خاص: إعداد- سماح عادل
“حسين السيد” شاعر غنائي وممثل مصري.
حياته..
ولد “حسين السيد” في طنطا بمصر من أب مصري وأم تركية. حضر مع أمه من تركيا لمصر وعمره عامان وأقامت الأسرة عند خاله في مدينة طنطا، والذي كان شيخاً لأحد التكايا التي يتجمع فيها الدراويش، والذي استمع لهم الطفل “حسين” فبدأ إحساسه بالموسيقي والشعر، وأتم دراسته الابتدائية في طنطا، ثم جاء للقاهرة حيث كان والده تاجرا كبيرا، ودخل مدرسة الفرير الفرنسية بالخرنفش وتفوق علي جميع زملائه في اللغة العربية، وحصل علي البكالوريا 1937.
أراد أن يلتحق بكلية الآداب لإشباع هوايته ولكنه اضطر أن يحل محل والده في توريد الأغذية للجيش والمستشفيات الحكومية، لأنه الولد الوحيد لأسرته والمسئول عنها، كان “حسين السيد” يتمتع بقدر من الوسامة وكانت أمنية حياته أن يصبح نجما سينمائيا وتهيأت له الفرصة عندما أعلن “محمد عبد الوهاب” عن حاجته لوجوه جديدة للظهور في فيلمه “يوم سعيد”. وذهب في الموعد المقرر ووقف في الصف في انتظار دوره للمثول أمام لجنة الاختبار المكونة من “محمد عبد الوهاب” والمخرج “محمد كريم” والفنانين “سليمان نجيب” و”عبد الوارث عسر”.
ووصل إلى مسامعه حوار بين “عبد الوهاب” و”كريم” يفيد بعدم توفيق أكثر من شاعر في كتابة أغنية أحد المشاهد، ولما جاء دوره للوقوف أمام اللجنة نسى ما جاء من أجله وطلب من المخرج ومن “محمد عبد الوهاب” أن يتيحا له فرصة كتابة هذه الأغنية. وبعد رفض واستنكار لطلبه في البداية وافق “عبد الوهاب” على طلبه وشرح له موقف الأغنية في الفيلم وفي اليوم التالي كان “حسين السيد” في مكتب “عبد الوهاب” يقرأ له أغنية “إجري إجري وديني قوام وصلني” وعاد “عبد الوهاب” سماعها أكثر من مرة وأعجب بها لأنها تعبر بصدق عن الموقف والمشهد المطلوب.
وحياه “عبد الوهاب” وطلب منه أن يصرف النظر عن التمثيل ويركز على تأليف الأغاني ورفض “حسين السيد” أن يتقاضى أجراً عن الأغنية ونسى أمنيته في النجومية مكتفيا بأن يقترن اسمه باسم “عبد الوهاب”.
وهكذا بدأت رحلة الشاعر الغنائي “حسين السيد” الذي أصبح مؤلفا لمعظم ألحان “عبد الوهاب” التي فتحت أمامه باب الشهرة والنجومية وكتب مئات الأغنيات التي شدا بها ألمع المطربين والمطربات. فقد كتب لكل المطربين في مصر تقريبا.
وكتب “حسين السيد” في الحب والوطنية لأكبر المطربين والمطربات كما كان رائدا لأغاني الأطفال مثل (ذهب الليل- ماما زمانها جاية- حبيبة أمها-آكلك منين يا بطة) وأغاني “ست الحبايب” و”الأخ” ل”فايزة أحمد”.
كما ابتكر “حسين السيد” طريقة أن يكون الديالوج الغنائي من نسيج سيناريو الفيلم بدلا من الحوار مثل “حكيم عيون” و”حا أقولك ايه” بين “عبد الوهاب وراقية إبراهيم” وابتكر أغاني “عاشق الروح، ‘ساكن قصادي”، “عايز جواباتك”، “فاتت جنبنا”.
وفي مجال الأغنية الدينية كتب أغنية “إله الكون للسنباطي” ومزج بين الديني والوطني كما في أغنية “الصبر والإيمان” ل”عبد الوهاب”، إلي جانب أناشيد وطنية رائعة مثل “دقت ساعة العمل الثوري” و”المارد العربي” و”صوت الجماهير” و”الجيل الصاعد”. وقدم “حسين السيد” أجمل استعراض في السينما “اللي يقدر علي قلبي”.
وقد مارس “حسين السيد” هوايته في التمثيل في فيلم “رسالة من امرأة مجهولة” ل”فريد الأطرش” و”لبني عبد العزيز” ومن إخراج “صلاح أبو سيف” كما مثل مع “شويكار” المقطوعة الشعرية “إنتي مسافرة”. وقد سجلت شركة “صوت القاهرة” أشعاره مع الفنانة “مديحة حمدي” والإعلامية “نجوي أبوالنجا”.
وحصل “حسين السيد” علي وسام العلوم والفنون في عيد العلم في عهد جمال عبد الناصر، وكرمه السادات في عيد الفن.
عبد الوهاب..
قالت عنه الدكتورة “حامدة حسين السيد” ابنته أن والدها كتب أكثر من 1000 أغنية، وأنها حاليا بصدد تقديم ديوان تجمع فيه بعض أشعاره التي لم تنشر ولم تقدم كأغان، وهى حوالي 30 قصيدة، منها قصيدة غنتها مؤخرا الفنانة “آمال ماهر”.
وتضيف: “لم يمنعه العمل مع عبد الوهاب أن يكتب للآخرين، مثل منير مراد، واشتغل مع السنباطي، وسيد مكاوى، ومن أجمل أغانيه، “وحياتك يا حبيبي ريح قلبي معاك”، وأم كلثوم لم يكتب لها أن يعمل معها، لأنه في هذا الوقت مجتمع الغناء كان مقسم إلي معسكرين، “معسكر للست أم كلثوم”، ومعسكر”لمحمد عبد الوهاب”، ولم يلتقوا إلا في أغنية إنت عمري عام 1964، كان هناك ندية كان كل واحد له جمهوره والمعجبين والسميعه بتوعه، إذن قبل عام 1964لم يكن يستطيع أن يكتب لأم كلثوم لأنه محسوب على عبد الوهاب، ولكن بعد أن وافقت أن يلحن لها عبد الوهاب لم تكن تريد أن تأخذ عبد الوهاب والمؤلف بتاعه، وقالوا لعبد الوهاب مرة إن حسين السيد “المؤلف الملاكي بتاعك”، ورد عليهم قائلا: “شرف لا أدعيه، وتهمه لا أنفيها”، ولما تتعامل مع الاثنين معا تكون قد أخذت المعسكر كله.. كان هناك ناس كثر يكتبوا للست أم كثلوم، وكانت أغنية شكل تاني لنجاة الصغيرة قد أعجبت بها، ولكنها قالت إنها قصيرة، وطلبت زيادة كوبلية، ولكن الخبر وصل للصحافة، وكتبوا إن كوكب الشرق ستأخذ أغنية من نجاة الصغيرة، وبالتالي ظهور الخبر بهذه الطريقة منعتها من غناء هذه الأغنية، وكان محمد عبد الوهاب يقول له إن أم كلثوم دائما ما تغير في الكلمات، وفى إحدي الأغنيات طلبت منه تغيير كلمات كثيرة، وهو كان غير مقتنع بها، فلم يتفقا على العمل سويا”.
وتواصل عن “حسين السيد” كأب: “كان رمضان بيجي في الشتاء، وكنا في المدارس وقتها، حيث كنا ننام مبكرا، واعتاد أبى السهر إلى الفجر حتى الساعة 3 أو 4 فجرا، وكان يستيقظ من النوم الساعة 10 صباحا، وكان يعمل ويكتب أشعاره في مكتبه، وأتذكر أنه كان هو الذي يقوم بتجهيز وجبة السحور لنا بعمل سندوتشات الجبنة، والخيار المقطع، وكان هو المسئول عن سحورنا،وكان هو اللي بصحينا بنفسه، لكي نتناول السحور، وكان يومه مقسم بالساعة، ففي الأيام العادية كنا يستيقظ الساعة 10 صباحا، ويذهب إلى مكتبه، وهو من قام بتأليف أشهر أغاني رمضان، مثل أغنية “الراجل ده حيجنني” ألحان الموجي، والتي غناها فؤاد المهندس وصباح، والأغنية دي كانت بتمثل بابا في الأكل بتاعه، لأنه كان مذواق جدا، وكانت ماما طباخة جيدة، كان بيحب الحمام المحشي، والمكرونة بالبشاميل، والكبيبة بالنعناع، وكان بيحب لقمة القاضي، وبلح الشام كنا بنصنعهما في المنزل، وجدتى أيضا كانت طباخة جيدة، وقد وضع كل ما يحبه في هذه الأغنية، وكان يتمشى وهو بيدندن في البيت”.
عبد الحليم حافظ..
وتقول عن بداية عمله مع “عبد الحليم حافظ”: “كانت بعد أن عقدت شركة “صوت الفن”، عقد احتكار مع عبد الحليم حافظ، وأول فيلم عمل فيه معه “أيام وليالي”، وكتب فيه أغاني “شغلونى، وتوبة”، وفيلم “بنات اليوم” كتب “ظلموه، وأهواك، ويا قلبي ياخالي، وكنت فين وأنا فين، وعقبالك يوم ميلادك”، ثم كتب أغنية “جبار” ،”وحاجة غريبة” في فيلم معبودة الجماهير، وبعدها فاتت جنبنا في عام 1972 وكانت حدوته. وكتب أيضا لفريد الأطرش الفترة دي كانت كلها فيها ازدهار للفيلم الاستعراضي، فكانت كل المشاركات من المؤلفين كانت من خلال الأفلام، لأنه لم يكن هناك فيديو كليب علشان تنزل الأغاني بصورة أخرى، وكتب “يا أبو ضحكة جنان” في فليم “حكاية العمر كله”، وقام بكتابة أغاني وطنية كثيرة، وكتب لصباح أغنيتين للأطفال “حبيبة أمها” لحن فريد الأطرش، وأغنية “أكلك منين يا بطة” ، أما أغنية” أمورتى الحلوة”، لحنها بليغ حمدي، وفريد الأطرش زعل لأنه لم يحلنها، وكتب لمحمد فوزي، “ماما زمنها جايه”، وتم تصويرها في بلكونة شقة محمد فوزي، وكتب أغنية “ذهب الليل””.
وفاته..
رحل “حسين السيد” في 27 فبراير عام 1983.