إعداد/ سومية محمد علي*
يتميز العالم بضخامة عدد الاثنيات حيث برزت هذه الظاهرة للوجود لأسباب الاستعمار وتفكك الإمبراطوريات الضخمة والتي تشمل شعوباً مختلفة إلى وحدات أصغر لم تتطابق فيها الحدود السياسية مع الواقع الاثني فانقسمت جماعة عرقية واحدة إلى عدة وحدات سياسية متصارعة وظهر ذلك جلياً في السودان الذي عرف مرحلة قاسية من الحرب الأهلية دامت أكثر من عقدين من الزمن حتى أعلن جنوب السودان انفصاله عن الشمال في استفتاء أجرى في يناير 2011وبدأت جنوب السودان الدخول في صراع جديد على السلطة يغذيه إرث الانقسامات والصراعات الاثنية والتهميش بالإضافة إلى التناحر على الثروات وعدم وجود خطط وآليات واضحة لإدارة هذه النزاعات والفشل في خلق هوية مشتركة بين أفراده مما دفع بالدولة إلى حالة من الفشل والهشاشة وحرب مفتوحة عجزت أمامها القوى السياسية عن الوصول لمعادلة تحقق استدامة السلام والاستقرار والتنمية .
المحور الأول- الإطار النظري للظاهرة محل الدراسة وما يرتبط بها من مفاهيم
تعتبر مسألة الاثنية والأقليات غير المسلمة مصدراً أساسياً للمشكلات المهددة لوحدة الكثير من دول العالم الإسلامي وتُعد مشكلة جنوب السودان احدى المشكلات المُتعلقة بالأقليات والتي لا تنجم عن التنوع بحد ذاته ولكن بسبب السياسة الاستعمارية التي رسمت الحدود فمزقت ابناء القبيلة الواحدة بين أكثر من دولة وخلقت حالة نزاع بين القبائل المختلفة وعليه ندرس التعددية الاثنية في الإطار النظري لكونه أكثر تعقيداً ومركب من مفهومين التعددية والاثنية لذلك سنتناول التالي:
أولاً: مفاهيم الدراسة
-مفهوم التعددية: تعرف التعددية لغة بأنها مشتقة من كلمة عدَّ والتي تعني حسب وأحصى وهي ترمي إلى عدم الواحدية أو التفرد ووجود شيء قابل للإحصاء قل أو كثر. أما اصطلاحاً يعرفها معجم المصطلحات الاجتماعية بأنها تعدد لأشكال الروح الاجتماعية في نطاق كل جماعة وتعدد الجماعات داخل المجتمع وتعدد داخل الجماعات نفسها وتتعدد أشكال التعددية فنجد التعددية السياسية ويشير معجم المصطلحات السياسية إليها بالمؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات الاجتماعية التي يمكن أن تشارك في ممارسة السلطة ويمكن أن تكون هي ذاتها نتاجاً وانعكاساً للتعددية الاجتماعية لذلك تصبح التعددية المجتمعية ملازمة للتعددية العرقية والدينية واللغوية لطبيعة المجتمع البشري كما تعتبر التعددية مفهوم مركب لتعبيره عن ظاهرة متعددة الأبعاد.
-مفهوم الاثنية وما يتداخل معها من مفاهيم:
لقد ظهر مفهوم الاثنية النظري كأول استعمال معاصر له عام 1909 م في إعلان حقوق شعوب روسيا1917م وارتبط المفهوم بمسائل الوحدة الوطنية والأمن الوطني، ولقد اهتمت العديد من الدراسات بالاثنية سياسية الطابع لدورها الذي تلعبه في تأجيج الصراعات والحروب الأهلية في مختلف الدول.
التعريف اللغوي للاثنية: يرجع لفظ الاثنية إلى اللفظ اليوناني القديمEthnos والتي تعني عند اليونان أمة Nation، وهي الجماعة البشرية ذات الأصل الواحد واستخدمه الأوربيون لمن هم ليسوا مسيحيين أو يهود في العصور الوسطي.
المفهوم الاصطلاحي للاثنية: تعددت الدراسات للمفهوم لكل اتجاه مبرراته لذلك عرفها علم الاجتماع: بأنها جماعة ذات تقاليد مشتركة لها شخصية مميزة كجماعة فرعية في مجتمع أكبر وقد يكون لها لغة خاصة، دين خاص أو أعراف خاصة. ينظر إليها البعض أيضاً ككيانات بدائية تقوم على أساس ديني، لغوي، ثقافي وبيولوجي. يعرفها الدكتور حيدر إبراهيم بتعريف الموسوعة البريطانية الجديدة الذي يقول (الأقلية هي مجموعة متمايزة ثقافياً، اثنياً أو عرقياً ضمن مجتمع أكبر، وهو وصف يحمل داخله شبكة أكبر من الآثار السياسية والاجتماعية. والفرق بينها وبين العرقية أن العرقية هي أحد غايات وأدوات بعض الجماعات الاثنية في تفاعلها مع الكيان السياسي الخاضعة له، وتتعلق بكل ما هو مكتسب من البيئة ولقد كان قبل فترة الخمسينات ينظر للعرق على أنه اثنية لكن تم التمييز بينهما مع تطور علم الوراثة والبحوث الاثنوغرافية ليصبح العرق مصطلح بيولوجي والاثنية هي أشمل من العرق. وتختلف عن الأقلية في كونها لا تخضع للمعيار العددي وتعتبر الاثنية أشمل من الأقلية حيث يمكن اعتبار أن كل أقلية هي اثنية وليس العكس وعلاقتها بالقومية إذا ما كانت لها رغبة في الوحدة وتكوين كيان سياسي مستقل (النزعة الانفصالية) وعليه تصبح الاثنية الوعاء الحقيقي لمفهوم الاثنية وتتمثل خصائصها في التميز الثقافي والماضي المشترك وتفرد الجماعات وتميز جماعة عن أخرى.
أما الهوية :فالكثير من الباحثين يعتبرون الهوية هي الاثنية من حيث المفهوم (مجموعة من الأوصاف والسلوكيات التي تميز الشخص عن غيره)، وعليه نستطيع القول أنه لا يمكن فصل الهوية عن الاثنية لأنها تعبر عن السمات التّي تميز الجماعة الاثنية عن الجماعات الأخرى وإن اختلفا المفهومان في الفترة الزمنية للنشأة .
ثانياً- نظريات تفسير النزاع الاثني
يمكن فهم النزاع الاثني على أنه تفاعل قائم على اللاتعايش بين جماعتين على الأقل مختلفتا الهوية قد تكون اثنية أو عرقية أو أقلية إحداهما يتعرض للضرر والآخر يتسبب فيه إما بشكل متعمد أو أنه يتجاهل وجوده. كما يعرفه جيمس فيرون وديفيد لابتي1979م، فيعتبران أن النزاع الاثني هو نزاع بين الجماعات من أجل قضايا تتعلق بتوزيع الثروة والمشاركة في السلطة فتهدف الجماعات من خلالها تغيير الوضع القائم.
أهم النظريات المفسرة للنزاعات الاثنية
تعددت لتشمل المقاربة الأولية أو النشوئية، التفاعلية، البنائية، والمقاربة الاثنو واقعية:
أولاً- النشوئية: ترجع أسباب النزاع الاثني إلى وجود الحدود الافتراضية بين الجماعات نتيجة عدم وجود قرابة وروابط بينها وبالتالي أنصار هذه المقاربة يعتبرون النزاع الاثني هو ناتج عن تراكم الأحقاد والكراهية عبر القرون وتوصلوا أنه كلما زاد التنوع كلما زاد احتمال وقوع النزاع الاثني .
ثانياً- التفاعلية: رفضت الأسس التي قامت عليها النشوئية القائمة على وحدة الأصل الذي يجمع الاثنية الواحدة وركزت على التفاعل بين الجماعات المختلفة دونما اقصاء أو تهميش للجماعات الأخرى وخاصة المسيطرة منها لذلك تعتبر هذه النظرية ظاهرة التنوع الاثني عامل إيجابي لديناميكية المجتمع وبناء الدولة لذلك يحتاج هذا التفاعل لوضع اختيارات تكتيكية واستراتيجية لتحقيق الأفضل للجماعات المختلفة .
ثالثاً- الاثنوواقعية: جاءت امتداد للنظرية الواقعية المفسرة للعلاقات الدولية ولكن ما أضافته هو أن الدولة لم تعد الفاعل الوحيد في العلاقات الدولية بعد الحرب الباردة حيث برزت ظاهرة الاثنيات إلى جانب عدم إمكانية الفصل بين السياسة الداخلية والخارجية للدول بسبب التدخل الخارجي في الشئون الداخلية للدول بحجة حماية الأقليات المهددة بالإبادة وأكدت على انتهاء الصراعات الاثنية التي اسندها لعوامل الخوف واللاأمن لا يكون إلا بتقلص المعضلة الأمنية عن طريق الفصل المادي بين الجماعات المتنافسة.
رابعاً- البنائية: تقوم على تصور علاقة التأثير المتبادل بين طرفي الثنائية من بنية وعضو فتعتبر الدولة بنية والمجموعات الاثنية أعضاء وتركز على تأثير الأفكار والخطاب السائد في المجتمع لكونه يشكل المصالح والمعتقدات فلقد تصاعدت حدة الحركات الاثنية التي تدور حول متغير الهوية لارتباطه بالمصلحة ويعتبرون التوجه التنازعي للهوية الاثنية يديره القادة أو الأنظمة الاجتماعية أو الظروف . وقدمت هذه النظرية أكثر برامج إدارة النزاع طموحاً وهو الإدارة بتحويل النزاع وذلك عبر إقناع الاثنيات المتعددة بأن هويتها تتحدد وفق انتماءات واسعة وبالتالي فإن تدخل طرف ثالث في تبني مهمة إقرار السلام سيسمح للمجموعات المسالمة لتبني عقلية التعايش عبر ابعاد الهوية الاثنية التي تقوم على إقصاء الآخر واستبدالها بهوية مدنية اندماجية تحتوي الآخر. أيضاً نجد أن هناك مقاربات مثل الحرمان النسبي، الأمن المجتمعي ومقاربة الحاجات الأساسية والأمن الإنساني.
خامساً- الليبرالية: تدعو إلى التعاون حيث اعتبرت أن سبب النزاعات الاثنية يعود لغياب منطق حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والتوزيع العادل للثروة وانغلاق الدول التي تشهد نزاعات اثنية عن العالم الخارجي وعدم السماح بمساعدتها في حفظ السلام.كل هذه المقاربات قد فسرت النزاع في بعض الجوانب وأهملت البعض الآخر ولكن تجتمع في معظمها على ضرورة ايجاد واستراتيجيات لإدارة النزاع الاثني وتحقيق التعايش السلمي لكونه مشكلة تهدد بقاء المجتمعات .
أما عن مفهوم إدارة النزاع الإثنوهوياتي: يتفق أغلب المفكرين على أن إدارة النزاع تعني مجموعة من الإجراءات والتقنيات التي تستخدم للتحكم بعناصر النزاع، والوصول إلى حالة اللاعنف، سواء أكان هذا اللاعنف سلبي أم إيجابي؛ فاللاعنف السلبي يعني الوصول إلى حالة اللاحرب، أما اللاعنف الإيجابي فيعني الانتقال من حالة اللاعنف السلبي إلى إيجاد بدائل تنموية تمثل خطوات أولى لبناء السلام. نجد لاك و روتشيلد (Lake and Rotchild) يعرفاها على أنها حرب نتيجة وجود المأزق الأمني والخوف من نوايا المجموعات الاثنية الأخرى .
وحل النزاع يعني البحث عن جذور و أسباب حدوث النزاع و فضها نهائيا كما أنه يمكن الانتقال من إدارة النزاع إلى تسوية النزاع ثم الحل .لذلك فالنزاعات الاثنية في العالم وخاصة الدول الإفريقية في حاجة لإيجاد حلول واستراتيجيات واقعية حتى يمكن استخدام مختلف الجماعات في المجتمع الواحد لتعزيز الديمقراطية والتكامل والتعايش السلمي بين الأفراد.
ثالثاً- آليات إدارة التعددية الاثنية
يقصد بآليات إدارة التعددية الاثنية، الفلسفات العامة الظاهرة والمستترة التي تتبعها النظم في التعامل مع الجماعات الاثنية ومطالبها وتختلف من دولة لأخرى بحسب ظروف الدولة ونظامها السياسي وحجم الصراعات الداخلية وما تمتلكه من عناصر قوة لمواجهة هذه الظاهرة وما يترتب عليها من تفكك المجتمعات وانهيارها وتنقسم إما قسرية أو تساومية.
أولاً- الآليات التساومية السلمية
1-الاستيعابية: تسعى هذه الآلية لإلغاء الاختلافات والسعي لإدماج كل الجماعات في إطار الهوية العامة المستهدفة في اللغة الرسمية، التعليم ومركزية اتخاذ القرار، ويقصد بها فقدان مجموعة ما جزءاً معيناً من هويتها الأصلية عن طريق تشجيعها على الاعتماد على لغة الأكثرية وثقافتها، وتتضمن ثلاثة جوانب أولها الاستيعاب الثقافي ويتم فيه صهر مختلف التنوعات والاختلافات الثقافية في قالب واحد يمثل ثقافة الدولة . الثاني هو الاستيعاب المادي عن طريق دمج الهويات الاثنية داخل هوية أكبر هي هوية المجتمع والدولة القائمة ويتطلب نجاحه زيادة نسب التزاوج بين الجماعات، وأخيراً الاستيعاب المؤسسي بإنشاء مؤسسات سياسية واجتماعية يشارك فيها الأفراد من مختلف الجماعات على أسس غير عرقي. وبالتالي الاستيعاب يعني دمج الجماعات المختلفة في إطار هوية عامة تتمثل في هوية الجماعة المسيطرة.
2-آليات تقاسم السلطة: تقوم على الاعتراف بالتعددية الاثنية وعلى إطار ائتلاف حاكم ذي قاعدة عريضة يمثل مختلف الأقاليم والجماعات الاثنية في الدولة وهي تدعم التعايش السلمي وتتمثل في:
آلية اللامركزية السياسية (الفيدرالية): وتعتبر انسب وسيلة لاحتواء الخلافات بين مختلف الجماعات الاثنية وتقوم على مبدأ الحوار والتفاوض بين الهوية والوحدة وهي تقوم على ثلاثة مبادئ الوحدة للجيش والشعب والإقليم، الاستقلال الذاتي ويحدث فيه فصل تام بين الثقافة والسياسة حيث تقوم كل مجموعة بإدارة شؤونها الثقافية دون التعدي على المجموعات الأخرى، المشاركة وهو مشاركة الأقاليم باعتبارها كيانات دستورية مميزة في تكوين إرادة الدولة مما يحقق التوافق والارتباط بين مبدأي الوحدة والاستقلال.
3-الآليات التوافقية لاقتسام السلطة: تعتمد على نظم انتخابية تشترك فيها مختلف مكونات المجتمع في الحكم وتتمثل في آلية الائتلاف الكبير ومعناه أن الزعماء السياسيين لكل قطاعات الجماعات تتعاون في ائتلاف واسع وتحكم وفقاً لقاعدة الإجماع وضمان الوحدة الوطنية عن طريق إلزام مختلف الأطراف الداخلية على قطع علاقاتها بالخارج، ثانيها آلية التمثيل النسبي تقوم على نظام انتخابي يضمن التمثيل النسبي للجماعات المختلفة في السلطة التشريعية والوظائف العامة وفق نظام الحصص، وهو ما لا يضمن تحقيق النفوذ والتأثير على القرارات وآخرها الاستقلال القطاعي وهي تركز على حكم الأقلية لنفسها في المنطقة التي تشغلها وانفصال المجموعة الاثنية عن الجماعات الأخرى .البعض يعتبر هذه الآلية ليست نظاماً مثالياً لتحقيق الديمقراطية لأنها مجرد تعايش مؤقت بين الاثنيات قد يتحول إلى ديمقراطية غير مستقرة إذا تفكك التحالف وتقدمت المعارضة كما إنها تعبر عن الاثنية الأكبر.
4-آليات تكاملية (الاندماجية ) لتقاسم السلطة: تنطلق من رفض البيئة السياسية في المجتمعات التعددية ويطرحون فكرة الهندسة المؤسساتية كأساس للآليات التكاملية لإدارة التعدد الاثني عن طريق إدخال نظم انتخابية تشجع على الاعتدال وتسهل عملية الاتصال بين الاثنيات وتعزز الحوار للتوصل إلى حلول وسط ولكن هذه النظرية ليست فعالة لصعوبة اقناع الاثنيات التي تتعرض للإبادة أو العنف بالتعاون مع طرف آخر للوصول إلى اتفاق لتقسيم المناصب الرسمية لغياب عنصر الثقة.
ثانياً- الآليات القسرية
قد تلجأ إليها الدول الشمولية نتيجة لعجز الدولة عن تلبية المطالب المتنامية للاثنيات ومنها آلية هيمنة الدولة وتقوم على استقطاب كافة الولاءات دون السماح بالتعبير عن الاختلاف وايضاً استخدام السيطرة والقهر وآلية أخرى تعتمد على التطهير الاثني للتخلص من الجماعات غير المرغوب فيه بالتهجير أو الإبادة الجماعية وأخيراً آلية تقرير المصير (التقسيم أو الانفصال) وهو ما يعني حق الجماعة في تقرير وضعها السياسي داخلياً وخارجياً وايضاً متابعة تطورها الاجتماعي والاقتصادي دون تدخل خارجي أو إكراه من جانب اية قوة أو جماعة أخرى.
أخيراً نجد أن كل دولة تستخدم الآلية المناسبة لها والتي تتوافق مع إمكاناتها المادية والوضع الذي تعانيه جراء هذا التعدد الاثني وانطلاقاً لحالة جنوب السوداني التي تعاني من تأزم وصراع جنوبي –جنوبي بين الاثنيات المختلفة أدى لانهيار وتشرذم الدولة ودخولها حالة الفقر وانتشار الأمراض ولجوء أهلها لدول الجوار لذلك لابد من اتباع استراتيجيات لحل هذا النزاع تتمثل أهملها في آليات الحوار لتقريب وجهات النظر والتخفيف من حدة النزاع، آلية التفاوض وإن كانت لا تحقق سلام حقيقي ولكن تساعد على فتح قنوات الاتصال وتوجد آلية التدخل في حالة تأزم الموقف وإيقاظ المشاعر الانفصالية وتعتبر أحد الأساليب القسرية وأخيراً توجد آلية الوساطة التي تخفف من حدة الجفاء بين المتنازعين في حالة وصول الأوضاع لطريق مسدود. لذلك نجد في حالة جنوب السودان وصول الأوضاع لحالة من التأزم والحرب الأهلية التي خلقت التشريد والمجاعة وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لذلك اصبح لزاماً عليها الاستعانة بكل هذه الآليات لفض حالة النزاع وإن غلبت إحداهما عن الأخرى كالتدخل أو الوساطة . ثم تطبيق هذه الآليات في إدارة التعددية في جنوب السودان وخاصة التساومية التي تساعد على الحوار السلمي البناء ويفتح قنوات للتواصل بين مختلف الجماعات مما يعمل على نمو المجتمع وتقدمه ونجد ايضاً السياسات العامة في الدولة تلعب دوراً هاماً في التعامل مع هذه الظاهرة منها:
السياسات التنظيمية: وهي ممارسة النظام السياسي الحاكم للرقابة على سلوك الأفراد والجماعات المختلفة ويتم ربط هذا السلوك بالقانون وقد اتسع في العصر الحديث بفعل المشكلات التي أفرزتها عمليتي التحديث والتنمية المجتمعية
السياسات الاستخراجية: وهي تتوقف على قدرة النظام، والعمل على تعبئة الموارد المادية والبشرية لتحقيق مستوى اجتماعي عادل لكافة فئات المجتمع، أما نجاحها يتطلب تحقيق نمو اقتصادي يعود على المواطنين بصفة عامة.
السياسات الرمزية: واستخدام الرموز السياسية التي تدعم الشعور بالمواطنة الواعية وتغذي الإحساس بالولاء الوطني.
السياسات التوزيعية: يقصد بها عملية توزيع القيم مادية كانت أو معنوية على مختلف مكونات المجتمع، ولن تتمكن الدولة من إيجاد الموارد الكافية لتوزيعها إلا بنجاح التنمية بالإضافة لسياسة إعادة التوزيع: تخص مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية ولا تعني الاقتطاع من نصيب جماعات معينة لصالح أخرى ولكن حماية الفقراء والمهمشين.
المحور الثاني: دراسة جيواستراتيجية لجنوب السودان
تتسع مساحة السودان ويتشارك حدودياً مع تسع دول مجاورة ويقدر بعض الباحثين أن مساحة السودان ككل تعادل مرتين ونصف مساحة مصر وهو أكبر البلدان العربية والإفريقية ويسم بالتنوع ولكن مع غياب التنمية والقيادة المركزية الحكيمة خلقت توترات بين القطبين الشمالي العربي المسلم والجنوبي الإفريقي المسيحي لم تنته حتى بالانفصال.
أولاً- جغرافية جنوب السودان
دولة تقع وسط إفريقيا عاصمتها جوبا تحت خط عرض 10 درجات شمال بحيرة (ألبرت ) في يوغندا، تشغل حوالي 700ألف كيلو متر مربع من مساحة السودان بما يعادل %28ولها حدود تمتد إلى 2000كيلومتر تقريباً مع خمس دول وهي اثيوبيا، كينيا، أوغندا، الكونغو وإفريقيا الوسطى، تنقسم إدارياً لثلاثة أقاليم لم يتم التقسيم على أساس عرقي حيث لم يراعِ الاستعمار التركيبة الانثروبولوجية لهذه الشعوب .لذلك يوجد بالسودان 65 جماعة اثنية مقسمة إلى 597 مجموعة فرعية متباينة في العادات والتقاليد والمعتقدات، يبلغ عدد سكانها مالا يزيد عن 10مليون نسمة طبقاً لآخر إجراء احصائي في 2006م وتعد الدينكا كبرى القبائل يليها النوير ثم الشلك ويعتبر جنوب السودان ضمن المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية وتتمتع بوفرة الموارد المائية وخاصة سقوط الأمطار في وسط جنوب السودان وإن كانت دولة حبيسة يلزم عليها توطيد علاقاتها بجيرانها من الدول المختلفة .
ثانياً- التركيبة السكانية لجنوب السودان
ذهب على المزروعي في تعبيره عن التركيب الاجتماعي للسودان بأنه لا عربياً خالصاً ولا إفريقياً خالصاً ولا مسلماً خالصاً .نجد أن التركيبة الديموغرافية للسودان من أكثر التركيبات تنوعاً فتختلف على المستوى الديني، اللغوي، الثقافي، الديني والاقتصادي والاثنية وهو ما يخلق توتر في السودان ككل والجنوب خاصة .
التعدد العرقي في جنوب السودان: صنف علماء الأجناس سكان الجنوب إلى ثلاث مجموعات كبيرة وفقاً لأجناسهم ولهجاتهم كالتالي:
أ-النيليون: من أبرز القبائل وتتألف من قبائل عديدة منها الدينكا وبجانبها قبائل أخري كالشلك، النوير، الأشواك، الأنواك وغيرها وهي تمثّل 65% من مجموع السكان أكبرها الدينكا.
1-الدينكا: من أكبر القبائل في الجنوب حيث يفوق عددهم مليوني نسمة، تعتبر أكثر القبائل تعليماً تتميز بالطول والاعتزاز بالنفس. تعتبر جزء من المكون الثقافي والاثني للمجموعة الناطقة باللو، وينتمي إليها جون غارنغ الذي ينتمي إلى الدينكابور وهو زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان مع جناحها العسكري يمكن التمييز بين قسمين من الدينكا هما القسم الشمالي ويسمى ابناءه بدينكا الشمال ويميلون إلى الزراعة، القسم الثاني هو دينكا الجنوب وهم رعاة وهي تمثل 40% من المجموعات النيلية.
2-النوير: توجد في أعالي النيل وتمتد إلى داخل أراضي الحبشة ويبلغ عددهم مليون نسمة .يشهد لها بالشجاعة والعزيمة فلقد كانت آخر القبائل التي استسلمت للاستعمار. دخلت في اشتباكات مع الدينكا في القرن ال19 بسبب الغارات التي كانت تقوم بها قبيلة النوير على الدينكا. تشكل النوير نموذجاً للقبائل البدائية فليس لهم بنية سياسية محددة يوجد شيخ القرية الذي له نفوذ بقدرته على المناقشة والإقناع. يتميز ابناءها بلهجة واحدة وأسلوباً في الحياة متشابهاً إلى حد بعيد تتسم طبيعة مناطقهم بالقسوة حيث تعاني من الجفاف صيفاً، وتعتبر أكثر الشعوب النيلية اقتناء للبقر بعد الدينكا.
3-الشلك: جذورها من الجنوب الشرقي للبحيرات، وهم من المجموعة نفسها التي تضم النوير والدينكا يسكنون
في سلسلة قرى متجاورة لهم تقاليد راسخة ومؤسسة حاكمة تقوم على مفهوم الإله وليس لهم تنظيم سياسي .
4- الأنواك: من المجموعات النيلية ويسكنون في حوض نهر باو وهو من أهم روافد السوباط ومعظم أوطانهم داخل الأراضي الإثيوبية في الجزء الجنوبي الشرقي للسودان .نظام الحكم لديهم يعتمد على النبلاء ورؤساء القرى الذين يتولون السلطة والقضاء في المنازعات التي تقع بين الأفراد.
ب- النيليون الحاميون: يشتركون مع النيليون في كثير من السمات السلالية واللغوية وهي تتكون من مجموعتين من القبائل وتقطن هذه القبائل في بحر الجبل الجنوبي وجنوب شرق السودان وجنوب بلاد الدينكا.
ج- القبائل السودانية: أبرز قبائلها الزاندي والمورو والمادي وتنتقل هذه القبائل بين جنوب السودان وبعض الدول الإفريقية كزائير وإفريقيا الوسطى وتعد قبيلة الزاندي من أبرز وأكبر القبائل السودانية التي لها عادات وتقاليد اجتماعية مثل العادات الخاصة بالملوك والسلاطين ومعظم الزاندي يعيشون خارج السودان.
وعليه، نجد التنوع بين هذه الجماعات في الحياة الاجتماعية والسياسية والظروف الاقتصادية جعل جنوب السودان أرض رخوة لنمو الأنواع المختلفة من الصراعات حتى تعمقت وأصبحت بين أفراد القبيلة الواحدة فبالرغم من أن الدينكا والنوير ينتمون إلى الجماعات النيلية المنحدرة من أب واحد ويشتركون في جذور اللغة والأعراف والعادات والتقاليد فهذا يفترض وجود درجة من التعاون بين القبيلتين إلا أنه حدث عكس ذلك حيث بدأت الصراعات بينهما حينما اجتاحت موجات من النوير الضفة الشرقية للنيل من أرض الدينكا واستمرت مشتعلة حتى الآن . ونجد أن غاية هذه الجماعات إما المناداة بالتعددية أي المطالبة بالمساواة في الحقوق والواجبات السياسية والمدنية وفي حالة عدم تحقيق ذلك أعلنت العصيان أو جماعات انفصالية سواء الانفصال عن الحكومة المركزية والتمتع بالاستقلال الذاتي أو الانفصال لتكوين وحدة سياسية مستقلة تماماً والشكل الثالث هو الانفصال والانضمام لكيان سياسي آخر.
ثالثاً- تاريخ الصراع الاثني في جنوب السودان خلال فترة الدراسة
لفهم الصراع في السودان وجنوبه بشكل خاص يجب الاطلاع على أحواله الميدانية ودراسة الخلفية السياسية والاجتماعية لمواطنيه وللحكومات المركزية التي تعاقبت عليه منذ عام 1821 م ودخول محمد على باشا السودان ولهيب المخططات الاستعمارية لاستثمار وقائع الاثنية والأقلية، وبدأت مشكلة الجنوب تتطور منذ عقد مؤتمر جوبا 1947م.
من أجل استقلال السودان حتى حدوث مفاوضات الحكم الذاتي عام 1953م والتي لم يحضرها أحد من الجنوب لعدم توافر الضمانات التي نص عليها مؤتمر جوبا من الحقوق للجنوب وحدث أول انقلاب عسكري بقيادة إبراهيم عبود الذي تعامل مع مشكلة الجنوب على إنها أمنية وبالتالي زاد ذلك من المعارضة والتمرد وتخلي عن الحكم وجاءت حكومة انتقالية تتخذ سياسة المفاوضة مع القوى الجنوبية وانعقد مؤتمر المائدة في 1965م وقد انتهى بإعطاء حق تقرير المصير للجنوب ثم حدث انقلاب عسكري جديد وجاء النميري وسمح للجنوبيين بالحكم الذاتي ولكن هذا لم يتحقق لعدم التزام النميري وشروعه في تطبيق الشرعية الإسلامية على الجميع ترتب على ذلك حدوث حرب أهلية من جديد ولكن سرعان ما قامت المعارضة بالإطاحة بنظام النميري في عام 1985م ومع جمود الوضع السياسي حدث انقلاب جديد بقيادة عمر حسن البشير في 1989 م وعليه تدارست الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي تكونت في 1981 م الموقف واعتبرته حركة لتقسيم الدولة على أسس دينية واثنية .
قامت الحركة بإجراء عدة مفاوضات مع الحكومة ولكن الحركة نفسها في ذلك الوقت شهدت انقساماً داخلياً تزعمه اثنان من القيادة العليا هما (رياك مشار) الذي ينتمي لقبيلة النوير، و(لام أكول) الذي ينتمي لقبيلة الشلك، فانقسم الجيش الشعبي لتحرير السودان إلى ثلاث مجموعات، وزادت نسبة العنف والتسلح بين الجنوبيين انفسهم حتى جاء اتفاق مشاكوس في يوليو 2002 والذي قرر بحق تقرير المصير بعد فترة انتقالية ست سنوات والذي مهد الطريق لاتفاق نهائي بين الشمال والحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة قرنق وهي اتفاقية السلام الشاملة في نيروبي يناير 2005م عُرفت هذه الاتفاقية بالدستور الانتقالي المؤقت لعام 2005م ومهد الطريق لتكوين كيانين أحدهما إسلامي في الشمال والآخر علماني في الجنوب مع الاحتفاظ بحق تقرير المصير بعد ست سنوات واشتمل على أمرين مهمين هما تقاسم السلطة وتقاسم الثروة. فكان الاتفاق لتجنب ظروف خاصة بالدين وأخرى متعلقة بالسلطة حدث جمود في اتفاق السلام الشامل وعجزت حكومة جنوب السودان في تقديم إدارة وأمن لهم وعليه ساءت الشراكة السياسية بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني، وحدثت الحرب الأهلية لمخاوف من هيمنة المجموعة العرقية الدينكا على الجيش الشعبي وحكومة جنوب السودان واستمرت التوترات في المنطقة حتى انطلاق يوم الأربعاء نوفمبر 2010م لعملية تسجيل السودانيين الجنوبيين تمهيداً للاستفتاء الذي جرى في 9 يناير 2011م ودعا رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير المواطنين للتسجيل ولقد جاءت نتائج الاستفتاء في الجنوب عن اختيار الانفصال بنحو 98,83 % .
لم يكن الانفصال هدفاً في حد ذاته لإلغاء فكرة التهميش والإقصاء الذي تمارسه النظم المتعاقبة على السودان ولهدف انهاء الحروب الأهلية الجنوبية وتحقيق الوحدة الوطنية ولكن لمصالح شخصية فحدثت الانقسامات الداخلية في النظام الجنوبي الحاكم من سلفاكير ونائبه مشار على السلطة حيث بدأ الصراع كخلاف واشتباكات داخل الحرس الرئاسي في يوليو 2013م عندما أقال الرئيس سلفاكير الحكومة ونائبه رياك مشار وباجان أموم ثم بلغ ذروته في ديسمبر من نفس العام باندلاع المواجهات بين القوات الموالية لسلفاكير والأخرى الموالية لرياك مشار، وأسفر عن مقتل الآلاف وتشريد نحو مليونين من سكان جنوب السودان، فضلاً عن وفاة 40 ألف شخص بسبب الجوع وعجز المنظمات الدولية عن توصيل الإمدادات الغذائية إليهم نتيجة القتال، وخرج سلفاكير لأول مرة بزيه العسكري في محاولة انقلاب مؤكداً على ضرورة مواجهة معارضيه بعد أن هيمنت عليهم مصالحهم الذاتية.
فتسببت هذه الحرب الأهلية في تشريد مليون شخص ومقتل أكثر من عشر آلاف وحدثت انقسامات سياسية وانتقل العنف بسرعة إلى العاصمة جوباوردت النوير بعمل تعبئة ضد الدينكا والرئيس حيث اتهمه مشار بانتهاك الدستور نتيجة لعدم نجاح حكومة سلفاكير في الحسم العسكري ضد المعارضة المسلحة بقيادة رياك مشار والتي نجحت في الاستيلاء على مناطق النفط في ولايات أعالي النيل، وولاية الوحدة وجونجلي ودخول جنوب السودان في أزمات الغذاء بالإضافة إلى الضغوط الدولية على حكومة سلفاكير تحديداً ومفاوضات السلام من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) حتى تم التوقيع على اتفاق حل النزاع وفي 26 أبريل 2016 م عاد الدكتور مشار مما شكل خطة هامة لتحقيق الاتفاق ولكن لم يتوقف النزاع فقد استمر في ولاية الوحدة الجنوبية في ديسمبر 2015م والمناطق الأخرى حتى 2016 ومازال يرتفع عدد الضحايا واللاجئين إلى 100 ألف جنوبي لاجئ.
المحور الثالث- تطبيق آليات التعددية وأزمة تحقيق المواطنة.
لا تزال القوى السياسية عاجزة عن الوصول إلى معادلة تحقق استدامة الاستقرار والتنمية ومعالجة أزمتها الذاتية وتجديد فكرها وبرامجها وقيادتها مما يدفع بها الحال لكونها دولة فاشلة تؤثر على المنطقة الإقليمية ككل بعد الصومال مما دفع الأمم المتحدة في أوائل 2014م أن تعلن بأن جنوب السودان دولة طوارئ من المستوى الثالث لكونها اصبحت تعاني من النزوح والمجاعة والفقر، وبسبب الإرادة الضعيفة للقيادة السياسية والقدرات المادية التي تكاد تصل لحالة الانعدام والعداءات السياسية والعسكرية صعب على الدولة تبني آليات واضحة تسير على أساسها لتحقيق حالة من الاستقرار أو التنمية وبالتالي كانت معظم الآليات إن لم يكن جميعها عبارة عن رد فعل أكثر من كونه فعل وبرنامج حقيقي ورؤية واضحة أمام القيادة السياسية تسعى لتحقيقها .
أولاً- تطبيق آليات وسياسات التعددية الاثنية في جنوب السودان.
بملاحظة فترة الدراسة وبداية من اتفاق السلام الشامل 2005م والذي كان اشبه بالنظام الفيدرالي وصولاً إلى اتفاقية أديس أبابا فبرغم المحاولات العديدة إلا أن جميعها قد باء بالفشل بداية من إقرار مبدأ السلام والحلول السلمية للنزاعات من 1979م وإقرار القطاع الفيدرالي في جنوب السودان 1991م، وتوقيع اتفاق مشاكوس وأهم مبادئه في حق تقرير المصير للجنوب بعد فترة انتقالية ثم توقيع اتفاق السلام الشامل في 9يناير 2005م والذي حل النزاع بين الشمال والجنوب فكانت من أهم الآليات التساومية وإن تسببت في الآليات القسرية التي ترتبت عليها الحروب الأهلية وعمليات الإبادة الجماعية اتفاق السلام كآلية تساومية سلمية لحل النزاع: قد وضع اتفاق لتقاسم السلطة حيث قسم البرلمان السوداني بنسبة 52% لحزب المؤتمر الحاكم و28% للحركة الشعبية لتحرير السودان وأعطاها 70% في المجلس التشريعي الخاص بجنوب السودان، تضمنت ايضاً اتفاق تقاسم الثروة وخاصة النفط بحيث تقسم العوائد بنسبة 49% للحكومة المركزية و49% لحكومة جنوب السودان ولكن كان غير فعال في التطبيق الفعلي على أرض الواقع وثبت ذلك بعد الانفصال.
اتفاق السلام كآلية قسرية: كان الاتفاق يمثل تهديداً على الجيش الشعبي لتحرير السودان والذي تضمن جماعات مختلفة في نسيج واحد مختلف المصلحة والايديولوجية لأن فيه حظرت جميع القوى المسلحة في جنوب السودان من الاشتراك باستثناء الجيش الشعبي لتحرير السودان واجبرت الجماعات المختلفة للانضمام إليه والتكيف مع الوضع الجديد، قام ايضاً اتفاق السلام بتوفير الحماية لحاميات القوات المسلحة سامحاً للقوات الجنوبية بالتنقل عبر أراضيه وعمل على تطهير حقول النفط من السكان المحليين باستخدام طائرات الهليكوبتر، ايضاً وضع حق تقرير المصير وكان أهم قرار بالنسبة للجنوبيين وكاستجابة لضغط المجموعات داخل الحركة الشعبية التي تدعو للانفصال وعلى رأسهم لام أكول ورياك مشار.
إعلان جوبا 2006م وكان نوعاً من الآليات التساومية حيث اصطفت بموجبه رسمياً قوات دفاع جنوب السودان ومختلف الجماعات المسلحة الأخرى مع الحركة الشعبية ولكنه أعطى عفواً شاملاً عن جميع الأنشطة المرتبطة بالحرب فاصبح القادة العسكريين الذين كانوا يقاتلون بعضهم بعضاً من نخب حكومة جنوب السودان والجيش الشعبي بسبب الانشقاقات.
في عام 2008م كانت مرحلة لهيمنة الدولة باساليبها القسرية، فاصدرت وثائق ذات التأثير على القانون الداخلي مثل قانون العقوبات وقانون الاجراءات الجنائية ليقدم أسس قانونية لانفاذ القانون ولكن لم يضعا موضع التنفيذ لمحدودية قدرات مؤسسات النفاذ القانوني كما تم انشاء مكتب أمن المجتمعات المحلية ومراقبة الأسلحة الصغيرة ولكن نظراً لغياب المؤسسية ومحدودية القدرات المادية والاقتصادية للدولة لم يمنع ذلك من السيطرة على التعددية واندلاع الحروب الأهلية .
أما 2009م قد وضعت جنوب السودان الاستراتيجية الأمنية في شهر فبراير والتي شملت التحديات الداخلية والخارجية لأمن جنوب السودان فقد حاول سلفاكير وضع آليات تساومية من خلال قبول سياسة ضم الميليشيات للجيش الشعبي لتحرير السودان وانضم 30 ميليشية وأمدها بالمواد الغذائية والأموال وحرية الإقامة خلال فترة الاندماج وترقيتهم في مناصبهم . وإن كانت الإمكانيات والمرتبات حدث بها تراجع ولكن كان ذلك بسبب محدودية الموراد والوضع الاقتصادي السيء وبرغم ذلك حدثت مجموعة من الانقسامات وسيطرة الولاءات على الايدولوجية للجيش واصبحت قبلية خاضعة للمصلحة الشخصية . قد شهد العام ايضاً انعقاد مؤتمر القادة التقليديين في بانديو لاتخاذ تدابير صارمة لمن يتصدى للسياسة القسرية لنزع السلاح والحد من الأسلحة على المدى الطويل التي اتخذها سلفاكير ولكن قوبلت هذه السياسة بالرفض والمقاومة من الشعب لعدم توفير الدولة للأمن والسلام الداخليين بالإضافة لاعتقادهم أنها سياسة تقوم على أسس عرقية لذلك كان تأثيرها محدود على الأوضاع الأمنية وخلق حرب أهلية بين القبائل المختلفة.
انطلاقاً إلى العام 2011م وحق تقرير المصير وهو الهدف الوحيد الذي اتفق عليه جنوب السودان كافة وانشئت أحدث دولة في العالم مستقلة ذات سيادة برئاسة قائد الحركة الشعبية سلفاكير واختارت العملة الرسمية لها والنشيد ايضاً ولكن سرعان ما ظهرت مشكلات مثل ايبي لإصرار الحركة الشعبية بضمها إلى حدودها ورفض الحكومة فقام الجيش باحتلال حقول النفط ودعمت جوبا حركات التمرد في الشمال وتحول سلفاكير لحلفائه من قبيلته لدعمه مقابل اعطائهم المناصب الوزارية مما خلق حالة تمرد وعصيان وصلت في العام 2013م لحرب أهلية اتبع فيها سلفاكير سياسة التطهير الاثني لجوبا من رجال النوير واستخدم الشرطة وبعض عناصر الجيش لذبح ما يقدر ب6 إلى 30 ألف بالإضافة لعمليات الاغتصاب والحرق الجماعي للفتيات وصولاً لعمليات الإبادة الجماعية. وبسبب الضغوط الخارجية في أغسطس 2015م وقعت اتفاقية أديس أبابا وتضمنت تشكيل حكومة انتقالية لمدة سنتين تضم أعضاء من الطرفين كما أعاد سلفاكير مشار كنائباً له في أبريل 2016م وكانت خطوة لتعزيز السلام ولكن هذا لم يمنع حدوث حالة الشك المتبادل مع فقدان سيطرة سلفاكير ومشار على حلفائهما واستمر الصراع مرة أخرى مع حالات التطهير الاثني واسع النطاق وعمليات الترانسفير، ثم إقالة مشار مرة أخرى عن منصبه بعد أقل من 4 شهور وخلفه تابان جاي. بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان في فترات الحبس الطويلة قبل المحاكمة وشروط التقاضي الغير صحيحة.
لذلك من كل ما سبق نجد أن الآليات التي اتبعتها القيادة السياسية في معظمها آليات قسرية أو آليات تساومية فشلت في تحقيقها متحولة إلى آليات قسرية ولكن لا تأتي بثمارها لانقسام الجيش وضعفه وغياب المؤسسية بمعناها المدني وعليه اهملت الدولة آلية الاستيعابية وخاصة الثقافية لتوحيد ثقافة الدولة أو صهر الهويات مما خلق حالة تنافر وإن كان هناك استيعاب مؤسسي فكان شكلي وزائف وإن كان للدولة مجهودات في محاولة تطوير اللغة بعقد المؤتمر اللغوي في (الرجاف) واستخدام اللغة الإنجليزية في الأماكن الإدارية إلا إنها كانت محدودة لأن نسبة الأمية أكثر من 80% في الذكور و96% في الإناث مما جعله يخاطب فئة قليلة في الدولة مما أزم الأوضاع الاقتصادية، السياسية والأمنية في جنوب السودان .
ثانياً- المواطنة وأهميتها للمجتمعات
تعتبر المواطنة علاقة قانونية ودستورية بين الأفراد ودولهم على أساس الحماية والولاء، فهي تعتبر التزامات متبادلة بين الأشخاص والدولة فالشخص يحصل على حقوقه المدنية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية نتيجة انتمائه لجمع معين وعليه واجبات يجب عليه أداؤها، وقد ظهرت الدولة الوطنية مع التنوع العرقي والثقافي حتى تصبح الدولة المستوعبة لهذا الاختلاف والتعدد هي دولة حديثة تقوم على أسس المواطنة لتنمية الترابط وتحقيق المصالح المشتركة للجميع والمساواة.
لذلك فأهمية المواطنة تكمن في:
-المساوة وتكافؤ الفرص (المساواة أمام القانون) وتكافؤ الفرص أمام الجميع
-رفع الخلافات والاختلافات وتعزز من أسلوب الحوار السلمي بين مختلف الفئات .
-تضمن العدل والمساواة والإنصاف بين المواطنين أمام المشاركة في المسئوليات وتوزيع الثروات .
-تعترف بالتنوع والتعدد العرقي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي .
-تضمن حقوق الإنسان في المجتمع والدولة وتحفز المواطن للطالبة بحقوقه مع أداء واجباته .
-تؤدي لبناء نظام سياسي مدني تعددي متنوع في العرق والمؤسسات فكلما زاد الاختلاف تصبح أساس بناء الدولة .
لذلك فعملية بناء الدولة الوطنية وتحقيق المواطنة بين مختلف الجماعات يعمل على نجاح فكرة الاندماج الوطني على كافة المستويات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية لذلك المواطنة يترتب عليها مجموعة من الحقوق والالتزامات فتمثلت الحقوق في:
حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية: وتتمثل في الحق في العمل والرفاهية والرعاية الصحية والغذاء والكساء والتعلم والثقافة.
الحقوق المدنية: فهي كل ما يخص المواطن من حق الحياة وعدم الخضوع للتعذيب وحق الكرامة والأمان وعدم الاعتقال وحرية التنقل وحرية الفكر وحق اكتساب الجنسية وعدم التدخل في الخصوصية وحرية اعتناق الأديان .
الحقوق السياسية: حق الانتخابات في الهيئات المختلفة والعضوية الحزبية والحق في تقلد الوظائف العامة والحق في وتنظيم حركات وجمعيات وحق التجمع السلمي في الدولة.
لذلك فهناك علاقة طردية بين تحقيق أسس المواطنة والتعايش السلمي في المجتمعات متعددة العرقيات فنجد في جنوب السودان أزمة في تحقيق أسس المواطنة، فالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تعاني من تدهور شديد حيث يعاني ملايين الجنوبيين من عدم توافر فرص التعليم حيث تشير الإحصاءات إلى أن فرصة التعليم الابتدائي متوفرة فقط لأقل من هم في سن هذه المرحلة التعليمية،فالتعليم إلزامي للأطفال بين سن 6 و 13 وأقل من 50% حضور الأطفال الابتدائي المدرسة وفقط 21% الالتحاق بالمدارس الثانوية. وتقع معظم المدارس في المناطق الحضرية وحتى لو أكثر 80% من السكان يعيشون في المناطق الريفية. تبلغ ايضاً الأمية وسط النساء 84% كما أنها تتعرض لمختلف أنواع العنف وحرمان الحقوق، وتراجع خدمات المياه والنقل والصحة وخاصة بعد صراع عام 2013 حيث اشارت التقارير أن ثلث عدد السكان يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء يصل لحد المجاعة الإضافة لتدمير البينية التحتية مع مستوى زراعي متدني كما أنه وقع هجمات على المستشفيات والكنائس والمساجد مع انتهاكات لحقوق الإنسان والاختفاء القسري والاغتصاب والاحتجاز التعسفي وعمليات النزوح واللجوء الجماعي للسكان وتدمير المنازل والممتلكات، وتمثل جنوب السودان أعلى معدل وفيات في العالم حيث يبلغ 2054 وسط كل 100000فرداً، كما أن المياه الصالحة للشرب لا تتوفر إلا لـ25% فقط من السكان كما أن المجتمع يعاني من سيطرة قبيلة سلفاكير على الوضع السياسي والأمني في البلاد وتقلدها للمناصب الوزارية والوظائف العامة، ولا يوجد في جنوب السودان صحافة أو وسائل إعلام محلية فعالة حيث يقتصر دورها على نقل خطاب حكومي تحريضي وتستخدم كسلاح لنشر الكراهية ومع كل هذه المعوقات التي تقف حاجز أمام تحقيق المواطنة التي تقوم على مجتمع سياسي يحترم الحقوق والواجبات في إطار القانون يجعل نجاح فكرة الاندماج الوطني بين مختلف المكونات المجتمعية تتطلب عملية بناء الدولة الوطنية على المستويات المختلفة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية وايضاً تنمية الترابط بين كافة الجماعات وتحقيق المصالح والاهتمام بوسائل التنشئة الاجتماعية والسياسية لتحقيق الوحدة الوطنية لذلك اصبح لزاماً على القيادة السياسية النظر للمشكلة م منظور مختلف ويحاول علاج السبب وليس النتيجة من خلال تطبيق آليات التعددية الاثنية وخاصة التساومية لتحقيق الاندماج والتعايش السلمي.
خاتمة
لم تكن التعددية في المجتمعات سبباً لفشلها وتأخرها ولكن عامل قوة إذا تمكنت الدولة إدارتها وتوظيفها لحقيق الاندماج والتعايش السلمي بين الجماعات المختلفة وحدوث التنمية والتقدم مثل دولة ماليزيا، ولكن برغم مضي ستة عقود على الحكم الوطني جنوب السودان، وسبع نسخ دستورية وثلاثة حقب حكم مدني إلا أن السلطة عاجزة عن إدارة التعددية الاثنية بأساليبها المختلفة حتى توافرت لديها كل عوامل الفشل من مجاعة وتشريد وإبادة جماعية. لذلك فأهم السيناريوهات المقترحة في المرحلة المقبلة إما زيادة الضغط الدولي من المؤسسات الإقليمية والدولية لوقف النزاع بين أطرافه أو بقاء الوضع الحالي من عمليات المجاعة وتجنيد المدنيين وأخيراً إساءة الوضع أكثر بحيث تتحول لدولة فاشلة مثل الصومال وبالتالي يحتم ذلك على القيادة السياسية لتوقع النتائج وضرورة السعي لإجراء حوار سلمي بآليات تساومية فعالة .
أكدت الدراسة على النتائج الآتية:
*النزاعات الاثنية ترجع لسوء الإدارة المركزية للتعامل مع الاختلافات من خلال تبني آليات لإدارة التعددية الاثنية فقد عجزت عن استخدام القسرية وخاصة في حملات نزع السلاح أو فرض القوانين لتنظيم المجتمع .
* أغلبية الانشقاقات والصراعات راجعة لأهداف سياسية مثلما حدث مع مشار وسلفاكير في 2013م وقيام الحرب الأهلية مع التأكيد على أن حل المشكلة الاثنية لم يكمن في الانفصال بين الشمال والجنوب مثلما حدث في 2011م.
*عدم الاعتراف بالتعددية سيعرض البلاد للانهيار والفشل خاصة مع استمرت حالة النزاع القائم
*استمرار الصراع لن يؤثر فقط على فشل الدولة وانهيارها ولكن سيؤثر على الدول الخمس المجاورة (اثيوبيا، كينيا، السودان، تنزانيا، وأوغندا) وسوف تكلف أموال طائلة متعلقة بالحاجات الأمنية .
أهم التوصيات
*قيام مجلس السلم و الأمن الإفريقي ومنطقة الإيجاد والمجتمع الدولي لاتخاذ التدابير اللازمة لحل الأزمة وحماية المدنيين استعادة الاستقرار حتى وإن لجأت لاستخدام القوة الإقليمية .
* تطبيق الآليات السلمية التساومية لإدارة التعددية الاثنية لدورها الفعال في تخفيف حدة النزاعات وتحقيق التكامل لذلك يتطلب الاندماج الوطني تغيرات هيكلية على كافة المستويات لتحقيق التعايش السلمي والتكامل الاجتماعي .
*مساعدة جنوب السودان دولياً لبناء مؤسسات مدنية فعالة قادرة على استيعاب مختلف التركيبات مع السعي لتطوير القوانين واللوائح وترسيخ أسس المواطنة واشراك الجميع في المفاوضات السلمية مع تنحي الطائفية عن ايديولوجية الدولة الوطنية.
*تمثيل الجماعات المختلفة في السلطة والحكم وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص في شغل الوظائف العامة والتداول السلمي للسلطة، وتحقيق حد مناسب ومنضبط من الديمقراطية.
قائمة المراجع
أولاً: الرسائل العلمية
1- ايدابير أحمد، “التعددية الاثنية والأمن المجتمعي: دراسة حالة مالي”، رسالة ماجستير، (جامعة الجزائر، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية،2011م )
2-بلقاسم مربعي، “آليات إدارة التعددية الاثنية ودورها في بنا الدولة (دراسة في النموذج الماليزي)”، مقدمة لنيل شهادة الماجستير، ( جامعة محمد خضر بسكرة كلية الحقوق والعلوم السياسية،2014 )
3-حنان بن عبد الرزاق، “الآليات المؤسساتية لإدارة التعددية الاثنية (دراسة حالة النزاع في إقليم الباسك باسبانيا من 1959)”، ماجستير في العلوم السياسية، (جامعة بسكرة، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية،2007 )
4-رشدي بوزكري، “المواطنة ودورها في بناء الدولة القوية (الكويت نموذجاً )”، ماستر في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، (جامعة محمد خيضر بسكرة:كلية الحقوق والعلوم السياسية،2013)
5-سلافة عبد الرحمن، “الصراعات في القارة الإفريقية (دراسة حالة السودان )”، ماجستير العلوم في العلاقات الدولية (جامعة الخرطوم، كلية الدراسات العليا، 2005 )
6- سميحة دعاس، الصراعات والحروب الأهلية في السودان (دارفور نموذجاً )، شهادة ماستر في التاريخ المعاصر، (جامعة محمد خيضر، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، 2014/2015 )
7-سمية بلعيد، “النزاعات الاثنية في إفريقيا وتأثيرها على مسار الديمقراطية فيها (جمهورية الكونغو الديمقراطية نموذجاً )”، ماجستير في العلوم السياسية، (جامعة منتوري، كلية الحقوق 2010م ).
8-علاء الدين عبد الرزاق جنكو، “المواطنة بين السياسة الشرعية والتحديات المعاصرة”، بحث، (جامعة التنمية البشرية، كلية القانون والعلوم السياسية )، كردستان العراق
9-عمر سلمات، “الأزمة السودانية 1983-2005 (بين تفاعل العوامل الداخلية وتدخل المؤثرات الخارجية)”2، ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، (جامعة الجزائر بن يوسف بن خدة، كلية العلوم السياسية والإعلام ).
10-هدير عادل ادريس، “علاقة السودان بدولة جنوب السودان (الحاضر والمستقبل)”، بحث تخرج، (جامعة الخرطوم، كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، 2013 )
11-يمنية لخشين، “انفصال جنوب السودان:المخاطر والفرص”، ماستر في العلوم السياسية، (جامعة 8مايو 1945م،كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2013 )
ثانياً:الكتب والتقارير
1- توفيق المديني، تاريخ الصراعات السياسية في السودان والصومال، (دمشق:الهيئة العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة،2012)
2- تيد روبرت جار، أقليات في خطر (أقلية في دراسة احصائية وسياسية واجتماعية )، ( القاهرة، مكتبة مدبولي )
3- جيمس دورتي، روبرت بالستغراف، النظريات المتضاربة في العلاقات الدولية، (بيروت:المؤسسة الجامعية للنشر، 1985 )
4- …..، “استفتاء جنوب السودان 9-15 يناير2011″، تقرير بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات
5- ……،تقرير عن جنوب السودان (Human Rights Watch)، يناير 2012م
6- …….،”تحديات حكومة جنوب السودان الأمنية”، ملخص عن مشروع التقييم الأساسي للأمن البشري(HSBA)، 14 مايو 2009م.
7- …….، “آثار النزاع المسلح في جنوب السودان على الصحة النفسية”، منظمة العفو الدولية، يوليو (2016م)
8- سالم أحمد سالم، “جنوب السودان:تكلفة الحرب”، Frontierومركز دراسات السلام والتنمية ومركز حل النزاع بأغندا Cecore، (يناير 2015)
9- ستيفن سميث و جون بايلس، عولمة السياسة العالمية، (الإمارات العربية المتحدة: مركز الخليج للنشر والأبحاث (2004).
10-نصر الدين عبد الباري، “تعددية الهويات في السودان وعدم انحيازية الدولة”، مبادرة حقوق المواطنة في افريقيا، (2013م)
11-لأمبرواز بيار، “جنوب السودان (بانتظار فتح درب الحريات في أصغر دولة في العالم )”، تقرير مراسلون بلا حدود، (يوليو 2012 ).
12-محمد عمر مولود، الفيدرالية وإمكانية تطبيقها في العراق، (العراق، مؤسسة موكدياني للطباعة والنشر، 2003)
ثالثاً: الدوريات والمجلات
1- إبراهيم نصر الدين، إشكالية الدولة في إفريقيا، ندوة إفريقيا اليوم:قضايا داخلية وخارجية، المركز الفرنسي للثقافة والتعاون ومركز الدراسات والبحوث السياسية، القاهرة
2- أيمن شبانة، “جنوب السودان مستقبل محفوف بالمخاطر”، مجلة آفاق سياسية، العدد الثاني، فبراير 2014 م
3- إجلال رأفت، ” انعكاس قيام دولة الجنوب على الوضع في السودان وعلى دول الجوار”، مجلة سياسات عربية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، الدوحة، (2011).
4- بهاء الدين مكاوي، “التنوع الاثني والوحدة الوطنية في السودان”، مجلة السياسة الدولية، العدد 176، مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، القاهرة، أبريل (2009 )
5- خالد التيجاني، “الحوار السياسي في السودان ومآلاته الراهنة”، مركز الجزيرة للدراسات، (مارس 2014)
6- دريد الخطيب، محمد لأمير الشب، “انفصال جنوب السودان الجذور والتطورات والتداعيات”، مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات، العدد27 (2012)
7- رسلان هانئ، “اتفاق تقاسم السلطة “، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، القاهرة: العدد 160، (أبريل 2005م)
8- سداد مولود سبع، “البعد العرقي والسياسي لمشكلة جنوب السودان (آيبي نموذجاً ) “،مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، العدد (47)
9- سعيد عبد الحافظ، “المواطنة حقوق وواجبات”، مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية، القاهرة، (2007)
10- عبد الرحمن حسن حمدي، مهدي محمد عاشور، المسلمون ومشكلات التعددية الدينية والاثنية في جنوب السودان، القاهرة، الجزء الثالث، (2002 )
11- عبير محمد أحمد الفقي، “دراسة في جغرافية دولة جنوب السودان”، مجلة الدراسات الافريقية ، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، القاهرة، 2011
12- كليرمك إيفوري، اميل ليبرن، “مستقبل غامض:العنف المسلح في جنوب السودان “، المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية، جنيف (2010)
13- محمد عاشور مهدي “التعددية الاثنية (إدارة الصراعات واستراتيجيات التسوية “، المركز العلمي للدراسات السياسية، عمان، (2002 )
14- محمد عثمان حبيب الله، “التطورات السياسية في السودان منذ أربعين عاماً “، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، القاهرة، العدد (161)
15- …..، “الدينكا امتداد للعرق الزنجي الحامي في الدولة السودانية”، مجلة افريقيا قارتنا، العدد السابع، (سبتمبر 2013 م )
16- ……، الصراع في جنوب السودان: خلفياته وتداعياته المحتملة، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، يناير(2014 )
رابعاً: المراجع باللغة الانجليزية
1- Alan Bose , Peter, U.S foreign policy and genocide in Sudan , submitted for the degree of Master of Arts in Security Studies, the Faculty of the Graduate School of Arts and Sciences of Georgetown University , Washington ,2009 .
2- Thabo Pits ,Johnny ,The dynamics of mediation and conflict resolution in Darfur ,Sudan 2004-2011, Submitted for the Degree of Doctor of Philosophy , university of the Witwatersrand ,Johannesburg
3- Mohamed Daoud, Dalal , Factors of Secession: The Case of South Sudan, Fulfillment of the Requirements for the Degree of Masters of Arts, University of Saskatchewan Saskatoon, the College of Graduate Studies and Research , April 2012.
4- Mohammedi , Zuhair, Conflict Resolution and Reconciliation in Sudan Inter-Tribal Reconciliation Conferences in South Darfur State up to 2009 , Submitted for the Degree of Doctor of Philosophy, University of Bradford ,2013
5- Mebratu , Tewodros , Causes ,conseqences and roles of external actors in the current south Sudan conflict, in partial fulfillment Of the requirements for the award of the degree of master of art in African studies with a specialization of state and citizenship In Africa , Addis Ababa university center for Africa and oriental studies ,college of social science , 2015.
6- Obeid Yousif ,Hisham , Secession of South Sudan: The Voluntary and Enforced Social Exclusion , Thesis submitted for the Master Degree in International Social Welfare and Health Policy , Faculty of Social Science Oslo and Akershus University College for Applied Science, 2013
7- Thabo Pits ,Johnny ,The dynamics of mediation and conflict resolution in Darfur ,Sudan 2004-2011, Submitted for the Degree of Doctor of Philosophy , university of the Witwatersrand ,Johannesburg .
8- Arensen, Michael , Anyone who can carry a gun can go ( The role of the White Army in the current conflict in South Sudan) , pario paper , Peace Research Institute Oslo (PRIO) ,2014 .
9-Kon , Madut , Institutional Development, Governance, and Ethnic Politics in South Sudan, Journal of Global Economics ,( 2015) .
10-…., Beyond Greed and Grievance in South Sudan – Analysis of ethnically and politically motivated violence,Institute,(2010)
11- Kon , Madut , Institutional Development, Governance, and Ethnic Politics in South Sudan, Journal of Global Economics , (2015)
12- Reilly,Benjamin, Democracy in divided societies:electoral engineering for conflict management ,(New York:Cambrdge University Press,2003),PP 9-10
13- Horwitz , Donald , Structure and strategy in Ethnic conflict , the world bank ,April 1998 ,p5 ,from the site:www.worldbank.org/html/readabcd/horwitz
* باحثة ماجستير في العلوم السياسية
المصدر/ المركز العربي للبحوث والدراسات