خاص: كتبت- سماح عادل
هو “جمال ناجي محمد إسماعيل”، روائي وقاص أردني من أصل فلسطيني، وُلد في عقبة جبر– أريحا 1954، ثم انتقل إلى عمان إثر نكسة حزيران 1967 وقد أقام وتلقى تعليمه فيها منذ ذلك الحين، حيث حصل على دبلوم في الفنون التشكيلية، وعمل في مجالات متعددة أهمها، التدريس في المملكة العربية السعودية 1975 – 1977، العمل المصرفي 1978 – 1995، مديرا لمركز للدراسات السياسية والاقتصادية 1995– 2004، وهو كاتب متفرغ اعتبارا من العام 2004 حتى وفاته.
الكتابة..
بدأ “جمال ناجي” الكتابة الروائية منذ أواسط السبعينات من القرن الفائت، وكانت أول رواية له في 1977 بعنوان (الطريق إلى بلحارث) وقد نشرت في 1982 ولقيت قبولا كبيرا وأعيدت طباعتها سبع مرات، وشكلت حافزا له للاستمرار في الكتابة الروائية، وتميزت روايات وقصص “جمال ناجي” بالتنوع ولم تنحصر أحداثها في أماكن متكررة أو أزمان محددة، ففي روايته الأولى (الطريق إلى بلحارث) يتناول البيئة الصحراوية في القرية السعودية خلال العقد الثامن من القرن العشرين، بينما تدور أحداث روايته الثانية (وقت) في المخيم الفلسطيني خلال الخمسينات والستينات، أما روايته الثالثة (مخلفات الزوابع الأخيرة) فتتحدث عن الغجر وحياتهم وحلهم وترحالهم وتعايشهم مع المجتمعات المحلية، فيما تعد روايته الرابعة (الحياة على ذمة الموت) مقدمة للدخول إلى موضوعة العولمة من خلال الاقتصاد، وهو ما تم استكماله في روايته الخامسة (ليلة الريش) التي تدور أحداثها في الأوساط المالية والاقتصادية من منظور نقد سلبيات العولمة.
وفيما يتعلق بقصص “جمال ناجي” فقد رأى النقاد فيها اختلافا جذريا عن أسلوبه الروائي سواء من حيث الشكل أم أسلوب المعالجة أم المضمون، وقد صنفت على أنها نوع من قصص الكشف في أعماق النفس البشرية بأسلوب جديد يعتمد المفارقة والنهايات غير المتوقعة. وقد صدرت له ثلاث مجموعات قصصية هي (رجل خالي الذهن / رجل بلا تفاصيل / ما جرى يوم الخميس).
كتب “جمال ناجي” السيناريو التلفزيوني، ومن أهم ما كتب في هذا المجال مسلسل (وادي الغجر) عن روايته ” مخلفات الزوابع الاخيرة ” ومسلسل (حرائق الحب)، كما كتب بشكل منتظم في مجلة دبي الثقافية وجريدة الرأي والدستور الأردنيتين، إضافة إلى كتاباته غير المنتظمة في صحف ومجلات عربية وأردنية أخرى.
زمن القص الجميل..
يقول الكاتب “خليل قنديل” في مقالة له بعنوان “جمال ناجي يرصد ما جرى يوم الخميس عبر الزمن الجميل”: “اللافت في تجربة الروائي جمال ناجي الكتابية، أنه استطاع أن يباعد بين حقلي تعامله مع القصة القصيرة والرواية. ففي تجربته الروائية نلحظ أن ناجي امتلك مكنة الرواية، دون أن يقع في فخ الابتسارية التي تفرضها القصة القصيرة، مثلما نجده في تجربته القصصية قد نجا أيضا من الأثقال السردية التي تمليها الكتابة الروائية.. إن جمال ناجي في مجموعته الجديدة “ما جرى يوم الخميس” يعيدنا إلى زمن كدنا في زحمة التجريب أن نفقده.. إنه يعيدنا إلى زمن القص الجميل”.
عندما تشيخ الذئاب..
وفي حوار معه أجراه الكاتب والروائي “على المقري” يقول “جمال ناجي” عن روايته “عندما تشيخ الذئاب”: ” الشخصيات في الرواية هي نتاج بيئات ارتبطت بالمناخات السياسية والاجتماعية التي رافقت تجاربها، أضف إلى ذلك أن المجتمع العمّاني كغالبية المجتمعات العربية يعد في طور التشكل المديني، وهو طور يجمع بين الفئات المتمدنة على قلتها، والفئات المهاجرة من الأرياف والأطراف، وبطبيعة الحال فإن هذا التشكل لم يلغ الخطوط الفاصلة بين المركز والهوامش دفعة واحدة، فثمة تداخلات كثيرة تلعب أدوارا أساسية في التحولات التي عايشتها الشخصيات في إطار مجتمع الرواية.. الانتهازية موجودة بلا شك وهي سمة تجمع السياسي السلطوي والحزبي والديني الطامح أو الطامع، هذه الانتهازية تتناقض مع ما تحمله بعض الشخصيات من قيم أخلاقية دينية، وهذا صحيح، لأن تلك القيم وقعت تحت مطرقة إيقاع العصر الذي أطاح بالكثير منها إن لم أقل بأنه شرّدها، ولو احتكمت الشخصيات إلى تلك القيم في كل ما يخص حياتها لفقدت الكثير من مبررات الإقناع، لأنها ستكون خارج إيقاع الزمن الذي تدور فيه الأحداث، وهو زمن الألفية الجديدة”.
وعن تعدد الأصوات و التماسك في السرد داخل الرواية يجيب “جمال ناجي”: “لقد وجدت في تقنية تعدد الأصوات التي استخدمها من قبلي روائيون عالميون وعرب، وسيلة مثلى للتعبير عن الأحداث الخارجية والنفسية في هذه الرواية، غير أنني لاحظتُ أن الشخصيات كانت تتنازع على احتلال أكبر مساحة ممكنة من الصفحات كي تبوح بما لديها، وكنت أرقب هذه النزاعات، وأحيانا أضطر إلى انتهار بعض الذئاب التي تحاول الاستيلاء على حصص غيرها، لكن الشخصيات تمردت واختطت طريقها بمنأى عن هندساتي وخططي ونواياي، لكنني تمكنت ـ فيما اعتقد ـ من التقاط صور متعددة الطبقات لكل منها وللكثير من الأحداث التي عاشتها.. أما سؤال الهيمنة الذي عادة ما يوجه للروائيين بصيغة الراوي العليم فلا يعبر بالضرورة عن حقيقة دور الراوي في عمله، هذه المسألة تقع في إطار الإرباك الذي خلقته المصطلحات أو الماركات النقدية المتداولة، فقد سادت في عقود ما بعد الستينيات من القرن الماضي مسألة (عدم سيطرة الراوي على شخصياته) وصار الجميع يرددها من دون مبرر، وفي نهايات القرن الماضي وبدايات القرن الجديد ظهرت إلى الوجود حكاية الراوي العليم، والراوي إذا لم يكن عليما فإنه يتهم بعدم السيطرة على شخصياته، وإذا سيطر على هذه الشخصيات يتهم بأنه راو عليم، وإذا أطلق الحريات العامة لشخوصه الروائية تتهم روايته بالتسيب”.
التجربة الشخصية..
وعن تنوع موضوعات رواياته ومدى ارتباطها بحياته الشخصية يحكي “جمال ناجي”: “سأكون دعيّاً إذا تنكرت للدور الكبير الذي لعبته تجربتي الشخصية في تشكيل رواياتي، نعم، كان للمخيم الفلسطيني دور في تشكيل وعيي، وكان لمدينة عمان دور أكبر في تطوير هذا الوعي، كذلك عملي في السعودية وفي المصارف والدراسات، كل هذه التجارب وسواها مثلت البذور التي أنبتت أحداث رواياتي، هنالك علاقة ما بين تجربتي الحياتية وبين ما كتبت من روايات، ولكن كيف يمكن فهم هذه العلاقة وإعطائها أبعادا فنية؟ معروف أن العقل الباطن عند أي كاتب يمارس دورا فعالا في تسيير الأحداث الروائية، فهو يعكس حقيقة التجربة التي عاشها الكاتب، ومن الصعب أن يجازف الكاتب بتأليف رواية من دون تجربة مع المكان، ومن المستحيل أن يكتب رواية تدور أحداثها في موسكو مثلا، من دون أن تكون هذه المدينة معروفة لديه، بشوارعها وبيوتها وفنادقها ومحالها وسكانها ومجتمعها عموما. على الكاتب أن يعيش أولا، ثم يكتب ثانيا”.
التوثيق والمتخيل..
وفي حوار آخر معه أجرته “إيناس محيسن” يقول “جمال ناجي”ً عن التسجيل والتوثيق داخل الرواية كأولوية على حساب الجمالي والفني والمتخيل: “الجانب الفني هو أهم ما في الرواية، وما المتخيل والجمالي والسردي إلا عناوين فرعية تندرج تحت لافتة الفني. إن الرواية المعاصرة تعنى بالتوثيق الذي تتطلبه أحداثها، فهذا التوثيق ليس بديلا للجماليات أو سواها، إنه مادة يقوم الروائي بتوظيفها لخدمة أحداث روايته، ومن غير المقبول أن يتحول التوثيق إلى تسجيل في سياق النص الإبداعي بصيغته المعلوماتية البكر، فلا شيء أكثر إفلاسا، من الإفراط في إدراج الوثائق ضمن العمل الروائي، ذلك لأن الثرثرات الوثائقية تملأ ملايين الصفحات والكتب، وهي في كل الأحوال تنتمي إلى عالم المعلوماتية لا إلى عالم الإبداع”.
المدينة..
وعن المدينة وتأثيرها في الروائيين يقول: “إن المدينة الأردنية لم تبرز في الأدب في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وإذا كان ثمة ظهور خجول لهذا المكان فقد جاء متأخرا، والسبب هو قلم الرقيب الذي أبعد الكتّاب فيما مضى عن تسمية المكان الذي يحمل دلالات سياسية واجتماعية قد تتنافى مع المحاذير التقليدية. إن الكتاب اختزنوا عمّان في ذاكراتهم، على الرغم من أن أيديهم كانت مرفوعة إلى الجدران وممنوعة من بناء علاقات أدبية وطيدة مع الشوارع والحواري والقرى والمخيمات والبوادي، إذ إن مجرد ورودها في رواية أو قصيدة أو قصة، كان كفيلا بإيقاظ الأحاسيس الاستثنائية لدى الرقيب، الذي سرعان ما يشطب ويفسر ويقيس ثم يتخذ قراره بإعدام المكان وشطبه من الروايات والقصص والأشعار، ولقد اضطر الكتّاب إلى البحث عن بدائل أخرى، كي يتمكنوا من تحرير أفكارهم، بمنأى عن الرقيب الذي كان دائم التحفز”.
وعن الكاتب ودوره في المجتمع يواصل “جمال ناجي”: “إنه من غير الممكن أن نكرر الآن ما تداولته الأجيال السابقة من أن الكاتب هو قائد في مجتمعه، فالقيادة تنطوي على الكثير من الضوابط التي لا يستطيع الكاتب الالتزام بها، والقيادة تصادر حرية الكاتب الشخصية والإبداعية، وترغمه على الالتزام بقضايا قد تتنافى مع اختياراته الحرة، فضلاً عن أن المجتمعات ملت هذه الفكرة وهي ليست بحاجة إلى مزيد من القادة بعد تجاربها المريرة مع القيادات التي أوصلتها إلى هزائم نعرفها جميعا، إن الكاتب معني بخطاب الأدب ومحمولاته الفكرية والسياسية والاجتماعية وسواها، وما يكتبه ليس سوى نتاج إبداعي لتجاربه وثقافته وأفكاره التي تتأثر بالبيئة التي تحيط بالكاتب، حيث آن الأوان لأن يضطلع الأدب بدوره حيال الحرية الاجتماعية التي أغفلها في غمرة انشغاله بالحرية السياسية ذات البعد الواحد، إن هذا لا يعني التنكر للحرية بمفهومها السياسي، إنما هو صيغة تقترح شكلا جديدا من المعالجة التي تفضي في نهاية الأمر إلى مؤازرة الحرية السياسية، لكن دون الانقياد لها أو اقتفاء أثرها”.
موسم الحوريات..
ويقول الكاتب “هاشم شفيق” في مقالة بعنوان “موسم الحوريات: سرود تكرس الحبكة الفنية والتوتر الدرامي”: “برع الروائي جمال ناجي خلال السنوات الأخيرة في كتابة روايات فيها مسحة عالية من عناصر التشويق والإغراء الفني واللغوى الخيالي، مما أهّله لوصول اثنتين من رواياته إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية ـ العالمية وجائزة الشيخ زايد، عدا نيله جائزة الدولة التقديرية عن روايته «مخلفات الزوابع الأخيرة» في العاصمة الأردنية عمان.. روايته الجديدة «موسم الحوريات» هي من الروايات التي تنتسب إلى رواية الغوى والفتنة الخيالية وعالم البراعة، القابل إلى تكريس الحبكة الفنية والتوتر الدرامي في بناء سرود تشي بأجواء بوليسية، حيث هناك دائماً عقدة في النسيج البنائي للعمل الروائي، تقابله حبكة ملتوية لا تعطي نفسها إلا في السطر الأخير من الرواية.. هذا هو ما لمسته جمالياً وأنا أتقدم في النسق القرائي من رواية «موسم الحوريات» التي رَبَتْ على الثمانين حلقة مروية، كل حلقة يتولاها رواة معدودون شكلوا العماد الأساسي لمدوّنة السرد الروائي، وهؤلاء الراوون هم من بنوا متن المرويات وصاروا البناة المركزيين للعمل، فغاب الهامش ليتسيّد متن المشهديات العديدة، ولكأنك أمام عمل ميلودرامي يقوم على المفاجآت والضربة اللازبة في كشف تلك الحلقات المروية على ألسِنة أبطال هم عماد هذا العمل، وقد تقاسموه بالتساوي ليكونوا سواسية أمام الضوء وفي قلب المشهد المحكي ببراعة فائقة من قبل رواته”.
ويضيف: “البنيان في «موسم الحوريات» متماسك، ومشدود ويحمل في نسيجه رسالتين هامتين، الأولى هي ضد الإرهاب الذي ينادي بالقتل وهدر الدم، والثانية موجَّـهـة إلى عالَم الغيبيّات الذي لا يستطيع التحكم بمصائر البشر، في زمن العلوم الإنسانية الحديثة وتحوّلاتها الكبرى”.
المحظورات..
ويحكي “جمال ناجي” عن إبداعه الأدبي في مقال له بعنوان “في المحظورات الروائية”: ” فيما يتعلق بتجربتي الروائية يمكنني فرز تلك المحظورات وتشخيص تعاملي معها على النحو الآتي: السياسة: لا أدعي التضحية ولا البطولة، لكن يمكنني القول بأنني عملت على الكشف عن الممارسات والمواقف السلبية للسياسي، غير أن هذا الكشف أو النقد لم يكن غاية في حد ذاته، كما لم يكن هدفا مسبقاً، إنما جاء في سياق توالد الأحداث والشخوص ومتطلبات الواقع الروائي.. الجنس: لقد وظفت الجنس بوصفه واحداً من المثيرات النفسية والعقلية، وواحدا من المقومات الإنسانية لفاعلية الذات الإنسانية، ولكن كيف؟ في تقديري أن تناول الجنس في الرواية يتم بإحدى طريقتين، إحداهما مسطحة ومنفرة، إذ يذكر الكاتب الأشياء بأسمائها، ويسلط عليها أضواء كثيفة، ثم يقوم بتصويرها بطريقة مجهرية تكشف سرها فتفسد سحرها، حتى أن هذا النوع من الروائيين كثيراً ما ينسى في غمرة انهماكه بهذا التصوير المنفر، أن للمرأة مشاعر وشهوات وصوت رقيق وتقاطيع وجه جميل يحمل وعوداً محملة بما هو أبعد من الرغبة .. هذا الأسلوب لا يختلف كثيراً عن أفلام البورنو المكشوفة الممجوجة والمتقصدة، وربما تقوم تلك الأفلام بالمهمة التي يريدها الكاتب بشكل أفضل مما يفعل هو في روايته”.
ويواصل: “الطريقة الثانية التي أجزم بأنها الأصلح والأنجع، هي التي يلجأ الروائي خلالها إلى الإيحاء اللفظي والحدثي المثير، الذي يؤجج أحاسيس المتلقي، ويدفعها إلى الانتشار والامتداد عميقاً في النفس والروح، من دون الانصياع إلى أملاءات المحظورات الجنسية. إن الجنس في هذه الطريقة لا يظهر على السطح بشكل مباشر أو صاخب، إنما بهدوء مقنع ومؤثر، ليس بسبب مراعاة الكاتب لتلك الاملاءات أو المحظورات، إنما لأن المتطلبات الفنية الروائية هي التي ترفض ذلك الانكشاف الفج الذي قد يطيح بسحر الرواية.. لكن، وعلى الرغم من كل ما تقدم، وبمراجعة حالة الحريات الإبداعية في عالمنا العربي، يمكنني القول، بأن الألفية الجديدة قد شهدت استبدالاً للرقيب التقليدي بما يمكن تسميته (المدعي العام الروائي)، وهو المدعي المكلف أو المتطوع الذي تناط به مهام رصد ومتابعة الأعمال الروائية، وتقديم أصحابها إلى المحاكم، وتحشيد المناكفين وشهود التكليف، كما حدث ويحدث في عدة بلدان عربية، بمعنى أن عالمنا العربي شهد إزاحة لدور ذلك الرقيب الذي ينتمي إلى ما أطلق عليه (الحرس القديم) وتم استحداث وظيفة الإدعاء العام الروائي، الثلاثية الأوجه.. أخيرا، لا بد من القول، بأن الأشكال الرقابية الجديدة التي باتت تتحكم في مقاصد الروائيين ومصائرهم، إنما تستند إلى معادلات غريبة تطالب الكاتب بإخضاع روايته لعمليات تخسيس قاسية، أو إنقاص وزن سياسي أو روحي أو اجتماعي قبل نشرها، وبالمجمل، فإن تلك المعادلات تحاول جر الكاتب إلى خيار الانضمام إلى جوقة ‘الروائيين التائبين’ ..وما أكثرهم في عالمنا العربي”.
النفير الفلسطيني..
وفي حوار أجراه “وحيد تاجا” يقول “جمال ناجي” عن روايته الجديدة (غريب النهر): “إنها تتناول فانتازيا “النفير الفلسطيني” منذ الحرب العالمية الأولى وحتى نهايات القرن العشرين. إن مسألة “النفير الفلسطيني” تنزع عن القضية الفلسطينية سمات الاستعطاف الذي رافق كتابات الشتات التقليدية التي انتشرت خلال الستينات والسبعينات وأواسط الثمانينات من القرن الماضي واتسمت بالتغني بالأوجاع الفلسطينية وفواجع التشتت، إن “النفير الفلسطيني” يتسامى على الشتات ويستمد منه مقومات البناء والنهوض والمقاومة”.
وعن التطبيع يؤكد: “إن رفض التطبيع بكل أشكاله ضرورة وطنية، ليس على المستوى الفلسطيني وحسب، إنما على المستوى العربي كله، كيف يمكن للكاتب الفلسطيني والعربي أن يقبل بالتطبيع مع من احتل أرضه وارتكب بحق شعبه أبشع المجازر، وتنكر لحقه في تقرير مصيره، ثم جاء بعدها يطالب بعلاقات طبيعية معه مدعوما من أعتى قوة في العالم”.
وعن اعتبار النقاد روايته “مخلفات الزوابع الأخيرة”، أفضل ما كتب يستطرد ” جمال ناجي” : “ربما كان هذا صحيحا حتى أواسط التسعينيات من القرن العشرين، أفضل ما كتبت حتى ذلك الحين، لكنني تجاوزتها فيما بعد حسب تقديري، وبالنسبة لعالم الغجر فقد أحتاج إلى جهد كبير وأبحاث ومشاهدات ومعاينات مكثفة، مع ملاحظة أن هذه الرواية صدرت العام 1988 أي قبل انتشار الإنترنت ومحركات البحث التي تساعد كثيرا على تجميع المعلومات والصور وغير ذلك، تطلب الأمر قراءات مطولة في ميثولوجيا الغجر وأساطيرهم وعاداتهم وأسباب نزوعهم الدائم إلى حياة البرية، إضافة إلى عمليات المعايشة التي استمرت أسابيع طويلة لاحظت خلالها أن ذلك النزوع إلى حياة البرية لم يمنعهم من البحث عن مكان للعيش بعد أن حصلوا على بعض من عناصر الاستقرار ومتطلبات الانخراط في حياة المدينة”.
وفاته..
توفي ” جمال ناجي” مساء الأحد 6 مايو 2018 وذلك بعد تعرضه لنوبة قلبية.