إعداد/ شفيق شقير
يركز الجزء الأول من الدراسة الميدانية عن رواية حزب الله للحرب السورية على بحث واستقصاء أسباب تدخل حزب الله في الحرب السورية، والتي تظل استراتيجية في جُلِّها وتتعلق بدور إيران بالمنطقة ودور الحزب في لبنان، لكنها جاءت في سياق مذهبي ولَحِظَت تحقيق أهداف مذهبية.
لا تزال رواية حزب الله حول أسباب مشاركته في الحرب السورية ودوره الفعلي هناك حتى اليوم غير متسقة وتتناقض مع بعض قيمه المعلنة ومع عدد من الوقائع والحقائق الواضحة في المسألة السورية، فبالاعتماد على ما يقدمه الإعلام (حتى المؤيد) والمصادر الحقوقية السورية والدولية والنخب المؤيدة لحزب الله فلا شكوك في الحزب حول “استبداد” نظام الرئيس بشار الأسد ولا حول ممارسته لـ”القتل” ضد الشعب السوري (بغضِّ النظر عن طريقة الصياغة)، وهي من الممارسات التي يرفضها حزب الله في أدبياته حتى اليوم، ولا نقاش حول حق الشعب السوري في الإصلاح والديمقراطية، وهي من مطالب حزب الله سياسة واعتقادًا كما يُعلِن.
وبالمقابل، يقف حزب الله مع الأسد وقد اتَّهم كل خصم له في الحرب السورية أو للنظام بأنه ضد “المقاومة”، وقدَّم خلال مراحل الحرب وعبر إعلامه مبررات عدَّة لتدخله العسكري في سوريا وجميعها كانت قابلة للتوظيف -بغضِّ النظر عن تعمده ذلك أم لا؛ فهي حرب ضد الإرهاب في مخاطبته للغربيين، وضد التكفيريين في مخاطبته للعرب والمسلمين، ولحماية الحدود في خطابه إلى اللبنانيين، وهكذا دواليك. وهدفها بنهاية المطاف تحقيق أهداف حزب الله وراعيه الإقليمي إيران (مهما كانت، ومع أيَّة جهة)، بمقاتلين “شيعة من أكثر من بلد” وبشعارات مذهبية طرحت تساؤلات عدة، من أبرزها:
ما الأسباب الحقيقية لتدخل حزب الله في الحرب السورية كما يراها هو بالفعل ومن ورائه إيران؟ وهل كانت الحرب السورية محطة تحوُّل في حزب الله نحو مذهبية متشددة، بدفع من قيادته الحالية المحلية والإقليمية أم إنها (المذهبية المتشددة) خطاب للمرحلة فحسب؟ وإلى أين سيمضي حزب الله في الحرب السورية لاسيما أن عليه أن يتعايش مع محيطه العربي والإسلامي الذي يمتاز بأغلبية سُنِّية؟
هذا مما تحاول الورقة الوقوف عليه أو اختباره مع التركيز على تقصي مبررات وظروف تدخل حزب الله العسكري في الحرب السورية، كما يرويها بعض المسؤولين فيه أو باحثون من بيئته. ويجب التنويه إلى أن هذه الرواية التي تقدمها الورقة ليست الرسمية أو المعتمدة لدى الحزب، ولا يمكن الجزم بأنه يملك رواية واحدة مغلقة ومنجزة، ولكن هي السائدة عمليًّا والفاعلة راهنًا كما أدركها الباحث. ومن حيث المضمون، قد لا يتجاوز أكثرها سقف خطابات أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، لكنها تحسم أقوالًا كانت تكهنات، وهي أوضح تعبيرًا وأكثر تفاعلية لأنها جاءت في سياق حوارات أجراها الباحث مع المعنيين، في رحلة بحثية إلى لبنان قادته إلى بيروت والضاحية الجنوبية وجنوب لبنان، ووثَّقها من مصادر أخرى حيث دعت الحاجة، كما اختبرها وقابلها برواية معنيين أو معارضين أو باحثين منتقدين لحزب الله من نفس بيئته المذهبية، أي الشيعية، وخارجها.
أما الشخصيات المشار إليها التي تُشكِّل مجتمع الدراسة (مع الإشارة إلى وجود آخرين ولم يُشَرْ إليهم بناء على طلبهم)؛ فهي:
1. الدكتور علي فياض، وهو نائب عن حزب الله في البرلمان اللبناني(1).
2. الأستاذ قاسم قصير، وهو صحافي يوصف بأنه مقرب من حزب الله(2).
3. الدكتور طلال عتريسي، وهو أكاديمي وباحث من بيئة حزب الله(3).
4. الشيخ شفيق جرادي، ويمثِّل رأيًا في الجهاز الديني لحزب الله مع التنويه باستقلال رأيه كما يحب أن يؤكد(4).
كما أجرى الباحث مقابلة مع الأستاذ، علي الأمين(5)، مدير موقع جنوبية وهو من إحدى العائلات الشيعية المعروفة دينيًّا وثقافيًّا ومعارض لحزب الله، وكذلك مع الدكتور، مهند الحاج علي(6)، باحث في معهد كارنيغي بيروت، واستعان بأفكارهما النقدية في مقاربة رواية حزب الله أو استفاد منها.
وسيُفرد الباحث الجزء الأول من الورقة لأسباب وطريقة تدخل الحزب في الحرب السورية تحت عنوانين، أحدهما يتعرض لرواية الحزب حول أسباب التدخل كما جاءت من مصادرها، أما الآخر فيعالج الكيفية التي جاء بها هذا التدخل والأهداف التي سعى إليها.
ويتعرض الجزء الثاني (الذي سيُنشر لاحقًا) للبُعد المذهبي للصراع الذي أصبح حزب الله جزءًا منه من الناحية الواقعية ورؤيته له؛ لأن البعد المذهبي أحد العوامل الحاسمة في توجهات حزب الله المستقبلية وعلاقته مع محيطه. وبالختام ستتحدث الورقة عن إمكانية مراجعة حزب الله لتدخله العسكري في سوريا فضلًا عن سيناريوهات انسحابه من عدمها من الأزمة السورية بالنظر إلى تداعيات التأثير المذهبي المتصاعد.
وتجدر الإشارة إلى أن الباحث اعتمد مصطلح “التدخل العسكري” أو “التدخل السياسي” لحزب الله كتعبير عن مستوى مشاركته في الأزمة السورية، لاسيما أنه أحد المتدخلين من بين عدة أطراف وفي ظروف حرب ملتبسة تلقي بظلالها حول شرعية تدخله سواء من الناحية القانونية أو الأخلاقية.
ولكن قبل ذلك جميعًا، سيضع الباحث بين يدي الورقة تمهيدًا حول تحولات سياسة حزب الله الإعلامية من حيث الانفتاح والتحفظ للتحكم بصورته الإعلامية والأيديولوجية في التعامل مع الإعلام ومراكز البحث، والتي لها تأثيرها على الرواية موضوع المعالجة، وما يجب أخذه بالاعتبار عند قراءة الرواية وما تسعى إليه من أهداف وغايات إذا وُجدت.
سياسة حزب الله الإعلامية
على الرغم من سعي حزب الله الدائم لتقديم إجابات على أي أسئلة تُطرح عليه دون أن يتركها معلقة لحماية صورته، فإنه على غير عادته السابقة التزم الحذر واعتمد وسائل تقليدية ومتحفظة (الخطاب الديني الأكثر تقليدية) للوصول إلى جمهوره وإقناعه بصحة خياره في سوريا، وذلك في خطوة معاكسة لما كان عليه الحزب سابقًا في سياسته الإعلامية والفكرية؛ إذ كانت أكثر تفاعلًا ووضوحًا ومعاصرة نسبيًّا، ويمكن في هذا السياق وقبل الخوض في رواية الحزب لحربه في سوريا، التمييز بين ثلاثة اتجاهات اعتمدها الحزب في هذا الصدد، وعلى مراحل زمنية متتالية:
.المرحلة الأولى: وكانت أكثر انفتاحًا ووضوحًا؛ وذلك بعدما استقر دور حزب الله “كمقاومة” ضد إسرائيل في وعي كثير من الشعوب العربية والإسلامية خاصة بين عامي 2000 و2006، وكان يعطي قادته ومسؤوليه، بما لهم من قيادة طبيعية في المجتمع أو تنظيمية في الحزب، مساحة غير محددة غالبًا للتعبير واللقاء، سواء مع السياسيين أو الصحفيين والباحثين أو مع سواهم من المهتمين، والتحدث عن شؤون الحزب وشجونه وطموحاته. لا، بل أعطى المجتمع اللبناني والعربي والإسلامي مساحة واسعة لتشكيل رواية “المقاومة” بلغتهم الخاصة لاطمئنانه إلى تأييدها له، بل ربما كان بحاجة أحيانًا للتدخل للتخفيف من بعض المبالغات وإعطائها وجهًا محترفًا مراعاة للغرب ولم يكن بحاجة لبذل جهد في سبيل الترويج لها.
المرحلة الثانية: وهي متزامنة مع الأولى، أي منذ عام 2000 ولا تزال قائمة نوعًا ما حتى اليوم، وهي الرواية المتعلقة بدوره في لبنان، وكانت تأخذ منه جهدًا أكبر قبل أن تتضح بعض مفرداتها بعد عام 2006، ويحرص الحزب أن تكون مواقفه المتعلقة بدوره في الداخل اللبناني محصورة بالحزب وأجهزته، مع وجود هامش واضح لمؤيديه سواء من مؤيديه الشيعة أو سواهم من أطياف المجتمع اللبناني المحلي بطوائفه وتوجهاته (كقوى 8 آذار) كي يسهموا في صياغة هذه الرواية. لكنها في نهاية الأمر تصب في رواية الحزب الخاصة جدًّا، التي تقوم على ضرورة بناء الدولة “العادلة” و”القادرة” و”المجتمع المقاوم” لإسرائيل كمقدمة لتسليم حزب الله سلاحه وانخراطه بالدولة والخضوع المطلق لسلطانها، وإلا فإنه ماض فيما هو فيه.
المرحلة الثالثة: وبرزت بعد التدخل العسكري لحزب الله في سوريا، أصبح الحزب متشددًا في تقديم أي خبر أو رؤية تتعلق بأسباب تدخله هناك أو الغاية التي يسعى إليها، وأصبحت خطابات أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، هي البنية الأساسية لأية رواية في هذا الشأن، وقد أخذت أجهزة الحزب تعمل على الاستنباط منها أو البناء عليها، مع وجود هامش لبعض أجهزة الحزب والشخصيات فيه للتعامل مع مقتضيات الظروف أو ما تستدعيه المرحلة لكنه هامش محدود جدًّا. وتشي هذه المرحلة بتقدم البُعد العسكري والأيديولوجي و”اللغة التراثية المذهبية”(7) في الترويج الإعلامي على ما سواه، فأصبح إعلام الحزب الحربي والديني أي المذهبي، بغرض التعبئة هو الأساس، وتراجع الحديث الفكري والسياسي وشخصياته التي كانت بالعادة ناشطة سواء من الحزب أو من بيئته.
وبرز مؤخرًا انفتاح تدريجي في حزب الله على هذا الصعيد، ولا يزال يتطور ولو ببطء بالتوازي مع تطورات الحرب السورية والأوضاع في الإقليم، أي بعد أن انتهت المعارك الكبرى في سوريا (ما خلا تلك المتعلقة بتنظيم الدولة نسبيًّا)، وبالتوازي أيضًا مع الحديث عن تزايد احتمالات حرب إسرائيلية على لبنان لاستهداف الحزب، ومع تصاعد الحديث عن استراتيجية أميركية لتحجيم الدور الإيراني في سوريا، فضلًا عن الأزمة الخليجية والتصعيد السعودي الأخير مع لبنان(8)، فهذا الانفتاح الإعلامي النسبي سمح لهذه الورقة بأن تقدم رواية عن حزب الله ولو بقدر، لتدخله في الحرب السورية وموضع المسألة المذهبية من ذلك جميعًا.
أسباب وطريقة تدخل حزب الله في الحرب السورية
إن أسباب تدخل حزب الله في الحرب السورية لا يمكن فصلها عن العلاقة الوثيقة التي تربط حزب الله بإيران، ولا تنفصل عن مخاوف طهران وطموحاتها في المنطقة، وحزب الله بالجملة لا ينفي هذا أبدًا، لكنه كحركة مقاومة، كما يُقدِّم نفسه، معني بالبُعد الأخلاقي للحرب، وتأكيد ارتباطه بمحيطه العربي في أية استراتيجية يكون جزءًا منها ولو كانت لإيران.
وفي هذا السياق، حرص النائب، علي فياض، على التأكيد ابتداء أن ما جرى في سوريا من “حراك” لا يتصل بالإصلاح السياسي والديمقراطية، بل يتصل بتحالفات النظام والصراع العربي-الإسرائيلي، “ولو كان بالأمر إصلاح ديمقراطي لنأى الحزب بنفسه عنه”. وهذا الموقف، بطبيعة الحال، تبعًا لموقف الحزب الذي يرى أن ما يجري في سوريا ليس ثورة بل جزءًا من تدافع سياسي وعسكري طويل.
ويربط فياض ما جرى في سوريا بـ”التحولات المتوالية التي وقعت في العراق”، أي مرحلة ما بعد الرئيس العراقي، صدام حسين (أي بعد سقوط بغداد عام 2003)، وإلى حين خروج القوات الأميركية منه (ديسمبر/كانون الأول 20011)، وأضاف إليها: “النتيجة الاستراتيجية التي خرجت بعد حرب 2006 على لبنان وانعكاساتها على المنطقة، فهذه جميعًا زادت من الخلل على المستوى الإقليمي وأصبحت هناك جبهة (أي جبهة ما يُسمَّى محور المقاومة) وبتداخل أكبر بين ساحاتها ما قد دفع بقوى للعمل على إعادة التوازن الإقليمي”. والمقصود بتلك القوى: أميركا ودول الخليج العربي وحلفاؤهم المحليون الذين أضرَّ بهم هذا الخلل.
وبهذا يذهب فياض إلى سببين أساسيين وراء تدخل حزب الله العسكري في سوريا:
الأول: “أنه كان لاستراتيجية تتصل بمحور المقاومة وتُشكِّل سوريا حلقته الأساسية ولأسباب جيوستراتيجية تتعلق بالحدود السورية”. وبحسب فياض، كانت “الأولوية الدفاع عن الحدود اللبنانية ومقام السيدة زينب في دمشق لصورته الرمزية، وما كان سيشكِّل استهدافه من قنبلة كما حصل في العراق”. أي ما جرى في العراق من أعمال عنف مذهبية بعد استهداف مرقد “الإمامين العسكريين” في سامراء (2006).
هذا، ويُرجِّح طلال عتريسي أن السبب الأهم لتدخل حزب الله هو استراتيجي بحت، بغضِّ النظر عمَّا قد يقال، وعما طرأ لاحقًا من حرب ضد “التكفيريين”؛ فسوريا “هي الشريان الأساسي الذي يتلقى حزب الله الأسلحة عبره، ولا يستطيع أن يتحمل فقده وأي شيء دونه يستطيع تحمله”؛ لذا رأى الحزب أن التدخل العسكري “أسلم من عدمه رغم ما في ذلك من خسائر، ومن تحمُّل للأضرار الجانبية الكبيرة” نتيجة لهذا القرار.
الثاني: ويتصل بتطور الأحداث المتسارع الذي طرأ لاحقًا، وتمثَّل في “هيمنة القوى التكفيرية في سوريا” على حدِّ وصف فياض، وبهذا فقد تحوَّل الخطر المتأتي من سوريا: “من خطر له علاقة باستراتيجية المحاور إلى خطر وجودي”؛ لأنه يستهدف لبنان والشيعة في المنطقة. فهذه المنظمات، بتعبير فياض، “لو نجحت في سوريا، كانت ستنتقل إلى الوضع اللبناني وسيكون مصير سوريا التقسيم وليس شيئًا آخر، كما بدا وكأن كل المسارات في سوريا ستؤدي لسحق الأقليات في المنطقة، وهذا يخدم الأهداف الإسرائيلية والاستراتيجية الأميركية”.
والجدير بالذكر، أن حزب الله كثيرًا ما يشير في إعلامه إلى أن القوى التكفيرية تشمل كل قوى المعارضة السورية، ولكن فياض يركز هنا على تنظيمي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”، ويرى أن هذا الخطاب دشَّنه أبو مصعب الزرقاوي في العراق؛ حيث وسعت هذه الجماعات منذ ذلك الحين من إطار حربها ولم تعد “ضد الاحتلال الأميركي فقط كما بدأت، بل وسَّعته وأعطته طابعًا مذهبيًّا ضد الشيعة، وأطلقت خطابًا فقهيًّا قدمت فيه محاربة الشيعة على “اليهود” أحيانًا”. وإلى هذا المعنى، يذهب أيضًا قاسم قصير، ويؤكد أن تدخل حزب الله “دافعه استراتيجي وغير مرتبط بأي حسابات مذهبية ويقوم على حسابات ومصالح بعيدة المدى” للمحور. لذا، فهو “يتواجد في المناطق (السورية) التي تتعرض لتحديات استراتيجية بغضِّ النظر مَنْ بمقابله، وإسقاط نظام الأسد خطر استراتيجي عليه خاصة لأن البديل كان ولا يزال غير واضح، ومرتبط باستراتيجيات معادية”، خليجية وغربية.
ومن الملاحظ أن هناك إجماعًا في رواية حزب الله على أن الحرب ضد “التكفيريين”، أي ضد القاعدة وتنظيم الدولة، كانت طارئة وليست هي الهدف الأساس، ولكن في الخطاب الإعلامي هي حرب أساسية ومستمرة؛ لأن مصطلح “التكفيريين” بمعناه الواسع يضم كل أطياف المعارضة السورية وخصوم النظام في سوريا على اختلاف مشاربهم.
أما لماذا يصف الحزب تدخله العسكري بأنه مقاومة؟ فيرى فياض أن التطورات في سوريا فرضت دورًا لا يتناقض مع دوره كمقاومة في مواجهة “التهديد التكفيري”، لاسيما أن “التكفيريين هددوا الأمن اللبناني؛ وهذا يقع في صلب دور المقاومة”، أما قصير، فيرى أن حزب الله يقاتل في سوريا ضد المعارضة السورية، نعم!، لكن “ضابطه فيها التوازن العربي-الإسرائيلي” وليس شيئًا آخر.
ومن اللافت أن معنى “المقاومة” في الحرب السورية، الأكثر فعالية –أي المعنى- لدى الجمهور الواسع للحزب في طائفته هو مصلحة “الطائفة الشيعية”، ولدى جمهوره الخاص هو مصلحة محور حزب الله؛ لأن الحاضر لدى الجمهوريْن وبقوة أن أسباب التدخل دينية أو دفاعًا عن وجود الشيعة وطموحاتهم في المنطقة.
وهذا المعنى ينفي الحزب أنه يريده أو استهدفه ولكنه هو السائد، وبالمقابل، يقر الحزب ويؤكد أنه حزب عقائدي، ومرتبط بالولي الفقيه في إيران، وأن تدخله العسكري ليس بعيدًا عن الولي الفقيه، علي خامنئي. وتفصيل ذلك، كما يقدمه الشيخ شفيق جرادي، أن الحزب مستقل في قراره وأدائه؛ لأنه ليس بالضرورة أن يتفق مع إيران الدولة في كل شيء، فقد يختلف معها سياسيًّا وهي ليست مرجعًا دينيًّا له. كما أن ارتباطه بالولي الفقيه ليس بكل التفاصيل؛ “فالولي الفقيه ليس معنيًّا بالمسائل اليومية والتفصيلية” ولا علاقة له بها، ولكن “كل مسلم ومنهم حزب الله، يعود بالأمور التشريعية إليه، وبعضها يشمل قضايا وأوامر سياسية”، ومنها سوريا بالطبع.
وبهذا، يمكن القول: إن رواية حزب الله تعكس أن سبب تدخله الأساسي بحسب روايته، تتصل بسبب استراتيجي له صلة بالدفاع عن نفوذ المحور الذي ينتمي إليه، بغضِّ النظر عن أي سبب آخر طرأ لاحقًا مثل الدفاع عن وجود الشيعة أو الأقليات في مواجهة “التكفيريين”. ولكن هذا التدخل أيضًا، لم يأت نتيجة مسار طبيعي كان يُعدُّ نفسه له، فهو لا يتوافق مع نضج سياسي أو عقائدي بنيوي كان يُهَيِّئُه لمثل هذه المهمة؛ فـ”المقاومة” ضد إسرائيل والتدخل العسكري في سوريا متناقضان، إنما كان عليه أن يستجيب لتطورات إقليمية تعني إيران كمركز للولي الفقيه أكثر مما تعنيه كـ”حزب”، أي هو قرار “دولة” في نهاية المطاف، لديها نضج كاف لتتخذ مثل هذا القرار وتتحمل عواقبه، بغضِّ النظر عمَّا إذا كان مناسبًا من الناحيتين السياسية والأخلاقية أم لا.
كما أن الاستجابة لهذا الدور قد لا تكون تَمَّتْ فقط بناء على الاستجابة لأمر المرشد، لكن في نهاية الأمر القرار لهذا الأخير ولا يملك الحزب الرفض؛ لأنه ليس من “المسائل التفصيلية” التي أشار إليها الشيخ جرادي كاستثناء ولا يتدخل فيها المرشد عادة. ويقر الشيخ جرادي نفسه بوجود إشكالية ما في العلاقة ما بين “الأمة” لاسيما من هم خارج إيران منها، و”المرشد” الإيراني، بسبب الاختلاف في الجنسية والاختلاف أحيانًا بين الدواعي الوطنية والدينية، خاصة عند التضارب في المصالح والواجبات. بمعنى: كيف يمكن لحزب الله أو أي مكلف دينيًّا يؤمن بولاية الفقيه في لبنان، التوفيق ما بين متطلبات المرشد في إيران ومتطلبات الدولة في لبنان؟ وهذا بالمعنى السياسي ليس مجرد خلاف فكري، فهو يجعل من كل أداء حزب الله، ومنه تدخله العسكري في سوريا أنه جاء نتيجة أمر من المرشد في إيران، فكيف إذا كان الحزب نفسه يؤكد في تعبئته العقائدية أن تدخله العسكري هناك يندرج تحت الاستجابة لأمر “الولي الفقيه، الخامنئي”.
ولهذا، فإن قرارًا إقليميًّا كهذا لم يُصنع في حزب الله وحده بل أغلبه في إيران، بل الراجح أن الدائرة الأضيق المحيطة بالأمين العام، نصر الله، فقط كانت تعلم ذلك، لاسيما أن بعض المسؤولين في الحزب كانوا إبَّان المرحلة الأولى من الأزمة السورية(9) يؤكدون على عدالة مطالب المعارضة السورية، ثم تحوَّل الأمر لاحقًا وبسرعة قياسية نحو تأييد الرئيس الأسد ونظامه بوضوح، ثم بدأ لاحقًا الإعداد للتدخل المتدحرج وعلى عجل في الأزمة السورية، ليبدأ باهتمام إعلامي سياسي وينتهي بتدخل عسكري معلن.
التدخل العسكري المتدحرج في سوريا وأهدافه
إن تدخل حزب الله العسكري في سوريا إلى جانب نظام الرئيس، بشار الأسد، بحسب اعتقاد عتريسي، كان خيارًا صعبًا تريَّث قليلًا قبل اتخاذه، وكان “أشبه بدواء له مفاعيل سلبية”، لاسيما أن الإعلام العربي والرأي العام العربي كان ضده فيها. ويستدل قصير بذلك ليؤكد على أنه لم تكن هناك نوايا مسبقة لدى حزب الله وإيران بالتصعيد في سوريا؛ لأن محورهما تردد لستة أشهر قبل اتخاذه قرارًا حاسمًا بمؤازرة النظام، وأنهما استنفدا ما لديهما من وسائل قبل التدخل العسكري.
وبحسب قصير، فقد حثَّت إيران النظام السوري في بداية الأزمة “على القيام بإصلاحات وتلبية بعض حاجات المتظاهرين لتهدئة الأجواء وعدم مواجهة المظاهرات بطريقة عنيفة، إلا أن بعض الأطراف في الحكومة السورية لم تلتزم بهذا الإجراء”، ولم يكن حينها للإيرانيين القدرة على ضبط النظام السوري. وبالمقابل، سعت طهران أيضًا وبدفع من “المرشد، علي خامنئي” لإدخال “الإخوان المسلمين” في حكومة توافق وطنية مع النظام لتحقيق بعض الإصلاحات، إلا “أن الإخوان رفضوا وأصرُّوا على إسقاط النظام، في تماهٍ مع الدور السعودي”، وكانت الأوضاع حينئذ لا تزال تسير على الأرض لصالح المعارضة السورية. وفي مرحلة تالية، بحسب قصير، أي بعد التدخل العسكري، اتفق الإيرانيون والأتراك على وقف النزاع مقابل الانخراط في مفاوضات للوصول إلى حل سياسي، “إلا أن السعوديين رفضوا ذلك”.
ولا يخفى أن رواية حزب الله وبيئته تؤكد تدخل حزب الله في المسألة السورية سياسيًّا على الأقل منذ بداية الثورة السورية عام 2011، وذلك تبعًا للتوجه الإيراني؛ حيث أعلن نصر الله تأييده المطلق للرئيس السوري، بشار الأسد، وأنه يختلف مع بقية الإسلاميين في توصيف ما يجري في سوريا لكنه اعترف بحق الثوار في المطالبة ببعض الإصلاحات. وفي هذه الأخيرة (أي المطالبة بالإصلاحات) لم يتجاوز سقف تسجيل موقف دون أي تأثير يُذكر؛ إذ لم يتقدم النظام بأية مبادرة حقيقية في هذا الشأن، بل كان القتل ومواجهة المظاهرات السلمية هو سيد الموقف واستمر الحزب في تأييده للنظام رغم ذلك. ومسؤولية الحزب في الحرب السورية أساسية بالنظر إلى الدور العسكري والتعبئة الدينية التي قام بها. فبحسب مذكرات الجنرال همداني؛ فإن “المرشد أمر بأن تكون السياسات الكلية لمحور المقاومة وسوريا تحت إشراف الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله. ولذلك، كان نصر الله يدير الأمور الكلية المتعلقة بسورية بأمر مباشر من خامنئي”، ولم تُقَرَّ خطة التدخل العسكري في سوريا إلا بعد دراسة وموافقة نصر الله، بحسب هذه المذكرات، بل هو الذي أشار على همداني بإعطاء الأولوية لإخراج الرئيس بشار الأسد من المستنقع الذي هو غارق فيه وأن عليهم التفكير فقط في الشقين العسكري والأمني كأولوية(10).
وبالمتابعة لمسار التدخل العسكري للحزب، فقد بدأ مبكرًا بالتوازي مع ما سُمِّي بعسكرة الثورة السورية، ولكن بقرار ذاتي من بعض أعضائه الذين يسكنون على الحدود السورية ودفاعًا عن النفس وفق توصيف الحزب، ولم تتضح طبيعة التدخل التنظيمية إلا في عام 2012، بعد مقتل أحد القادة العسكريين للحزب في “القصير” (محمد حسين ناصيف)، ثم أخذ دور الحزب العسكري يتصاعد مع تصاعد الأعمال الحربية بين النظام والمعارضة، فكانت “معركة القصير”(11) عام 2013 والتي جاءت بمثابة التأكيد أو التدشين الرسمي لحرب حزب الله المعلنة إلى جانب نظام الرئيس الأسد وضد المعارضين السوريين إلى يومنا هذا(12).
فالتدرج في التدخل العسكري للحزب، قد تكون فرضته أسباب عملانية لتهيئة الحزب لمهمته الجديدة في سوريا أو لدراسة الخيارات السياسية أو الاستعداد للمواجهة العسكرية، فكلها محتملة، لكن الواضح أن هناك هدفين كان لهما الأفضلية:
الأول: تهيئة الرأي العام في البيئة الحاضنة للحزب وطائفته؛ لأنه كان بحاجة لمبرر فوق العادة في فعاليته وسريع التأثير، فكان أحد مفاتيح تلك المرحلة التعبئة المذهبية أولًا، ثم التزام شعار “محاربة التكفيريين” لاحقًا.
الثاني: أن بنية الحزب التنظيمية بكل مستوياتها كانت بحاجة لتهيئة كذلك، وحتَّمت التدرج؛ إذ إن دخول الحزب في الحرب لم يكن ليحتمل أي تردد بداخله أو أية مساءلة، لاسيما أن الكلفة الأخلاقية والدينية عالية جدًّا وكان من الممكن أن تفتح مثل هذا الباب، لاسيما أن حزب الله كان قد بُني في الثمانينات على مبادئ تتعارض مع طبيعة هذه الحرب بالكامل، فهو فيها أشبه بقوة احتلال وليست مقاومة كما هي عقيدته الأولى، وقوة مذهبية وليست قوة وحدة إسلامية كما كان منهجه أول الأمر.
وهذا ما قد يوضح لِمَ جاءت أسباب تدخل حزب الله في الحرب السورية متدحرجة، وكذلك طريقة تدخله بهذه الكيفية، وهذا لا ينفي أنه قد يكون هناك ظروف ميدانية وسياسية أو أسباب أخرى، ولكن هذين السببين هما الأكثر صلة بالمسألة المذهبية موضوع هذه الورقة.
أما من حيث الهدف، فقد كان التدخل المتدحرج موجَّهًا نحو المحافظة على الفضاء السياسي والجغرافي الذي يربط حزب الله استراتيجيًّا بمركزه السياسي والعقائدي، أي إيران وقيادة ولاية الفقيه فيها، لاسيما أن الحزب مسكون بالتضحية والتمكين لها كولاية دينية “شيعية” تجب حمايتها وطاعتها. وبالتالي، كان الحزب شريكًا عسكريًّا أساسيًّا في العمل على إنقاذ نظام الرئيس الأسد للحفاظ على بقاء سوريا بمحوره، هذا من جهة. ومن جهة أخرى ليحفظ ارتباط بيروت بطهران جغرافيًّا ويحول دون قطع المعارضة السورية له، بما يؤمِّن له الاستمرار على الأقل كمنظمة عسكرية قوية وليس حزبًا سياسيًّا فحسب.
وبالنسبة لطهران، فإن التدخل المتدحرج يبدو أنه أيقظ بعض طموحاتها بعد أن رأت أن تطور الأحداث جاء لمصلحتها، لربط البر الإيراني بساحل البحر الأبيض المتوسط(13) كهدف استراتيجي، أخذًا بالاعتبار استمرار الحرب أو عدم الاستقرار في سوريا والمنطقة لمدة طويلة. بل على الأقل تستطيع التلويح بالسعي لهذا الهدف أو تحقيقه (أي للخط البري) لتساوم به لاحقًا في أية تسوية قادمة في سوريا، بما يحفظ لها وجودًا طويل الأمد في الداخل السوري بغضِّ النظر عن حجمه أو نوعه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* شفيق شقير، باحث في مركز الجزيرة للدراسات، متخصص بالحركات الإسلامية والمشرق العربي.
مراجع
(1) أجرى الباحث مقابلة مع الدكتور علي فياض بجلستين منفصلتين، وذلك في بيروت وجنوب لبنان، يومي 3 و8 أكتوبر/تشرين الأول 2017. والجدير بالذكر أنه فضلًا عن موقعه السياسي هو من الشخصيات العلمية والفكرية في حزب الله، وكان سابقًا مدير المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق التابع لحزب الله، وله كتاب بعنوان: “نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي المعاصر”.
(2) المقابلة مع الأستاذ قاسم قصير، كانت في ضاحية بيروت الجنوبية، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2017. وقصير باحث أيضًا في مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، ضاحية بيروت الجنوبية، لبنان.
(3) أجرى الباحث المقابلة مع الدكتور طلال عتريسي، في بيروت، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2017، وهو أكاديمي وعميد سابق لمعهد الدكتوراه والآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية.
(4) تمت المقابلة مع الشيخ شفيق جرادي، في ضاحية بيروت الجنوبية، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2017، وهو مدير معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية في بيروت، ومن شيوخ حزب الله المعنيين بالفكر الديني والفلسفي.
(5) أجرى الباحث المقابلة مع علي الأمين، في الضاحية الجنوبية، بتاريخ 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017. وهو ناشط في مواجهة حزب الله، ومدير موقع جنوبية.
(6) المقابلة مع مهند الحاج علي، في بيروت، بتاريخ 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017. صدر مؤخرًا للحاج علي كتاب باللغة الإنجليزية عن حزب الله بعنوان: “القومية والرابطة العابرة للقومية والإسلام السياسي-هويَّة حزب الله المؤسسية”.
(7) استُعملت الرواية الشيعية الأكثر إغراقًا في الغرابة والمذهبية في الترويج للحرب السورية. ومن باب الإشارة فقط نجد أن جريدة لبنانية مثل النهار وجدت أن الأمر يستحق المتابعة. انظر: “الإمام المهدي والحرب السورية: قراءة نصر الله وفهم الجماهير”، النهار، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، (تاريخ الدخول: 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2017): https://goo.gl/Yb4q6m
(8) المراد ذلك التصعيد الذي بدأ بإعلان سعد الحريري عن استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية من المملكة العربية السعودية ومن ثم عودته لاحقًا عن استقالته.
(9) انظر مثلًا المقالة التي افتتح بها النائب علي فياض النقاش حول الثورات العربية، في جريدة السفير اللبنانية، وذلك بتاريخ 28 أبريل/نيسان 2011. وكانت باتجاه مختلف تمامًا تؤكد على أصالة الثورات، ولا تتضمن أية إشارة أو تهيئة للرأي العام لمواجهة الخيارات التي تقدمها هذه الثورات كما فعل حزب الله لاحقًا وبأقل من شهر؛ حيث أعلن نصر الله بوضوح تأييده الرئيس السوري بشار الأسد، في 25 مايو/أيار 2011، وذلك في خطاب له بمناسبة مرور أحد عشر عامًا على انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. انظر ورقة علي فياض في جريدة السفير اللبنانية: http://assafir.com/Article/236224
وفي مطبوعة العهد، الناطقة باسم حزب الله: https://goo.gl/3NtBfK
وانظر حول خطاب نصر الله، موقع الجزيرة نت: “نصر الله يشيد بالأسد ويدعو لدعمه”، 25 مايو/أيار 2011، (تاريخ الدخول: 6 ديسمبر/كانون الأول 2017): https://goo.gl/U3b71o
(10) يُنظر: الصمادي، فاطمة، پيغام ماهي ها (رسائل الأسماك)، ما تقوله مذكرات الجنرال همداني: “الوصاية الإيرانية على سورية”، مجلة سياسات عربية، العدد 22، سبتمبر/أيلول 2016، ص 137 وما بعدها. ويمكن الاطلاع على الورقة في موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، على الرابط أدناه، (تاريخ الدخول: 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2017): https://goo.gl/5PJK1h
(11) شقير، شفيق، “معركة القصير السورية: تبعات تدخل حزب الله اللبنانية والإقليمية”، مركز الجزيرة للدراسات، 8 مايو/أيار 2013، (تاريخ الدخول: 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2017):
http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2013/05/20135711716642298.html
(12) يمكن العودة لورقة ألكس راول حول مراحل التدخل السوري، حرب “حزب الله” في سوريا، موقع (now) الإلكتروني، 14 أغسطس/آب 2015:
https://now.mmedia.me/lb/ar/%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA/565733-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7
ويمكن العودة لمركز دراسات الحرب الأميركي، والذي يؤرِّخ لتدخل حزب الله العسكري المبكر في الحرب السورية:
Middle east security report 19, Hezbollah in Syria, April 2014.
http://www.understandingwar.org/sites/default/files/Hezbollah_Sullivan_FINAL.pdf
(13) عن الجسر البري بين إيران وساحل الأبيض المتوسط، انظر:
Ilan Goldenberg and Nicholas A. Heras, Is America Getting Sucked Into More War in Syria?. The Atlantic, Jun 9, 2017, (Visited on 14 November 2017): https://goo.gl/Y3TdLL
المصدر/ الجزيرة للدراسات