29 مارس، 2024 1:14 م
Search
Close this search box.

جَماليّات المَدينةِ.. حوار مع يوسف أمين العَلَمي

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

أجرته:  نسرين سليتين ألمغاري

ترجمة: خضير اللامي- السويد

وُلد في المغرب العام 1961، ويوسف أمين العَلَمي، هو كاتب وفنان بَصَري.  ومؤلف لتسعة كتب، ثلاثة منها تتعامل مع ظاهرة الهجرة، وفي البدء كُتبت باللغة الفرنسية، كما تُرجمت كتبه إلى لغات عدّة. والعَلَمي هو فضلا عن ذلك، بروفسور في جامعة ابن طُفيل في القنيطرة، مراكش. وقد مُنحَ جائزة الأطلس الكبير للآداب العام 2001، وجائزة Le Plaisir de lire 2010″ عن روايته، Les Clandestins  Drinker sea2001 ،  شاربو مياه البحر. 2008″. كما حصل العَلَمي على جائزة المجلس البريطاني في الآداب، العام 1999. في مقالة له عن رحلات السفر، فضلا عن هذا، هو العضو المؤسس والرئيس الحالي للمركز المغربي لمؤسسة القلم. وآخر كتاب له هو كتاب “اوتوبوغرافيا” عن والده..

نسرين سليتين المغاري: هل تخبرنا بإختصارشديد عن المغاربة، في مدينة نيويورك؟

يوسف أمين العَلَمي: عشتُ هنالك، ثلاث سنوات، في مدينة نيويورك، حين كنت أتابع دراستي للحصول على درجة PHD، في الاتصال التي حصلت عليها في العام 1991، ومنذ أنْ كنتُ أعمل على جماليات الثقافة التجارية. كنتُ مقتنعا تماما أنّ المكان المناسب، لهذا الحقل هو هذه المدينة، مدينة نيويورك، إحدى مدن العالم، إنْ لم تكن عاصمة الإعلام. خذي على سبيل المثال، ماديسن افينيو، Madison Avenue . ولم أكتب أي رواية أو أي عمل إبداعي. وعدت بعد سنة تقريبا إلى وطني من مدينة نيويورك وعادت معها كل تجربتي حالا في هذه المدينة نيويورك. وفي هذه الحالة، اختمرت المادة بعد ذلك، وكان كتابا ناجحا، وكنت بالطبع، سعيدا جدا.

سليتين: وكيف ترى نفسك بوصفك كاتبا مغربيا معاصرا؟

العَلَمي: أريد القول إنني في حقل الإبداع الآن، ربما أؤلف كتابا، وغدا أعدُّ كتابا، عن تأسيس الفن أيضا؛ شبيهاً بالكتاب الذي أعددته في أمستردام في مشروعي المعنون “رواية في المدينة”. الذي استمر على مدى دورة، في مراكش وروتردام وكولون وكوبنهاغن. وبعد ذلك، ربما أقيم معرضا آخر، عن الفن والموسيقى والدراما. وأعدّ جميع هذه المشاريع الفنية التي تنشأ وتَعتمد على الكتابة، وبغض النظر عن المادة التي استخدمها في قطعة الفن التي تمثل الكتابة، ولكن الاختلاف الوحيد في هذه الأشياء، هو أنني لا استخدم الحروف كبديل عنها؛ بل استخدم أشكالا، وألوانا، ومادة الخ.. فضلا عن ذلك حين أكتب، فإنني أكتب، بمثابة طريقة إنشاء، ألوان، رسم. الخ.. وفي رأيي أنها ذات الشيء تماما، في مساري في الكتابة، باستثناء أنني في هذا الوقت، استعمل الحروف والكلمات والأصوات كعامل مساعد.

سليتين: إنك تستخدم في بعض أعمالك، الربط بين نصوص الكتابة،  ونصوص الغرافيك؛ كما هو الحال في روايتيك نمنمات  Miniature، وTqarqib  أيهما توحي بمعارض الفن؟

العَلَمي: تماما، ففي   Tqargib ennab استخدمت لعبة الكولاج اليدوي، كما استخدمت لعبة البطاقة الشعبية المغربية. إذن استخدمت ذات اللعبة، لأخلق منها قطعة قماش كبيرة، يبلغ حجم ارتفاعها ثلاثة أمتار. وتتزامن مع كتاب نمنمات Minitures ، كما وتأتي مع عمل فني آخر، بوصفها جزءً من معرض النمنمات الذي يتنقّل بين مدن المغرب. وأخيرا، إنني أعدّ عملي هذا ليكون مقبولا. أعتقد أنّ الأهمية تكمنْ في الأفكار التي أنزع لتحمل شهادتي.

سليتين: في العام 2008، أنك شرعت  بمشروع تعاوني أطلقتَ عليه “رواية في المدينة “. ويحمل عنوانا فرعيا أيضا “أزيلوا كتابا عن غلافه”. هل بإمكانك أنْ تصف لنا هذه التجربة فنيا ولوجستيا؟

العَلَمي: مشروعي الفني هو كتاب البدوي” Nomad “، وهو أدب حضاري، وتأسيس متناثر، في فضاء حضاري، وفي مدينة حضارية، ويعتمد على روايتيْ “الحب البدويAmourNomad) ، Engalnad”،2013  Nomad Lov 2014/  و”رواية في المدينة” Anovel in The CITY .” وهي متعددة التخصصات ومشروع لحدود متقاطعة. ولأول مرة على الإطلاق، تُطبع رواية في الفضاء أكثر مما هي  على شكل كتاب، حيث يتحول السرد ذاته، إلى مكان للمواجهات، والانفعالات، والاستكشاف. كما أنَّ فضاء المدينة وحده يساعد على قراءة القصة، والقصة بدورها حسب، تأخذ القراء في نزهة إلى المدينة كي تساعدهم على قراءتها..

سليتين: وتُعْد رواية Tqarqib، أول رواية مغربية تماما، تُكتب باللهجة العربية، لكن لماذا اخترت اللهجة الدارجة، بوصفها لغة روائية؟!

العَلَمي: استخدمت الكتابة باللهجة الدارجة في هذا النص، وكنتُ في الغالب أعمل كما محارب؛ فهي فضلا عن ذلك، كما لغة الأم، وهي اللغة التي كنتُ أتكلم بها حتى السادسة مِن عمري. وبعد ذلك تعلَّمتُ اللغة الفرنسية، ومن ثمة اللغة الإنجليزية، وبينما أنا أدوّن الملاحظات تعلمتُ اللغة التقليدية أيْ الدارجة، بحيث إنني أردتُ أنْ أكون قادرا أنْ أمسح. وحين اعتدت استعمال وظيفة المسح. ويا لدهشتي شرعت بالكتابة وسرعان ما بدأت الأفكار تنثال طبيعيا!

سليتين: إنًّ عناصر الجماليًّات لهذا العمل، هي إلى حد ما سفسطائية. إذ إنّ النص موجز وشعري تماما. لماذا اخترت النثر المقفّى؟

العَلَمي: إنني استخدمت الإيقاعات، في النثر المقفّى، في هذا النص، لأظهر أنّ اللغة اليومية، يمكن أنْ تكون فنية تماما. ولا تشبه اللغة الدارجة المستخدمة في malhun، و الزجل، الذي هو حاليا ظاهرة شعرية، وربما مِن الصعوبة بمكان فهمها؛ لأنًّ أغلب لغة المغاربة، لا تصلح لذلك بسبب المصطلحات المعقدة، وأنّ نوع الدارجة التي استخدمتها هنا، والتي كتبتُ فيها هذه الرواية، تتناول الحياة اليومية عموما. وفكرتي هي أنْ أصعِّد لغة هذا النوع، أو الجنس المتداول في حياتنا اليومية في الأدب، وكانت هذه هي في الغالب، بمثابة تجربة عملية في التناول هنا. فضلا عن ذلك، أنّ النص يعرض مستويات متعددة ومختلفة. والمستوى الأول مِن المعنى؛ ربما يبدو قصصيا وفكاهيا تماما، كما تبدو لنا لعبة ورقة القمار عند قراءة الكتاب أول مرة. ولكن حين يقترب القارئ من النص، فإنه يكتشف المعاني العميقة والدلالات المختفية.

وأنجزت هذه الرواية، في مسرح شارع يحتوي على عشر مدن بما فيها الرباط. فضلا عن مدينة سيلي وكازبلانكا، في مسرح البدوي. وبإخراج محمد الحسوني وتموقعتْ في ساحة المدينة، وهي مجانية للجمهور تماما، كما ثمة حلقات مجانية لسرد القصص. وأنجزت قصة Tqarqib ennab  في شارع عام بمناسبة احتفالات مسرح الشارع العام في فرنسا.

سليتين: في “شاربو البحر.. In Sea Drinkers”  أنك تصور الواقعية الاجتماعية المعتمة في المغرب المعاصر واستياء الشباب من خلال صور النزوح الريفي نحو المدينة، والتوسع في المناطق العشوائية، وغير المستخدمة، التي يعمّها الفقر، والمحفوفة بالمخاطر، التي  تقود الشباب المغاربي، إلى الهجرة غير الشرعية إلى أوربا، وقد غُصتَ في تفاصيل عميقة، لوصف التحلّل والسباحة على الشاطئ، كما استخدمتَ مصطلح أجساد ما يسمى “المهاجرون سرا، harraga، ” والسباحة على الشاطئ، كما استخدمت مصطلحات فوتوغرافية، لأيام محددة، زمنا، ومحلات جغرافية، تمنح السرد سمات وثائقية. وبينما كنت أقرأ الكتاب، شعرت أنني أشاهد فيلما. ماذا تريد في تواصلك من خلال سردك هذا؟

العَلَمي: هذا صحيح تماما، أن الطريقة أو الأسلوب الذي أتبعه عموما، وبُنية الكتب، إنه يشبه تماما أسلوبا سينمائيا مباشرا. ففي “شاربو مياه البحر” مثلا، أنني لنْ أكتب فصول الكتاب ذات الأسلوب أو النظام الذي أقدّمه في الكتاب. وفي الواقع، كتبتُ فصولا متنوعة. وبذا، فإنني اقترب من العمل، كما لو أنني كنتُ مخرجا، وأحيانا عليّ أنْ اقتطع فصولا متماسكة تماما، كما  chef editot  رئيس تحرير، الذي يقوم بصناعة الفلم. وهكذا، أنني في الواقع أكتب مشاهد– وأنك ترى أنني لا أندهش تماما، من الانطباع الذي تعدّه، بغض النظر عن سمة هذا الكتاب. وفي الواقع، ثمة تأثيرات سيميائية.  فإنك تصنع سمات في مشهد المصور الأسباني مستخدِما مختلف المرشِّحات؛ أو أجهزة من هذا النوع؛ فضلا عن وصف جثث، وهذا حقيقة أنني أردت في هذا العمل، أنْ يكون مرئيا للمشاهد.

سليتين: في هذا الكتاب نجد أيضا تعبيرا عن فكرتك، وعن الأسلوب السينمائي من خلال اللغة . فإنك أسميتَ إحدى شخصياتك هولي أود إشارة إلى هوليود. وبطريقة مماثلة، في نهاية السرد، وكما في التعبيرات السينمائية، تصف الشخصيات المهاجرة باللاشرعية أو بالأحرى،  بالحقيقة المظلمة، مؤكدا: “إذا لم تكن هناك موسيقى، ولا طبل يصاحب ذلك، فإنَّ كل هذا، يُعدّ لا شاشات، ولا تذكرة، وفي النظام تقول، فإنَّ كل هذه الأرواح غارقة في الرمل، قل لي، ماذا تريد؟ فهذه ليست هوليوود؟!

العَلَمي: تماما! كان ذلك قرارا عن التمثيل في كل الأحوال.  مهما قلتُ أو كتبتُ. لكنْ يبقى تجربة في الدرجة الثانية. ولمْ يكن تجربة حقيقية، لأولئك الناس الذين يغرقون في البحر؛ إلى حد ما. وتعلقا بي، فهو يمثل تلك  الشخصيات. فكتابتي تُعدُّ ما وراء القص أو الروي، بهذا المعنى الذي أسرد. رواية، أو أنها روي، تعكس ذاتها كعمل مفتوح. فقطعة العمل أيضا تعكس، ذاتها وماذا يتضمن. وهذا عمل معاصر جدا في الكتابة، بمعنى آخر، أنًّ الكتّاب يقدِّمون معرفة في ذلك العمل، أي عمل، هو نتاج، بناء، وأنا تحديدا أنتمي إلى الأدب المعاصر تماما، في الكتابة والتي أكتب هي الآن، أنني أخبر المتلقي “أنظر، أنا أكتب، أنا أبني!” وفي الوقت ذاته أسمح للقراء بفسحة مِن الفراغ ، ليشارك بإعداد العمل الإبداعي في المفهوم، وحتى الكتابة. فإنْ أخذنا مثالا “شاربو مياه البحر”، فإنكِ بإمكانكِ أنْ تجدِ ثغرات في ثنايا النص، التي هي بالطبع، تنادي القارئ لملئها!

سليتين: وهكذا، وبدعوة القارئ بلعبِ مثل هذا الدور الفاعل بقراءة عملك، فإنك تحدد أسلوب روايتك، بوصفها عملا غير تقليدي ومستقيم، وبالتالي، فهي تُعد نصا في التفاعل والتأويل، أكثر مما هي نص قرائي الذي يخفي هذه العناصر الأدبية، كما  يجادل رولان بارت في عمله متعة القراءة؟

العَلَمي: هذه حقيقة! ليس ثمة ثبات في المعنى، أو العناصر، فالأشياء تطفو مثل جثث،على سطح الماء. فالمعنى يظهر ومن ثم يختفي. ولدينا هذه الفكرة التي هي نحن بين الحقيقة والسراب. وكذلك، فإنّ النص يربط بين النصوص الشعرية كما هو الحال في  “الفصل الذي أطلق عليه: Chama، “حيث إنّ هذه الشخصية التي على وشك الموت في البحر، وفي الليل أرسلت رسالة إلى عشيقها. وهناك رسائل أخرى في الجانب الآخر؛ كانت جافة في الغالب مثل تشريح الأجساد البشرية،   clinical وكتُبت كنص رسالة على ورقة نبات. وتعلقا بنهج كتاباتي، أريد أنْ أضيف أنَّ رولان بارت يقتبس أيضا Larvatus Prodeo، التي تعني باللغة اللاتينية “إنني أتقدم لأشير إلى قناعي.”لذا، فإنني لا ألبس قناعا وأحاول أنْ أجعلكِ تعتقدين أنَّ هذه هي هويتي، فإنني على المسرح، وفي الوقت ذاته، أشير إلى قناعي هذا لأخبرك “أنظري الآن أنني كاتب” بيد أنني ليس دائما أحمل هوية كاتب .” chuckle”.

سليتين: إنّ mon amou ،Oussama هي، رواية أخرى، تمنحها عنوان مسائل نموذجية أخرى، التي يُطلق عليها دين الإرهاب الكاذب،  pseudoreligious terorism ، وكانت روايتك قد ألمحَتْ إلى الهجوم الإرهابي الذي حدث في كازابلانكا في مايس عام 2003، هل بإمكانك القول إنَّ كازابلانكا القرن الواحد والعشرين تمثل في هذه الرواية مدينة عولمية ؟

العَلَمي: دعينا نحتفظ في ذاكرتنا، أننا لمْ نسمِّ أيِّ شارع، أو ضاحية، أو حتى مدينة، وفي أيِّ سنة، ولكنْ مِن الممكن،  أننا حددنا حقيقة “أنَّ ذلك البطل  الذي انتحر”. كان مسافرا عِبر المدينة إلى فندق؛ ربما إنه اقترح أنَّ هذا العمل يحدث في كازبلانكا، الدار البيضاء.

وبغض النظر، فيما إذا كانت كازبلانكا القرن الواحد والعشرون   تشكِّل مدينة عالمية، أم لا ؟ أستطيع القول وتحديدا، نعم، لأنني حين كنتُ قد كتبتُ، كانت تدور في ذاكرتي مدينة كبيرة. وإنْ أردنا الحديثَ عن المغرب، ربما نتحدث في الوقت ذاته عن كازبلانكا، ولكن مِن الممكن أيضا ربما تكون الرباط أو طنجة، أو أي مدينة أخرى في العالم العربي، وهذا مِن المؤكد هو السبب؛ لنقلْ لماذا لا نرغب في تسمية المدينة أو الشوارع، لأنني لو فعلت ذلك، كما ذكرتِ أنت لأنَّ هذا يشكل قلقا عالميا، ويمكن أنْ يحدث في أيِّ مكان مِن العالم اليوم، وعليّ، على كل حال أنْ أخلق وهما، وفي الأقل في عقل المتلقي، ذلك أنَّ البطل يتحرك داخل مدينة محددة، رغم إنه حتى الآن، ليس هنالك أيّ مدينة محددة، نعم، ليس هنالك مدينة محددة، وإنْ افترضنا ليس هنالك أي مدينة، وهذا يعني أيِّ مدينة صغيرة أو كبيرة؟

سليتين: هل بالإمكان أنْ تعلِّق على جمالية جزئية في كتابك Drole de printemps؟

العَلَمي: في هذه الرواية، أنا لا أرغب دائما أنْ أربط بين ال 330 سردا قصيرا جدا، أو ما يُطلق عليه أحيانا، السرد القصير جدا، micronarratives، لتجنب تجربة القراءة المملة أوالمتطرفة. وأردت هنا، أنْ أحافظ على دهشة القارئ، من خلال تغيير الروابط، وهدفي من ذلك، إيجاد ذلك الكتاب الذي يستطيع إعادة إنتاج ديناميكية الربيع العربي، والذي كان قد انطلق نتيجة لعدد من ردود أفعال، وسلسلة مِن الإجراءات، كما لعبة الورق، وبعد أول رد فعل لنقل- طعنة أو لمسة- لكلّ قطعة مِن الأربعين ورقة الكارت تهبط إلى قمة الآخر، وبطريقة مماثلة، فإنّ فكرتي هي كما يلي: إنّ القاري الذي سيميل لأول فصل، ولأول صفحة، سيتعامل مع أول طعنة، وبينما أنتِ تقرئين، فإنكِ تفهمين جيدا الديناميكية للنص، فضلا عن منطق السخط  من خلال الربيع العربي. وإنَّ المعاملة السيئة لمحمد بو عزيز مِن قبل السلطات المحلية التي قادته إلى حالة اليأس، وبالتالي انتهى إلى الانتحار، مما سبب ردود أفعال الآخرين في العاصمة Tunisia ، والتي أشعلت بعد ذلك ردود أفعال أخرى في مصر الخ.. وهذه البنى الخاصة تسمح لي بالترميز الديناميكي في تعاقب الأحداث وارتجاجها..

فضلا عن ذلك، أن هذه الجمالية غير الطبيعية، كانت بمثابة تحية إعلان للشباب في العالم العربي الذي شارك في الصور والفيديوهات على شبكات التواصل الاجتماعي لتعبئة الحشود البشرية، والنزول إلى الشوارع والتظاهر فيها. وكانت الرسائل القصيرة والبرقيات، في وسائل الإعلام، تمثُل نشرات على صفحات الفيس بوك، فضلا عن وسائل الاتصال الاجتماعي الأخرى. ففي المقابل، أنًّ هذه الجماهير اصطفت، وتلاحمت معا، فضلا عن ذلك، تمثل هذه النشرات والأصوات الأخرى، نوعا من شبكات الاتصال.

سليتين: هذا المزيج من الأصوات المتعددة تتنادى أيضا في Tgargib ennab، لكن، ماذا تمثل هذه الشخصيات؟ وماذا توحي لنا فكرة الكولاج هذه أيضا؟

العَلًمي: في Tgargib ennab، استخدمت ثلاثين شخصية من أصل خمسين شخصية، خَلقتُ منها نمنما، Miniature، وخطرت ببالي هذه الفكرة، حين كنتُ أتأمّل بناية تواجه نافذتي. ففي هذا البناية ذاتها، رأيت أناسا يسكنون تحت سقف واحد،  ويتشاركون ذات الفضاء، نعم، وكل واحد منهم، كما فقاعة؛ تختلف عن الفقاعة الأخرى. وهذه الصورة تمثل لي تماما حياة المجتمع المغربي المعاصر. إننا جميعا نعيش تحت سماء واحدة، وأمة واحدة، وعلم واحد، ونظام سياسي حكومي واحد، وجميعنا أيضا نعيش في هذا العالم، تحت سقف واحد، وفضاء واحد، واهتمامات واحدة، ورغبات واحدة. وكل من هذه المفردات تتميز أو تنفرد، بوهم واحد. كما وهذه الصورة تتمثل بحياة مجتمع مغاربي معاصر. وسنعيش جميعا في عالمنا وباهتمامات واحدة، ورغبات واحدة، واندفاعات واحدة، واحباطات واحدة.

ووجدت هذا شيئا ممتعا، وأنًّ أولاء الناس يعيشون معا ؛ بيد أنهم لا يعيشون حياة واحدة ؛ إنهم لا يتواصل أحدهم مع الآخر، وهذا ما يوحي حقا إلى بناء تينك الروايتين معا. ففي الكتاب نجد شخصياته كلها تحت غطاء واحد – أو في بناية واحدة، بالصيغة ذاتها، نعم، فكل واحدة منفصلة عن الأخرى.  وكذلك، أنهم يحتاج أحدهم الآخر، وهذه فكرة مهمة، حتى في رواية Drole de printemps، وكل 330 صوتا تعبّر عن شيء،عن وهم، حتى لم يتواصل أحدهم مع الآخر، الذي يعني أنّ المجتمع المغربي المعاصر بدأ يتحول أكثر فأكثر فردية واستقلالية.

وتعلقا بفكرة بطاقات الرسوم المصاحبة للنص المدوَّن. كنت اعتقد أنه مصطلح الأيقونات. وأنا رغبت حقا في بعض الأيقونات التي ستسير عبر المجتمعات، كفئة عمرية واحدة، وحتى جنسا واحدا، ليس بإمكانها إيجاد صورا أفضل من لعبة الورق، التي يلعبها جميع المغاربة، والتي توحي لهم بالحظ، في مجتمعاتنا التي تستخدمها من أجل القراءة. وحين تنظر في القطع الصغيرة ل Tgargip ennab، تجدها من الصغر في طريقة التقاط الطلقات حيث ثمة عدد من العناصر تأتي معها بوصفها جزءا لبناء الصورة لا غير. .

نوفمبر 2017 ..

أجرت الحوار “نسرين سليتين المغاري”، وهي حاصلة على درجة ABD  في اللغة الفرنسية في جامعة أوكلاهوما الأميركية، وتتركز بحوثها على تصوير رموز المدينة التي يسكنها المغاربة الناطقون الأجانب باللغة الفرنسية فضلا عن الأجانب. ويتركز عملها الأدبي على مختلف القوى الاجتماعية، والتاريخية، والسياسية، التي تشكل فضاءات حضارية والتي تشكل حقولا دراسية سياسية ونظرية للمرحلة الكولونيالية وما بعد الكولونيالية، فضلا عن الدراسات الذاكرة الثقافية والاجناسية ..

 

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب