليد کاميون کشيده شد(في بهمن لهذا العام جرى إيقاف انتاج الشاحنات)،” خبرگزاري ايسنا، 8 مارس/آذار 2019 )تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2019): https://www.isna.ir/news/97121708845/%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%B2-%D8%AA%D9%88%D9%84%DB%8C%D8%AF-%DA%A9%D8%A7%D9%85%DB%8C%D9%88%D9%86-%DA%A9%D8%B4%DB%8C%D8%AF%D9%87-%D8%B4%D8%AF

(21) إسفنديار باتمانقليچ في محاضرة ألقاها في المؤتمر السادس للاقتصاد الإيراني الذي نظمته الرابطة العالمية للاقتصاد الإيراني في 16- 17 مايو/أيار 2019 في نابولي، إيطاليا.

(22) ” شاخص توليد كارگاههاي بزرگ صنعتي كشور سه ماهه اول سال 1397(مقدماتي((مؤشرات انتاج الورش الصناعية الكبرى في البلاد في الشهور الثلاث الأولى من سنة 1397 ش)،” بانک مرکزي ايران، شهريورماه 1397،(تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2019) https://www.cbi.ir/simplelist/17246.aspx

(23) “شاخص توليد كارگاههاي بزرگ صنعتي كشور سال 1396 (مقدماتي(((مؤشرات انتاج الورش الصناعية الكبرى في البلاد في سنة 1396 ش)،” بانک مرکزي ايران، شهريورماه 1397، (تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2019https://www.cbi.ir/simplelist/17245.aspx

(24) “وضعيت صادرات و واردات با شرکاي اول در فروردين ?? رصد شد: ممنوعيت تجاري از جبهه همسايه،(رصد أوضاع الصادرات والواردات مع الشركاء الأوائل في شهر فروردين 98ش: منع تجاري على الجبهة الجارة)، ” دنياى اقتصاد، 19 ارديبهشت 1398 (تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2019)، https://donya-e-eqtesad.com/%D8%A8%D8%AE%D8%B4-%D8%A8%D8%A7%D8%B2%D8%B1%DA%AF%D8%A7%D9%86%DB%8C-4/3523720-%D9%85%D9%85%D9%86%D9%88%D8%B9%DB%8C%D8%AA-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%DB%8C-%D8%A7%D8%B2-%D8%AC%D8%A8%D9%87%D9%87-%D9%87%D9%85%D8%B3%D8%A7%DB%8C%D9%87

(25) “المرجع السابق”

(26) إسفنديار باتمانقليچ في محاضرة ألقاها في المؤتمر السادس للاقتصاد الإيراني الذي نظمته الرابطة العالمية للاقتصاد الإيراني في 16- 17 مايو/أيار 2019 في نابولي، إيطاليا، وحضرها الباحث.

(27) “رسميًّا .. السوق الثانوية للعملات الأجنبية تبدأ أعمالها في إيران،” قناة العالم، 10 يوليو/تموز 2018، (تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2019): https://www.alalamtv.net/news/3662591/%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A7–%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D8%A8%D8%AF%D8%A3-%D8%A7%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86

(28) “پاسخ مشاور وزير اقتصاد به ادعاي صادرکنندگان: ?? ميليارد دلار ارز صادراتي از هيچ طريقي به کشور برنگشته است”(رد مساعد وزير الاقتصاد على ادعاءات المصدِّرين: 30 مليار دولار من صادرات العملة لم تعد إلى البلاد)، خبرگزاري ايسنا، ?? ارديبهشت ????(تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2019): https://www.isna.ir/news/98022110834/%DB%B3%DB%B0-%D9%85%DB%8C%D9%84%DB%8C%D8%A7%D8%B1%D8%AF-%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D8%B1%D8%B2-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA%DB%8C-%D8%A7%D8%B2-%D9%87%DB%8C%DA%86-%D8%B7%D8%B1%DB%8C%D9%82%DB%8C-%D8%A8%D9%87-%DA%A9%D8%B4%D9%88%D8%B1-%D8%A8%D8%B1%D9%86%DA%AF%D8%B4%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D8%B3%D8%AA

(29) “$18.7b of Iran’s Export Earnings Repatriated Last Year,” Financial Tribune, May, 17 2019, “accessed May 20, 2019”. https://financialtribune.com/articles/business-and-markets/98019/187b-of-irans-export-earnings-repatriated-last-year

(30) ” رخ ديگر پيامدهاي سياست ارزي يک سال گذشته عيان شد ظهور صادرکنندگان سايه”)نتائج أخرى للسياسات النقدية العام الماضي شاهد على ظهور مصدري الظل)، دنياى اقتصاد، 18 ارديبهشت ????، تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2019:

https://donya-e-eqtesad.com/%D8%A8%D8%AE%D8%B4-%D8%A8%D8%A7%D8%B2%D8%B1%DA%AF%D8%A7%D9%86%DB%8C-4/3523324-%D8%B8%D9%87%D9%88%D8%B1-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1%DA%A9%D9%86%D9%86%D8%AF%DA%AF%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D8%A7%DB%8C%D9%87

(31) Bijan Khajehpour, “How incompetence, sanctions jointly hit Iran’s economy”, Al-Monitor, April 25, 2019, “accessed May 22, 2019”. https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2019/04/iran-economy-sanctions-mismanagement-tax-evasion-impact.html

(32) إيدا ميرزائي في محاضرة ألقتها في المؤتمر السادس للاقتصاد الإيراني الذي نظمته الرابطة العالمية للاقتصاد الإيراني في 16-17 مايو/أيار 2019 في نابولي، إيطاليا، بحضور الباحث.

(33) Maziar Motamedi, “’Billions’ are stuffed under mattresses in Iran, Aljazeera, 2 May 2019,” accessed on 5/20/2019, at: https://www.aljazeera.com/indepth/features/billions-stuffed-mattresses-iran-190501201552620.html

(34) Ibid.

(35) Ibid.

(36) Maziar Motamedi, “Confronting Failure, Iran Government Mulls New Currency Policy,” Bourse & Bazaar, March 12, 2019, “accessed May 22, 2019”. https://www.bourseandbazaar.com/articles/2019/3/12/confronting-failure-iran-government-mulls-new-currency-policy

(37) World Bank. “Iran’s Economic Update – October 3, 2018,” (October 2019), 154, https://www.worldbank.org/en/country/iran/publication/economic-outlook-october-2018

(38) “چكيده نتايج طرح آمارگيري نيروي نيروي كار “1397”(خلاصة نتائج مقترح إحصاء القوى العاملة في 1397ش)، مرکز آمار ايران، 24 فروردين 1398 (تاريخ الدخول: 20 مايو/أيار 2019): https://www.amar.org.ir/news/ArticleType/ArticleView/ArticleID/10144

(39) “المرجع السابق”.

(40) “Iran’s Economic Update – April 2019,”, 155,

(41) Ibid.

(42) Ibid.
المصدر/ الجزيرة للدراسات

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب