12 أبريل، 2024 8:04 ص
Search
Close this search box.

“حاجي فيروز” .. رحلة رمز ثقافي تحول من “رسول للنيروز” إلى متسول في إيران !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – محمد بناية :

“حاجي فيروز”، أشهر وأعم اسم يستدعي في الذهن “عيد النيروز” بـ”إيران”.. وما يزال هذا الاسم يجري على لسان الإيرانيين. وهو شخص نحيف الجسد، بلباس أحمر ووجه مطلي بالأسود وقبعة على الرأس؛ ويتجول في الشوارع وينشد: “حاجي فيروز، السنة يوم واحد، والجميع يعلمون، وأنا كذلك أعلم، إنه عيد النيروز”.

وهو يُعرف باسم، “حاجي فيروز”، لا لأنه لم يذهب إلى الحج ولا ملابسه ملونة، لكن يقولون إن كلمة، “حاجي”، مأخوذة عن كلمة، (hagios)، اليونانية؛ بمعنى “المقدس”، وكلمة “فيروز”؛ بمعنى “النصر” و”الفاتح”، من ألقاب الإله “مهر” في الثقافة الإيرانية القديمة.

وعليه “حاجي فيروز” تعادل، “هاغيوس نبرد”، بمعنى “فيروز المقدس”.

لقب له تاريخ..

والبعض يرى في لقب، “حاجي”، إشارة على الاحترام والتقديس، نُسبت إلى “حاجي فيروز”، في العصور الإسلامية.

يقول “جعفري شهري”، من الكُتاب الإيرانيين والباحث في تاريخ “طهران”: “حاجي فيروز؛ من بقايا عهد العبودية، حيث يطلق لقب حاجي على الحجيج أو على العبيد عند التعبير عن الشكر لأداء الخدمات. كذلك يندرج اختيار اسم (فيروز) إلى جانب الأسماء الأخرى مثل المبارك، والسعيد، والبشير وغيرها، تحت الدلالة على الحظ السعيد”.

ويشتهر “حاجي فيروز” بأسماء أخرى بين الإيرانيين، أشهرها على الإطلاق، “عمو نيروز”. لكن يُعتقد أن أقدم اسم على حامل رسالة “النيروز”، هو “مشعل النيران”.

وهو مرتبط، بحسب، “عبدالله المستوفي”، من أسرة المستوفي بالعصر القاغاري، (بدايات العصر الحديث في إيران)، بالأداء الاستعراضي. ويقوم “مشعل النيران”، في الأسابيع الأخيرة من العام، بطلاء يديه ووجهه ورقبته باللون الأسود ويحمل مقدار من العجين مع قطعة قطن وفوقها قصاصة قماش بعد غمسها في الجاز؛ ثم إشعال النيران في هذه القصاصة.

ويحمل كذلك في يده مشعل ويحصل على مبالغ مالية من كل المحلات؛ لقاء العزف والضرب على الدف والإنشاد.

من “رسول للربيع” إلى “متسول” !

وتتنوع ألقاب “حاجي فيروز”؛ بحسب الإقليم والبيئة الجغرافية، وبحسب الموروث الثقافي لكل طائفة تطلق كل محافظة لقب مختلف على “حاجي فيروز”.

وقد طرأت الكثير من التغييرات على مظهر وأداء “حاجي فيروز”، في العصور الإيرانية التاريخية المختلفة، لكن لطالما كان “رسول النيروز” وبارقة الأمل في الحياة الجديدة.

ويمكن ملاحظة التغييرات الظاهرية، التي طرات على تلك الشخصية، في “حاجي فيروز”، العصر الساساني، (آخر الدول الإيرانية قبل الفتح الإسلامي).

وبحسب ما ورد في كتاب (نخبة الدهر في عجائب البر والبحر): “لم يكن حاجي فيروز؛ أسود البشرة فقط، وإنما كان أيضًا حسن الوجه يُدعى (فيروز) والمبارك؛ يظهر مع إقتراب أعياد النيروز، وكان يدخل على الملك دون إذن، (حيث كان يتم تخصيص اليوم السادس من النيروز للاحتفال الملكي)، ويقدم الهدايا للملك”.

مع هذا، ورغم استمرار ظهور “حاجي فيروز” في الشوارع حتى الآن بمظهره الأسود وملابسه الحمراء، بالتزامن مع الأيام الأخيرة من العام الفارسي، لكن ينقصه المعنى والهوية الثقافية.

لم يعد “حاجي فيروز” يظهر بالشوارع، في عصرنا الحالي كـ”رسول عن الربيع”، وإنما لأنه مجبر على التجول في الشوارع حتى يملأ جيوبه من العملات الصغيرة التي يحصل عليها من المارة.

ينزل إلى الشارع حتى يكسب القليل من المال من بيع رقصه وصوته ووجهه الأسود.. لقد أضحى “حاجي فيروز”، في المرحلة الراهنة، “رسالة فقر وقلة المال”، وهو ربما شعورنا جميعًا في العام الأخير. بحسب “زهرا داستاني”، الكاتبة الإيرانية في صحيفة (المبادرة) الإيرانية الإصلاحية.

لكن الأهم؛ ما الذي يفصل هذا المعنى عن “حاجي فيروز” ؟.. بالتأكيد الفقر الاقتصادي؛ ليس العامل الوحيد في تناسي هذا الرمز الوطني لـ”النيروز” في “إيران”. وإنما تسبب الفقر فقط، في ظهور استخدام جديد لذلكم العنصر الثقافي.

هذا الرمز الوطني والثقافي الذي فقد مفهومه السابق بمرور الوقت وتعيير المجتمع والأمنيات والقيم والآمال الاجتماعية، واستحال غطاءً للشحاذة والتسول. وربما يجب البحث عن أسباب هذا التحول في سياسات البلاد الثقافية خلال العقود الماضية، تلك السياسات التي أدت إلى الغفلة عن العناصر الثقافية القديمة.

ورغم أن “حاجي فيروز” مازال يحافظ، إلى اليوم، على مظهره الخارجي، لكن رابطة الفقر الاقتصادي والثقافي كانتا سببًا في تفريغ هذا الرمز الوطني من معناه الذي يمنحه الهوية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب