خاص : عرض – سماح عادل :
رواية (حب قاطعي الطريق)؛ للكاتب الإيطالي، “ماسيمو كارلوتو”، ترجمة “بسمة عبدالرحمن”، ستدور الرواية في إطار بوليسي عن الفساد في إيطاليا، وخاصة في منطقة شمال شرق إيطاليا، حيث تنتشر المافيا العالمية وتمارس أنشطتها الإجرامية بحرية كبيرة وبتسهيل من بعض عناصر الشرطة الفاسدين.
الشخصيات..
“ماركو”: البطل.. تحري خاص يعمل دون رخصة، يدعى بـ”التمساح”، يعمل فقط في التحقيق بخصوص قضايا اجتماعية، حيث يراقب الزوجات لصالح الأزواج المتشككين في سلوك زوجاتهم، لكنه يتورط في قضية كبيرة دون إرادته.
“ماكس”: تحري خاص.. وهو صديق “ماركو”، يمتلكان حانة بالتشارك ويعيشان في شقتين متجاورتين ويعملان معاً، ويتميز “ماكس” بالذاكرة القوية وقدرته على عمل بحث جدي عن أية جريمة، كما إنه يحب الطبخ.
“روسيني”: كان في الماضي قاطع طريق ثم أصبح بحاراً يمتلك مركباً.. وكان صديق ثالث لـ”ماركو” و”ماكس”؛ وهو محترف في أمور القتل والجريمة، لكنه متقاعد يعيش في هدوء مع حبيبته.
“سلفي”: راقصة من أصل جزائري.. تعيش في إيطاليا، حبيبة “روسيني”، يتم اختطافها للتنكيل به وبصديقيه “ماركو” و”ماكس” وتتعرض للاغتصاب وللتعذيب وتصبح مريضة نفسياً لا تتعافى من صدمتها.
“مورينا”: فتاة ليل.. تعمل مرشدة للشرطة، امرأة قوية وذكية تجيد إدارة عملها والدخول مع بعض الضباط في علاقة صداقة، لكنها تتزوج في النهاية من أحد الضباط.
“فيرنا”: حبيبة “مارك”.. هجرته ثم بعد زواجها من شخص آخر؛ تقابله مقابلات متقطعة معلنة أنها تحبه.
“غريتا غاردنر”: عميلة للمخابرات الصربية.. تفصل منها بعد فشلها في القيام بمهمة ومقتل شريكها وحبيبها على يد “روسيني”، تختطف “سلفي” إنتقاماً لحبيبها الذي قتل غدراً، وتدير منظمة صغيرة للدعارة تقوم على إستعباد النساء وتعذبيهن.
الراوي..
الراوي هو “ماركو” التمساح؛ الذي يحكي عن سلسلة من الجرائم التي يتورط فيها هو وصديقيه “ماكس” و”روسيني”، لكن في بداية الرواية قابلنا راوي عليم يحكي عن جريمة إختطاف “سلفي”، وقد لجأ الكاتب إلى تلك الحلية لأن “ماركو” الراوي الرئيس في الرواية لا يعرف تفاصيل إختطاف “سلفي”، لكن الراوي العليم يختفي ولا يعود للظهور طوال الرواية.
السرد..
على درجة عالية من التشويق، لكنه أيضاً يهتم بالشخصيات، فالرواية تدور في إطار بوليسي، لكنها تقدم شخصيات حية تتألم وتحب وتحس بالحياة من حولها، “ماركو” يتحدث عن دواخله كثيراً ومشاعره تجاه باقي الشخصيات، كما يحكي عن “روسيني” وآلامه جراء إختطاف عشيقته، والرواية تقع في حوالي 230 صفحة من القطع المتوسط، مليئة بالأحداث المتصاعدة حتى تصل إلى الذروة، يقفز الراوي في الزمن فيتجاوز سنتان في كل قفزة زمنية.
الحوار..
سيء للغاية.. فقد استخدمت المترجمة العامية المصرية، واستخدمت ألفاظاً تعد خادشة للحياء؛ مما أفقدني كقارئة لذة القراءة، ولا أعلم لما يلجأ بعض المترجمين الشباب إلى استخدام العامية المصرية في الحوار في الروايات المترجمة، لأنها تبدو خارجة عن السياق بشكل كبير، كما أنهم يستخدمون ألفاظاً بذيئة بأريحية كبيرة، وكان من الممكن استخدام ألفاظاً فصحى لتخفيف وطأة تلك الكلمات.
إيطاليا مرتعاً للمافيا..
يتضح من الرواية أن إيطاليا تعد مرتعاً لعمل “المافيا العالمية”، حيث يعملون بكل حرية في تهريب المخدرات وتهريب الأدوية الفاسدة، وكل تلك السلع غير المشروعة، وفي الرواية تبدأ الأحداث بذكر سرقة لكمية كبيرة من المخدرات من مصلحة الطب الشرعي، والتي من المفترض أن تكون المصلحة المنوطة بتحليل المواد المخدرة، والتي ترسل إليها بكميات قليلة من السلع المضبوطة من الشرطة، لكن الجريمة تنبئ عن تواجد كمية كبيرة من المخدرات مما يعني أنها أرسلت إلى مصلحة الطب الشرعي بشكل مقصود لنكتشف أن “المخابرات الإيطالية” متورطة في الأمر؛ وأنها سمحت بسرقة تلك المخدرات للتغطي على جريمة أخرى، وإطلاق سراح ابن زعيم المافيا الكوسوفية، والتي هي في نفس الوقت “منظمة تحرير كوسوفا”.
وتتضح الخيوط شيئاً فشيئاً فنكتشف أن “المخابرات الصربية” أرسلت محققين خاصين بها لمعرفة خفايا جريمة سرقة المخدرات، وأن أحد هؤلاء المحققين تورط مع “ماركو” و”ماكس” و”روسيني”، وحاول إجبارهم على التحقيق في القضية بإيعاز من أحد ضباط الشرطة الفاسدين، لكن “ماركو” و”ماكس” يرفضان لأنهما لا يعملان في قضايا المخدرات أو قضايا تمس الشرف، ثم يقتل “روسيني” الرجل وتبدأ رحلة الإنتقام، التي تقوم بها عشيقة الرجل وتدعى “غريتا غاردنر”، فتختطف “سلفي” بعد عامان وتجبرها على معاشرة الزبائن في المنظمة التي تديرها للدعارة، ثم تبيعها كعبدة لابن رئيس “المافيا الكوسوفية” المعروف بميوله السادية، ويحتجزها هذا الرجل ويفرض عليها الإنصياع لاغتصاب جماعي متكرر لفترة تتعدى الشهرين.
ويبدأ “ماركو” و”ماكس” و”روسيني” في البحث عن “سلفي”، ومحاولة كشف غموض اختطافها، فيتوصلون لكل تلك المعلومات كما يتورطون هم أيضاً في جرائم سرقة وقتل حتى يتخلصوا من مصيرهم المحتوم، وهو القتل على أيدي “المافيا الكوسوفية”، التي ستنتقم لمقتل ابن الزعيم، ليكتشفوا في النهاية أن شقيقه هو وراء قتله، وهو الذي دبر المكيدة ليوقع بأخيه السادي، لأنه كان سوف يتزوج من ابنة زعيم لمافيا أخرى وكان هذا الشقيق يحبها.
يتضح أن شمال شرق إيطاليا منطقة خطرة تمارس فيها المافيات العالمية عملها الإجرامي بحرية كبيرة، يساعد في ذلك فساد الشرطة ووجود عناصر كثيرة داخل جهاز الشرطة تساعد أفراد المافيا مقابل أموال طائلة. ترصد الرواية أيضاً وجود دعارة بشكل كبير في إيطاليا تدار من خلال منظمات وتقوم على إستعباد النساء وبيعهن واستغلال أجسادهن بطريقة وحشية تتصف بالسادية.
عشق المجرمين..
تتناول الرواية علاقة حب “روسيني” لـ”سلفي”، والذي من أجلها اختار أن يتورط في جرائم أكبر وتورط أكثر من مرة لينقذها ممن اختطفوها، كما أنه عاد بعد عامان لينتقم لها بعد أن ساءت حالتها وأصبحت مضطربة نفسياً، وساعده “ماركو” و”ماكس” لأنهما كانا متورطان منذ البداية عندما صادفا الرجل الغامض الذين قتلوه، لكنهما أيضاً كانا أصدقاء لـ”روسيني” ويحبون “سلفي”، فالرواية تؤكد على أهمية العلاقات الإنسانية حتى بين المجرمين، وأنهم رغم خطورتهم واحترافيتهم إلا إنهم يقدرون العلاقات الإنسانية علاقة الحب وعلاقة الصداقة.
البطل “ماركو” لم يكن مجرماً هو و”ماكس”، وإنما قبض عليهما في قضايا سياسية في السابق، واختارا أن يعملا محققان خاصان لأن حياتهما المهنية فسدت بسبب دخولهما السجن، والذي ترد في الرواية إشارة إلى وحشيته، مما يشي بأن السجن في إيطاليا مؤسسة عقابية وحشية، وحينما يتورط “ماركو” و”ماكس” رغم إرادتهما في الجرائم نتيجة تلاعب أفراد من “المخابرات الصربية” ومن “المافيا الكوسوفية” بهم يعودون بعد ذلك إلى الطريق المسالم، فيعتزل “ماكس” ويعيش في منطقة بعيدة وهادئة ويحب ويتزوج، ويقرر “ماركو” بدوره العيش في سلام بعد أن تنتهي القصة ويتخلص من التهديد، وحده “روسيني” هو الذي يقرر الإنتقام لـ”سلفي” عن طريق محاولة تفكيك المنظمة التي تديرها “غريتا غاردنر”، وتخليص النساء المستعبدات اللاتي أجبرن على بيع أجسادهن.
الكاتب..
الكاتب الإيطالي، “ماسيمو كارلوتو”، كان بطلاً لإحدى أكثر القضايا المثيرة للجدل في التاريخ القضائي الإيطالي، ففي كانون ثان/يناير 1976، تعثر «كارلوتو»، الذي كان وقتها عضواً في حركة سياسية يسارية، في جثة تم طعنها بوحشية، واتهمته الشرطة بالقتل، ونصحه محاميه بالهرب، قبل الاستئناف بفترة قصيرة، إلا أنه تم القبض عليه وتعذيبه، ثم سجن بعد العديد من المحاكمات، وأعفي عنه عام 1993.
كان كتابه الأول (سيرة ذاتية)، لكنه قام بعدها بكتابة سلسلة من الأعمال البوليسية بطلها «التمساح»، الذي كان سجيناً سابقاً، ثم عمل مخبراً، واتسمت شخصيته بتوقها للحقيقة والعدالة، وذلك بعد ما قضى ست سنوات مطارداً، ثم تلتها سبع سنوات من الضرب والتعذيب في سجون شديدة الحراسة، في “ميلانو” و”تورينو” و”بادوا”، مع أعتى المجرمين، إلى أن أصدر الرئيس الإيطالي عفواً عنه، بعد إطلاق حملة دولية تطالب بالإفراج عنه.
كانت معركة «كارلوتو» مع المحاكم من أشهر القضايا في تاريخ القانون الإيطالي: ثمانون قاضياً وخبيراً شاركوا فيها، وتمت محاكمته وإعادة محاكمته إحدى عشرة مرة، واستمرت القضية لمدة ثمانية عشر عاماً، وبلغ وزن أوراقها 96 كيلوغراماً، وقد توجه «كارلوتو» للكتابة عندما حصل على حريته، وبعد كتابة سيرته الذاتية وبعض المقالات والمسرحيات، إتجه لكتابة الرواية البوليسية، واخترع شخصية مبنية على شخصيته الحقيقية.
في مقال نشر بـ (الأوبزرفر) يقول المحرر عندما التقاه: «كنت أتوقع لقاء شخص مثقل بماضيه المؤلم، لكن «كارلوتو» أثبت أنه متحدث بارع، ذو ميل إلى السخرية من نفسه، قوي البنيان، يرتدي ملابس داكنة، ولديه هيئة لاعب الرغبي، وهو البالغ من العمر 48 عاماً، أجاد «كارلوتو» قضاء وقته في السجن، حيث قام بدور المفاوض بين الأطراف المتنازعة، وحصل على صداقات قيمة في عالم الجريمة المنظمة ككاتب يقوم بكتابة الخطابات والوثائق لزملائه من المساجين، ويستخدم الآن علاقاته بهؤلاء المنتمين إلى العالم الإجرامي للحصول على بعض المعلومات الجوهرية جداً عن عالم الجريمة، ليضيف لمسة أكثر واقعية على كتبه.
يعتبر «كارلوتو» من زعماء مجموعة”الأدب البوليسي لحوض المتوسط” ويشكو من نقص في صحافة تقصي الحقائق الإجرامية في إيطاليا، وبدرجة أقل من الصحافة الفرنسية والإسبانية، ويقول إن رواياته كلها مبنية على قصص مجرمين حقيقيين وجرائم قتل حقيقية ولهذا أصبحت هذه الكتب ذات شعبية عالية. يقول “كارلوتو” في إحدى حواراته: “لست مهتمًا بفوز الطيبين وخسارة الأشرار، أنا مهتم بالواقع، وهذا واقعي، لم أقم ولو لمرة باختراع جريمة قتل، فكل جريمة قتل في كل ما أكتبه ترتبط بجريمة قتل حقيقية، جريمة قمت بالفعل بقراءة تقرير التشريح الخاص بها ورأيت وثائقها، هذه هي طريقتي في توثيق ما يحدث في إيطاليا، أقوم بتأليف القصة من خلال قضايا قانونية حقيقية، وأخطاء قانونية”