9 أبريل، 2024 2:30 م
Search
Close this search box.

حرب المخدرات في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

الجزء الاول
أ.د. عبدالسلام الطائي
استاذ علم الاجتماع الاسبق
جامعة بغداد/ ستوكهولم
توصيف المفاهيم
(الكبسلة) من منظورنا، تصنف بالموجة القصيرة من ظهور لمخدرات في العراق، ونقصد بها حيثما وردت، تعاطي الكبسول او الحبوب لغير الاغراض الطبية.
(الكبسليتاريا ) وهي الموجة الطويلة الثانية للموجة القصيرة ل(لكبسلة)، اسميتها بالكبسليتاريا جراء تنامي حجم انتشارها بشريا واتساع رقعتها جغرافيا .
اما البريكية، فهي مظهر ساد ثم باد خلال القادسيةالثانية ، ثم عاد بمسميات اخرى بعد الاحتلال.
ستتناول هذه الورقة، لمحة عن الواقع وبالوقائع لحروب المخدرات الايرانية في العراق، كاسلحة كاتمة للصوت العراقي، منذ معارك القادسية الثانية، عام80- 1988، بين العراق وايران. لقد سبق لنا وان سلطنا الضوء في دراساتنا السابقة على صيرورة ظاهرة (البريكية) المشتقة من رقصة ال (Break dance) التي شاعت بين المراهقين المعجبين برقصات المطرب الامريكي( مايكل جاكسون)، على اثرها شرعنا باجراء دراسات ميدانية تتبعية للظواهر النفسجتماعية المصاحبة للحروب، لملاحقتها بطرق وقائية وعلاجية، سيما بعد ان ظهر لنا ، ان تلك الظواهر ما هي الا حركة من الحركات الاجتماعية المبطنة تتمترس خلفها سواتر سياسية وامنية خلال الحروب، نذكر اخرى مثلها, ظاهرة الخنافس و(الهيبيز)، ظهرت خلال الحرب الفيتنامية، وبالرغم من كون ظاهرة (البريكية) المصحوبة بتعاطي المؤثرات العقلية الحبوب او الكبسول (الكبسلة) بين المراهقين، لكنها كانت محدودة جدا خلال القادسية2. كما كان معظم البريكية هاربين من خدمة الوطن ومن اصحاب السوابق، لتلك الثغرات الوطنية السايكوباثية، جندتهم ايران لصالحها مثلما جندت بعض الهاربين والاسرى، (التوابين) ب(الانتفاضة الشعبانية) الايرانية.(1)

الكبسليتاريا تمدد للكبسلة !
اقترن ظهور المخدرات وتعاطي المؤثرات العقلية المسماة ب(الكبسلة) بانهيار صفة الالزام في القوانين العراقية بعد الاحتلال الامريكي والايراني 2003 ، فانتشرت المخدرات والكبسلة بين الشباب العراقي والحشد الشعبي الملقب بالحشد الوردي، جراء تعاطيهم الحبوب الوردية- اللون- للمؤثرات العقلية، حين خرجت عن السيطرة، سيما بعد شيوعها بين عناصر الجيش والاجهزة الامنية، هذا التكاثر البنيوي دفعني لطرح الموجة الطويلة القادمة من جيل (الكبسلة) والتي ساتطلق عليها ب( الكبسليتاريا)، على وزن (البروليتاريا) لانها باتت تمثل سمة الاغلبية.(2)
ان لهذا التحول المستجد في اقتران صيرورة البريكية ب(الكبسلة) ، شغل وزارة الداخلية والاجهزة الامنية والاعلامية بالعهد الوطني، لقبرها في مهدها، الصحافي الاستاذ سلام الشماع، كتب عن دراستنا تلك الموسومة: “شتان ما بين البريكية وحسون الامريكي” بجريدة والقادسبة حينها، كما اشار اليها مشكورا ايضا بعد الاحتلال حينما اعتبرنا الحشد الشعبي الموجة الثانية من جيل البركية .
وفي عام 1993، اشرفنا على الطالب موفق مولود الناصري-يرحمه الله- ، بجامعة البكر للدراسات الاستراتيجية والعسكريا العليا، عن رسالته الميدانية الموسومة: (المخدرات والامن القومي).(3)
من الجدير ذكره بهذا الشان، لم تعثر الدراسة الميدانية للطالب موفق مولود الناصري لا بقسم الاحكام الطويلة ( الثقيلة) ولا بقسم الاحكام القصيرة (الخفيفة) بدائرة اصلاح الكبار( في سجن ابو غريب) على اي عراقي مدان بالمخدرات والمؤثرات العقلية. بل كان جميع المدانين، هم من نزلاء “قسم الوافدين للاجانب”، وكانوا من الايرانيبن والباكستانين والافغان والمصرين و..
لقد كان ولاتزال للمثلثات المجسمة الاجرامية الايرانية ، كمثلث الموت بالمخدرات والمال والجنس والمثلث الشيعي، العراقي السوري اللبناني، واحدة من اهم الاهداف الستراتيجية لايران في العراق والمنطقة لتغير الغلاف السكاني العربي بالفارسي، بالسلاح الجرثومي للمخدرات ايضا .
لم يكن يعرف العراق المخدرات قبل العام 2003، بشهادة “احصائيات مكتب المخدرات ومتابعة الجريمة التابع للأمم المتحدة، حيث اشار بانه لم يسجل غير حالتين فقط لتجارة المخدرات ما بين 1970 و 1990(4)
وتعزيزا للاحصائيات الاممية اعلاه، كاكاديمين، نؤكد مصداقية تلك البيانات. بهذا الصدد نضيف من خلال دراساتنا الميدانية الوقائية التتبعية وتقارير الاجهزة المختصة التي استشعرت دخول مواد مخدرة ومؤثرات عقلية اثناء وبعد انسحاب جيشنا من الكويت، ظهر انها كانت تسرب من دائرة صحة الكويت ومستشفياتها خلال وبعد الغزو، تلاها “فقدان ادوية مخدرة”، من مديرية صحة كربلاء والنجف، لازال مرتكبوها ووللاة امورهم انذاك احياء يرزقون، حيث تحول احد المشاركين(ط.ر.) بهذه الجريمة من مدير لطبابة بسجن ابو غريب الى سجين ب( بقسم الاحكام الطويلة (الثقيلة) ليقبع في زنزاناتها، واخران احيلا للتحقيق. (التفاصيل متوفرة)

وبسبب ذلك واللاهمية القصوى ايضا، بالنظرا لارتباط الجريمة بعراقين وبدول خارجية، الكويت وايران، احيل الامر الى اللجنة الرئاسية المختصة لتحليل الجرائم في القطر للتنسيق مع اللجنة العليا لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية التي تضم عددا من الوزارات والاجهزة الخاصة، للمعالجة.

لقد اصبح حجم المدمنين والمتاجرين بعد دخول القوات الامريكية والميليشيات الايرانية في 2003 من حالات فردية الى الاف المدمنين، ففي “إحصائية لمستشفى ابن رشد للأمراض النفسية في بغداد، اشارة الى وجود 3 مدمنين على المخدرات من بين كل 10 افراد في العراق،. نجم عن ذلك انفلات امني ملفت جراء ارتفاع منسوب افة المخدرات بصورة خيالية.
اللامم المتحدة، من جانبها عززت في تقريرها احصائية مستشفى بن رشد وافادة ان من بين كل عشرة اشخاص تتراوح اعمارهم بين 18 -30 سنة يدمن منهم ثلاثة، وان من بين كل ثلاثة منتسبين في القوات الامنية يتعاطى واحد مادة مخدرة. ويعزو التقرير انتشار هذه الظاهرة في العراق، بسبب تخفيف العقوبة القانونية، ولكون اغلب التجار مدعومين من قبل جهات متمكنة في الدولة لهم صلة بايران، وبسبب اؤلئك، بات يشكل معبر الشلامجة بين ايران والعراق من اخطر المعابر لتهريب المخدرات . من وجهة نظرنا، فان سلاح القتل بالمخدرات والمؤثرات العقلية يعد شكلا من اشكال اسلحة الحروب الكاتمة للصوت التي تفوق مديات اضرارها الاسلحة الجرثومية .
ايران وحروب المخدرات
الواقع والوقائع التاريخية تبرهن على استباق ايران بقرون لعديد من دول العالم في حروب المخدرات، وبرهنت ايران ايضا ومنذ عقود على سبقها في احتلال اراضي عربية، الاحواز 1925، قبل احتلال اسرائيل لفلسطين1948 بربع قرن، ،!!
لقد شرعت ايران استخدام حروب الترياك والحشيش منذ القرنين 11-13.م، من قبل فرقة الحشاشين ل(حسن الصباح) المنسوب الى مدينة (قم) الايرانية. ما تجدر الاشارة اليه ان مفردة ،الاغتيال حصرا، بالانكليزية والفرنسية اشتقت من اسم فرقة الحشاشين Assassin(اغتيال) علما ان هذه الفرقة تعد اول تشكيل سياسي واداري منظم للاغتيال بسلاح المخدرات، حاولت اغتيال محرر القدس، القائد صلاح الدين الايوبي، مثلما اغتالت ايران بعد الاحتلال صدام حسين الذي قطر السم بحلق خميني ودك اسرائيل بالصواريخ.(5) . ومن صفحات السجل الاسود لايران باستخدام المخدرا ت، استخدامها له قبل ان تسخدمه بريطانيا والصين في حرب الافيون، عاما 1840 عام1842 (6-7)
ونظرا لما سببه نهر المخدرات والدماء المتدفقة منذ عقود من إيران إلى العراق، والتي بسببها تحول العراق من بلد خال من المخدرات الى ممر لتجارة المخدرات الأفغانية والإيرانية باتجاه دول الخليج، شكل ذلك مصدرا للارهاب و سوق لها.
وبناءا عليه، تكمن اهمية هذه الورقة، لكون متلازمة الاغتيال بالمخدرات وتهريب العملة ، لاغتيال الشباب بالاسلحة الكاتمة للصوت، التي بات تاثيرها المجتمعي ، يفوق الاسلحة الذرية في مديات انتشارها وانشطارها، على المجتمع العراقي والخليجي. لذلك شكلت حرب المخدرات الايرانية، مصدر قلق للارهاب الاقليمي والدولي سيما، بعد هيمنة ايران على دول المثلث الذهبي، ل(ماسترو) المخدرات، ايران ولبنان والقات في اليمن.
تابعونا مشكورين لمعرفة اسباب وعلاج المخدرات في الجزء الثاني .

مصادر الكترونية:
(1) دار الكتب والوثائق العراقية » ابحث في الفهارس (iraqnla.gov.iq)

(2) الجيل الثالث: جيل ال(كبسلتاريا) لجيش عراق المكبسلين، فصيل فرقة الحشاشين الايرانية وجهات نظر (wijhat.info)
المخدرات في العراق بالأرقام (annabaa.org) (4)
حسن الصباح – المعرفة (marefa.org) (5)
(6) اتفاقيات المخدرات والسلاح بين أميركا والمكسيك تترقب وصول بايدن | اندبندنت عربية (independentarabia.com)
حكاية حروب الأفيون بين بريطانيا والصين – BBC News عربي (7)
(8) جريدة مدارات الثورة (anyflip.com)

مصادر مكتبية
أ.د. عبدالسلام الطائي، بوابة الأفق للمعلومات – مكتبة الملك فهد الوطنية المملكة العربية السعودية/1990 (kfnl.gov.sa)
بوابة الأفق للمعلومات (kfnl.gov.sa)
عبد السلام سبع — الغزو الثقافي للشباب وصراع الاجيال:دراسة تطبيقية مقارنة بين جيل حسبون الامريكي وجيل البريكية — د.ت — ك-. دار الكتب والوثائق العراقية » ابحث في الفهارس (iraqnla.gov.iq)، ط1, 1988 بغداد – ط2 1995 طرابلس.
أ.د. عبدالسلام الطائي، سرقة المؤثرات العقلية من الصيدليات، التشريعات الاجتماعية، كتاب جامعي منهجي. 1990، مطبعة دار الحكمة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، العراق ، بغداد،1990.
(3) موفق الناصري، المخدرات والامن الوطني، اشراف أ.د. عبدالسلام الطائي، جامعة البكر للدراسات الاستراتيجية والعسكرية العليا. بغداد, 1993.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب