28 ديسمبر، 2024 10:00 ص

“جيمس بالدوين” : رجوعي لأميركا كان تحدي مع الذات .. وأكن لـ”رايت” كل التقدير والأحترام !

“جيمس بالدوين” : رجوعي لأميركا كان تحدي مع الذات .. وأكن لـ”رايت” كل التقدير والأحترام !

خاص : ترجمة – بوسي محمد :

في حوار صحافي يعود ليوم 22 تشرين ثان/نوفمبر 1962، مع الأديب والكاتب والروائي العالمي، “جيمس بالدوين”، أعادت نشره صحيفة (الغارديان) البريطانية، احتفالاً بمرور 31 عامًا على وفاته..

تناول “بالدوين” في معظم أعماله القضايا التي تتعلق بالتمييز العنصري والقضايا المتعلقة بالجنس، في منتصف القرن العشرين، داخل “الولايات المتحدة الأميركية”. وتمتاز رواياته بالأسلوب الشخصي الذي يعرض فيه أسئلة حول الهوية، بالإضافة إلى الطريقة التي تناول بها الضغوط الاجتماعية والنفسية المتعلقة بكونه أسودًا ومائلاً إلى المثلية الجنسية.

ترك موطنه الأم، “نيويورك”، التي أضطهدته كثيرًا، لكنه عاد مجددًا، ولا أحد يعرف لماذا قرر العودة.. بالتأكيد لم يعُد بسبب الحنين لناطحات السحاب؛ فلا أنسى مقالاته التي كتب فيها مقولة: “لا تنسوا أن هذه المدينة قد حاولت قتلي”، فتيقنت أن حب “نيويورك”، التي تركها صبيًا فقيرًا يقطن في حي “هارلم” نشأ في أسوأ فترات الكساد، هو الذي أعاده إليها مؤلفًا وروائيًا كبيرًا.

تم الحوار بعد نشر روايته الثانية، (Giovanni’s Room)، وكتابه الخاص بالمقالات بعنوان (Notes of a Native Son). كان الصحافي والكاتب “WJ Weatherby”، البريطاني، ينظر إليه بعد ذلك على نطاق واسع باعتباره واحدًا من الكُتاب الأكثر شبابًا واعدًا.

رغم شهرته الواسعة التي أمتدت خارج حدود بلاده، لم يصيبه “وهم الشهرة”، كما قال في حديثه عن السنوات التي قضاها في “فرنسا”: “كنت آنذاك – ولم أتغير كثيرًا -، متوتر، مرن، طموح بشكل غير طبيعي، ذكي، وقطة سوداء جائعة”.

نيويورك..

“الغارديان” : ما الذي جعلك تقرر العودة إلى “نيويورك” ؟

“بالدوين” : أنا لم أعود للأبد.. ربما أقضي ستة أشهر في السنة هنا وستة أشهر في أوروبا. بعد قضاء الوقت في “نيويورك”.

“الغارديان” : ولماذا وضعت “نيويورك” ضمن جولتك الأوروبية ؟

“بالدوين” : في البداية لم أكن أنوي ذلك.. لقد عانيت من التمييز العنصري في “نيويورك”، بسبب لون بشرتي السوداء، لكنني وجدت أني قد أُخلى سبيلي من هذه المأساة، وعدت إليها وأنا روائي كبير.

“الغارديان” : وهل رأيت أن أوروبا ملاذًا أكثر تعاطفًا بالسود مقارنة بـ”نيويورك” ؟

“بالدوين” : كُنت أعلم أنه كان عليَ أن أكون قد نضجت بما يتجاوز الحاجة إلى الملذات، والحاجة إلى الأوهام. أعتقد أن الحياة غير المفحوصة لا تستحق العيش، والكاتب بالتأكيد لا يستطيع تحمل أي خداع ذاتي لموضوعه هو نفسه والعالم الذي يعيش فيه. لذا عندما تركت “أميركا”، بدأت أراها كمحاولة لخداع الذات.

الخوف من النظر داخل أعماق نفسي. لقد أخبرت نفسي بأنني سأكون حرًا – حتى لو كانت بشرتي ملونة – وكنت سأصبح كاتبًا كما أكون.

الخروج من الوهم الذاتي..

“الغارديان” : ما الذي كنت تريد أن تثبته لنفسك عندما قررت مغادرة “أميركا” ؟

“بالدوين” : كنت أريد أن أكون كاتبًا، وليس كاتب “نيغرو”. أردت أن أكتشف كيف تربطني تجربتي بالأشخاص الآخرين، وليس كيف قسمتني عنها. واكتشفت في “أوروبا” أنني كنت أميركيًا، ففي “باريس” يتعاملون مع الأميركيين بشكل حيادي دون أن يعيروا اهتمامًا بأصولهم ولا لون بشرتهم.

وبمجرد أن تمكنت من القبول بأن لدينا هذا الأمر المشترك – وأستغرق الأمر وقتًا طويلاً – تم إطلاق سراحي من الوهم الذاتي بأنني كرهت “أميركا”، وقد حان الوقت للعودة.

“الغارديان” : أفهم من ذلك أن الحب هو الذي أعادك إلى “نيويورك” ؟

“بالدوين” : لا.. مازال هناك جانبًا من الكراهية متبقي، الشاغل الوحيد للفنان هو خلق حالة من الفوضى في الحياة. كانت مشكلتي كـ”زنجي”؛ أنني منعت من ممارسة حقوقي في المجتمع. اكتشفت أنني لقيط للغرب، لكن أردت أن أثبت من خلال عودتي إلى “نيويورك” أنني “أميركيًا” رغم أنف الجميع.

الجرأة.. و”رايت”..

“الغارديان” : ولكنك تبدو أكثر إسترخاءً مما كنت عليه عندما رأيتك عام 1959.. كنت تكره “نيويورك” جدًا ؟

“بالدوين” : إن أصعب ما فعلته في “أوروبا”؛ هو إجبار نفسي على الإعتراف بما كان على (الأميركي الزنجي) أن يخفيه عن نفسه، لقد كرهت البيض.

“الغارديان” : أفهم من ذلك أنك تحب الزنوج فقط ؟

“بالدوين” : لا.. ليس كذلك، فهناك العديد من الأناس السود الذين أحتقرتهم.

“الغارديان” : معروف بجرأتك.. ألم تشعر بالندم من جرأتك التي خسرتك أفضل صديق لك، “ريتشارد رايت” ؟

“بالدوين” : لم أنكر فضل الكاتب الأميركي الأسود، “ريتشارد رايت”، عليَ، كانت تربطني علاقة صداقة وثيقة به، وقد كان لـ”رايت” فضل في حصولي على جائزة “يوغين ساكسون” التذكارية.

ولكن أنا كاتب أفصل بين علاقاتي الشخصية وبين مهنتي ككاتب، وعندما طُلب مني رأي في رواية “ريتشارد رايت”، (أبن البلد)، أجبت بصراحة، في الحقيقة الرواية تفتقر إلى الشخصيات الواقعية والعمق السيكولوجي. لكن هذا لا يمنع أنني أكن له التقدير والأحترام.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة