خاص : كتبت – سماح عادل :
هو روائي وصحافي وناقد أدبي وكاتب سياسي انكليزي، اسمه الحقيقي “إريك آرثر بلير” ولقد استخدم اسم “جورج أورويل” ليكتب بحرية.. ولد عام 1903 في الهند, حيث كان والده يعمل هناك، في 1911 عادت أسرته إلى بريطانيا، ولم يكمل دراسته الجامعية رغم ذكائه, وفي 1922 التحق للعمل في الشرطة الاستعمارية الانكليزية في الهند، وظل يعمل بها خمس سنوات.
ثم عاد إلى لندن، وكان حلمه في أن يصبح كاتباً قد تمكن منه، وفي 1928 قرر أن يعيش حياة الفقراء حتى يتسنى له الكتابة عنهم، فهو ينتمي إلى الطبقة الوسطى وإن لم تكن عائلته غنية، وقد عاش في أحياء لندن الفقيرة، ثم سافر إلى باريس وعاش في أحد أحياء العمال، وعمل غاسلاً للأطباق.
الكتابة..
في 1929 بدأ في أول كتبه، وكان يرصد فيه ما عايشه في لندن وباريس من حياة الفقراء، وقد نشر عام 1933 وقرر أن ينشره باسم زائف هو “جورج أورويل” في محاولة منه لخلق شخصية جديدة تتبرأ من تاريخه السابق كرجل شرطة يعمل لصالح الاستعمار الإنكليزي, ليصبح “جورج أورويل” المعادي للسلطة واللاطبقي.. كان “أورويل” يهدف إلى كشف الواقع المأساوي الذي يعيشه الفقراء في زمنه، ويكشف عن وجه الطبقية البغيض الذي يصنف الناس في درجات، وفي كتابه الثاني (أيام بورما) تناول فترة الخدمة الاستعمارية التي قضاها في بورما.
عام 1935 بدأ كتابة أول رواية له باسم (ابنة القس) ثم رواية ثانية في 1936 باسم (دع الزنبقة تطير)، أما في 1936 توجه إلى إسبانيا بسبب اندلاع حرب أهلية بها ما بين الشيوعيين والاشتراكيين الجمهوريون ضد الفاشيين التابعين للجنرال “فرانكو”، وقد التحق “أورويل” بالميليشيات التي تحارب الفاشية، وفوجئ بأن الشيوعيون يقاتلون الاشتراكيين، وأن الشيوعيبن يساعدون “فرانكو” في السر ولقد تناول “أورويل” ما عايشه في الحرب الإسبانية في كتاب أصدره في 1938 بعنوان (تقديراً لكاتالونيا).
خلال عام 1937 ذهب “أورويل” إلى شمال إنكلترا للتعرف على أحوال عمال المناجم, وكتب عنهم تقرير باسم (الطريق إلى ويغان بيير) انتقد فيه على السواء النظام الطبقي الإنكليزي والاشتراكية الإنكليزية فقد وصفها بأنها غير واقعية وأن معظم المؤمنين بها يميلون للانتماء إلى الطبقة الوسطى.
وفي 1938 أصيب “أورويل” بالسل وسافر إلى المغرب، حيث كتب هناك الرواية الثالثة باسم (الخروج إلى المتنفس), التي نشرت خلال 1939، وفي 1941 التحق بالعمل في القسم الهندي لهيئة الإذاعة البريطانية “بي. بي. سي”، وفي عام 1943 استقال منه ليعمل محرراً أدبياً بصحيفة “تريبيون”، وبدأ في كتابة روايته الرابعة (مزرعة الحيوانات)، وفي عام 1945 وقرب نهاية الحرب العالمية سافر إلى أوروبا للعمل كمراسل، ثم ذهب لجزيرة “غورا” ليستقر بها وشرع في تأليف روايته الأخيرة (1984) في 1946.. ولقد مات في 1950 بعد تدهور حالته الصحية نتيجة إصابته بمرض السل.
رواية 1984..
لاقت رواية “جورج اورويل” (1984), والتي تعتبر آخر ما كتب, شهرة واسعة وقت صدورها، ولازالت شهرتها مستمرة حتى الوقت الحالي رغم مرور أكثر من نصف قرن على صدورها، ذلك لأنها تتناول الديكتاتورية في إطار خيالي، يتصور مستقبل المجتمعات الشيوعية التي عايشها “أورويل” في زمنه والمتمثلة في حكم “ستالين” في الاتحاد السوفياتي، حيث صور مجتمع يحكمه الحزب الواحد الذي يقدس “الأخ الكبير” رئيس الحزب، تتم في هذا المجتمع مراقبة الناس مراقبة صارمة تصل إلى حد وضع شاشات في كل بيت يتم فيها رصد كل فرد منتمي إلى الحزب، وكل أعضاء الحزب يعيشون في ظروف حياة قاسية يتلقون حصص طعام رديئة وقليلة، ويعملون ساعات عمل محددة دون رفاهية، وحين يبدأ البطل “وينستن سميث”, ذو 39 عاماً من العمر, وهو يعمل موظفاً في وزارة الحقيقة، في مراقبة المجتمع حوله بشكل سري يعرف أن الحزب يحابي بعض الناس المقربين، في هذا المجتمع كل شيء ممنوع، الكتابة والحب والتفكير، ومعارضة الأخ الكبير، حتى أن الأطفال يدربون على الإبلاغ عن أهلهم في حالة مخالفتهم للقواعد، في جزء من الرواية يصور “أورويل” نزعة حب السلطة “كيف يفرض إنسان سلطته على إنسان آخر يا ونستون ؟.. فكر ونستون ثم قال: بأن يجعله يعاني”.
رد “أوبراين”: “أصبت فيما تقول. بتعريضه للألم , فالطاعة وحدها ليست كافية, وما لم يعانِ الإنسان الألم كيف يمكنك أن تتحقق من أنه ينصاع لإرادتك لا لإرادته هو ؟.. إن السلطة هي إذلاله وإنزال الألم به, وهي أيضاً تمزيق العقول البشرية إلى أشلاء ثم جمعها ثانية وصياغتها في قوالب جديدة من اختيارنا.
هل بدأت تفهم أي نوع من العالم نقوم بخلقه الآن ؟.. إنه النقيض التام ليوتوبيا المدينة الفاضلة التي تصورها المصلحون الأقدمون, إنه عالم الخوف والغدر والتعذيب, عالم يدوس الناس فيه بعضهم بعضاً، عالم يزداد قسوة كلما أزداد نقاء, إذ التقدم في عالمنا هو التقدم باتجاه المزيد من الألم، لقد زعمت الحضارات الغابرة أنها قامت على الحب والعدالة أما حضارتنا فهي قائمة على الكراهية, ففي عالمنا لا مكان لعواطف غير الخوف و الغضب والانتشاء بالنصر وإذلال الذات, وأي شيء خلاف ذلك سندمره تدميراً”.
رواية ابنة القس..
في رواية (ابنة القس) يكتب “اورويل” ببراعة عن حياة فتاة في أواخر العشرينات تعيش مع والدها القس وتلتزم بواجبات كثيرة، ذلك لأن أباها لا يملك أن يعين مساعداً له يرعى شؤون الكنيسة، فيحمل ابنته أعباء كثيرة كما أنه بخيل يعطيها راتب شهري قليل يكاد يكفي إطعامهما، ورغم ذلك يطلب منها ترتيب حياة فاخرة، فهو كان يطمح بأن يكون غنياً لكن حياته ترتبت بهذا الشكل لينتهي إلى أن يكون قساً في كنيسة متواضعة في إحدى القرى متوسطة الحال، وهو ناقم على عمله يؤديه بمزاج متعجرف دائماً، حتى أن مرتادوا الكنيسة أصبحوا يتناقصون مع الزمن، وهو يستثمر أمواله القليلة ليحقق حلم الثراء, ولأجل ذلك يعطي لابنته القليل جداً ويمتنع عن تسديد الديون.
وقد ظلت ابنة القس تجاهد لاستمرار حياة أبيها متوازنة إلى أن حدث لها حدث غريب من كثرة العمل الشاق الذي تقوم به، فقد مشت وهي نائمة وفقدت الذاكرة واضطرت إلى العيش مع المشردين والعمال الزراعيين حوالي شهر، وقد استغلت غيابها إحدى النساء وقامت بتلفيق شائعات مشينة عنها مما جعل أمر رجوعها لمنزل أبيها صعباً، واضطرت أن تعيش بعيداً عن القرية، وبمساعدة من أبيها وابن عم له عملت معلمة في إحدى المدارس الخاصة، وقد قام “اورويل” في هذه الرواية برصد أحوال العمال الزارعين ومقدار البؤس الذين يعيشون فيه، ثم رصد حال المشردين والمتسولين، ثم قام بعمل نقد اجتماعي للتعليم في العشرينيات من القرن العشرين في بريطانيا، من خلال تصويره لعمل ابنة القس في المدرسة، وفي النهاية عادت الفتاة لبيت والدها بعد أن فقدت إيمانها، لكنها استمرت رغم ذلك في مزاولة الأعمال المساعدة لوالدها وإدارة شؤون الكنيسة.
يتضح أن “جورج أورويل” في رواياته قد حمل على عاتقة فضح الطبقية ومناصرة الفقراء, وكشف فداحة أوضاعهم غير الإنسانية، وقد لاقت روايتي (مزرعة الحيوانات) و(1984) الشهرة الكبيرة نتيجة لانتقادها للشيوعية السوفياتية.
أعماله..
الروايات:
1934 – أيام بورما.
1935 – ابنة القسيس.
1936 – دع الزنبقة تطير.
1939 – الخروج إلى المُتنفس.
1945 – مزرعة الحيوانات.
1949 – ألف وتسعمائة وأربعة وثمانون.
الكُتب:
1933 – أيام في باريس ولندن.
1937 – الطريق إلى رصيف ويجان.
1938 – الحنين إلى كاتالونيا.
فيلم 1984
https://www.youtube.com/watch?v=etMPv3jx27w