“حذام يوسف طاهر”..  صوت نسوي جريئ دافع عن قضايا الوطن

“حذام يوسف طاهر”..  صوت نسوي جريئ دافع عن قضايا الوطن

خاص: إعداد- سماح عادل

“حذام يوسف طاهر” شاعرة وصحفية عراقية.

ولدت في العراق، وحصلت على شهادة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد – اختصاص محاسبة. عرفت كصوت نسائي مميز في المشهد الثقافي العراقي، وبرزت كعضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، منتدى الإعلاميات العراقيات، ومنتدى نازك الملائكة، حيث قدمت نفسها شاعرةً ومحررةً ومقدمة برامج إذاعية تحسن الإصغاء كما تحسن الإلقاء.

أصدرت عددا من المجاميع الشعرية، منها: “لك مبتدأ الحروف”، “الحب وأشياء أخرى”، و”صوت للحروف”، كما شاركت في دواوين جماعية مثل “رفيف الثريا”. أما على الصعيد الإعلامي، فقد أعدت وقدمت برامج إذاعية متميزة في محطات عدة مثل راديو المحبة، صوت الجامعة، وراديو ديموزي، بالإضافة إلى عملها كمحررة وصحفية مسئولة عن الصفحة الثقافية في صحيفة كل الأخبار.

نالت الشهادات والدروع من مؤسسات عدة كجمعية الثقافة للجميع، نقابة الصحفيين، ورابطة الأديبات، وشاركت في مؤتمرات إقليمية بارزة. شاركت في مؤتمر القمة العالمي للنساء الذي عقد في القاهرة.

ثقافة عراقية..

في مقالة بعنوان “نحو ثقافة عراقية” كتبت “حذام يوسف طاهر”: “ضمن مرحلة مابعد التغيير، تنفس المثقف العراقي الصعداء وإستبشر خيرا بالآتي، حيث الديمقراطية وحرية الرأي في صحافة مفتوحة فكان أن دخلت الثقافة العراقية مرحلة خطيرة إذا جاز التعبير، فحرية الرأي، بل أية حرية في أي موضوع إن لم تكن وفق ضوابط تتحول إلى فوضى وهذا ما كان فالفوضى التي اقتحمت البلاد في السنوات الأولى بعد التغيير شملت أيضا الساحة الثقافية فتأسست الكثير من المنتديات والجمعيات التي تسعى الآن لتكون لسانا للمثقف العراقي، وحاولت بعض المؤسسات الثقافية منافسة إتحاد الأدباء العريق الذي حافظ على برنامجه الثقافي رغم قسوة الظروف وعنف الشارع العراقي، وبعض من هذه المنتديات والجمعيات كان هدفها (تجاريا) للأسف، وكانت تؤطر نشاطها بإطار الثقافة بحثا عن الدعم المادي، فعند متابعتنا لتلك الأنشطة والبرامج والخطط الخاصة بتلك المنتديات وبحكم عملي كإعلامية ومتابعة، وجدت هناك عملية تشبه عملية (الاستنساخ )، مابين تلك الجمعيات، وهناك شبه يكاد يكون مئة بالمئة لما معمول على مدار الأسبوع.

فالوجوه هي ذاتها التي تنتقل من هذا المكان إلى ذاك، سواء كانوا أدباء أو إعلاميين أو متابعين، ومن يحتفى به هنا يعاد نسخ جلسته هناك وهكذا، ومالاحظته أيضا هي حتى طريقة إدارة الجلسات تتشابه مع اختلاف أسلوب الشاعر عن الصحفي في إدارة الجلسة، إلا عن البرنامج يبقى ذاته .”

وتضيف: “وهنا تستوقفني عدة أمور، وتطفو إلى ذهني مجموعة من الأسئلة، مثلا لماذا لاتتحد هذه المنتديات والروابط الثقافية؟ لاسيما عن الهدف واحد هو (خدمة الثقافة العراقية) أو على الأقل هذا ماتورج له.. طيب لماذا لا تتميز هذه الجمعية عن تلك في أهدافها وطريقة طرحها لبرنامجها الثقافي؟، وللتاريخ هنا أقول إن جمعية الثقافة للجميع وبحكم قربي من نشاطاتهم لو يحصروا هذا النشاط بالجلسات الأسبوعية الثقافية، بل توسعت نشاطاتهم لتشمل الطبقة الكبيرة من المواطنين العراقيين وكانت لهم الأقرب من خلال دوراتها التي أقامتها في أكثر من قاطع وفي مختلف النشاطات الخدمية والتعليمية، وربما هي أول جمعية تقوم بتكريم الأحياء من الرموز الإبداعية بعد أن دأبنا سنينا طوال على الاحتفاء بالأموات !

وأعود إلى الساحة الثقافية العراقية وإنشطار الجمعيات التي تأسست إلى جمعيات أصغر، ومع هذا الكم الهائل من الجمعيات الثقافية مازالت المادة الثقافية المطروحة على طاولة تلك الجلسات فقيرة، ونسبة كبيرة منها بنيت على المجاملة والعلاقات (الاخوانيات) لدرجة تشعر معها إن الحركة النقدية في العراق نحو الاندثار وبشكل يدعو إلى القلق، لو ألقت هذه العلاقات بظلالها على الروابط الثقافية والتي يقينا ستفقدنا النقاد الحقيقيين الذين يشخصون الخلل لأجل الإصلاح ويرفعون من شأن الأعمال الإبداعية التي تستحق أن تأخذ مساحتها في واقع القراءة النقدية، في حين ظل الكثير من المبدعين يراقبون المشهد، انتظارا لاكتمال لوحة المشهد الثقافي المغاير .

وحتى لا أبتعد عن موضوع التغيير ثقافيا، ولكي لانظلم من اشتغل بجد على هذا الموضوع، أقول الحركة الثقافية في العراق تمر بمرحلة (النقاهة) فقط تحتاج إلى عملية غربلة حقيقية لتشخيص مواطن الخلل وإصلاحه إن أمكن ذلك، ولا تقوم بدور المتفرج بانتظار إسدال الستار، بل تتحرك لتفتح الستار على مشهد ثقافية نقي يستحقه المثقف العراقي” .

ارفع رأسك..

في مقالة أخري لها بعنوان (دائما.. ارفع رأسك أنت عراقي) كتبت “حذام يوسف طاهر”: “منذ مدة لا أستطيع تحديدها وأنا أقرأ الكثير من المنشورات التي ملأت ساحة الفيس بوك عن الحملة التي بادر بها مجموعة الإنسان الكوني، ومجموعة كبير من الشباب والشياب.. لأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ميزانية العراق، وقد تنوعت المنشورات بين دعوات بريئة، إلى أبيات شعر إلى أقوال لمفكرين وقادة ثوريين، وكنت أنا معهم بكل ما أملك من حب لهذا البلد الذي احتضنني وبث في روح الحياة رغم ما يعانيه من جروح متتالية أدمته وأعاقته عن الإعلان عن حبه لأبنائه، كنت متواصلة مع الجميع بمختلف توجهاتهم فما كان يهمني هو العراق (وبس)، وأحيانا كنت أكتب بجرأة يحاسبني عليها بعض الأصدقاء المخلصين حرصا منهم علي، وكوني سيدة عراقية فربما أتعرض لإساءة لا سمح الله.

لكن ما كان يشدني حقا لموضوع (حملة إلغاء تقاعد البرلمان)، هو هذا الإصرار والحب للعراق الذي شكك فيه الكثير من الكارهين لكل عملية انتفاض أو رفض.. وتمسكهم بالإنصات وبالتأمل فقط، وكأنهم يريدون لهذه الحملة الفشل، لكن الموضوع لم يتحدد ببغداد بل تعداها جدا ليصل إلى كل المحافظات الجنوبية والوسط ..

إذ خرج شباب العراق مسلحين بحبهم للوطن والإنسان أولا وأخيرا ، رافضين لكل من يسعى لتعطيل عجلة الحياة وكل من سرق ومازال مصرا على سرقة البلد ليصل إلى سرقتهم للبسمة والفرحة، لكن العراقيين وكما يبدو جليا ليس على ساحة الفيس بوك بل على الواقع أيضا هم عراقيين مئة بالمئة في قوتهم وتحديهم للقبح، فها هي ساحات المحافظات تمتلئ بخيرة أبناءها من الشباب والشيوخ ، لتعلن وبقوة ان الشعب هو من يصنع القرار”.

وفاتها..

توفت “حذام يوسف طاهر” يوم الاثنين 21 يوليو 2025 بعد معاناة مع المرض. وقد نعاها الاتحاد العام للأدباء والكتاب،  وذكر الاتحاد في بيان، أن “الاتحاد العام للأدباء والكتاب، ينعى الشاعرة حذام يوسف طاهر، التي فارقت الحياة، فجر اليوم الاثنين، إثر معاناة مع المرض، كما يتقدم الاتحاد بخالص التعازي والمواساة لعضو اتحاد الأدباء زوجها القاص محمد عواد”.

وأضاف، أن “الراحلة كانت إحدى أبرز الأصوات الشعرية العراقية، حيث عملت معدة ومقدمة برامج في راديو المحبة صوت المرأة العراقية، وأيضا عملت معدة ومقدمة برامج في إذاعة صوت الجامعة في العراق، كما عملت معدة ومقدمة برامج في راديو ديموزي، ومحررة في مجلة صوت الجامعة”.

وتابع “كانت الراحلة قد وقعت مجموعتها الشعرية الخامسة التي حملت عنوان (صوت للحروف) في معرض العراق الدولي للكتاب، وهي المجموعة الشعرية التي صدرت عن منشورات اتحاد الأدباء، كما وسبق للشاعرة أن أصدرت عدداً من المجاميع الشعرية والقصصية، إضافة إلى مجموعات شعرية مشتركة مع عدد من أديبات العراق”.

ودع الوسط الثقافي العراقي، أمس الاثنين، الشاعرة والإعلامية حذام يوسف، التي رحلت بعد معاناة مع المرض، مخلفة أثرا عميقا في الساحة الثقافية والأدبية التي أغنتها بإبداعها ونشاطها والتزامها الكبير.

ونعت مختصة العمل الثقافي المركزي في الحزب الشيوعي العراقي الفقيدة، مشيدة بدورها الفاعل داخل الحزب وفي “منتدى بيتنا الثقافي”، حيث كانت مثالاً في الإخلاص والتنظيم والمبادرة الثقافية، وساهمت في إقامة العديد من الفعاليات والندوات التي أغنت الحراك الثقافي التقدمي، كما كانت صوتا نسويا جريئا حمل الكلمة الصادقة والمسئولة، مدافعة عن قضايا الوطن والحرية والعدالة الاجتماعية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة