8 أبريل، 2024 7:04 ص
Search
Close this search box.

حكاية في فيلم (7) “الدكتور فرحات”: التفاوت بين أغنياء يتمتعون وفقراء يتحايلون على العيش

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: كتبت- سماح عادل

الأفلام القديمة التي بدأت بها صناعة السينما في مصر لها سحر خاص، رغم أن ما وصل منها ربما فقد كثير من بهاءه، حيث أن هذه الأفلام التي وصلت إلينا بها بعض المشاكل الفنية ويعتبر وصولها معجزة والحفاظ عليها أيضا، إلا أن متعة مشاهدتها كبيرة، حيث أن المشاهد يستطيع رؤية الشوارع والناس في الثلاثينات من القرن الماضي، ويسمعهم يتحدثون ويتفاعلون، وربما يشعر أنه لم تختلف اللغة كثيرا عن وقتنا الحالي لكن اختلفت الأماكن وطبيعة العلاقات بين الناس وبعض مظاهر الحياة..

في هذه الحلقة معنا فيلم “الدكتور فرحات” والذي تم إنتاجه وإصداره في 1935، وهو فيلم كوميدي، يحكي عن طبيب يتخفى ليتأكد من أن الفتاة التي يريد أن يخطبها تريده هو ولا تريد أمواله وشهرته.

البداية..

يبدأ الفيلم في لوكاندة في بورسعيد، متوسطة الحال، ومدير اللوكاندة يبحث عن ترجمان، وهي مهنة المترجم في الوقت الحالي، ويكلف أحد عماله بالبحث عن ترجمان قريب من اللوكاندة، ثم تنتقل الكاميرا إلى “أم أحمد” التي تقوم بدورها الممثلة “إحسان الجزايرلي” وهي تسب زوجها بسبب الوابور الذي لا يعمل، وتطلب منه أن يصلح الوابور بعد أن تشتكي حالة الفقر التي تعيش فيها بعد انقطاعه عن العمل لعام ونصف، ويأتي زوجها “فرحات” الذي يقوم بدوره الممثل “فوزي الجزايريلي” بعد أن يتعرض للسباب والتقريع منها.

شتائم صريحة..

ونلاحظ هنا استخدام ألفاظ أصبحت الأفلام فيما بعد تمنع استخدامها، مثل الشتائم الصريحة، حيث تشتم “أم أحمد” زوجها وهو يبادلها الشتائم، ثم وهو في الشارع يقابل عامل اللوكاندة الذي يسأله عن الترجمان ليعمل، فيقول له “فرحات” أنه هو الترجمان دون أن يعلم ما معنى تلك الكلمة، ويذهب ليرتدي بذلته ويبشر زوجته بأنه وجد عملا، وتقول له زوجته أن يحاول التمسك بتلك الوظيفة، فيذهب “فرحات” إلى اللوكاندة ويقول للمدير أنه هو الترجمان، ويسأله المدير إذا كان يعرف لغة انجليزية وفرنسية فيقول نعم كذبا لكي يتمسك بالوظيفة، ويفشل في التعامل مع الزبائن لكنه يوهم المدير أنه يحدثهم.

ثم يأتي “دكتور حلمي” وهو طبيب مصري مشهور عمل في الخارج وقام بدوره “توجو مزراحي”، ليحجز غرفة في اللوكاندة ويلاحقه أحد الصحفيين، فيقول لسكرتيره أن يحجز غرفة باسم آخر وسكرتيره أيضا يدعي أنه يعرف لغات لكنه لا يعرف سوى العربية.

يتقابل سكرتير “دكتور حلمي” مع “فرحات” وحين يأتي الصحفي يظن أن “فرحات” هو “الدكتور حلمي” ويصوره ويتكلم “فرحات” مع الصحفي، فيفكر “دكتور حلمي” أن يجعل “فرحات” يقوم بدوره حتى يرتاح من ملاحقة الصحفيين. ويعطيه مبلغ خمسين جنيه وبذلة فاخرة ويطلب من السكرتير مرافقته، ويأخذ “فرحات” معه إلى الإسكندرية ليقيم في إحدى اللوكاندات.

زواج..

ثم تنتقل الكاميرا لمنزل إحدى الأسر حيث يقول رجل لابنته الجميلة أن “دكتور حلمي” يريد خطبتها، وتخاف الفتاة من كونه رجل عجوز لكن والدها يقول أنها ستتزوجه في كل الأحوال، ويتصل الوالد ب”دكتور حلمي” في اللوكاندة المقيم فيها فيرد عليه “فرحات” ويذهب إليه، وحين يرى الفتاة يستمر في تمثيل دور “دكتور حلمي” لأنه أعجب بجمال الفتاة، ومن جانبها تقرر الفتاة نونا، والتي تقوم بدورها الممثلة “أمينة محمد” أن تسخر من “الدكتور حلمي” وأن تخرج معه وتجهده ومعها صديقتها “تحية”، تقوم بدورها الممثلة “تحية كاريوكا”.

وتحاول “نونا” إجهاد “دكتور حلمي” وتذهب به إلى البحر للسباحة وإلى ركوب قارب، يستجيب “فرحات” لها رغم تعبه الشديد هو وسكرتيره بسبب جمالها، وأثناء ذلك تلاحقه “أم أحمد” لتعرف ماذا يفعل لكنه يكذب عليها ويصرفها .

ثم يظهر “دكتور حلمي” الحقيقي ويذهب لصديقه “خيري”، ويقول له أنه يريد أن يتعرف على “نونا” كشخص آخر ليرى إذا كانت ستحبه لشخصه لا لماله، ويعرفه صديقه عليها وعلى والدها بصفة “مصطفى” موظف في البنك العقاري، وتنجذب إليه “نونا” وتصطحبه معها في جميع الخروجات التي تعذب فيها “فرحات” أو “دكتور حلمي” كما تظن.

ويذهب “فرحات” إلى أحد المستشفيات حيث يطلب منه أحد الأطباء ذلك لعلاج بعض الحالات المستعصية وتدور بعض المواقف المضحكة، ثم يقرر “فرحات” أن يعود إلى بيته وإلى “أم أحمد” بعد أن شعر أنه لم يعد يطيق الاحتمال، لكن تظهر “نونا” في اللوكاندة هي و”مصطفى” ويطلبان من “فرحات” الذهاب في نزهة، ويركبون جميعا طائرة، تقودها “نونا” ويظهر أن هناك بعض المشاهد التي يوهم فيها المخرج المشاهدين أن الممثلين داخل الطائرة، في حين أنه يصور الطائرة من بعيد وهي طائرة صغيرة، ويصور الممثلين وكأنهم داخل الطائرة.

الاعتراف..

ويدوخ “فرحات” ويذهبون به إلى بيت “نونا” ويكشفه عليه “مصطفى” أو “دكتور حلمي” لكنه كشف مضحك حيث يضرب على وجهه ليستفيق، ثم يعترف “فرحات” أنه ليس “دكتور حلمي”، ويعترف “مصطفى” بحقيقته وينتهي الفيلم نهاية سعيدة، بقبلة بين “دكتور حلمي” الحقيقي و”نونا”، وقبلة أخرى بين “فرحات” وزوجته.

الفيلم بسيط في حكايته أيضا، ويعتمد على مفارقات مضحكة لكنها أقرب إلى السذاجة، والحكاية غير محبوكة تماما، واعتمدت على خفة دم الممثل “فوزي الجزايريلي” و”إحسان الجزايرلي” وعلى مواقف ساخرة، أهم ما يميز الفيلم أنه يدور في الإسكندرية ويتنقل في الأماكن فنشاهد البحر والقوارب التي تسير في البحر، ونشاهد الطائرة والمطار في ذلك الوقت، والاتوموبيلات التي يركبها الممثلون، كما نشاهد إحدى المستشفيات وكيف إنها تنقسم قسمين واحد للأغنياء وآخر الفقراء.

التفاوت الطبقي..

مما يقدم فكرة واضحة عن التفاوت الطبقي الذي كان موجود في ذلك الوقت، ف”فرحات” و”أم أحمد” والسكرتير ينتمون إلى الطبقة الفقيرة فنجد لغتهم مختلفة تماما، يشتمون ويسبون بعضهم، وتبدو شخصية “أم أحمد” سيدة سليطة اللسان تعامل زوجها بشكل سيء، وهؤلاء لا يعرفون “اللغة العربية النحوية” كناية عن اللغة العربية الفصحى، وإنما يعرفون اللغة العربية البلدي على حد وصف “فرحات”،  ولا يمتلكون العلم أو الثقافة أو الغنى.

في حين أن طبقة الأغنياء مختلفون تماما، ويمثلهم الدكتور “فرحات” الذي يتحدث بتهذيب شديد وذوق رفيع، و”خيري” أيضا و”نونا” وأسرتها وصديقتها، فجد “أم أحمد” ترتدي جلابية مزركشة وتضع البيشة، وهي قطعة قماش سوداء كانت تضعها النساء لتغطي بها وجهها، وتلبس الملاية اللف على الجلابية، وهو زي النساء في الإسكندرية. في حين أن “نونا” و”تحية” وباقي السيدات اللاتي ينتمين إلى الطبقة العليا يرتدين فساتين ولا يغطين وجوههن، ويسرحن شعرهن تسريحات على الطريقة الغربية في ذلك الوقت، وحين يذهبن إلى البحر يلبسن المايوهات التي تكشف أكثر من نصف أجسادهن.

على الرغم أن هؤلاء الممثلات اللاتي يقمن بتمثيل الأدوار ينتمين إلى الطبقة الفقيرة، مثل “تحية كاريوكا” و”أمينة محمد” إلا أنهن يمثلن دور فتيات غنيات، كما أن الممثلات أنفسهم كن متحررات بعض الشيء ويرتدين مثل الغربيات في المجتمع المصري في ذلك الوقت، وكان هذا سببا في رفض أسر كثيرة لمهنة التمثيل واعتبارها مهنة أدنى اجتماعيا خاصة للفتيات، وكانت تلتحق بتلك المهنة الفتيات الفقيرات اللاتي فقدن العائل، وكان من النادر التحاق الفتيات من العائلات الغنية أو متوسطة الحال وكان هذا يعتبر حدثا اجتماعيا خارجا عن المألوف.

كما يلاحظ انتشار ظاهرة شرب الخمر بكثرة مابين ويسكي وكونياك والفتيات يشربن الخمر ويخرجن مع الرجال وحدهن، هذا بالنسبة للطبقة الغنية.

الفيلم يحكي عن فكرة الغني والحب، وأن البطل “دكتور حلمي” يريد أن تحبه الفتاة التي يتقدم لخطبتها لشخصه لا لماله.

مدته 95 دقيقة، إنتاج سنة 1935 تأليف وإخراج “توجو مزراحى” إنتاج أفلام “توجو مزراحي” وبطولة كل من (فوزي الجزايرلي وإحسان الجزايرلي وأحمد الحداد ومنيرة محمد وأمينة محمد وحسن راشد وعبد العزيزي المشرقي وتحية كاريوكا) وتصوير “عبد الحليم نصر” إعداد الفيلم “أستوديو توجو مزراحي” مونتاج “توجو مزراحي” صوت “سابو”

لمشاهدة الفيلم..

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب